أخبار وتقارير

مناهج أكاديمية جديدة تضع حلولاً لمشكلات الزراعة في مصر

يبدأ طلاب كليات الزراعة في أربع جامعات مصرية في دراسة مناهج جديدة تجمع بين جوانب العلوم الهندسية والبيئية وتخصصاتها.

تركز المناهج الجديدة على دعم مجتمعات الريف المصري من خلال تزويد السوق بخريجين جامعيين مؤهلين وإقامة مراكز معرفة تقدم خدماتها للمزارعين، بهدف الحد من هجرة الريف إلى المدن.

قال سيغوارد فون لاو، رئيس الأبحاث والشؤون الدولية في جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة بالقاهرة «يضطر عدد كبير من المزارعين إلى هجرة أراضيهم بسبب الضغوط الاقتصادية. لكن من خلال تمكين المزارعين والشركات المحلية الصغيرة من سبل كسب الرزق الجيدة والمستدامة أينما كانوا، يمكن الحد من رغبتهم في مغادرة الريف».

سيبدأ تطبيق المناهج الجديدة مع العام الدراسي الجديد في جامعة هليوبوليس والجامعة الأميركية في القاهرة وجامعتي الإسكندرية وأسوان.

تم وضع المناهج في إطار مشروع SureMap، وهو أحد المشاريع التي يمولها الاتحاد الأوروبي بهدف تحسين مستوى تأقلم المجتمعات الزراعية في مصر مع التغييرات الاقتصادية.

«أغلب مقررات كليات الزراعة في مصر قديمة، وكذلك أساليب التدريس التي لم تتغير منذ نحو نصف القرن. ولأن الزمن تغير، فمن الحتمي أن يتغير معه التعليم ويتكيف مع المستجدات».

سيغوارد فون لاو
رئيس الأبحاث والشؤون الدولية في جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة بالقاهرة

ويتطلب مشروع SureMap التعامل مع التحديات والمزيد من التعاون والتنسيق بين الكثير من الخبراء الذين يجمعون بين العلوم المتداخلة مثل علم الأحياء، والكيمياء، والاقتصاد، والبيئة، وعلم الأرض والأخصائيين في المجال الهيدرولوجي بالإضافة إلى الميكانيكية والبرمجيات والهندسة المدنية.

كما يعمل مشروع DeVilag على تلبية احتياجات صغار المزارعين، ويتضمن المشروع  تطوير المناهج الدراسية فيما يخص موضوعات مثل الزراعة المستدامة والهجرة والتنمية. وتشارك فيه جامعة هليوبوليس والجامعة الأميركية في القاهرة إلى جانب جامعة القاهرة وجامعة الفيوم.

تحديث مناهج كليات الزراعة

يعد التعليم القاسم المشترك بين المشروعين.

قال فون لاو خلال مقابلة عبر تطبيق زووم «أغلب مقررات كليات الزراعة في مصر قديمة، وكذلك أساليب التدريس التي لم تتغير منذ نحو نصف القرن. ولأن الزمن تغير، فمن الحتمي أن يتغير معه التعليم ويتكيف مع المستجدات».

New Interdisciplinary Engineering Programs in Egypt Focus on Agriculture
طلاب جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة خلال أحد التدريبات.

ويوضح فون لاو أن المناهج الجديدة بعيدة كل البعد عن أساليب التعليم النظرية التجريدية، لتركز على حل المشكلات والعمل الميداني.

فمن خلال تشجيع الطلاب على التواجد في الحقول والتفاعل مع المزارعين، يأمل فون لاو في سد الفجوة بين العملية التعليمية واحتياجات السوق والمزارعين، حيث يمكن للطلاب التحقق من الطبيعة المعقدة والعسيرة لبعض المشكلات، وأن الواقع يختلف عن الناحية النظرية.

قال «نحول الطلاب إلى أصحاب مصلحة على اختلاف تخصصاتهم، حيث يتحتم عليهم التعامل مع تحدٍ أو مشكلة من جميع الاتجاهات وليس فقط من مجال تخصصهم. وما أن يتحقق ذلك، حتى يصبح تعدد التخصصات مساراً طبيعياً للغاية».

خلال هذا الصيف، نظمت جامعة هليوبوليس برنامجاً تدريبًا لنحو 40 طالبًا بالتعاون مع مشروع DeVilag.

تشرح سلمى العدلي، الطالبة في السنة الأخيرة في تخصص الهندسة المدنية وهندسة المياه بالجامعة، كيف جعلها التدريب تدرك الحاجة إلى تحسين أنظمة الري في الريف المصري وسمح لها بالتعرف بشكل أفضل على احتياجات المزارعين.

قالت «علينا التوقف عن تطبيق طرق الري التقليدية لأنها تهدر كميات كبيرة من المياه. ولا بد من أن نجد سبلاً لتلبية احتياجات المزارعين أثناء تنفيذ حملات الترويج والتوعية». (إقرأ التقريرين ذي الصلة: : الاستنزاف يهدد الموارد المائية للمنطقة العربية وبحوث حثيثة لحماية موارد مصر المائية).

«علينا التوقف عن تطبيق طرق الري التقليدية لأنها تهدر كميات كبيرة من المياه».

سلمى العدلي
الطالبة في السنة الأخيرة في تخصص الهندسة المدنية وهندسة المياه بالجامعة

المواءمة بين الأفكار الأكاديمية والاحتياجات الواقعية

لا يقتصر هذا التغيير في العقلية على الطلاب وحدهم بل يتخطاه للأساتذة. إذ كشف دراسات استقصائية أجرتها جامعة هليوبوليس عن فجوة كبيرة بين ما يعتقد الأكاديميون أن المزارعين يحتاجون إليه مقابل الاحتياجات الحقيقية للمزارعين.

قال فون لاو «نجحت بعض الحلول التي ابتكرها الأكاديميون بشكل جيد للغاية في المختبرات وهذا لأن الأشخاص الذين نفذوها كانوا جميعًا من الأكاديميين، ولكن تبين أنها غير ناجعة بالنسبة للمزارعين، وفقاً للمعارف والخبرات التي يتمتعون بها».

يقول سيغوارد فون لاو، رئيس الأبحاث والشؤون الدولية في جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة بالقاهرة إن  أغلب مقررات كليات الزراعة في مصر قديمة، وكذلك أساليب التدريس التي لم تتغير منذ نحو نصف القرن.
يقول سيغوارد فون لاو، رئيس الأبحاث والشؤون الدولية في جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة بالقاهرة إن أغلب مقررات كليات الزراعة في مصر قديمة، وكذلك أساليب التدريس التي لم تتغير منذ نحو نصف القرن.

من هنا تبرز أهمية مشروعي SureMap وDeVilag؛ كونهما يبحثان في تدريب أساتذة الجامعات المصرية على التعامل مع الأبعاد المختلفة للزراعة المستدامة والتنمية الريفية.

وأشار فون لاو إلى أن أغلب الأساتذة كبار السن رفضوا تلك التغييرات، في حين تحمس لها أعضاء هيئة التدريس الشباب.

قال محمد عبد الحميد أحمد، أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد في جامعة الفيوم، إن مشاركته كباحث في مشروع DeVilag غيرت من طريقة تدريسه.

كتب في رسالة إلكترونية «عملت على تطوير وتحديث المقررات الدراسية التي أحددها للطلاب لتكون موجهة نحو تلبية احتياجات السوق والقطاعين العام والخاص. وقمت بتغيير المواد لتتبنى نهج التعلم الذي يركز على الطلاب. كما زاد اعتمادي على التدريس عبر الإنترنت، وأسلوب الفصل الدراسي المعكوس، وتطوير المساقات الهائلة المفتوحة عبر الإنترنت بوصفها مصادر تعليمية مفتوحة لكل من طلاب المرحلة الجامعية وطلاب الدراسات العليا».

“عملت على تطوير وتحديث المقررات الدراسية التي أحددها للطلاب لتكون موجهة نحو تلبية احتياجات السوق والقطاعين العام والخاص”.

محمد عبد الحميد أحمد
أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد في جامعة الفيوم

مكاتب خدمة المزارعين

ينصب تركيز DeVilag و SureMap بشكل أساسي على الطلاب والخريجين الجامعيين، ولكنهما يتطلعان أيضًا إلى ما هو أبعد من التعليم في محاولة للوصول إلى جميع أصحاب المصلحة في سلسلة القيمة بالقطاع الزراعي من خلال تدريب المزارعين وإنشاء مكاتب خدمة في الجامعات المشاركة تقدم الدعم الفني للمزارعين وعموم الجمهور وشركات القطاع الخاص.

ويعد تغير المناخ جانبًا مهمًا في المناهج الجديدة، حيث تشجع البرامج الدراسية الجديدة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على تقدير بصمتهم الشخصية في البيئة، والتصدي للمشكلات الناشئة عن تغير المناخ؛ مثل آفات المحاصيل الجديدة وقضايا ندرة المياه وكيفية التوصل إلى إنتاجية محاصيل جيدة بالرغم من هذه المشاكل. (اقرأ التقرير ذي الصلة: النمو السكاني يضاعف من تأثير التغير المناخي).

وعوضاً عن تزويد الطلاب بأدوات التصدي لمجموعة بعينها من التحديات، تسعى المناهج الدراسية الجديدة إلى مساعدتهم في وضع استراتيجيات تمكنهم من التعرف على تحديات المستقبل وكيفية إيجاد حلول لها.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

قال فون لاو «يخشى الناس في عمومهم فكرة التغيير، ويرتاحون إلى الأساليب القديمة التي جربوها وألفوها. لكن يبدو واضحاً اليوم أن هذه الأساليب تؤدي إلى مشاكل متفاقمة في المستقبل. علينا أن نعلم أننا اليوم نعيش على حساب أجيال المستقبل، وهي حقيقة يتوجب تغييرها».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى