أخبار وتقارير

بلا حدود: مهرجان للأدب العربي عبر الإنترنت يتخطى الحدود

لم يكن الكتاب والشعراء الكلاسيكيون العرب من أمثال المتنبي ليتصوّروا أن المؤلفين بعد قرون سيناقشون روائعهم مباشرة مع جمهور عالمي. بفضل التكنولوجيا، تمكّن جمهور عالمي مؤخرًا من الوصول إلى مهرجان للأدب العربي أطلق حديثا بعنوان “بلا حدود: الأدب العربي في كل مكان”.

جمع مهرجان “بلا حدود” المؤلفين والمترجمين والناشرين والقراء في مشروع طموح ساهم في توفير فترة راحة ضرورية من صخب عالم اليوم المزدحم بأخبار الوباء والقيود.

أقيم المهرجان في الفترة ما بين 9 و11 تمّوز/ يوليو، بتنظيم سواد حسين، الحائزة على جائزة آرابلت ArabLit للقصة القصيرة لعام 2019 وجائزتي English PEN Translates، وماريس لنكس كويلي، الصحافية المستقلة المقيمة في الرباط والتي تكتب بشكل متكرر في موقع الفنار للإعلام. دعا المهرجان الناس للانضمام إلى مناقشات حول الأدب العربي المعاصر في أنواع مثل الكتابة عن الطعام والمذكرات والشعر والخيال العلمي والفانتازيا والمسرح.

ضمّت الجلسات النقاشية مؤلفين من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. نظرًا لانعقاد المهرجان عبر الإنترنت فقط، بسبب ظروف الوباء، لم تكن تحديات تنظيمه بذات الصعوبة التي كان يمكن أن تكون عليه لو تم الأمر بشكل شخصي.

قالت لنكس كويلي “لا أعتقد أنه كان بإمكاننا تنظيم هذا المهرجان في وقتٍ آخر. لقد أظهرت لنا الأحداث الرائدة مثل مهرجان فلسطين تكتب، ومهرجان الكُتاب الأفارقة، وأعاصير اللغة الأم، وأحداث World Kid Lit كيف أن بإمكان الأحداث الأدبية عبر الإنترنت أن تكون نابضة بالحياة وجذابة.”

تعتقد لنكس كويلي أن مهرجان بلا حدود استلهم فكرته من جلسة نقاش في مهرجان World Kid Lit حول الأدب العربي لصغار القراء. قالت “فاجأتني الاستجابة الضخمة لتلك الجلسة، لا سيما في كيفية إقامة روابط جديدة بين القراء والكتاب والناشرين والوكلاء والمحررين. نأمل أن يحقق مهرجان بلا حدود الشيء نفسه.”

الأدب العربي في العاصمة الألمانية

ركّز الحدث الأول للمهرجان، المنعقد في 9 تموز/ يوليو، على الأدب العربي في برلين. يتواجد العرب في العاصمة الألمانية منذ الستينيات، مع وصول المغاربة بصفة “عمال ضيوف”، لتصبح برلين مركزًا للإنتاج الأدبي العربي.

“هناك حضور كبير للأشخاص العاملين في مجال الثقافة من المنطقة العربية.”

هيثم الورداني
عاش الورداني في برلين لمدة 20 عامًا ونظم ورش عمل مع الكتاب العرب

تنامى عدد السكان العرب في المدينة بشكل مطرد على مر السنين، وتنامى معهم إنتاج أعمال المؤلفين العرب الذين يعيشون هناك، مثل هيثم الورداني والكاتبة المسرحية لواء يازجي والمترجمة العربية الألمانية ساندرا هيتزل.

عاش الورداني في برلين لمدة 20 عامًا ونظم ورش عمل مع الكتاب العرب.

قال الورداني “هناك حضور كبير للأشخاص العاملين في مجال الثقافة من المنطقة العربية.”

وأشار إلى أن العديد من العرب الذين وصلوا إلى برلين في العقد الماضي جاءوا كلاجئين مع حكايات مروعة عن محنتهم للوصول إلى ألمانيا.”

قال الورداني “غالبا ما يصلون إلى المدينة بعد تجربة مؤلمة ويحاولون اكتشاف ما مروا به. يريدون تمثيل آلامهم، والثورة، والحرب في الوطن، ونحن نعمل معهم ليتمكنوا من تشخيص كيفية كتابة مثل هذا الحدث الكارثي.”

الكتابة عن الطعام العربي كمُذكرات

يحتل الطعام العربي مركز الصدارة في عالم فن الطهي، وتعمقت الجلسة التي أدارتها نور كامل في السياسة وراء الطعام، وتحدث عن الطرق المختلفة التي تشكّل الكتابة عن الطعام باللغة العربية. فكر في قدرة وجبتك المفضلة على نقلك إلى ذكريات الطفولة أو الكرب الذي تتحمله في انتظار تتبيل الشاورما، في وقتٍ يكون كل ما تريد القيام به هو تناولها الآن. استوحت جلسة “مذاق الحروف” مادتها من مجموعة نصوص تحمل ذات العنوان ظهرت من ورشة عمل لكتابة الطعام في القاهرة ونشرت كجزء من عدد صيف 2021 من مجلة ArabLit الفصلية.

سواد حسين ، الفائزة بجائزة ArabLit للقصة القصيرة لعام 2019 وجائزتي القلم الإنجليزي للترجمة ، هي إحدى منظمي مهرجان بلا حدود (الصورة من تويتر)
سواد حسين ، الفائزة بجائزة ArabLit للقصة القصيرة لعام 2019 وجائزتي القلم الإنجليزي للترجمة ، هي إحدى منظمي مهرجان بلا حدود (الصورة من تويتر)

شمل المشاركون في هذا الجزء سلمى سري، الباحثة والكاتبة والمخرجة، التي ترى بأن الطعام يلعب دورًا كبيرًا بالنسبة للمرأة في الثقافة العربية، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن النساء يقضين معظم الوقت في المطبخ في تناول الوجبات التي تنتقل شفهيا من جدة إلى أم ومن ثم ابنتها.

قالت سري “الكثير من الأشياء تكون غير موثقة وغير مكتوبة، وهناك الكثير من التخصيص في المطبخ وكذلك في ثقافتنا.”

قالت “ليست هناك وصفة محددة لأطعمة معينة، وبذلك تكون لكل امرأة أو كل أسرة لمستها الخاصة. وبهذا نجد ملعقة هنا ورشّة هناك، وكما يقولون “بالبركة”.”

تحافظ طريقة الطهي هذه على الثقافة والطقوس العربية، ويريد الكثير من الناس التمسك بالوصفات التي تتوارثها الأجيال والاحتفاظ بها على شكل مذكرات طعام.

أهمية أدب الشباب

كما حظي الشباب بفرصة المشاركة في مهرجان “بلا حدود” مع حدث بعنوان “أدب الشباب: عوالم رائعة وأماكن العثور عليها“.

نما الاهتمام بأدب الشباب العربي بشكل مطرد خلال العقد الماضي، ومع انتشار التكنولوجيا، أصبح بإمكان الشباب العرب المشاركة في المناقشات حول هذا النوع الأدبي وتقديم أفكار جديدة لمساعدة المؤلفين والناشرين الذين ينتجونه على أن يصبحوا أكثر شهرة. على الرغم من ذلك، يصعب على مؤلفي وناشري أدب الشباب المشاركة في المهرجانات السائدة.

على الرغم من ذلك، يصعب على مؤلفي وناشري أدب الشباب المشاركة في المهرجانات السائدة.

أوضحت سوزان أبو غيدا، الخبيرة الرائدة في أدب الشباب، “يسلط مهرجان بلا حدود الضوء على تنوع الأدب العربي، ويسلط الضوء على الأنواع الأدبية والكتاب الذين يتم تجاهلهم في العادة في الأحداث الأدبية. أدب الأطفال والشباب مثال واضح على ذلك لأنه غالبًا ما يتم التعامل معه على أنه لا مكان له في الأدب العربي أو التاريخ الثقافي للمنطقة العربية.”

“يسلط مهرجان بلا حدود الضوء على تنوع الأدب العربي، ويسلط الضوء على الأنواع الأدبية والكتاب الذين يتم تجاهلهم في العادة في الأحداث الأدبية.”

سوزان أبو غيدا
الخبيرة الرائدة في أدب الشباب

وأضافت أبو غيدا أنها تأمل في أن يكون المهرجان “نقطة التقاء منتظمة لعشاق الأدب العربي بجميع أشكاله وأن يمنح الأدب والمؤلفين الجدد رؤية هم في أمس الحاجة إليها.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

أصبح الوصول إلى الأدب العربي، ولاسيما أدب الشباب، أكثر سهولة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال متاجر بيع الكتب. مع ترجمة المزيد من الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية واللغات الأوروبية الأخرى، من المفترض أن تصل هذه النصوص الجميلة والمجهدة إلى المزيد من الأشخاص الذين ما كانوا ليعرفوا شيئًا عن الأدب العربي بخلاف ذلك.

وهذا أمرٌ آخر لم يكن المتنبي ليتخيله على الأرجح، ولو كان في إمكانه ذلك، فسوف تكون نصيحته شيئًا كتبه في إحدى قصائده “إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ … فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجوم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى