أخبار وتقارير

تدريس الأمازيغية تحت الضوء مجدداً في المغرب

مازال تدريس اللغة الأمازيغية يواجه تحديات كثيرة رغم مرور أكثر من 18 عاماً على إدماجها في نظام التعليم المغربي. وتعد  قلة البرامج الدراسية المتاحة بهذه اللغة من أبرز هذه التحديات.

إذ شهدت برامج الدراسات الأمازيغية في الجامعات انخفاضاً في أعداد الطلاب الملتحقين بها خاصة مع قلة فرص توظيف الخريجين. لكن بعض التطورات السياسية الأخيرة تشير إلى إمكانية تغيير ذلك.

قال لحسن أمقران، أستاذ في برنامج الدراسات الأمازيغية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، «بدأت الدراسات الأمازيغية حديثاً مقارنة بشعب أخرى، لكن التجربة اليوم تتجاوز 14 سنة وبالتالي يجب التفكير في تمكين الطالب المغربي من هذا التخصص في جامعات جديدة».

وأكد أمقران على أهمية «توسيع العرض الجامعي في الدراسات الأمازيغية ليشمل المؤسسات الجامعية الأخرى التي لم تفتح بها بعد برامج للأمازيغية». (اقرأ اللغة الأمازيغية: اعتراف رسمي وتهميش علني).

دسترة الأمازيغية

بدأ المغرب الاهتمام رسمياً باللغة الأمازيغية منذ سنة 2003 بعد إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهو مؤسسة ملكية مهمتها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها. وتم اعتماد حرف تيفيناغ للكتابة بها وأُدمجت اللغة في البرامج التعليمية للمرحلة الابتدائية.

«بدأت الدراسات الأمازيغية حديثاً مقارنة بشعب أخرى، لكن التجربة اليوم تتجاوز 14 سنة وبالتالي وجب التفكير في تمكين الطالب المغربي من هذا التخصص في جامعات جديدة».

لحسن أمقران
أستاذ في برنامج الدراسات الأمازيغية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

في عام 2011، توجت هذه الجهود بالاعتراف القانوني بالأمازيغية في دستور المملكة المغربية، والذي نص على كونها لغة رسمية للدولة الى جانب العربية، كما ورد في  الفصل الخامس من الدستور: «تعد الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة بدون استثناء».

مع ذلك، لم يبدأ تدريس الأمازيغية في الجامعات المغربية إلا في عام 2007، وبدأ تحديداً من جامعة ابن زهر بأغادير جنوب المغرب. اليوم، تُدرس الامازيغية في أربع جامعات مغربية  فقط من أصل 13 جامعة حكومية، هي: جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وجامعة سيدي محمد عبد الله بفاس وجامعة محمد الأول بوجدة بالإضافة إلى جامعة ابن زهر.

يدعوا ناشطون أمازيغ إلى ضرورة تعميم تدريسها على كل المؤسسات الجامعية لتمكين كل الطلاب المغاربة من دراسة هذا البرنامج اللغوي أسوة باللغات الأخرى التي تدرس في الجامعات.

لكن أمقران يعتقد أن تحقيق ذلك رهن «بتوفر إرادة سياسية أولاً، وهي الكفيلة بتذليل كل الصعوبات، لأنه ليس مجرد تدريس لغة فحسب، فالبعد الحضاري والهوية وبالتالي الرمزي حاضر بقوة».

تحديات سوق العمل

يعتقد رشيد أكركاض، وهو طالب يحمل الماجستير في الدراسات الأمازيغية من  كلية الآداب جامعة ابن زهر بأغادير وناشط أمازيغي، أن «غالبية الطلاب الملتحقين  بالدراسات الأمازيغية في الجامعة هم من النشطاء والفاعلين الذين يحملون وعياً نضالياً ويسعون من أجل تمكين الأمازيغيين من حقوقهم كاملة»، وأوضح أنهم «يقومون بمجهودات ذاتية كبيرة رغم كل الصعوبات، ويدرسون بشغف لغتهم الأم، مع وجود عدد قليل من الطلاب الغير أمازيغين الذين يدرسون هذه اللغة أيضاً».

«غالبية الطلاب الملتحقين بالدراسات الأمازيغية في الجامعة هم من النشطاء والفاعلين الذين يحملون وعياً نضالياً ويسعون من أجل تمكين الأمازيغيين من حقوقهم كاملة».

رشيد أكركاض
طالب وناشط أمازيغي

وأشار أكركاض الى أن الجيل الثاني من الأساتذة الذين يدرسون الأمازيغية بالجامعة اليوم هم من خريجي البرنامج نفسه، ويسعون الى تطوير مناهج التدريس خصوصا بحرف تيفيناغ بعد مرحلة التأسيس التي قادها الجيل الأول من الأساتذة الأمازيغ في الجامعات المغربية.

لكن تبقى العقبة الرئيسية أمام الطلاب هي العثور على فرصة عمل بعد التخرج. إذا لا يوجد أمام الخريجين سوى العمل كمدرسين بنظام التعاقد في انتظار تطبيق القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي تمت المصادقة عليها سنة 2019 ، والذي من شأنه أن يفتح آفاقاً أوسع للعمل أمامهم.

وعود انتخابية وانتكاسات

سجلت السنوات الأخيرة تراجعاً في أعداد الطلاب الملتحقين بدراسة الأمازيغية في جامعة ابن زهر بأغادير، وهي أول جامعة  درست الأمازيغية بدفعة ضمت 178 طالباً وطالبة سنة 2007، وارتفع العدد إلى أكثر من 1000 طالب وطالبة سنة 2015. لكن الأعداد بدأت في الانخفاض تدريجياً لتصل إلى 238 طالب وطالبة فقط العام الماضي، بحسب ما يقول الحسين بويعقوبي، أستاذ جامعي للأمازيغية بكلية الآداب بأغادير.

قال «يرتبط التراجع في أعداد الطلاب بشكل وثيق بغموض تاريخ تطبيق قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية خارج الجامعة وإدماجها في الحياة العامة».

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن مشكلة ضعف مستوى بعض الطلاب في اللغة الفرنسية أيضاً لا يشجع الكثيرين على الاستمرار، لأن الفرنسية تستخدم غالباً في تدريس الأمازيغية بالجامعة.

«يرتبط التراجع في أعداد الطلاب بشكل وثيق بغموض تاريخ تطبيق قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية خارج الجامعة وإدماجها في الحياة العامة».

الحسين بويعقوبي
أستاذ جامعي للأمازيغية بكلية الآداب بأغادير

موضحاً أن البعض يعتقد أن دراسة اللغة الأمازيغية سهلة لكونها لغتهم الأم، لكنها «في الواقع تخصص لغوي مثل جميع اللغات تتطلب مجهوداً، مما يسبب الإحباط لبعض الطلاب ويدفعهم للتخلي عن الدراسة».

مع ذلك، يبدي بعض الناشطين الأمازيغ أملاً بتحسن وضع تدريس اللغة الأمازيغية بعد وعود انتخابية قدمها سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربي خلال حملة انتخابية لحزبه قبل أسبوعين.

إذ أعلن عن برنامج لتدريس الأمازيغية، ووعد بفتح برامج للأمازيغية في الجامعات على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، إلى جانب تطوير المنهاج الدراسي الحالي لتدريس الأمازيغية في  المدارس.

قال الوزير في تصريحات صحفية «يجب أن يكون حامل الثانوية العامة متمكناً من الأمازيغية على غرار اللغة العربية، لمنحها المكانة التي تستحقها».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

ووعد أمزازي في ندوة صحفية لحزبه قبل الانتخابات البرلمانية والمحلية، التي شهدتها المملكة مطلع شهر أيلول/ سبتمبر، بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية عبر توظيف الآلاف من الأساتذة. وأكد أنه خلال السنة الماضية تم توظيف 200 أستاذ، ومع بداية هذا العام الدراسي سيتم توظيف 400 آخرين، وبعدها ألف أستاذ، ليتم توظيف خمسة آلاف مع عام  2030 .

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى