أخبار وتقارير

بمشاركة عربية..الآداب الأفريقية تحت الضوء في جامعة «أوبييدو» الإسبانية

يتمتع الأدب الأفريقي بملامح غنية وخاصة، تجعل منه عنوانًا جذابًا للنقاش في المحافل المختلفة حول العالم، وآخرها مؤتمر «الآداب الأفريقية»، الذي استضافته جامعة «أوبييدو» الإسبانية University of Oviedo، بالتعاون مع مؤسسة «إلباخرو أثول» El Pájaro Azul الثقافية.

واحتل الأدب الأفريقي خلال الفترة الأخيرة مساحة لافتة من الاهتمام، في أعقاب فوز الكاتب التنزاني، عبد الرزاق قرنح، بجائزة «نوبل» للآداب، وسط تساؤلات حول انعكاسات ملامح القارة الأفريقية بتعقيداتها الثقافية على مشروعه الأدبي، الذي نال تقدير أرفع جائزة أدبية في العالم.

إلا أن فوز «قرنح» لم يكن الدافع لتنظيم المؤتمر، حيث كانت الجهة المنظمة حددت ملف الآداب الأفريقية، ومحاور النقاش حوله، قبل الإعلان عن نوبل بشهور، إلا أن مواكبة المؤتمر للفوز كانت مناسبة للتعليق على «قرنح» وأدبه الأفريقي، فحسب الكاتب والروائي المصري، أحمد عبد اللطيف، المُشارك في المؤتمر، فإن «ثمة ترحيب من الأوساط الثقافية الإسبانية بفوز (قرنح) بنوبل هذا العام، أولًا لأنه كاتب جيد، وثانيًا لأنه كاتب أفريقي، ينتمي إلى قارة مهمّشة». (إقرأ المقال ذو الصلة: بعد فوز «قرنح» بجائزة «نوبل»..لماذا لا يعرف الجمهور العربي الأدب الإفريقي؟).

تأثير وتنوع

يشي عنوان «الآداب الأفريقية» بفكرة التنوع والتعدد الذي يميز آداب هذه القارة السمراء، وكذلك تنوع المُتغيرات وملامح التأثر التي تركت بصمتها على آدابه، فكما يقول أحمد عبد اللطيف، في حديثه لـ«الفنار» فإن المؤتمر «يعي الفروقات بين الدول الأفريقية، لذلك اختار عنوان (الآداب الأفريقية) إذ ليس لأفريقيا أدب واحد»، على حد تعبيره.

«المؤتمر يعي الفروقات بين الدول الأفريقية، لذلك اختار عنوان (الآداب الأفريقية) إذ ليس لأفريقيا أدب واحد»

أحمد عبد اللطيف  
الكاتب والروائي المصري

وأضاف: «ربما جمع موضوع الاستعمار بين العديد من الدول الأفريقية، لكن حتى الاستعمار اختلفت نتائجه من دولة لأخرى، فنجد جذور الثقافة واللغة في بلاد المغرب تختلف عن مصر بشكل كبير. أما الدول التي تضررت أكثر من الاستعمار كانت العمق الأفريقي، مثل مالي، وتنزانيا، والكاميرون، وكوت ديفوار، إذ فرض الاستعمار لغته بقوة، وصارت اللغة التي تجمع بلدًا بأسره. لذلك يمكن فهم الاستعمار كقضية رئيسية في الأدب الأفريقي، يُوازيها قضايا الهجرة وأوضاع المهاجرين في أوروبا».

ارتباط بالجذور

تنوعت كلمات المشاركين في المؤتمر، الذين ينتمون لدول متفرقة من القارة الإفريقية، منها آثار الاستعمار، وقيمة التراث الشفاهي. ومن بينها كلمة الكاتبة الجزائرية، سعاد حاج علي، التي تكتب بالفرنسية والإسبانية، وتحدثت عن تاريخ الجزائر مع الاستعمار، وأثر ذلك في الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية. كما تطرقت لأعمالها كنموذج للأدب الكولونيالي، مُسلطة الضوء على الأعمال النسوية.

مؤتمر «الآداب الأفريقية»، الذي استضافته جامعة «أوبييدو» الإسبانية
مؤتمر «الآداب الأفريقية»، الذي استضافته جامعة «أوبييدو» الإسبانية

ومن بين المشاركات كذلك كانت الكاتبة البلجيكية من أصول مالية، فاتوميه سيديه، التي تناولت هجرتها الذاتية في طفولتها إلى بلجيكا مع العائلة، حتى وصولها لتكون برلمانية في البرلمان البلجيكي. وتمثل تجربة «سيديه» التجربة الحقيقية لفكرة الهجرة، إذ عاشتها بلونها الأسمر وبتمردها في الطفولة والمراهقة، ثم كشابة برلمانية وشاعرة وقاصة.

أدب عربي

ومثّل الكاتب المصري، أحمد عبد اللطيف، في المؤتمر تجربة الأدب العربي، الذي ينتمي صاحبه للقارة الأفريقية، وقال «عبد اللطيف»: «مشاركتي في المؤتمر بالأساس كانت للحديث عن تجربتي في الكتابة، سواء عن الأعمال التي كتبتها داخل مصر، أو الأعمال المكتوبة في إسبانيا مثل (حصن التراب)، خاصة أن تلك الرواية تُرجمت حديثًا إلى اللغة الإسبانية، وثانيًا لأنها تمس التاريخ العربي والإسباني، وكذلك رواية (سيقان تعرف وحدها مواعيد الخروج)، والمجموعة  القصصية الأخيرة (مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية)».

وتابع «عبد اللطيف»، المُقيم بين مصر وإسبانيا: «كان السؤال المركزي في مشاركتي، هو هل يمكن للهجرة أن تخلق أدبها؟ هل نتعرف على أنفسنا في الهجرة؟ وكان مقترحي أننا مربوطون بجذورنا في كل الأحوال، لكن للهجرة إضافتها الكبيرة في رؤيتنا لأنفسنا ولثقافتنا. فإذا كانت الأفكار تتبدل وتتغير حين تهاجر لبيئات غريبة، كما يرى إدوارد سعيد، فالإنسان بالتالي يتعرض لهذا التغير وبالتالي الأدب».

وتولي مؤسسة «إلباخرو أثول» El Pájaro Azul اهتمامًا خاصًا بالقارة الأفريقية، حيث تُركز مشاريعها بشكل خاص على المجالات التعليمية والصحية بها، بالإضافة لمحاولات استكشاف ثراء الثقافة والإبداع الأفريقيين، عبر مدّ جسور الحوار مع كُتابها وفنانيها وباحثيها، كما في مناقشات مؤتمر «الآداب الأفريقية».

«مشاركتي في المؤتمر بالأساس كانت للحديث عن تجربتي في الكتابة، سواء عن الأعمال التي كتبتها داخل مصر، أو الأعمال المكتوبة في إسبانيا مثل (حصن التراب) »

أحمد عبد اللطيف  

وأتاحت المؤسسة فرصة أكبر للجمهور هذا العام لمتابعة المؤتمر ونقاشاته، بإتاحتها وبثها لفعالياته عبر «يوتيوب»، ونظمت في فعالية الختام حوارًا مفتوحًا عن بُعد، يجمع بين المشاركين وبين المفكر والمؤرخ المالي البارز إسماعيل ديادي  Ismael Diadié.

السياق المختلف

وتفرض المكونات الثقافية للدول العربية الأفريقية خصوصية لموضوعاتها الأدبية، التي تختلف عما يشغل الأدب في العمق الأفريقي، فحسب صاحب (حصن التراب) فإن الأدب الأفريقي، يرتبط بشكل عام بالاستعمار والتعبير عنه، ليس فقط أثناء الاحتلال، وإنما الهيمنة الفرنسية والبريطانية على الدول الأفريقية حتى بعد الاستقلال، وذلك إلى موضوعات أخرى تخص الأسئلة الفردية.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

أضاف الكتاب المصري: «في المقابل، اتجهت الرواية المصرية في اتجاه آخر، وباستثناء بعض أعمال لنجيب محفوظ، لم يهتم الأدب المصري، على سبيل المثال، بالاستعمار كثيمة روائية أو فضاء روائي. لقد انشغل الأدب المصري مثلًا بسياقات سوسيوثقافية وتاريخية، وتعددت موضوعاتها من فترة لأخرى، كما تعاملت مع التراث العربي، وانفتحت على الرواية الأوروبية واللاتينية بشكل ملحوظ، بذلك لم تتقاطع الرواية المصرية مع الرواية الأفريقية في الأسئلة الكبرى، كما لم تتقاطع روايات في دول أفريقية مع دول أخرى، لأن الأدب في النهاية ابن سياقه».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى