أخبار وتقارير

في ذكرى رحيل نجيب محفوظ.. الفنار للإعلام تعيد اكتشاف سينما “الكلوب المصري”

على الرغم من الدور الذي لعبته سينما ” الكلوب المصري” في تشكيل وجدان الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، والذي تحل اليوم الذكرى الخامسة عشر على رحيله، فإن معظم القراء وأغلب دارسي أعماله يجهلون موقع هذا المكان الذي فتح أمامه أبواب الخيال.

في جولة مصورة تعيد “الفنار للإعلام” اكتشاف موقع السينما وأطلالها، والحالة التي أصبحت عليها، مسترشدة بما ذكره محفوظ حولها في الحوارات التي أجريت معه على امتداد مشواره الإبداعي.

نال محفوظ جائزة نوبل للآداب في العام 1988، ولا يزال هو الكاتب العربي الوحيد الذي حاز الجائزة الأشهر في العالم وهو من أكثر الأدباء المصريين الذين تحولت كتاباتهم إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية.

ألقى محفوظ (1911 – 2006) الضوء على المكان خلال الحوار الذي أجراه مع الناقد والصحافي الراحل رجاء النقاش، وصدر في كتاب بعنوان ” نجيب محفوظ، صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على حياته وأدبه“، مؤكدا أنه شاهد هناك السينما للمرة الأولى.

وأرجع إلى “الكلوب المصري” فضل شغفه بعالم السينما ليصبح، بالإضافة لمكانته الروائية، أحد أبرز كتاب السيناريو في العالم العربي. وقال إنه المكان الذي أحب فيه السينما “حباً لا يعلى عليه”.

وحدد محفوظ في الحوار الموقع الجغرافي للمكان بدقة، فقال “تقع سينما الكلوب المصري، في شارع خان جعفر مقابل مسجد سيدنا الحسين” موضحاً أنها كانت من أقدم دور العرض، يجاورها فندق وكافيتريا بنفس الاسم”.

https://youtube.com/watch?v=qXGQ8xoXn4g%3Fstart%3D76%26feature%3Doembed

عشق السينما

وأضاف في حواره مع النقاش “من اللحظة الأولى داخل المكان عشقت السينما، وواظبت على الذَّهاب إليها مع الشغالة، ومع الوالد أحيانا. كلمة النهاية على آخر الشريط، كانت من أشق اللحظات على نفسي، فقد كنت أتمنى أن أقضي اليوم كله داخل دار العرض فلا أخرج منها أبداً”.

الوصول للمكان سهل جداً اليوم. فعقب رحلة قصيرة لم تستغرق ثلاث دقائق من الباب الرئيسي لمسجد الحسين، وبعد سؤال توجهنا به لأحد أصحاب الورش بحثاً عن المكان رد قائلا ” تقصدون الكلوب العصري”. فعرفنا أن اسم المكان تغير ليصبح “الكلوب العصري” واكتشفنا أن منصة العرض الحجرية مازالت موجودة.

روى صاحب نوبل أنه كان يشاهد في الكلوب أفلام رعاة البقر الأميركية الشهيرة، وأعمال شارلي شابلن، وماكس ليندر.

وكذلك وصف محفوظ المكان في كتاب “المجالس المحفوظية ” للروائي الراحل جمال الغيطاني وذكر أنه “فندق قديم لا زال موجودا حتى الآن بالقرب من مسجد الحسين، ويضم الفندق فناء مكشوفاً كانت تعرض به الأفلام السينمائية… أول عرض سينمائي قدم في مصر شاهده المتفرجون في هذا الفندق عام 1910.”

سينما كلوب كما تبدو اليوم

ولفت إلى أن السينما كانت تعرض أفلاماً “أجنبية”. ووفقاً لما ذكره “كانت الترجمة على شاشة مستطيلة مجاورة، إذا لم تُضبط مع المنظر نصيح (اعدل .. اعدل) فيقوم الرجل المسؤول عن تشغيل السينما بضبط الترجمة مع المنظر، أما الموسيقى فكانت حية، حيث يعزف لاعب ماهر على البيانو المجاور للشاشة… أحيانا كنا نذهب مجموعة ، فتوقظ صاحب السينما ليشغل لنا الفيلم.”

آفة النسيان

لا يتذكر أغلب أصحاب الورش المحيطة بالمكان تفاصيل الفترة التي استعمل فيها الكلوب المصري أو العصري، كدار للعرض السينمائي أو كمسرح شهد حفلات، وعروض موسيقية لأهم الأصوات الغنائية في مصر مثل محمد عبد الوهاب أو محمد عبد المطلب.

وكان أغلب من توجهنا إليهم بالسؤال بعمر لا يتجاوز الخمسين عاماً، لكنهم يعرفون أن محفوظ ولد وعاش في هذا الحي.

ظهر أثر الكلوب المصري ضمن ملامح العالم الإبداعي لمحفوظ، وورد اسمه في رواية “بين القصرين”، وفي مجموعتين قصصيتين هما “صباح الورد” و”القرار الأخير”، كما تكرر ذكره في روايات “المرايا” و”حضرة المحترم” و”حديث الصباح والمساء”.

وتحدث عنها في رواية “خان الخليلي” على لسان بطل الرواية وربطها بمكتبة الحلبي المجاورة لها، والتي لا تزال قائمة إلى الآن.

الفندق الذي وصفه محفوظ على مدخله الآن لافتة قديمة تكاد الكتابة المدونة فوقها أن تمحى بفعل الزمن، وتحمل اسم “فندق الصفا والمروة”.

قال رجل يتولى حراسة المكان “الفندق لا يعمل في الوقت الحالي”.

نشوة لا تنتهي

ومن المؤلفات العديدة التي تشير إلى الكلوب المصري كتاب ” ذكريات سينمائية” للأديب المصري الراحل عبد الحميد جودة السحار الذي يقول فيه “سينما الكلوب المصري عبارة عن بدروم له باب دكان، ومكان لآلات العرض حوله البلكون، ولكن كان لذلك البدروم سحر عجيب، فما أن يفتح باب البدروم حتى تتهلل نفوسنا بالفرح كأنما فتحت لنا أبواب الجنة.” مضيفاً “طفت بلاد الدنيا، وشاهدت استعراضات الليدو والفولي بيرجير بباريس، وأقرر أن النشوة التي كنت أحسها يوم فتح باب دكان بدروم الكلوب المصري تفوق کل النشوة التي أحسستها في عواصم أوروبا.”

امتد تأثير الكلوب المصري عند نجيب محفوظ حتى أنه عمل لسنوات في السينما لتصبح محطة رئيسية في إبداعه عموما ، فقد شارك في كتابة أول سيناريو سينمائي لفيلم “مغامرات عنتر وعبلة” عام 1945، ثم سيناريو فيلم “المنتقم” عام 1947.

امتد تأثير الكلوب المصري عند نجيب محفوظ حتى أنه عمل لسنوات في السينما لتصبح محطة رئيسية في إبداعه عموما ، فقد شارك في كتابة أول سيناريو سينمائي لفيلم “مغامرات عنتر وعبلة” عام 1945، ثم سيناريو فيلم “المنتقم” عام 1947.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وعبر هذين الفيلمين تعلم محفوظ مبادئ كتابة السيناريو، وانطلق يقتحم هذا العالم خصوصا في الفترة بين عامي 1952 و 1960 والتي توقف بعدها عن كتابة السيناريو عقب انتدابه للعمل في إدارة السينما بمصلحة الفنون.

ثم تحولت رواية محفوظ الشهيرة “بداية ونهاية” إلى فيلم سينمائي أخرجه صديقه صلاح أبو سيف عام 1961 ولعب بطولته عمر الشريف وفريد شوقي وسناء جميل. وكانت الرواية هي أول عمل من أعماله ينقل إلى شاشة السينما التي واصلت اهتمامها بعالمه الإبداعي لتتنامى شهرة محفوظ وتتسع في مصر والعالم العربي حتى قبل حصوله على جائزة نوبل.

Countries

تعليق واحد

  1. جزيل الشكر للكاتب و الباحث أحمد حامد على هذا المقال الذي يعد بحثاً للتأصيل لمكان لا يعرفه الكثيرون و متروك للاهمال بلا توثيق و لا تسجيل أثري للحفاظ عليه ، فالحفاظ على هذا الكنز هو حفاظ على جزء هام من تاريخ مصر و هو تاريخ السينما و المسرح ، أأمل أن يلقى هذا المقال الاهتمام الكافي من المسؤولين ، كما نأمل أن يستمر الأستاذ أحمد في ابداعنا بمقالاته و أبحاثه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى