أخبار وتقارير

طلاب الطب في مصر يعانون من ضعف التدريب والمناهج تحتاج إلى “الإنعاش”

القاهرة- يفتقر خريجو كليات الطب، في الجامعات المصرية الحكومية إلى مهارات أساسية للتعامل مع الحالات المرضية الطارئة، نتيجة وجود مناهج دراسية قديمة وضعف التدريب العملي، كما يقول عدد من الأطباء حديثي التخرج.

قال خالد، وهو طبيب يعمل في مستشفى حكومي في محافظة أسيوط، جنوب مصر وطلب عدم الكشف عن اسمه كاملًا، “لم أتمكن ذات مرة من قراءة أشعة مريض أصيب خلال حادث مروري مع 6 آخرين. شعرت بالإحراج الشديد نتيجة لذلك، ثم بالخوف، خصوصًا بعدما تمكن طبيب آخر، أكثر خبرة مني، من قراءة صورة الأشعة، واكتشاف إصابة المريض بنزيف في المخ.”

خالد، هو واحد من 7 آلاف طالب يتخرجون سنويًا من كليات الطب في مصر، دون تلقي تدريب عملي كافٍ على بعض المهارات الطبية الأساسية، التي تؤهلهم للتعامل مع حالات الطوارئ والحوادث، ما يعني تعريض حياة المرضى وأحيانا الطبيب للخطر.

يؤكد خالد منيسي، مدير أحد المستشفيات الخاصة في محافظة الإسكندرية ذلك، “يبدو لي أن مهارات حديثي التخرج ضعيفة جدًا.”

“يبدو لي أن مهارات حديثي التخرج ضعيفة جدًا.”

خالد منيسي  
مدير أحد المستشفيات الخاصة في محافظة الإسكندرية

ويوضح أن التدرب على التعامل مع هذه الحالات ضروري قبل الحصول على شهادة التخرج للتمكن من التعامل مع حالات الطوارئ التي تتوقف عليها حياة الكثيرين.

قال “بعض حالات الطوارئ تحدث في الشوارع والمناطق العامة، وينبغي على الطبيب تعلم كيفية التعامل معها بمفرده، من دون وجود طبيب مختص لأن التأخير في هذه الحالات قد يؤدي للوفاة.”

مناهج قديمة

يلفت حسين خالد، رئيس لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالي الأسبق إلى أن التعليم الطبي في مصر تم وضعه في 1911، ولم يتم تحديثه إلا في عام 2018. (اقرأ التقرير ذا الصلة: نظام جديد لتدريس الطب في الجامعات المصرية).

بينما يؤكد طارق الخولي، أستاذ أمراض القلب بكلية طب قصر العيني وعضو اللجنة الدولية للإنعاش القلبي، أن مناهج كليات الطب في الجامعات المصرية لا تتضمن أي تدريبات على “الإنعاش القلبي” إلا بصورة بدائية في مرحلة الامتياز، لكنه لا يؤهل الطبيب للتعامل مع المرضى على أرض الواقع.”

“أن مناهج كليات الطب في الجامعات المصرية لا تتضمن أي تدريبات على ” الإنعاش القلبي” إلا بصورة بدائية في مرحلة الامتياز، لكنه لا يؤهل الطبيب للتعامل مع المرضى على أرض الواقع.”

طارق الخولي
أستاذ أمراض القلب بكلية طب قصر العيني، وعضو اللجنة الدولية للإنعاش القلبي

ويوضح الخولي أنه يمكن للإنعاش القلبي إنقاذ حياة 30 في المئة من المصابين بالسكتة القلبية المفاجئة، مؤكدًا أن هذا الإجراء يساعد في إنقاذ حياة المريض بنسبة 10 في المئة لكل دقيقة تدخل أبكر.

تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أمراض القلب تمثل 32 في المئة من مجموع الوفيات حول العالم، بينما تبلغ في مصر 5 أضعاف المعدل العالمي، بنسبة 500 شخص من كل 100 ألف، وفقًا للدكتور سامح شاهين، رئيس جمعية القلب المصرية.

ويعتقد رئيس لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات في مصر أن النظام الجديد للتعليم بكليات الطب المصرية، المتبع منذ 2018، والمتوافق مع النظام العالمي المعتمد، سيعالج كثير من الفجوات بين الدراسة النظرية والممارسة العملية. موضحًا أن تطبيق النظام الجديد تطلب تغييرًا كبيرًا في المناهج.

قال “يتوجب على طلاب النظام القديم معادلة شهاداتهم حال أرادوا ممارسة المهنة خارج البلاد”. (اقرأ التقرير ذا الصلة: انتقادات تطال نظام تدريس الطب في جامعة الإسكندرية).

نقص التدريب

لا يعتقد كثيرون أن المشكلة تكمن في المناهج الدراسية.

Doctors in Egypt
يقول خبراء إن أطباء المستقبل لا يتلقون تدريبًا كافيًا على المهارات العملية اللازمة للتعامل مع حالات الطوارئ في مصر. في الصورة طلاب يخضعون لامتحان داخل إحدى كليات الطب في القاهرة. (الصورة: إيهاب زيدان).

إذ تعتقد مُنى مينا، وكيل نقابة الأطباء الأسبق، أن “الدراسة النظرية في كليات الطب قوية جدًا، وتغطي جميع النقاط والجزئيات التي يحتاجها الطبيب، لكن المشكلة في مساحة التدريب العملي للطلاب.”

قالت” التدريبات غير كافية، وتحتاج للتطوير، سواء بعدد الساعات أو الإمكانات المتوفرة لتطبيقها”.

يتفق محمد الشريف، مدرس مساعد الأشعة التشخيصية بكلية الطب جامعة سوهاج، مع مينا، حول التأثير السلبي لقلة التدريب العملي خلال دراسة الطب في مصر، لكنه يؤكد أيضًا أن المناهج الدراسية لا تغطي كل الموضوعات.

https://www.bue.edu.eg/

قال “في تخصص الأشعة مثلا لا نتعلم إلا أشياء سطحية، مثل الأشعة على الصدر، لكن الرنين المغناطيسي بتفاصيله، والأشعة المقطعية بتفاصيلها، نتعرف عليها أثناء دراسة الماجستير أو خلال العمل داخل الجامعة.”

وأضاف “طلاب قسم الأشعة لا يتعلمون قراءة الأشعة بصورة كاملة، وهذا يقلل فرص المريض في النجاة.” موضحاً أن “جزء من طب الطوارئ الذي ينبغي أن يعرفه الممارس العام، لا يدرسه الطلاب وبالتالي لا يعرفون كيفية التعامل مع حالات نزيف المخ أو الجلطات إلا بعد البدء ببمارسة العمل.” لافتاً إلى أن طب الطوارئ قسم مستحدث داخل كلية الطب جامعة سوهاج، أنشئ قبل عامين تقريبا، رغم أنه موجود في طب القاهرة منذ 30 عامًا تقريبًا.

“جزء من طب الطوارئ الذي ينبغي أن يعرفه الممارس العام، لم أدرسه ولا أعلم عنه شيئًا، ولا أعرف كيفية التعامل مع حالات نزيف المخ أو الجلطات، ومثل هذه الأشياء بأكملها لم نتعلمها أثناء الدراسة، ونحتك بها أثناء العمل فقط

محمد الشريف
مدرس مساعد الأشعة التشخيصية بكلية الطب جامعة سوهاج

بدوره، يعتقد محمد أحمد بدري، طالب طب في كلية أسيوط، في السنة السادسة ورئيس اتحاد طلاب كلية الطب في الجامعة، أن أصعب ما يواجه الخريجين الجدد هو طريقة التعامل مع المرضى.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

قال “غالبية خريجي الطب لا يمكنهم التعامل مع أكثر حالات الطوارئ، بسبب نقص الخبرة.”

ويرفض علاء إسماعيل، أستاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس ورئيس معهد الأمراض المتوطنة والكبد سابقًا، إلقاء اللوم على الجامعات. إذ إن دراسة الطب تتم عبر مراحل، ولكل مرحلة قواعدها.

“يتوجب على جميع خريجي كليات الطب قضاء شهرين تدريب في غرف الطوارئ والاحتكاك بالمرضى وتلقي التدريب العملي اللازم.”

علاء إسماعيل
 أستاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس ورئيس معهد الأمراض المتوطنة والكبد سابقًا

ويوضح أن “الطلاب يتخرجون بدرجة “ممارس عام”، أي إنهم يعرفون أساسيات وعموميات، لكن يتوجب عليهم التخصص لاحقاً في موضوع محدد، للإلمام بكل جوانبه.” مؤكدًا أنه لا يفترض بخريجي الكليات ممارسة العمل داخل المشافي دون إشراف.

قال “يتوجب على جميع خريجي كليات الطب قضاء شهرين تدريب في غرف الطوارئ والاحتكاك بالمرضى وتلقي التدريب العملي اللازم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى