مقالات رأي

كيف يمكن أن نشرح قضية فلسطين لطفلة في التاسعة

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

تنويه المحرر: تم نشر المقال أولاً على مدونة مها بالي، ويعاد نشره هنا بعد التحرير وبموافقة الكاتبة.

كتبتُ هذا المقال بعد أن أدركتُ أن الوقت قد حان لتعرف طفلتي البالغة من العمر 9 سنوات عن قضية فلسطين. بطريقةٍ ما، تعلّم أطفالنا في مصر عن الهولوكوست في السنة الرابعة من المناهج البريطانية ولم يتعلموا شيئاً عن فلسطين في المنهاج العربي أو البريطاني. لم يتعلموا شيئاً عن الأهمية الدينية  للمسجد الأقصى. لم يتعلموا شيئاً عن تاريخ فلسطين أو علاقة مصر بفلسطين وإسرائيل. شعرتُ أنني بحاجة لفعل شيء حيال ذلك!

مؤخرًا، قضيتُ بعض الوقت في محاولة شرح قضية فلسطين لأشخاص من أستراليا وحتى جنوب إفريقيا والولايات المتحدة من ذوي النوايا الجيدة الذين لم يفهموا سوى القليل جدًا عن الوضع الفلسطيني. بعدها تناقشت أنا وزوجي فيما إذا كان الوقت قد حان لمناقشة الأمر مع ابنتنا، لكن المسؤولية وقعت على عاتقي في النهاية. من الصعب معرفة كيفية البدء والى أي مدى يجب أن أمضي في الشرح، وإذا ما كان عليّ تضمين دور إنجلترا أو الاكتفاء بالتركيز على العلاقة بين إسرائيل وفلسطين، وما إذا كان من الواجب توضيح سبب أهمية فلسطين لنا كمسلمين ومصريين أم لا.

لقد قمتُ بكل ذلك نوعًا ما، لكن الجوهر الرئيسي للفكرة المجردة تمثّل فيما يلي:

تشبه فلسطين وضع أسرة تعيش في منزل منذ أجيال، قبل أن تأتي مجموعة أخرى من الناس (الصهاينة) للاستيلاء على منازلهم، مُدّعين أن أجداد أجدادهم كانوا يعيشون هناك، ثم يخبرونهم إن باستطاعتهم العيش بشكل أساسي في الطابق السفلي أو في الحمام الصغير. ليس هذا فحسب، بل لم يعد بإمكان الفلسطينيين الخروج من ذلك القبو دون إذن، مع تحكم الصهاينة الإسرائيليون بزمان وكيفية حصول الفلسطينيين على الطعام والماء. كما أنهم يقرعون أبوابهم بصوت عالٍ أو يهددونهم بالعنف في بعض الأحايين. ومن حينٍ لآخر، كانوا يلقون بالقنابل عليهم ويقتلون بعضًا منهم. حاول الفلسطينيون أحيانًا الخروج، لكنهم خاطروا بحياتهم في كل مرة. في بعض الأحيان كانوا يرشقون الحجارة بدافع الغضب، لكن لم يكن لديهم سوى القليل من الأسلحة الحقيقية للدفاع أو الهجوم. إذا ما تمكنوا في أي وقت من الخروج، مجتازين الطريق بطوله للخروج من الباب الأمامي، فلن يتمكنوا من العودة مرة أخرى – بالتأكيد ليس بدون إذن من المالك الجديد.

كانت هذه هي الفكرة المجردة للغاية. وهي تفتقد الكثير من المعلومات الدقيقة، بالطبع.

ما الذي يجعل فلسطين مهمة

من الأبعاد الأخرى التي اعتقدتُ أنها مهمة مسألة توضيح أسباب أهمية فلسطين للمسلمين والمصريين.

تعلم أطفالنا في مصر عن الهولوكوست في السنة الرابعة من المناهج البريطانية ولم يتعلموا شيئاً عن فلسطين في المنهاج العربي أو البريطاني.

الأهمية للجانب المصري كبيرة وواضحة. من الناحية الجغرافية، فلسطين جارتنا الشرقية. عندما استولت إسرائيل عليها (احتلتها واستعمرتها)، أصبحت الأخيرة جارتنا. لتصبح الدولة اليهودية فقط (التي تميّز على أساس الدين) وسط 22 دولة ذات أغلبية مسلمة تضم أعدادًا كبيرة من المسيحيين وأقلية يهودية عربية صغيرة. كما أن هناك حقيقة لا يُستهان بها مفادها احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء المصرية في عام 1967. ذكّرت ابنتي بشرم الشيخ، إحدى أجمل المدن السياحية في مصر، وأن إسرائيل امتلكتها لبعض الوقت حتى قاتلنا بنجاح في عام 1973، وفي النهاية تمت استعادة سيناء بعد معاهدة السلام مع إسرائيل. لا تزال رواية حرب العام 1973 مثيرة للجدل: إذ تقدم ويكيبيديا العربية خاتمة مختلفة لها عن النسخة الإنجليزية. بينما تذكر النسخة العربية انتصار مصر، تذكر النسخة الإنجليزية إن مصر حققت في البداية انتصارًا عسكريًا لكن إسرائيل حققت انتصارًا سياسيًا (بعد تدخل الولايات المتحدة). مع ذلك، لم أخبر طفلتي بكل هذا. اكتفيتُ بإخبارها أن مصر استعادت سيناء بعد عام 1973.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

شعرتُ أيضًا بضرورة التعقيب على دور الاستعمار الإنجليزي في المنطقة وكيف وهبت الإنجليز أرض فلسطين لليهود الصهاينة. سمعتُ ابنتي بالفعل عن الهولوكوست. وقد كانت واحدة من أسوأ المآسي في تاريخ البشرية ضد اليهود، وربما الإبادة الجماعية الأسوأ. لكنني لا أعتقد أن إسرائيل موجودة بسبب الهولوكوست، لأن الصهيونية سبقت ذلك ببساطة. إذ صدر وعد بلفور الذي وعد بمنح الشعب اليهودي أرض فلسطين في عام 1917، أي قبل 40 عامًا تقريبًا من مجيء هتلر ووقوع المحرقة.

كما شرحتُ لابنتي أوجه الشبه بين هذا الوضع واستعمار أميركا وأستراليا. إذ قُتل السكان الأصليون وتم إسكانهم في النهاية في قطع صغيرة من الأرض يمكنهم السيطرة عليها (في محميّات في الولايات المتحدة، على الأقل).

لماذا تهمنا القدس

والآن: ننتقل إلى الأهمية الدينية للقدس. في البداية، ولد يسوع المسيح في فلسطين. وعلى الرغم من أن العديد من الأنبياء اليهود بالطبع من المنطقة أيضًا، إلا أنني أعتقد أن مسألة ولادة يسوع المسيح في بيت لحم وحدها وحقيقة أن القدس محجة للمسيحيين هي المسألة الأكثر أهمية.

علاوة على ذلك، قبل دخول المسلمين مكة في زمن النبي محمد، كانوا يصلون في مواجهة ما يُعرف الآن بالمسجد الأقصى في القدس؛ ثالث أقدس المواقع الدينية في الإسلام. في نهاية المطاف، أصبحت الكعبة القبلة الأقدس للمسلمين وموقع تأديتهم فريضة الحج. لكن القدس كانت القبلة الأولى. وفي زمن النبي محمد، وقعت معجزة تتمثل في سفره بين عشية وضحاها إلى القدس (الإسراء والمعراج) والصلاة مع إبراهيم والأنبياء الآخرين.

من الصعب معرفة كيفية البدء والى أي مدى يجب أن أمضي في الشرح، وإذا ما كان عليّ تضمين دور إنجلترا أو الاكتفاء بالتركيز على العلاقة بين إسرائيل وفلسطين، وما إذا كان من الواجب توضيح سبب أهمية فلسطين لنا كمسلمين ومصريين أم لا.

تكمُن الفكرة في أن للديانات التوحيدية الثلاث أماكن مقدسة في القدس. وبالطبع، لقد تعرض اليهود للاضطهاد طوال سنوات. إسرائيل اسم للنبي يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، ويعقوب هو والد يوسف وبنيامين، الذي انحدر منه موسى والمسيح؛ وإبراهيم أيضًا والد إسماعيل جد النبي محمد.

ولِد موسى في مصر، في وقتٍ كان اليهود فيه مضطهدين لكن الله أنقذه وقصته مذكورة في القرآن عدة مرات منذ ولادته حتى انتصاره على فرعون بانشقاق البحر وأكثر من ذلك بكثير. يذكر القرآن قِصص إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وإخوته وأجيال أبنائهم. كما يتحدث عن موسى وهارون ومريم والمسيح ويذكر داود وسليمان.

بطريقة أو بأخرى، درس أطفالنا في مصر عن الهولوكوست في مناهج السنة الرابعة من المدارس البريطانية ولكنهم لم يدرسوا عن فلسطين في المناهج العربية أو البريطانية. أعتقدُ أنني بحاجة للقيام بشيء حيال ذلك!

روابط لمزيد من المصادر:

أشارككم هنا بعض المواد التي عثرتُ عليها من خلال سؤال الأصدقاء، ويمكنكم اقتراح مصادر أخرى بكل تأكيد:

والمزيد للقيام به:

مها بالي أستاذة مشاركة في مركز التعلم والتدريس بالجامعة الأميركية بالقاهرة. وهي أحد مؤسسي  موقع Virtuallyconnecting.org ومنسق مشارك في Equity Unbound.

للحصول على تقارير إضافية من الفنار للإعلام حول التحديات التي تواجه الجامعات الفلسطينية والطلاب بشكل روتيني، يمكنكم الإطلاع على التقارير الحصرية التالية:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى