أخبار وتقارير

التشكيلية العراقية عفيفة لعيبي تحقق حلمها في «محطات» القاهرة

تحت عنوان «محطات»، جاء معرض التشكيلية العراقية عفيفة لعيبي (68 عامًا)، ليحقق حلمها الذي رافقها طيلة حياتها، بعرض لوحاتها الفنية في مصر.

ووسط حضور لافت لمثقفين ونقاد، افتتح المعرض، الذي يستمر حتى نهاية الشهر، يوم الأحد 7 نوفمبر/تشرين الثاني، بقاعة بيكاسو في ضاحية الزمالك، متضمنًا 30 لوحة اختارتها «لعيبي» لتلخص، من خلالها، مسيرتها الفنية الطويلة والمتنوعة.

من العاصمة العراقية بغداد بدأت «لعيبي»، المولودة عام 1953 بمدينة البصرة، رحلتها مع الفن، حيث درست بمعهد الفنون الجميلة في بغداد، ثم انتقلت إلى العاصمة الروسية موسكو لدراسة الفن الجداري. وبعد عشر سنوات قضتها في روسيا، حطت رحالها في إيطاليا لمواصلة الدراسة، ثم عملت في الصحافة اليمنية، قبل أن تستقر فيما بعد في هولندا.

شاركت في معارض فنية حول العالم، واقتنت الأمم المتحدة إحدى لوحاتها، وتم تخصيص اللوحة كجائزة سنوية بين المنظمات النسوية الهولندية. وتعرض أعمال «عفيفة» باستمرار في جاليري (دي تي بون) في لاهاي، ولها مساهمات دورية في معارض وقاعات أخرى بهولندا حيث تقيم.

وتنتمي عفيفة لعيبي لجيل السبعينيات في الفن العراقي، وهي ابنة عائلة فنية معروفة، وشقيقها هو الفنان والرسام العراقي فيصل لعيبي، الذي ترك أثرًا في تجاربها الأولى.

في مقابلة مع «الفنار»، تقول «لعيبي»: «منذ بداياتي، ظل حلمي هو عرض أعمالي بالقاهرة، وأخيرًا تحقق الحلم وأتيحت لي هذه الفرصة». وتضيف: «المعرض يمثل أنشودة فرح كبيرة؛ فقد تواكب مع أولى زياراتي لمصر. تأثرت جدًا بحفاوة الناس، واهتمام الفنانين بعملي وحرصهم على الحضور».

«هذا التأثیر الروسي على عفیفة، هو تأثیر طارئ ترك أثره، لكنه لم یلتھم مخیلتھا، والأكثر تأثيرًا في مسيرتها جاء من رحلتها إلى إيطاليا، بعد مغادرتھا موسكو. نلمس تأثير المدرسة الإيطالية الحديثة عند لعيبي، وخصوصًا في أعمال الطبیعة الصامتة».

باسم توفيق
الناقد المصري المقيم في باريس

لوحات المعرض، التي اتسمت بلمحة درامية، بدت وكأنها سرديات متتابعة، تصور المرأة في حالات كثيرة، مع تأكيدٍ واضح على حركة الأطراف فيها. وقد طغت على تقنيات تنفيذ اللوحات لمسة جدارية واضحة، مما يعكس تأثر «لعيبي» بالفن الروسي، فضلًا عن تأكيد حضور الكتلة والخطوط والتلاعب بمصدر الضوء.

محطات عفيفة لعيبي

على يمين الزائر، عند مدخل قاعة العرض، توجد جدارية تبرز محطات من رحلة عفيفة لعيبي. ويقول الناقد المصري المقيم في باريس، باسم توفيق إن «التنوع الفكري والثقافي لدى لعیبي ھو أحد معضلات تصنيف إبداعھا، لأننا لن نستطیع قطعًا نسبھا لمدرسة بعینھا أو تیار بعینه». ويضيف في النص الذي وزعته قاعة العرض على الزائرين: «من حیث المقاییس الجسدیة في أعمال لعیبي، فإن مقاییسھا سوفیتیة باقتدار، والتي يمیزھا رسوخ البنیان على طراز النصب والتماثيل التي تمجد ھذه الحقبة، والتي یبدو فیھا الجسد بین القوة والامتلاء، كما تصبح الذراعین في بعض الأحیان ممتلئة أكثر من المقاییس الأوروبیة».

غير أن «توفيق» يؤكد أن «هذا التأثیر الروسي على عفیفة، هو تأثیر طارئ ترك أثره، لكنه لم یلتھم مخیلتھا، والأكثر تأثيرًا في مسيرتها جاء من رحلتها إلى إيطاليا، بعد مغادرتھا موسكو. نلمس تأثير المدرسة الإيطالية الحديثة عند لعيبي، وخصوصًا في أعمال الطبیعة الصامتة».

بدورها، تقر «لعيبي» أن «كل محطات حياتها تركت تأثيرًا على إنتاجها الإبداعي». وتقول: «لا أضع أعمالي في خانة معينة. وأعمل على الموضوعات التي تهمني بشكل شخصي، وأحاول التعبير عنها بأسلوبي الخاص». وحول مدى تأثرها بأسلوب الفن الجداري، تجيب «لعيبي»:”هذا التأثير جاء نتيجة سنوات التعلم، حيث درست الفن الجداري وتأثرت به، من حيث العمل على الأحجام الكبيرة والشعور برسوخ الكتلة. وفي معرض القاهرة، عملت على أعمال بأحجام صغيرة ومتوسطة نسبيًا؛ لضمان سهولة الشحن والنقل».

ويرى رئيس قسم النقد بكلية التربية الفنية بالقاهرة، عماد أبو زيد، أن لوحات عفيفة لعيبي «فيها سمة تبسيطية تأخذ تجربتها إلى أفق سريالي، يكسر صرامة البناء التقليدي». كما يلفت «أبو زيد» إلى «وجود لمسة أنثوية تطغى على اللوحات كافة، تؤكدها الفنانة بإلاصرار على تأكيد حضور الأطراف والأصابع الناعمة، في غالبية اللوحات، إلى درجة اعتبارها علامة رئيسية مع الأعين المغلقة».

«وجود لمسة أنثوية تطغى على اللوحات كافة، تؤكدها الفنانة بإلاصرار على تأكيد حضور الأطراف والأصابع الناعمة، في غالبية اللوحات، إلى درجة اعتبارها علامة رئيسية مع الأعين المغلقة».

عماد أبو زيد
رئيس قسم النقد بكلية التربية الفنية بالقاهرة

أما المعيدة بقسم التصوير الجداري، في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، يارا حاتم، فتعتقد أن «لوحات لعيبي تعتني بالوقفات الخاصة بالعنصر البشرى داخل اللوحة بشكل عام، وبحركات الأطراف بشكل خاص، تأثرًا بفن الأيقونات، وذلك بطرح أوضاع أقرب للتعبير عن تماثل مع حضور السيدة مريم العذراء والسيد المسيح، ومن الممكن أن يكون هدف الفنانة تأكيد البعد الدرامي».

من جهة أخرى، هناك تأكيد في لوحات عفيفة على عناصر التصميم، حيث لجأت الفنانة إلى التعامل مع الخلفيات بطريقة أقرب إلى “التجريد والتسطيح”، كما قامت بتصوير بعض من عناصر الطبيعة الصامتة، واستخدام نظريات “التضاؤل اللوني” فى التعبير عن العناصر الثانوية والخلفيات.

ويوضح أبو زيد أن لوحات “ستايل لايف” أو “الطبيعة الصامتة، مرسومة من منظور عين الطائر، وهو غير تقليدي في هذا النوع من الأعمال، لإبراز حرفية الفنانة، ومهاراتها العالية في التكنيك والتنفيذ بإبراز العناصر الزخرفية وجماليات التصميم”. وتقول حاتم: “في لوحات عفيفة لعيبي، يدخل الضوء بهدوء إلى داخل إطار اللوحات، وكأن مصدره يمر من خلال سحب تقلل من حدته، بل تلجأ لاستخدام ضوء القمر فى لوحات أخرى”.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

عن المساحة اللونية أيضًا، يقول باسم توفيق إن عفيفة لعيبي «تستخدم الأخضر بدرجاته، بجانب الأصفر بدرجاته، وتقترب أحیانًا، بتقنیتھا اللونیة، من المدرسة الوحشیة لكن بكثافة أكبر». ويفسر «أبوزيد» هذه الطاقة اللونية بأنها «تضفي بهجة على الأعمال، وتقاوم الأجواء الموحشة التي تهيمن على طبيعة الموضوعات».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى