أخبار وتقارير

طلاب جامعة القديس يوسف يقودون حملة ضد الفساد في لبنان

“أنتم ضد الفساد؟ بالأفعال لا الأقوال!”

التحدي هو الشعار الذي ترفعه حملة “ضد الفساد“؛ وهي حملة توعوية عامة أطلقتها جامعة القديس يوسف في بيروت والجمعية اللبنانية لحقوق ومصالح المكلفين (ALDIC)، ويقودها طلاب شباب لتعزيز إمكانات أجهزة الرّقابة على الفساد ودعم الجهود الوطنية لتعزيز الشفافية.

يقوم الطلاب المشاركون في الحملة، منذ بداية العام الحالي، بزيارات ميدانية لمؤسسات كبيرة وشخصيات معروفة بهدف جمع توقيعات على  “إعلان مكافحة الفساد”. يهدف الإعلان، الذي تمت صياغته في عشرة مبادئ أساسية، إلى “حماية مصالح البلاد في إطار عقد اجتماعي راسخ ركيزته الثقة والإنصاف والشفافية”.

وقّع على الإعلان حتى الآن أكثر من 7 آلاف شخص، من بينهم صحافيين ورياضيين ورجالات سياسة.

قال باسكال مونان، مدير المشروع ومدير مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في جامعة القديس يوسف في بيروت، «لا يقتصر هدف الحملة على جمع توقيعات وعرضها أمام وسائل الإعلام، بل يتجاوز ذلك إلى العمل على إلزام كل لبناني بأن يكون له دور. إنه فعل مواطنة يدفع كل فرد لتحمل مسؤولياته تجاه مكافحة الفساد».

“لا يقتصر هدف الحملة على جمع توقيعات وعرضها أمام وسائل الإعلام، بل يتجاوز ذلك إلى العمل على إلزام كل لبناني بأن يكون له دور. إنه فعل مواطنة يدفع كل فرد لتحمل مسؤولياته تجاه مكافحة الفساد”.

باسكال مونين
مدير المشروع ومدير مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في جامعة القديس يوسف في بيروت

الفساد والأزمة الاقتصادية

تعتقد الكثير من المنظمات المحلية والدولية أن الفساد سببًا رئيسيًا للأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، حيث يحتل المرتبة 149 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2020 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وأسفرت الأزمة المالية عن انخفاض هائل في قيمة الليرة اللبنانية، وألقت بما يقرب من ثلاثة أرباع اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقًا لتقرير جديد صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا. (اقرأ التقريرين ذي الصلة: “أزمة مزدوجة تعصف بالطلاب والجامعات في لبنان” و”اقتصاديون يحذرون: أزمة لبنان تهدد مستقبل الجامعات“.

كما اعتُبر انفجار مرفأ بيروت في أب/أغسطس 2020، والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وتسبب في أضرار مادية تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، رمزًا للفساد والإفلات من العقاب الذي ابتليت به الإدارة الحكومية والقطاع العام. (اقرأ التقرير ذي الصلة: انفجار بيروت يعصف بقطاعها التعليمي).

قال مونان «استشرى الفساد على مدى السنوات الثلاثين الماضية، حتى أصبح من أوجه ثقافتنا اللبنانية. وهو الذي قادنا إلى انهيار اقتصادي يشكل تهديداً وجودياً لبلدنا».

“نحتاج إلى تعريف الشباب بحقوقهم وتحسين التشريعات القائمة حتى تستوفي المعايير الدولية”.

لين صدر
من طلاب الحملة

مع ذلك، لا يوجد ما ينم عن وجود إرادة سياسية قوية لمحاربة الفساد. ففي أيلول/ سبتمبر 2020، اعتمد البرلمان إطارًا تشريعيًا شاملاً يهدف إلى مكافحة هذه الظاهرة. لكن مر عام ولم يتم تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد حتى الآن. قبل أسبوع، تم تشكيل حكومة جديدة  بعد أكثر من عام على استقالة الحكومة السابقة، مما يبعث بعض الأمل في أن يتمكن المسؤولون الجدد من جذب المزيد من المساعدات الخارجية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ. لكن الإصلاحات للقضاء على الفساد هي شرط أساسي لتحقيق التغيير. (اقرأ التقرير ذي الصلة: حرب الطوائف في لبنان تتحوّل إلى ثورة شباب ضد السياسيين).

يوضح مونان الهدف من الحملة، بقوله «تهدف حملة “ضد الفساد” إلى أن يكون الشباب رأس حربة في حركة تتصدى للفساد».

إيصال صوت الطلاب 

أشعلت الحملة حماس العديد من طلاب جامعة القديس يوسف، الذين وجدوا فيها وسيلةً لأن يكون لهم دوراً وصوتاً مسموعاً في هذه القضية المصيرية.

تعتقد باتريسيا أبي منصور، طالبة الحقوق، أن المبادرة منحتها الفرصة للمساهمة في إنقاذ بلدها. قالت «نحن بحاجة للحديث عن هذه القضية، لأن الكثير من شبابنا لا يعرف ماهية الفساد»..

تنظم الحملة ورشات تدريبية ومؤتمرات لطلاب المدارس والجامعات.

ورغم فقدان العديد من اللبنانيين لشغف التغيير وغرقهم بنوع من اللامبالاة السياسية في ظل غياب أي تصور للمستقبل، تعتبر حملة ضد الفساد المواطن أساس القضية.

قالت أبي منصور «الناس يائسون وعاجزون عن تخيل التغيير. ولأننا من أعطى صوته لهؤلاء السياسيين الفاسدين، فيمكننا وضع حد للفساد من خلال رفض المشاركة في هذا النظام».

“الناس يائسون وعاجزون عن تخيل التغيير. ولأننا من أعطى صوته لهؤلاء السياسيين الفاسدين، فيمكننا وضع حد للفساد من خلال رفض المشاركة في هذا النظام”.

باتريسيا أبي منصور
طالبة في كلية الحقوق- جامعة القديس يوسف

تمكين المواطن

العمل والتمكين كلمتا السر إلى المبادرة التي تسعى جاهدة لتعريف المواطنين بالأدوات التي يمكنهم استخدامها لمكافحة الفساد، والتدابير التي ينبغي اتخاذها على المستوى الوطني لحماية حقوق المواطنين.

قالت لين صدر، طالبة في الجامعة، «أصدر البرلمان قانونًا لضمان حق الحصول على المعلومة، كما أنه رفع السرية المصرفية عن مسؤولي الدولة بشكل رسمي، لكنها قوانين معلقة أو تعاني سوء التنفيذ. لذا، نحتاج إلى تعريف الشباب بحقوقهم وتحسين التشريعات القائمة حتى تستوفي المعايير الدولية».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وتتحدث صدر عن خوف كثيرين من التوقيع على الإعلان. قالت «لكنهم وقعوا في نهاية الأمر، وذلك لأن الكل يعرف أن آفة هذه البلاد هي الفساد والمحسوبية».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى