أخبار وتقارير

معرض «أسمار شهرزاد» يقاوم ذكورية «ألف ليلة » بفانتازيا الألوان

يستكشف المعرض الأخير للفنان المصري كلاي قاسم “حكايات شهرزاد” الكلاسيكية بأسلوب حديث مع الحفاظ على فلسفتها الأساسية.

ويأخذ العرض، الذي يقام في غاليري “تام” بالقاهرة ويستمر حتى 25 أيلول/ سبتمبر، زواره في رحلة بصرية ساحرة، ويغمرهم في بحث الفنان في عالم “ألف ليلة وليلة”، ويواجه موضوع النظام الأبوي الذي يمر عبر الحكايات.

بدأ قاسم بالبحث في الحكايات الشعبية وأصبح مهووسًا بتتبعها وتعقبها.

قال «كرّست نفسي لقراءة نصوص الليالي المكتوبة، واستمعت إلى الحلقات الشهيرة التي صاغها الشاعر الراحل طاهر أبو فاشا للإذاعة المصرية والتي شكلت مخزونا تراثيا لأجيال وأجيال، فصارت علامة على زمن كامل ترسخ بافتتاحية شهرزاد الشهيرة: بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد».

«كرّست نفسي لقراءة نصوص الليالي المكتوبة، واستمعت إلى الحلقات الشهيرة التي صاغها الشاعر الراحل طاهر أبو فاشا للإذاعة المصرية والتي شكلت مخزونا تراثيا لأجيال وأجيال».

كلاي قاسم
فنان مصري

ويُعرف قاسم، أستاذ التصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، بمشاريعه الفنية التي تبحث في تاريخ الأعمال الفنية الكلاسيكية، ثم يعيد التفكير فيها ويحاكيها بأسلوب حديث. إقرأ التقرير ذو الصلة: (“حظر نشر” رواية تستحضر شهرزاد لمواجهة التحرش).

مستوحى من الأوبرا

كانت معارضه السابقة – المستوحاة من أوبرا موزارت “الناي السحري” و”عايدة” لفيردي – تجارب بصرية رائعة.

قال قاسم «كانت خطتي هي مواصلة مشروعي بالأعمال الأوبرالية مع الأوبرا الإيطالية الرائعة” إكسير الحب “لدونيزيتي التي أعشقها كثيرًا. لكن ألف ليلة وليلة أخذتني وجعلتني أختار عالمهم ليكون محور مشروعي الجديد».

ويوضح أن شغفه واهتمامه بالموضوع جاء بفضل محادثة مع صديق قديم.

Paintings by Klay Kassem in the exhibition “Tales of Scheherazade”
يستمتع الزوار باللوحات في معرض “حكايات شهرزاد” في جاليري “تام” بالقاهرة.

قال «لقد عشت مع الحكايات لمدة عام كامل، ووصلت إلى حالة من التماثل التام معها. على الرغم من إعجابي بالنصوص، إلا أنني لاحظت وجهة نظرهم غير العادلة تجاه النساء. هذا فتح الباب لمزيد من التأملات التي انعكست في لوحاتي».

ينعكس الظلم الذي تواجهه النساء في عالم “ألف ليلة وليلة” في العديد من أعمال المعرض. لذلك سعى قاسم في علاجه المعاصر لمنح “بطلاته” مساحة للتعبير لم تكن متاحة لهن في ألف ليلة وليلة.

في إحدى اللوحات، كانت الفتيات ينظرن من نوافذ القصر، ويستحضرن نسيم الحرية في حكايات شهرزاد التي أنقذتها من القتل على يد شهريار.

قصص حب بطولية

في لوحات أخرى، يقوم قاسم بتمكين الأميرات وفتيات الجنيات من خلال تصوريهن وهن يقدن مواكب احتفالية، كما في فيلم “عودة الأميرة الجوهرة” وفي لوحة تحتفل بـ “رحلة حب”.

Paintings by Klay Kassem in the exhibition “Tales of Scheherazade”
تصور اللوحات الحب الذي استحوذت به شهرزاد على قلب شهريار، بفضل «حدسها القوي وقدرتها على جذب انتباهه بالحكايات»، حسب قول قاسم.

يعتقد قاسم أن الحكايات لها علاقة بالقصص البطولية عن الحب. يعتبر كلاي قاسم أن قصص الليالي فيها ارتباط شرطي بالقصص البطولية عن الحب والعشق، فتجد المرأة في حكاياتها تارة ساحرة، وأخرى محبة حنونة، وملائكية بأجنحة الطيور وعروسة بحور وزهرة صبار وبدر البدور وقمر النهار ووردة الأكمام”.

ويعتقد أن الحكايات أثرت خياله واستقرت مشاهد كاملة في ذهنه وخرجت في أنماط فنية مجانية وخدوش فرشاة على القماش.

من بين هذه المواضيع، استشهد قاسم بالطيور المجنحة الأسطورية والمخلوقات البحرية التي تتواصل مع البشر، وحكايات الاستكشاف الجريئة، مثل مغامرات السندباد والبحار.

بعد سردي جديد

قال قاسم «مهمتي ليست نقل القصص كما هي، بل تحرير مفرداتها بطريقة معاصرة لأخذ بُعد سردي جديد».

تبدو لوحات المعرض أقرب إلى ومضات تشبه الحلم. إلا أن الفنان كثف تعبيره عن الحكايات الخرافية الغامضة من خلال أسلوبه التجريدي. كما أنه يواجه الصورة النمطية لشهرزاد وأبطالها من خلال تحريرهم في مشهد مشابه للمسرح مع إبقائهم بملامح غير واضحة ووجوه مقنعة.

تصور اللوحات الحب الذي استحوذت به شهرزاد على قلب شهريار، بفضل «حدسها القوي وقدرتها على جذب انتباهه بالحكايات»، حسب قول قاسم.

في المقابل، تحضر الزخارف من مصر القديمة، ولا سيما عنخ أو مفتاح الحياة، إلى جانب صفير الماء العائم على النيل في اللوحات بقوة.

قال قاسم «وجود الرموز المصرية أصيل ويمتد عبر مشروعي الفني».

وأضاف «في هذه الرموز القديمة، أجد أبعادًا بصرية وفلسفية ساحقة تنتقل من تجربة إلى أخرى».

«مهمتي ليست نقل القصص كما هي ، بل تحرير مفرداتها بطريقة معاصرة لأخذ بُعد سردي جديد».

كلاي قاسم  

إلى جانب المفردات المرئية، تضفي الألوان حيوية على الأعمال التي تسود الحكايات. تتراوح الألوان من ظلال الأوساخ الصلبة إلى الألوان الأكثر إشراقًا، بما يتوافق مع موضوعات اللوحات.

قال «تفاصيل الحكايات هي التي تحرك ألواني. لم أحدد مسبقًا اختيارات الألوان، بل تركتها تتراكم مع تراكم القصص والطبقات في نص أدبي».

وبينما لم يكن قاسم يفضل الزخرفة عادة، فقد استخدمها بكثرة في هذا المعرض مقلدا روح ألف ليلة وليلة.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تبدو لوحات المعرض أقرب لومضات الأحلام،  لكن الفنان كثّف فيها من تعبيره عن  غموض الحكايات الخرافية  عبر اختياره للأسلوب التجريدي الذي يسود لوحاته، وقاوم التصوير النمطي لشهرزاد وأبطال حكاياتها عبر تحريرهن في مشهدية لافتة أقرب للغة المسرح وهم بملامح ووجوه مُطموسة أو وراء أقنعة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى