أخبار وتقارير

تعديل على بيانات الشهادات الجامعية يجدد آمال الطلاب “البدون” في الكويت

بعد سنوات من ضغط اتحاد الطلاب في جامعة الكويت وأعضاء هيئة التدريس، وافقت وزارة التعليم العالي، مطلع الشهر الجاري، على مقترح إلغاء خانة الجنسية من الشهادات الجامعية لكافة الطلبة بما فيهم الطلاب “البدون”، الذين لا يحملون جنسية كويتية ولا أي جنسية أخرى.

قال عبدالرحمن الهاملي، رئيس اتحاد طلبة جامعة الكويت، في اتصال هاتفي، “كانت الإشارة للطلاب البدون في الشهادات الجامعية بوصفهم مقيمين بصفة غير قانونية أو بجنسيات “وهمية” “أمر غير أكاديمي ولا أخلاقي.”

يواجه الطلاب البدون، الذين أنهوا الثانوية العامة في الكويت، صعوبة كبيرة في الالتحاق بالجامعات نتيجة لفقدانهم للأوراق الثبوتية اللازمة لذلك واعتبارهم أجانب مما يعني مطالبتهم بتسديد رسوم جامعية كبيرة. ينجح بعض المتفوقين منهم بالحصول على منح دراسية تمكنهم من استكمال تعليمهم الجامعي، لكن الجهاز المكلّف تولّي كل شؤون فئة البدون في البلاد يشترط توقيع الطلاب على مستندات تثبت انتمائهم لدول أخرى، وبالتالي ينعدم أملهم في الحصول على الجنسية الكويتية، أو يحصلون على شهادات تقول إنهم بدون جنسية مما يؤثر سلباً أيضاً على فرص عثورهم على عمل.(اقرأ التقرير ذو الصلة:  “البدون” يصارعون للحصول على التعليم في الكويت).

تقول الحكومة الكويتية إن “البدون” أجانب تخلصوا من أوراقهم الثبوتية للاستفادة من الامتيازات التي تقدمها الدولة لمواطنيها. وغالباً ما يتهمون بعدم الولاء السياسي ويوصفون بالتخريبيين.

يقدر الهاملي عدد الذين  صدرت لهم شهادات التخرج بجنسيات آخرى غير الكويتية بنحو 19 طالب، بينما يتراوح عدد الطلاب البدون في الجامعات حاليا بين 400 إلى 500 طالب. علماً بأن أعداد المقبولين الجدد من البدون في انخفاض، إذ تم قبول 25 طالب فقط العام الماضي في جامعة الكويت بحسب مصادر طلابية وأكاديمية.

“لكل طالب الحق في الحصول على شهادته الجامعية دون مساومات ودون شروط وقيود، هذا القرار طال انتظاره.”

ضحى سالم
طالبة من فئة البدون تمكنت من السفر لقطر لدراسة الماجستير في علم اللغويات

تجدد الأمل والدعم

يعتقد الهاملي، الذي يشغل عضوية مجلس الجامعة آيضاً، أن القرار سيساهم في حل مشاكل التوظيف للطلبة البدون بصورة جزئية. كما سيخلق شعوراً عند هؤلاء الطلاب أنهم ليس فئة منسية في الجامعة، وأن هناك جهة طلابية منتخبة منهم تدافع عن حقوقهم أمام جهات حكومية تتمتع بسلطة كبيرة وتتحكم في مصائرهم بنصوص قانونية.

وكان اتحاد طلبة جامعة الكويت قد قدم مقترحاً نهاية العام الماضي لوزير التعليم العالي آنذاك سعود الحربي بإزالة خانة الجنسية من الشهادات وما ينتج عنها من التضييق على هؤلاء الطلبة في فرص العمل، وصعوبة السفر للخارج بسبب عدم تصديق الدول المنسوب لهم الطلاب على شهاداتهم الدراسية.

من بين هؤلاء الطلاب ضحى سالم، وهي طالبة من فئة البدون تمكنت من السفر لقطر لدراسة الماجستير في علم اللغويات بعد أكثر من عام من محاولات إنهاء أوراق السفر بسبب الإشارة إليها في الشهادة الجامعية باعتبارها “مقيمة غير قانونية”، وصعوبات آخرى في تجديد أوراقها الثبوتية.

قالت سالم، التي درست بكلية التربية الأساسية قبل مغادرتها الكويت، في اتصال هاتفي”لكل طالب الحق في الحصول على شهادته الجامعية دون مساومات ودون شروط وقيود، هذا القرار طال انتظاره.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

دعم نحو 150 أستاذاً في جامعة الكويت مطلب إلغاء خانة الجنسية من شهادات الطلاب بطرق مختلفة كان أبرزها إطلاق حملة لجمع التوقيعات الخاصة، نهاية العام الماضي، لمطالبة الجهات الحكومية بالموافقة على تسليم البدون شهاداتهم خالية من خانة الجنسية.

قالت ليلى سعود الخياط، عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الكويت،  في اتصال هاتفي أن الجامعة كانت “مجبورة” من الجهاز المركزي للمحاسبات، مؤسسة حكومية أسست عام 2010 لإدارة شؤون البدون في الكويت،  لكتابة خانة الجنسية في شهادات الطلاب، وهي مسألة لا توجد في أعرق المؤسسات الأكاديمية.

لكن مدير جامعة الكويت فايز الظفيري تحدث في تصريحات صحافية أن جامعة الكويت ليس لها دور في ملء بيانات الطلبة البدون، والجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية هو المسؤول عن ذلك أما الجامعة فتقوم فقط بطباعة شهادة موجودة ببياناتها.

تحديات مستمرة

يعتقد الناشط الحقوقي الكويتي فايز الفايز، الذي قدم مقترحاً مماثلاً لدعم الطلاب البدون منذ آب/ أغسطس العام الماضي، أن أثر القرار سيكون”ضئيلاً” في ضوء سياسة القبول المحدودة ل 100 طالب متفوق كل عام في الجامعات الكويتية من أصل آلاف الطلبة المتخرجين.

قال “هذه الـ 100 مقعد، مقيدة بتخصصات محددة، لا تلبي جميعها رغبة الطالب عديم الجنسية.”

” الإشارة إلينا بجنسيات “تلفيقية” أو “كمقيمين بصورة غير قانونية” في الشهادات الجامعية يزيد في عزلنا ن المجتمع بسبب الأسئلة المزعجة والمُكررة ونظرة البعض لنا بالشفقة، فضلاً عن صعوبة الحصول على فرص عمل.”

ض. ع،
خريجة من البدون من كلية الطب بجامعة كويتية حكومية العام الماضي

وأضاف الفايز، وهو أحد أبرز المدافعين عن “البدون” بالكويت، في اتصال هاتفي أن دافع التعليم عادة هو الرغبة في العمل بذات التخصص الذي درسه الطالب، وهذا غير متاح غالبا للطلاب البدون، إذ أن توظيفهم مقيد كذلك من الحكومة ولا يتم قبولهم إلا في التخصصات التي لا يرغب فيها الكويتيين أو تلك التي تعاني نقصا حاداً فيها كالتمريض والتعليم.

تقول ض. ع، خريجة من البدون من كلية الطب بجامعة كويتية حكومية العام الماضي، أنها تأخرت في الالتحاق سنة كاملة بدراسة الاختصاص بسبب رفضها استلام شهادتها الجامعية بسبب إضافة دولة ليبيريا إلى خانة الجنسية على شهادتها.

قالت ” الإشارة إلينا بجنسيات “تلفيقية” أو “كمقيمين بصورة غير قانونية” في الشهادات الجامعية يزيد في عزلنا عن المجتمع بسبب الأسئلة المزعجة والمُكررة ونظرة البعض لنا بالشفقة، فضلاً عن صعوبة الحصول على فرص عمل.”

ورغم سعادتها بقرار إلغاء الجنسية من الشهادات الجامعية، إلا أن إدارة الجامعة أبلغتها بأن هذا الموضوع هو مجرد قرار ولم يتم تطبيقه حتى الآن.

يواجه الطلاب البدون تحديات عديدة خلال رحلتهم الدراسية، إذ لا يحصلون على أي دعم مالي مثل أقرانهم الكويتيين. كما لايتمتعون بحق الانتخاب والتصويت الجامعي التي تسهم في تكوين خبرة للطالب، ويحرمون من المشاركة بالمسابقات الدولية والمحلية التي تتعلق بالتعليم.

تبدي الخياط، الأكاديمية المتخصصة في مجال التربية، تخوفا من انعكاسات السياسات الحكومية على سلوك الطلاب تجاه المجتمع والدولة. قالت “هم قنبلة موقوتة داخل المجتمع، قد تنفجر في أي وقت مالم يتم احتوائهم عبر اقتراح مقاربات جديدة تساهم في الحد من ظاهرة التهميش وتلبـي الطموحات

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى