أخبار وتقارير

ادخال مناهج أخلاقيات الهندسة لضمان اعتماد الكليات العراقية

قبل عامين، وفي محاولة لمساعدة برنامجه الهندسي في الحصول على الاعتماد الدولي، بدأ جلال جليل تدريس مقرر في أخلاقيات الهندسة لطلاب المرحلة الرابعة في الجامعة التكنولوجية ببغداد.

يقول جليل، رئيس فرع الطاقة والطاقات المتجددة في قسم الهندسة الكهروميكانيكية بالجامعة، إن إحدى مخرجات الطلاب في معايير منظمة الاعتماد تتعلق بمنهج أخلاقيات المهنة، “أعتقد أنني أول من قام بتدريس أخلاقيات الهندسة في العراق.” وأضاف “لدينا بالفعل دورات أخلاقية في كليات الطب، لكن لا شيء من هذا القبيل في كليات الهندسة.”

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية قد طلبت من جميع الجامعات العمل على الحصول على الاعتماد من إحدى منظمتين دوليتين لضمان الجودة: مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا (ABET) لكليات العلوم والهندسة، أو وكالة ضمان الجودة للتعليم العالي (QAA) لكليات الفنون الحرة، بحسب نجم الربيعي، نائب العميد للشؤون العلمية وأحد زملاء جليل في المشروع.

قال الربيعي، الأستاذ المساعد لتكنولوجيا النفط، “لا يزال التقدم في الحصول على الاعتماد غير متوقعًا، لكنه يمثل المحور الرئيسي لخطط الإصلاح الحالية للوزارة.”

تهدف خطة الوزارة إلى تحسين الجودة الأكاديمية وعمليات الإدارة في الجامعات العراقية من خلال السعي للحصول على الاعتماد الدولي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: تزايد عدد الجامعات العربية الباحثة عن الاعتماد الدولي، ومصدر الفنار للإعلام الذي يتيح إمكانية البحث المؤسسات والبرامج المعتمدة دوليًا.)

التعاون مع معهد جورجيا التقني

في عام 2020، قدم جليل اقتراحًا لتحسين مساقه في أخلاقيات الهندسة إلى منظمة آيريكس IREX، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة ومتخصصة في التعليم والتنمية الدوليين.

ساعدت منظمة آيريكس IREX في ربط جليل بأساتذة في معهد جورجيا التقني، والذي يعرف عادةً باسم جورجيا تيك Georgia Tech، وهو واحد من أفضل الجامعات البحثية في الولايات المتحدة والمعروف برِيادته في تقديم برامج للحصول على شهادات علمية عليا عبر الإنترنت.

قال “كنا نُدرّس منهجًا للأخلاقيات يعتمد على كتاب منهجي أميركي، لكن المنهج الذي طورناه حديثًا بالتعاون مع جورجيا تيك يعتمد على العديد من الكتب المنهجية لمادة أخلاقيات الهندسة،” بالاستفادة من خبرة الزملاء في مركز متخصص بالأخلاقيات المرتبطة بالتكنولوجيا في جامعة جورجيا تيك.

“كنا نُدرّس منهجًا للأخلاقيات يعتمد على كتاب منهجي أميركي، لكن المنهج الذي طورناه حديثًا بالتعاون مع جورجيا تيك يعتمد على العديد من الكتب المنهجية لمادة أخلاقيات الهندسة،”

جلال جليل
رئيس فرع الطاقة والطاقات المتجددة في قسم الهندسة الكهروميكانيكية في الجامعة التكنولوجية ببغداد

بدأ جيسون بورنشتاين، أحد هؤلاء الزملاء، العمل مع جليل و15 من أستاذة الهندسة العراقيين.

قال بورنشتاين “يمثل هذا العمل جزءًا من جهودهم للحصول على اعتماد مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا ABET. يعتمد المجلس العديد من البرامج الهندسية لضمان تلبية البرنامج في تلك الكلية أو الجامعة لمعايير الجودة للمهنة التي يقوم هذا البرنامج بإعداد الخريجين لها.” (اقرأ المقال ذي الصلة “دليل الطالب العربي للجامعات المعتمدة.”)

نتيجة لظروف وباء كوفيد-19، نُفّذ التعاون افتراضيًا.

قال بورنشتاين “لم تكن مهمة تأليف المحتوى صعبة. لدينا بعض الخبرة في التدريس عبر الإنترنت منذ فترة حتى الآن. … لكننا افتقدنا المحادثات التلقائية، لكن المهمة سارت بنجاحٍ.”

إصلاح تدريس الهندسة في العراق

قالت لوري ماسون، كبيرة المستشارين الفنيين في منظمة آيريكس IREX التي سهلت التعاون، إن العراق كان يخرّج في الماضي مهندسين من الطراز العالمي، لكن سنوات الحرب ونقص الاستثمار أضعفت المؤسسات الأكاديمية في البلاد بشكل كبير. أضافت “ستساعد المناهج التي طورتها جامعة جورجيا تيك وأساتذة عراقيون في دعم برامج الهندسة في العراق بما يتوافق مع معايير الاعتماد والجودة الدولية.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: بعد القضاء على داعش: الجامعات العراقية تُعاود نشاطها).

يعتمد مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا ABET برامج في العلوم التطبيقية والطبيعية والحوسبة والهندسة والتكنولوجيا الهندسية. حتى الآن، حصل أكثر من 4,300 برنامج في 41 دولة على اعتماد ABET، ليس من بينها أي برنامج في العراق، بحسب جليل، الذي نظم العديد من ورش العمل لتسليط الضوء على مزايا الاعتماد.

قال “لكل من مخرجات ABET السبعة العديد من مؤشرات الأداء التي تعتبر مهمة جدًا للخريجين هذه الأيام. يتعلق اثنان منهم فقط بالجانب العلمي، فيما ترتبط الخمسة الأخرى بالتواصل والعمل الجماعي والتعلم المستمر وأخلاقيات المهنة. يفتقر طلابنا حقًا إلى هذه المهارات، ونأمل أن يمكنهم الاعتماد من اكتسابها.”

بعد أوامر الوزارة، بدأت معظم كليات الهندسة العراقية بتدريس مادة أخلاقيات المهنة.

Iraqi Engineering Schools
أفق مدينة بغداد يظهر أبرز المعالم المعمارية في المدينة في قسم الهندسة المعمارية في جامعة النهرين، بغداد. (حقوق النشر: قاسم مثنى الأعرجي).

عمل جليل وفريقه من أساتذة الهندسة العراقيين على تطوير دورات أخلاقية لمختلف التخصصات الهندسية – بما في ذلك برامج الهندسة المعمارية والمدنية والحاسوب وهندسة السيطرة والنُظم والهندسة الكهربائية والكهروميكانيكية وهندسة المواد والنفط – في جامعة بغداد والجامعة التكنولوجية والجامعة العراقية والجامعة المستنصرية.

قال “قمنا بتطوير منهج عام لجميع التخصصات الهندسية. يمكن لكل مشارك اختيار دراسات الحالة المتصلة بفرعه الهندسي.”

قضايا السلامة ومعضلات أخرى

يعتقد جليل أن المنهج يغطي موضوعات مثل التفكير الأخلاقي والموافقة المستنيرة والقضايا العالمية والتكنولوجيا الناشئة والأخلاقيات.

أشار بورنشتاين إلى أن المشاكل الأخلاقية في الهندسة لا تتعلق حصريًا بمسألة السلامة.

قال “لدينا معضلات تتعلق بما إذا كان منتجًا بعينه أو تصميمًا أو مبنى أو تقنية معينة آمنة بما فيه الكفاية. علاوة على ذلك، قد يختلف أحد المهندسين مع رئيس العمل حول وقت أو هوية الأشخاص الذين يمكنه مشاركة المعلومات معهم أو إمكانية إتاحتها علنًا. لا تتعلق بعض الاختلافات في الآراء فقط بقيام أحد الأشخاص بالغش، في بعض الأحيان لا يمكن للناس الاتفاق على موضوعٍ ما فحسب.”

على الرغم من التعاون، تم تصميم المناهج الدراسية لتناسب السياق العراقي.

قال بورنشتاين “لقد قدمنا العديد من الخيارات حتى يتمكن زملائنا العراقيين من اختيار ما يلائمهم وتصميم المناهج بالطريقة التي تناسبهم بشكل أفضل. استخدمنا دراسات حالة افتراضية أو واقعية. يتعين على الأعضاء العراقيين تحديد ما يناسبهم.”

يعتقد بورنشتاين أن من المهم “إعطاء فكرة عن وجود بعض المبادئ والمفاهيم والمبادئ التوجيهية الأخلاقية التي يحتاج المهندسون إلى اتباعها في جميع أنحاء العالم.”

وأضاف “إذا لم تتحدث بشكل مباشر عن أمور، مثل الأمانة المهنية وحماية الصالح العام، في المناهج الدراسية، فليس من الضروري افتراض أن الطلاب يعرفون عنها شيئًا.”
الشهادات العراقية مقبولة في الخارج
يقول بعض خريجي الهندسة العراقيين، الذين حصلوا على شهاداتهم قبل حملة الاعتماد، إنهم ما زالوا يجدون سهولة في العثور على وظائف أو متابعة دراساتهم العليا في الخارج.
حصل أنس جارو على شهادة البكالوريوس في هندسة البرمجيات في العراق ويسعى حاليًا للحصول على درجة الماجستير في الذكاء الاصطناعي من جامعة الرور في بوخوم بألمانيا.

قال “يمكنني الحصول على وظيفة بشهادتي العراقية هنا، لكن ليس في كل مكان. يعتمد هذا على حجم الشركة ووضعها وتخصصها. كلما كانت الشركة أصغر، كلما كانت إمكانية توظيفك أسهل.”

في عام 2011، تخرج عمر عدنان من كلية الهندسة الكهربائية في جامعة ديالى شمال شرق بغداد، ويعمل حاليًا لنيل درجة الماجستير في جامعة فيينا.

“يمكنني الحصول على وظيفة بشهادتي العراقية هنا، لكن ليس في كل مكان.يعتمد هذا على حجم الشركة ووضعها وتخصصها. كلما كانت الشركة أصغر، كلما كانت إمكانية توظيفك أسهل.”

أنس جارو
طالب ماجستير بألمانيا حاصل على شهادة البكالوريوس في هندسة البرمجيات في العراق

قال “يجب على الخريج الخضوع لامتحان يسمى Aufnahmeprüfung (امتحان القبول التعليمي) في بعض المواد المتعلقة بمادة شهادة الماجستير،” لكنه أكد أن الخبرة العملية تلعب دورًا أكبر من الإنجاز الأكاديمي عند البحث عن وظيفة.

في السويد، يتم تقييم خريجي كليات الهندسة العراقيين كمهندسين تقنيين بسبب الاختلاف في بعض وحدات التدريس والمختبرات.

قال أحمد البياتي، خريج كلية الهندسة بجامعة البصرة والمقيم في السويد، “يحصل هذا لأننا ندرس لمدة أربع سنوات، وليس خمس سنوات، كما هو الحال هنا. لكن من الطبيعي جدا إذا كنت ترغب في إكمال درجة الماجستير لمدة عامين أو العمل، فإن الشهادات العراقية معترف بها.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

مع ذلك، يعتقد الربيعي أن البرامج المعتمدة من قبل مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا ABET ستكون ذات سمعة أفضل وأن شهادات خريجيها ستحظى بتقدير أكبر من قبل أرباب العمل.

قال “سيكون لخريجي البرنامج المعتمد من ABET أساس قوي ويمكنهم تحقيق الريادة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا وتوقع تحقيق رفاهية الجمهور وسلامته.”

من المفترض أن يستمر المشروع حتى تموز/ يوليو، لكن جليل يأمل أن يتم تدريس المنهج في العام الدراسي المقبل.

قال جليل “لقد حظيت جهودنا بتقدير الخبراء الأميركيين، لكن لا تزال هناك عقبات إدارية كثيرة يتوجب علينا تجاوزها.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى