أخبار وتقارير

في ذكرى انفجار مرفأ بيروت: أعمال فنية تجسد خوف وأمل الطلاب

تنويه المحرر: مع الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، تنشر الفنار للإعلام تقريرين، الأول عن كيف يستعيد الشعب اللبناني هذه الذكرى المؤلمة باستخدام التكنولوجيا، والثاني كيف يصورها طلاب كليات الفنون في أعمالهم الفنية.

كحال العديد من الطلاب في جميع أنحاء العالم، عاش طلاب الجامعات اللبنانية عامين في غاية الصعوبة. فإلى جانب انتشار وباء كوفيد-19، يعيش الطلاب اللبنانيون ضغوط انهيار الاقتصاد، والاحتجاجات ضد الحكومة، وأخيراً مأساة الانفجار المدمر الذي هز مرفأ بيروت قبل عام من اليوم. (اقرأ التقرير ذو الصلة: انفجار بيروت يعصف بقطاعها التعليمي).

 بسبب كل ذلك، لم يتمكن العديد من الطلاب من الالتحاق بالفصول الدراسية بصورة تقليدية واضطروا إلى قضاء وقتهم في المنزل، والتعلم عبر الإنترنت في حال توفر التيار الكهربائي.

ذات مرة، قال الرسام الروسي فاسيلي كاندينسكي، “كلما أصبح العالم مخيفًا أكثر، كلما أصبح الفن أكثر تجريدًا.”

تبدو هذه المقولة شديدة التعبير عن طلاب السنة الثالثة من كلية الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية، الذين حملوا فرشهم وأدواتهم، وبدأوا في تجسيد مشاهد الدمار والأمل المصاحبة لانفجار مرفأ بيروت.

وبدعم من الجامعة اللبنانية، سيتم عرض أعمالهم عبر شبكة الإنترنت على صفحة الجامعة على فيسبوك في حدث يسعى لتسليط الضوء على قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم من خلال أعمالهم.

تُظهر بعض اللوحات الحطام الناجم عن الانفجار والحقيقة المروعة المتمثلة في تشوّه الناس وإصابتهم. فيما تُظهر أعمال أخرى، مثل الجسم المنحوت لدايا بو كروم المصنوع من المعدن والكرتون، أن “الدمار لم يكن جسديًا فحسب، بل نفسيًا أيضًا،” على حد قولها.

واستلهمت الطالبة ليال سلوم فكرة عملها من لوحة “ليلة النجوم” للفنان فان جوخ، حيث رسمت النار في أعقاب الانفجار بنفس أسلوب ضربات فرشاة الفنان الهولندي، وأطلقت على لوحتها اسم “ليلة مخيفة”.

التعافي في مدينة منكوبة

قال علي العلي، أستاذ الفنون الجميلة ومنظم الحدث، “استناداً إلى التعليم الفني الذي نقدمه لطلابنا، والذي ينص على ضرورة تعبيرهم عن مشاعرهم الداخلية والضغوطات التي يتعرضون لها من خلال الفن، منحتهم حرية الاختيار للتعبير عن مشاعرهم من خلال هذه الأعمال. اعتقدنا أنه سيكون من المناسب عرض كل هذه الأعمال عبر الإنترنت بسبب صعوبة العثور على صالة عرض في ظل الجائحة والأزمات.”

“منحت الطلاب حرية الاختيار للتعبير عن مشاعرهم من خلال هذه الأعمال. اعتقدنا أنه سيكون من المناسب عرض كل هذه الأعمال عبر الإنترنت بسبب صعوبة العثور على صالة عرض في ظل الجائحة والأزمات.”

علي العلي
أستاذ الفنون الجميلة ومنظم الحدث

تمتلك الجامعة اللبنانية أربعة فروع في جميع أنحاء لبنان، وللأسف، تعرض العديد من مبانيها في بيروت للدمار. ونظرًا لكونها مؤسسة حكومية، كانت أعمال إعادة الإعمار في حدها الأدنى بسبب عدم توفر الميزانية اللازمة. (اقرأ المقال ذو الصلة: حصر أولي لأضرار المؤسسات التعليمية والثقافية في بيروت بعد الانفجار).

قال محمد حسني الحاج، عميد كلية الفنون الجميلة والعمارة، “تتمثل الذكرى الأولى في أنقاض هذه المباني وهي تستدعي اهتمام المسؤولين بها.” وأضاف أن الانفجار الهائل أيقظ لدى اللبنانيين شعورًا جديدًا وخلق “حافزًا من نوعٍ ما لدى جيل الشباب للبحث عما يُمكننا حمايته في لبنان. إن طلابنا جزء رئيسي من عملية التعافي في هذا البلد.”

كوسيلة لتحفيز هؤلاء الطلاب، أجرت الجامعة مسابقة لأكثر عمل فني تعبيرًا عن مشاهد الدمار. اختارت لجنة تحكيم من الكلية أفضل الأعمال الفنية من كل حرم جامعي، وكان الفائزون سارة طويل وسالم هرّاوي وغنى مرعي وليلى البردان.

من أعمال الطلاب

تُظهر لوحة طويل قتلى وجرحى وسط حريق ودمار انفجار المرفأ وتعبر عن اللحظات التي أعقبت الانفجار.

في المقابل، تُظهر لوحة مرعي منظرًا شاملاً لمبنى عثماني مدمر، ليجسّد العمارة القديمة في بيروت. العمل غني بالألوان أيضًا ولكنه يعطي لمحة عن الواقع المحزن لكيفية عودة الناس لرؤية منازلهم مدمرة. (اقرأ المقال ذو الصلة: كلٌ يصنع إيمانه بيده: معرض افتراضي لدعم الحياة الثقافية في لبنان).

تضمّنت الجوائز معدات فنية لمساعدة هؤلاء الطلاب على مواصلة أعمالهم على أمل أن يحتفظ لبنان بهم ويُواصلوا عرض فنهم في البلاد.

حماية المواهب

يخشى الحاج أن يتطلع بعض هؤلاء الطلاب إلى السفر إلى الخارج لمتابعة حياتهم المهنية.

قال “تشكل الظروف الحالية لبلدنا العديد من الصعوبات لطلابنا، ولا يريد الكثير منهم مواصلة تعليمهم هنا، ويبحثون عن أماكن في الخارج.”

“تشكل الظروف الحالية لبلدنا العديد من الصعوبات لطلابنا، ولا يريد الكثير منهم مواصلة تعليمهم هنا، ويبحثون عن أماكن في الخارج

محمد حسني الحاج
عميد كلية الفنون الجميلة والعمارة

يعتقد الحاج أن بإمكان الجامعة مساعدتهم على البقاء في لبنان من خلال إقامة المزيد من الفعاليات عبر الإنترنت لتسليط الضوء على أعمالهم. ويضيف أن هناك خططًا لافتتاح متحف افتراضي لهم بعد هذا الحدث الإلكتروني، ويأمل أن يستعيد لبنان مكانته في عالم الفن في المنطقة.

وبينما تحاول العديد من المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء لبنان إعادة بناء قدرات الطلاب والاحتفاظ بهم، فمن الواضح أن الطريق أمامهم سيكون طويلًا وشاقًا.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

لكن العلي يبدو متفائلاً فيما يخص طلاب الفنون في الجامعة اللبنانية. قال “يخبىء المستقبل الكثير بالنسبة لهم، ويعبر هذا العمل الفني عن اضطراب داخلي كبير داخلهم بسبب الصدمة الجماعية. كان هذا واضحًا في الأعمال الفنية المُنجزة.”

ويضيف أن كاندينسكي كان سيصف هذه الأعمال بالصدق في التعبير باستخدام الفن. وإذا كان بإمكان الفن إنقاذ هؤلاء الطلاب خلال واحدة من أسوأ الأزمات التي يشهدها لبنان، فقد يكون هناك بصيص أمل لمستقبل هذه الدولة المتوسطية الصغيرة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى