أخبار وتقارير

تقرير جديد: البيروقراطية تعطل فرص تحسين التبادل التعليمي العربي-الأوروبي

تنويه من المحرر: الفنار للإعلام شريك إستراتيجي لاتحاد الجامعات المتوسطية.

وجدت دراسة نشرتها منظمة الاتحاد من أجل المتوسط في حزيران/ يونيو الماضي أن التصورات الخاطئة وانعدام الاستقرار السياسي، والحواجز اللغوية، ونقص المهارات واستراتيجيات التعاون الدولي من بين أبرز العقبات التي تحول دون زيادة حجم التبادل في مجال التعليم العالي بين دول شمال وجنوب حوض البحر المتوسط.

استطلعت الدراسة، التي أجرهااتحاد الجامعات المتوسطية (UNIMED) بتكليف من منظمة الاتحاد من أجل المتوسط، آراء الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والإداريين في جامعات تقع في 9 دول عربية هي: الجزائر ومصر والأردن ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وفلسطين وتونس، مع التركيز على حجم التنقل من وإلى كل بلد.

وصدر عن الدراسة تقرير بعنوان “تدويل التعليم العالي في منطقة المتوسط: الاتجاهات الحالية والمستقبلية” أشار إلى أن غياب المعاملة بالمثل يمثل مشكلة رئيسية في تنمية فرص التعاون بين دول جنوب المتوسط وشماله.

وبينما تبدو الجامعات الأوروبية مستعدة للترحيب بالطلاب والأكاديميين من جنوب البحر المتوسط، فإنها تتردّد في الرد بالمثل، حيث لا تتحمس لإرسال طلابها إلى الجنوب، لأسباب مختلفة مثل: الإسلاموفوبيا وشيوع التصورات الخاطئة عن المنطقة.

ولاحظ ماركو دي دوناتو، الباحث في اتحاد الجامعات المتوسطية، والمؤلف المشارك للتقرير، وجود “تصور دائم بانعدام الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والاعتقاد بأن هناك تطرفًا على الجانب الآخر من البحر المتوسط، حتى لو لم يكن ذلك صحيحًا على الدوام.” موضحا أن ” أولياء الأمور يخشون إرسال أبنائهم إلى الجامعات هناك، ومن الصعب جدًا جعلهم يدركون أن في هذه البلدان بعض الفرص وإمكانيات للنجاح.”

عقبات بيروقراطية

تساهم السياسات الحكومية والعلاقات بين الدول في تسهيل أو عرقلة تدويل التعليم في منطقة حوض البحر المتوسط، بحسب التقرير الذي ينبه إلى قيود التأشيرات والإجراءات الإدارية المعقدة للحصول على الإقامة طويلة الأمد والتي يجب على طلاب جنوب البحر المتوسط مواجهتها في سبيل الوصول إلى الجامعات الأوروبية، موضحا أنها من بين العوائق الرئيسية أمام التنقل.

يتسبب كل ذلك، إضافة إلى مشكلة الاعتماد الأكاديمي والاعتراف بالجودة، في تشجيع الطلاب القادمين من جنوب المتوسط على البحث عن فرص في أجزاء أخرى من العالم.

” أولياء الأمور يخشون إرسال أبنائهم إلى الجامعات هناك، ومن الصعب جدًا جعلهم يدركون أن في هذه البلدان بعض الفرص وإمكانيات للنجاح.”

ماركو دي دوناتو
الباحث في اتحاد الجامعات المتوسطية، والمؤلف المشارك للتقرير

قال دي دوناتو “تستفيد دول مثل تركيا والمملكة العربية السعودية والهند وماليزيا من هذا الوضع، عبر زيادة تعاونها مع دول جنوب حوض البحر المتوسط.”

 وبينما لا تزال أوروبا الشريك الرئيسي وأهم ساحة للتعليم العالي لجميع الطلاب والمدرسين والموظفين الإداريين في بلدان جنوب البحر المتوسط، إلا أنها تفقد قوتها ببطء أمام دخول المناطق الفاعلة الأخرى وسط المنافسة، بحسب التقرير.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

من ناحية أخرى، استشهد معدو التقرير بأمثلة على السياسات الحكومية الداعمة في دول مثل مصر، حيث يُسمح بتأسيس جامعات أجنبية، وبالتالي تشجيع عملية التدويل في الداخل. (اقرأ التقرير ذو الصلة: مساع مصرية لزيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الحكومية).

وفي الجزائر، أدى دعم وزارة التعليم العالي لبرامج الشراكة والمنح الدراسية إلى زيادة التنقل الداخلي والخارجي، وبالتالي، تلتحق أعداد متزايدة من طلاب جنوب الصحراء بالجامعات الجزائرية، ويسافر عدد أكبر من الطلاب الجزائريين إلى الخارج، ولاسيما إلى فرنسا بفضل الروابط التاريخية و التقارب اللغوي بين البلدين.

الحواجز اللغوية

ذكر التقرير عقبات أخرى تعوق زيادة تدويل التعليم في المنطقة الأورومتوسطية، مثل ضعف جودة البحث والحواجز اللغوية والافتقار إلى الهياكل المناسبة والموارد البشرية والمشاركة القيادية في مؤسسات جنوب البحر المتوسط.

بشكلٍ عام، يُنظر إلى جامعات جنوب البحر المتوسط على أنها مؤسسات تعليمية ذات قدرة بحثية ضعيفة، ويقدّم القليل منها شهادات تُدرّس باللغة الإنجليزية بالكامل، مما يجعلها أقل جاذبية للتعاون الأوروبي.

قالت مارتينا زيبولي، مديرة المشاريع في منظمة اتحاد الجامعات المتوسطية ومشاركة في وضع التقرير “هذا هو السبب الذي يدفع هذه المؤسسات لجعل ما تقوم به أكثر وضوحًا للآخرين،” مضيفة أن معظم الأبحاث متاحة باللغة العربية ونادرًا ما تُترجم إلى لغات أخرى. “مما يجعلها قاعدة معرفية للدول العربية، ولكنها ليست كذلك للأوروبيين.”

“هذا هو السبب في دفع هذه المؤسسات لجعل ما تقوم به من عمل، وبحوث أكثر وضوحًا من أجل .زيادة اهتمام الآخرين

مارتينا زيبولي
مديرة المشاريع في منظمة يونيميد

تعتقد زيبولي أن افتقار بعض الموظفين الإداريين للمهارة يمثل في بعض الأحيان عائقًا آخر. قالت ” قد يكون لديك خبراء يقدمون أفكارًا رائعة، ولكن إذا لم يكن لديك هيكل لدعم التبادل عبر الحدود، فإن هؤلاء سيبقون معزولين.”

وتوضح زيبولي أن العمل مع جامعات جنوب البحر المتوسط، ولأسبابٍ عديدة، لا يُعدّ أولوية بالنسبة لنظرائهم الأوروبيين، الذين يهتمون أكثر بالتعاون مع مناطق أخرى، بما في ذلك جنوب شرق آسيا والصين والعالم الأنجلو-ساكسوني والدول الناطقة بالإسبانية.

يسرد التقرير عددًا من التوصيات، بما في ذلك تسهيل الإجراءات الإدارية، وتخفيف قيود التأشيرة، وتحسين الاعتماد الأكاديمي وأنظمة الاعتراف بالمؤهلات، وتشجيع المزيد من اتفاقيات التعاون بين الجامعات، وإنشاء منصات رقمية ، لتبادل نتائج البحوث وتحسين مهارات اللغة الإنجليزية.

كما تتضمن التوصيات الأخرى مكافحة الإسلاموفوبيا والصور النمطية تجاه المنطقة، وتحسين جودة البحث والتدريس، ووضع استراتيجية تدويل شاملة كأداة حوكمة للجامعات، وتحسين سياسات النشر لإضفاء المزيد من الوضوح على المنح الدراسية التي ينتجها باحثو جنوب البحر المتوسط، وتعزيز بناء قدرات الموظفين الإداريين والباحثين هناك.

ويشدّد التقرير على مسألة وجود مجال كبير للتحسين ووجود “فرص غير مكتسبة” في منطقة فتيّة نابضة بالحيوية ومتعطشة للتعاون، مثل منطقة جنوب البحر المتوسط. ودعا إلى بذل الجهود لعكس التصورات الخاطئة عن المنطقة، وتعزيز المعاملة بالمثل، والتغلب على عدم الثقة وسوء الفهم من أجل تحسين المعرفة المتبادلة وتمهيد الطريق أمام التعاون الثنائي الاتجاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى