أخبار وتقارير

مدرسة الجيزويت للسينما..تعليم بديل لتأهيل صناع الأفلام

 يفكر العديد من الشباب المصري فى دراسة السينما بصورة أكاديمية، وعلى الرغم من وجود المعهد العالي للسينما، الذي تأسس سنة 1959، إلا أن الفرص التي يقدمها لا تزال محدودة. وفي العادة يخضع المتقدمين لاختبارات تأهيلية، لا تتمكن الغالبية من تخطيها، ما جعل هناك حاجة لوجود مؤسسات تعليمية جديدة، تعمل على تأهيل هؤلاء الشباب.

تقف جمعية النهضة العلمية والثقافية (جيزويت) القاهرة، في صدارة تلك المؤسسات، وأسست مدرسة متخصصة للسينما وتعليم صناعة الفيلم. وبدأت الدراسة فيها عام 2005، بفكرة قدمها المخرج كريم حنفي، إلى الأب وليم سيدهم، رئيس الجمعية، وتولى «حنفي» تأسيس المدرسة، وتعاقب على إدارتها مخرجين آخرين منهم ياسر نعيم، وهاني سامي، وتتولى إدارتها حاليًا الدكتورة مروة عبد الله السيد. وخلال العام الدراسي الجاري تدرس الدفعة الثانية عشر  بالمدرسة، ومن المقرر أن تنهي دراستها العام المقبل.

منهج خاص

بالإضافة لإدارتها المدرسة، تعمل مروة عبد الله السيد، باحثة أكاديمية، ومبرمجة أفلام، ومديرة ثقافية، درست بكلية الإعلام، وتخصصت في الدراسات السينمائية، ثم حصلت على درجة الدكتوراه، وتقوم حاليًا بالتدريس في جامعة بنى سويف جنوب مصر.

“خلال السنوات الأولى للمدرسة، والتي شملت أول ست دفعات، بقيادة المخرج كريم حنفي، لم يكن لديها منهجًا ثابتًا، لأن جوهر المدرسة أنها ورشة مفتوحة مع مدرب، أكثر منها مدرسة أكاديمية تعتمد على منهج ثابت مكتوب”.

مروة عبد الله السيد
باحثة أكاديمية، ومبرمجة أفلام، ومديرة ثقافية

تشير «مروة» إلى أن أهم مميزات مدرسة الجزويت للسينما، استهدافها فئة من الشباب من الطبقة المتوسطة والمنخفضة، وتوفر لهم منحًا تعليمية مجانية أو شبه مجانية، على عكس أغلب المؤسسات المعنية بمجال السينما، إذ تركز أغلبها على نظام الورش التخصصية مدفوعة الأجر.

تعمل المدرسة على المفهوم الواسع لصناعة الأفلام، بحيث يتمكن الملتحقين بها من الإلمام بجميع تخصصات ومراحل صناعة الفيلم، دون التخصص فى مجال واحد. وقالت «مروة» إنه خلال السنوات الأولى للمدرسة، والتي شملت أول ست دفعات، بقيادة المخرج كريم حنفي، لم يكن لديها منهجًا ثابتًا، لأن جوهر المدرسة أنها ورشة مفتوحة مع مدرب، أكثر منها مدرسة أكاديمية تعتمد على منهج ثابت مكتوب.

المايسترو هشام جبر في محاضرة حول موسيقى الأفلام ضمن البرنامج الدراسي. (الصورة: مدرسة الجيزويت).
المايسترو هشام جبر في محاضرة حول موسيقى الأفلام ضمن البرنامج الدراسي. (الصورة: مدرسة الجيزويت).

هدف اجتماعي

بعد عشر سنوات من التأسيس، أجرت اللجنة الاستشارية المعاونة لإدارة المدرسة إعادة تقييم لمناهجها، وانتهت إلى إجراء بعض التغييرات، لإعادة بناء المحتوى الدراسي، بناء على دراسة أعدتها الناقدة السينمائية، ناهد نصر، بتكليف من اللجنة.

اعتمدت «ناهد» تحليل أرشيف المدرسة من الوثائق، ومطالعة الأبحاث والتقييمات التي صدرت عنها، والاطلاع على الأرشيف الفيلمي المتاح، وإجراء اللقاءات مع الخريجين، ومجموعة المدراء، ومجموعة إدارة الجمعية، ومجموعة الفاعلين من خارجها، سواء كانوا  من صناع الأفلام أو الأكاديميين. وانتهت اللجنة الاستشارية  إلى إعادة صياغة محتوى البرنامج التعليمي، ليقارب نظام الساعات المعتمدة المعمول به في بعض الجامعات.

تقول مروة عبد الله لـ«الفنار»: «بدأنا منذ سنوات العمل على برنامج مدته 350 ساعة دراسية تقريبًا، ويشمل حوالي 35 مقررًا دراسيًا، موزعة على 18 شهرًا، تضم دراسات حول تاريخ الفن، ونظريات صناعة الفيلم، وبقية العمليات الفنية، إلى جانب دراسات التلقي والموسيقى، والفن التشكيلي والنقد، والدراسات الأنثروبولوجية، والكثير من الدراسات البينية، مع الأدب ونظريات الدراما».

«توجهاتنا مختلفة، وهدفنا ليس تخريج أهل حرفة، وإنما توسيع آفاق الدراسة، وبالتالي تم التركيز في محتوى المناهج على الفنون المساعدة والداعمة لعمل صناع الأفلام».

إيمان عز الدين
عضو اللجنة الاستشارية للمدرسة

 وحول الفارق بين ما يدرس في المعهد العالي للسينما ومدرسة الجزويت، قالت مديرة المدرسة: «نعمل أكثر على مفهوم صانع الأفلام، ويشارك الدارس معنا في كافة العمليات الفنية لصناعة فيلم، يكون مشروع التخرج للدفعة كلها، بينما يقدم معهد السينما للطالب دراسة تخصصية لفرع واحد».

من جانبها، قالت الدكتورة إيمان عز الدين، عضو اللجنة الاستشارية  للمدرسة: «توجهاتنا مختلفة، وهدفنا ليس تخريج أهل حرفة، وإنما توسيع آفاق الدراسة، وبالتالي تم التركيز في محتوى المناهج على الفنون المساعدة والداعمة لعمل صناع الأفلام».

 تؤكد «عز الدين» أن العمل داخل المدرسة له توجهات اجتماعية وتنموية واضحة، تربط التعليم بخدمة المجتمع وتناول قضاياه، وقالت: «لذلك نحفز الدارسين على الوعي بدور الفن ولكن دون نزعة إرشادية».

إقبال كبير

على الرغم من أن تكلفة طالب واحد خلال مدة الدراسة، تزيد عن 90 ألف جنيه مصري ( حوالي 6000 دولار أمريكي)، إلا أن ما يدفعه الطالب فعليًا في مدرسة الجيزويت بحدود 5000 جنيه مصري(330 دولارًا أمريكيًا)، وتقوم جمعية النهضة الثقافية بتغطية بقية التكاليف، وبسبب انخفاض تكلفة الدراسة، ومرونة العملية التعليمية، فإن الإقبال على مدرسة الجيزويت للسينما يكون كبيرًا، وهو ما دفع إداراتها لوضع معايير ملزمة للقبول.

من أحد مشروعات التخرج. (الصورة: مدرسة الجيزويت).
من أحد مشروعات التخرج. (الصورة: مدرسة الجيزويت).

تقول مروة عبد الله: «نتلقى سنويًا ما بين 400 : 600 طلب التحاق، وهذه نسبة كبيرة تفوق قدرة المدرسة على الاستيعاب، وتتجاوز التمويل المتاح لها بكثير لذلك نتريث في قبول الطلبات».

تقوم إدارة المدرسة بعدة خطوات لاختيار المتقدمين، تبدأ بفرز الطلبات، ثم إجراء اختبارات تحريرية  لقياس مهارات التفكير الإبداعي، والعلاقة مع الثقافة السينمائية، يصحح الاختبار اثنين من المدرسين لضمان الشفافية، وتختار لجنة القبول 50 طالبًا، ممن حصلوا على أعلى درجات، ثم تبدأ مرحلة الورشة لمدة أسبوع، للتصفية النهائية، حيث تجرى للمتقدمين اختبارات نظرية وعملية وفردية وجماعية، ثم يصل من يتم اختياره لمرحلة المقابلة الشخصية، وبسبب جائحة كوفيد-19 بلغ عدد طلاب الدفعة الثانية عشر 25 طالبًا فقط.

والتقديم متاح للشباب الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا، سواء من المصريين أو العرب المقيمين داخل  مصر، والحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، ومن لم يسبق لهم دراسة السينما بشكل نظامي في أى من الجامعات أو المعاهد الأكاديمية المعتمدة.

“التجربة تطمح في تقديم بديل جاد للتعليم الرسمي، وفي نفس الوقت يتسم بالمرونة. “

المايسترو هشام جبر

طاقة إيجابية

 يقوم بالتدريس فريق من أصحاب الخبرات في مجالات مختلفة، إذ يدرس المايسترو هشام جبر، القائد بأوركسترا القاهرة السيمفوني، مادة موسيقى الأفلام، وتتولى الدكتورة إيمان عز الدين، رئيس قسم الدراما  بجامعة عين شمس، تدريس الدراما والنقد، ومحمد سمير، مادة الإنتاج، والدكتور ياسر منجي، الفن التشكيلي، والناقد عصام زكريا، تحليل الأفلام، ويقدم فصلًا دراسيًا حول تاريخ السينما العربية.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

يصف المايسترو هشام جبر، خبرته بالتدريس داخل المدرسة بـ«الثرية»، ويؤكد أن التجربة تطمح في تقديم بديل جاد للتعليم الرسمي، وفي نفس الوقت يتسم بالمرونة. ويرى «جبر» أن التفاعل داخل فصول الدراسة «إيجابي للغاية».

وبالإضافة إلى تحفيز خريجيها للمشاركة في مهرجانات دولية، توفر المدرسة شبكة من الشراكات المحلية والدولية، منها التعاون بين مدرسة سينما الجيزويت بالقاهرة، وورش دهشور التي تنظمها شركة أفلام مصر العالمية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى