أخبار وتقارير

علاقة الفن بالذاكرة تهيمن على “المعرض العام” للفنون التشكيلية في مصر

يتزيّن قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية بأكثر من 350 عملًا فنيًا ضمن فعاليات الدورة الـ42 من “المعرض العام”، الذي يُعد أحد أبرز الفعاليات الفنية والثقافية التي يترقبها جمهور الفن التشكيلي في مصر سنوياً.

قال أحمد رفعت سليمان، القوميسير العام للمعرض، “سعينا هذا العام لدعوة عدد من شباب الفنانين الذين كانت لهم قبل سنوات تجارب مميزة في “صالون الشباب” وذلك للاشتراك بأعمالهم في فعاليات المعرض العام.” مؤكداً أن المعرض ليس مناسبة نُخبوية للمتخصصين في الفن التشكيلي فقط، لكنه فرصة غنية للجمهور لمشاهدة الفنون المتنوعة، على حد تعبيره. وأوضح “الحرص خلال تنسيق الأعمال الفنية داخل القاعات على أن تتجاور الأعمال التي تُمثل أجيالًا مُختلفة، لمحاولة خلق حالة تواصل فني.”

يجمع قصر الفنون في قاعاته الست، أطيافًا متنوعة من أفرع الفن التشكيلي والفنون البصرية من أبرزها التصوير، والنحت، والخزف، والتصوير الضوئي، والجرافيك، والتصوير الجداري، والتجهيز في الفراغ.

قال سليمان “المعرض العام مرآة تعكس الحالة التشكيلية في مصر، ويمكن من خلالها الوقوف على جديدها وتطوراتها في قلب الحركة التشكيلية في العالم.”

 حظيت النسخة الـ42 من “المعرض العام” بافتتاح رسمي حضرته وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، وخالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وعدد كبير من الفنانين ومحبي الفن التشكيلي.

قال سليمان “يمتلك الفنان التشكيلي عينًا خاصة تجعله في التقاط دائم للتفاصيل ويقوم بشكل حُر بتحويل تلك المشاهدات إلى ذاكرة بصرية وتوثيقية عبر الخامات والألوان.”

يستمر “المعرض العام” حتى 30 آب/أغسطس الجاري.

مفردات الذاكرة

يتجلى موضوع الذاكرة في أعمال المعرض، وتبرز الحروف العربية بجمالياتها التشكيلية في العديد من لوحات المعرض، وكذلك الحروف الهيروغليفية (المصرية القديمة) التي استفاد فن التصوير والجرافيك من نقوشها في أكثر من عمل.

“المعرض العام مرآة تعكس الحالة التشكيلية في مصر، ويمكن من خلالها الوقوف على جديدها وتطوراتها في قلب الحركة التشكيلية في العالم.”

أحمد رفعت سليمان  
القوميسير العام للمعرض

وتُطل في أعمال تصويرية مُتفرقة ذكريات الموالد وروح المقاهي الشعبية، كما لجأ بعض الفنانين لذكريات الطفولة وعفويتها عبر إبراز تفاصيل فنية مستوحاة من ألعاب السيرك مُستعينين بالألوان الصاخبة والكولاج، وكذلك نرى الدُمى في تكوينات نحتية مُصغرة، ومنحوتات معدنية وخشبية.

تُجدد الأعمال الخزفية في المعرض ذاكرة الطين كمادة خام فنية بدائية، ويتنوع توظيف تلك الخامة القديمة في تقنيات حديثة للاختزال والتلوين والتشكيل والتجريد، ويقوم المعرض العام هذه الدورة بتكريم أحد رواد فن الخزف في مصر والعالم العربي وهو الفنان محي الدين حسين، كما يتم أيضًا تكريم أسماء الفنانين الرواد الراحلين النحّات أحمد جاد، وفناني التصوير سامح البناني وصبري عبد الغني.

من أعمال المعرض

تسكن مفردات الحضارات والملاحم القديمة بعض أعمال المعرض، منها لوحة أمل نصر، الفنانة التشكيلية والناقدة الفنية، التي تُشارك في المعرض بلوحة تصويرية تستلهم في تجريدية أثر الحضارات والفنون البدائية. قالت “تشغلني بشكل كبير علاقتنا المعاصرة بالحضارات القديمة وما يرتبط بها من ذاكرة الرموز والصور، كرسوم البدائيين على أسطح الكهوف، التي تعكس استقواء الإنسان الأول بالفن”. ويظهر الحس البدائي في اللوحة بتعبيرية حديثة، تخلق حوارًا بصريًا بين مخاوف الإنسان الأول والإنسان المعاصر فى زمن كورونا.

وتوضح نصر أن فكرتها الفنية انعكست تقنيًا على سطح اللوحة بمنحها طبقات لونية تراكمية لجعل السطح ذاته له ملمس قديم كالتاريخ والذكريات القديمة.

جماليات المُهمل

يبرز النحت بتنويعاته الفنية الكلاسيكية والحداثية في المعرض العام، باختلاف خامات البرونز والجرانيت والخشب، وكذلك الحديد الصلد الذي طوّعه الفنان عمار شيحه في نحت عمله الفانتازي الذي يُظهر هيكل فلاح يرتدي العمامة الريفية التقليدية، يجلس بمصاحبة جهاز “اللابتوب” مُتخذًا وضعًا مكتبيًا آليًا.

يستعين عمار شيحه في هذا العمل بكم وافر من الخُردة، ما بين مُخلفات المسامير والمفكات والتروس المعدنية المُتهالكة، وصنع بها بطله الفني الذي يجلس في استقبال جمهور المعرض.

قال “تخيّلت شخصية فلاح مُزارع يندمج مع مفردات العمل عن بعد التي فرضتها علينا جائحة كورونا فقرر أن يفرض حضوره وسط عالم الحداثة، فنفذت هذا العمل، وركزّت فيه على عنصر الدهشة والمفارقة الفنية”.

“تخيّلت شخصية فلاح مُزارع يندمج مع مفردات العمل عن بعد التي فرضتها علينا جائحة كورونا فقرر أن يفرض حضوره وسط عالم الحداثة، فنفذت هذا العمل، وركزّت فيه على عنصر الدهشة والمفارقة .”الفنية

عمار شيحه

اعتمدت المرحلة الأولى في تنفيذ هذا التصميم المعدني على جمع الخُردة بالكمية المطلوبة لتغطية التصميم النحتي، فحسب صاحب العمل إن “إعادة تدوير الخردة وتوظيفها فنيًا يضفي لها قيمًا جمالية مدهشة”.

وتظهر إعادة تدوير الخامات في عدد من الأعمال، فنجد استعانةً بالفناجين المكسورة، ومُخلفات الرخام، والأمشاط الخشبية في أعمال متفرقة للتصوير الجداري.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وحسب تعبير نصر، أستاذة ورئيسة قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية في مصر، فإن علاقة الفنان بالأشياء القديمة تُحيطها العاطفة، فيضفي على الأشياء القديمة التي تخصه والخامات المُهملة لمحات جمالية، ويُعيد اكتشافها من جديد. قالت “ترتبط العلاقة الفنية بالخامات القديمة والمُهملة بشكل وثيق بثيمة الذاكرة التي يُحييها المعرض.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى