أخبار وتقارير

مصر..زلزال فيلم «ريش» يغطي على هزة أرضية بقوة 6 ريختر

لم يتوقع المخرج السينمائي المصري الشاب، عمر الزهيري، أن يثير أول عرض عام لفيلمه «ريش»، ضمن مهرجان الجونة السينمائي، حالة من الجدل والانقسام في أوساط السينمائيين والسياسيين، وصلت إلى حد اتهامه بـ «الإساءة لسمعة مصر».

غطت ردود الفعل على الفيلم، الزلزال الذي تعرضت له مصر، صباح الثلاثاء، شرق البحر المتوسط، وتجاوزت قوته ست درجات، على مقياس ريختر.

وشن بعض الفنانين المصريين هجومًا حادًا على الفيلم، وانسحب الممثل شريف منير، من العرض العام، أول أمس، واتهم الفيلم في أكثر من مقابلة تلفزيونية بـ«الإساءة لسمعة مصر».

وصدر بيان عن مهرجان الجونة، الذي بدأت فعالياته 14 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للرد على الاتهامات والانتقادات الموجهة للفيلم، وأكد المهرجان أن «اختيار الفيلم للعرض جاء متسقًا مع معايير اختيار الأفلام، التي يضعها فريق عمل المهرجان».

وذكر البيان: «اختيار الفيلم للعرض جزء من الاهتمام بالشأن المصري، في المجالين الفني والثقافي عالميًا، خصوصًا وأنه على مدار 125 سنة من تاريخ السينما المصرية، لم يحصل فيلم مصري على جائزة بهذه الأهمية».

كان فيلم «ريش» حصل على الجائزة الكبرى، في مسابقة أسبوع النقاد، بمهرجان كان السينمائي الدولي، العام الجاري. ويتناول قصة عائلة فقيرة، مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال، وعند احتفال العائلة بعيد ميلاد أحد الأطفال، يُحضر الأب ساحرًا لتقديم فقرات مسلية الأطفال، لكن عندما يستعين الساحر بالأب في تأدية فقرة يدخله إلى صندوق سحري ثم يتحول إلى دجاجة ويختفي الأب.

«اختيار الفيلم للعرض جزء من الاهتمام بالشأن المصري، في المجالين الفني والثقافي عالميًا، خصوصًا وأنه على مدار 125 سنة من تاريخ السينما المصرية، لم يحصل فيلم مصري على جائزة بهذه الأهمية»

بيان عن مهرجان الجونة  

ويشكل هذا الحدث الفانتازي نقطة انطلاق للفيلم، حيث تعاني الأسرة من تردي أوضاعها عقب غياب الأم، حيث تفشل الأم في الحصول على عمل، أو معرفة مصير الأب، وتبدأ بيع منقولات شقة الزوجية للوفاء باحتياجات العائلة، إلى أن تدفع بابنها الأكبر للعمل في المصنع  بديلًا لوالده،  لسداد ديونهم وبعد أن تبدأ الأسرة في تجاوز بعض أزماتها، يظهر الأب مجددًا لكن وهو في حالة أقرب إلى العجز، مما يضاعف من أعباء العائلة.

تصعيد ورد

تصاعدت ردود الأفعال حول الفيلم، إلى درجة إصدار عضو مجلس النواب المصري، أحمد مهني، بيانًا أكد فيهأنه سيتقدم بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب، موجهًا إلى رئيس الوزراء، ووزيرة الثقافة، بشأن عرض «الفيلم المسئ لمصر». كما تقدم محامً مصري، يدعى سمير صبري، ببلاغ للنائب العام، محامي ببلاغ للنائب العام، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد مخرج وسيناريست ومنتج الفيلم، وذلك «لإساءته للدولة المصرية والمصريين».

من جانبه، أبدى عمر الزهيري، مخرج الفيلم، استغرابه من الاتهام مؤكدًا أن اللجنة التي منحته الجائزة في «كان»، أشادت بقدرته على تجاوز ما هو شائع في موضوعات السينما المصرية.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ«الفنار» أن فيلمه «لا يمكن اتهامه بالإساءة لسمعة مصر، لأنه فيلم أبعد ما يكون عن السياسة». وقال: «فوز الفيلم بجوائز دولية يعزز حضور الفن المصري في الخارج، ومصر أكبر من ذلك».

ولفت إلى أن لجنة تحكيم «كان»، نوهت إلى «أن الطابع الفانتازي للفيلم، يساعد المشاهدين في العالم على التواصل مع الجماليات، التي يطرحها من قلب الواقع بالغ القسوة». وأوضح «الزهيري» أن فريق عمل الفيلم حظي بتكريم من وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة إيناس عبد الدايم.

«كنت أنتظر الحكم على الفيلم بشكل صادق وعادل، كعمل فني، بدلًا من استعمال لغة التخوين، لأن ما أقدمه سرد سينمائي، وليس ضمن مهامي الترويج للموضوعات»

عمر الزهيري
مخرج الفيلم

ودافعت إدارة مهرجان الجونة عن اختيار الفيلم في بيانها: «تم عرض الفيلم بناءً على ما حققه من نجاحات، في بعض المحافل الدولية، سواء حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي، في أكبر المهرجانات العالمية مهرجان (كان)، وهو أول فيلم مصري يحصل على مثل تلك الجائزة المرموقة».

وفي ذروة الجدل حول محتواه، حصل الفيلم أمس على الجائزة الكبرى لمهرجان «بينجياو»، في الصين، كما تم اختياره للعرض في «أيام قرطاج السينمائية»،  في دورتها المقبلة.

وأضاف المهرجان في بيانه: «وفقًا لآراء العديد من النقاد المصريين والعالميين، فإن الفيلم تدور أحداثه في زمن ومكان غير محددين، وبالتالي لا يمكن تحميل الفيلم أكثر مما جاء به».

وشدد مهرجان الجونة في بيانه أنه «لم ولن يعرض أي فيلم دون الحصول على التصاريح الرسمية، تأكيدًا لأنه لا يحمل أي إساءة أو ضغينة في أي من عروضه المختلفة، سواء داخل أو خارج المسابقة الرسمية».

ورحب مخرج «ريش» بالبيان، وقال: «أغلب الكتابات النقدية حول الفيلم كانت إيجابية»، ووصف الحملة ضد الفيلم بأنها «غير مفهومة»، وأضاف: «كنت أنتظر الحكم على الفيلم بشكل صادق وعادل، كعمل فني، بدلًا من استعمال لغة التخوين، لأن ما أقدمه سرد سينمائي، وليس ضمن مهامي الترويج  للموضوعات».

وقال عمر الزهيري، مخرج الفيلم: «خلال الإعداد للفيلم حصلنا على كافة الموافقات الرسمية لتصويره».

تضامن وتوقعات

المخرجة هالة جلال، قالت لـ«الفنار»: «الاتهامات الموجهة للفيلم مخجلة، ولا يمكن أن تصدر عن فنانين يعملون بالسينما»، وأضافت : «كان أجدر بهؤلاء الاحتفاء بالمخرج، الذي تمكن من اقتناص جوائز من أهم مهرجان بالعالم، على الرغم من الصعوبات التي تعاني منها الصناعة»، واعتبرت أن الهجوم على الفيلم «يعزز فرص الإقبال الجماهيري عليه، لكن في نفس الوقت يهين صناعة السينماـ، وقد يثير فزع الرقابةـ، ويدفعها لتعطيل أو تأجيل عرضه».

«الاتهامات الموجهة للفيلم مخجلة، ولا يمكن أن تصدر عن فنانين يعملون بالسينما»

هالة جلال
مخرجة

ويخشى سينمائيون مصريون، أن يؤدي الجدل الدائر إلى تعطيل فرص عرض الفيلم تجاريًا، داخل دور العرض السينمائي، إذ من المقرر عرضه أول ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وقال الناقد هاني مصطفى: «إن اتهام الفيلم بالإساءة تهمة سخيفة ومتكررة، بامتداد تاريخ السينما المصرية»، ووصف الفيلم بأنه «تجربة مغايرة للسائد، فهو لا ينتمي للسينما الواقعية، وطابعه فانتازي، وينبغي ألا يفهم كانعكاس لواقع معين»،  وأضاف: «الهجوم على الفيلم مزايدة، قد تؤدي لتعطيل عرضه تجاريًا».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

واتفق المنتج السينمائي، محمد العدل، مع سيناريو تعطل فرص عرض فيلم «ريش» جماهيريًا. وقال: «يحق لأي شخص الاختلاف مع موضوع الفيلم، لكن دون أن يزايد على وطنية صناعه». وأضاف: «حصول الفيلم على حق العرض الجماهيري في صالح أجهزة الدولة، وشهادة لها، بينما الاستجابة  لدوافع المنع يحمل رسالة سلبية».

وردًا على سؤال حول موقف الرقابة على المصنفات الفنية، من عرض الفيلم تجاريًا، قال الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس الرقابة: «دعنا ننتظر».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى