أخبار وتقارير

المخرج عز العرب العلوي..حلقة وصل بين الأكاديميين وصناع الأفلام المغاربة

بعد رحلة طويلة مع العمل السينمائي، برز اسم المخرج والسيناريست المغربي عز العرب العلوي، كواحد من السينمائيين العرب القلائل الذين جمعوا بين الدراسة والممارسة، على امتداد مسارهم المهني.

بدأت رحلة «العلوي» مع السينما، منذ دراسته بالمرحلة الثانوية، عندما أنتج أول فيلم قصير له بعنوان: «أنقذوني»، عام 1985، رفقة زملائه في الفصل.

بعد سنوات من ذلك التاريخ، توج مساره العلمي بنيل الدكتوراه في «الخطاب البصري السينمائي» بالمغرب عام 2000، كما حاز شهادة في الإخراج السينمائي من كندا. أما اليوم، فيشارك خبراته مع الأجيال الشابة، من خلال عمله كأستاذ جامعي لدى عدد من الجامعات والمعاهد المغربية.

أخرج «العلوي» الكثير من الأفلام الروائية والوثائقية؛ بداية من فيلمه القصير «بيدوزا» سنة 2004، وحتى آخر فيلم طويل له بعنوان «كيليكيس دوار البوم» (2018)، الذي حاز جوائز عدة عربية ودولية، بينها جائزة أحسن مخرج من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في دورته الحادية عشرة، وفيلم «اندرومان من دم وفحم»(2012)، والذي حصد 23 جائزة.

كما حصدت أربعة أفلام وثائقية له، من إنتاج «الجزيرة الوثائقية» أربع جوائز بلاتينيوم، للعام الجاري، والتي خصصتها القناة لأفضل أفلامها التي حققت نسب مشاهدة عالية، وهي «المهدي المنجرة المنذر بآلام العالم»، و«الغزو الجديد»، و«نساء السجاد»، و«ماوكلي في جبال الأطلس».

في مقابلة مع عز العرب العلوي، الذي يترأس مركز سجلماسة (مدينة تقع أقصى جنوب المغرب) للدراسات والأبحاث السمعية والبصرية، يكشف لـ«الفنار» بعض مشروعاته الخاصة بنشر ثقافة السينما، وتقييمه لواقع التعليم والتأليف السينمائي في الجامعات المغربية.

شراكة من أجل السينما

يتحدث «العلوي» عن الشراكة المبرمة، مؤخرًا، بين مركز سجلماسة للدراسات والأبحاث السمعية والبصرية، وجامعة محمد الخامس في الرباط، ويقول: «يأتي مشروع الشراكة بيننا، في سياق الاهتمام الذي توليه الجامعة المغربية للتكوين في مجال السمعي البصري والسينما، وفق نظرية تربوية وأكاديمية تعتمد على المزاوجة بين التحصيل المعرفي العلمي، والتدريس التقني والتوظيف التطبيقي لكل ذلك، من خلال خلق تعاون مع مراكز الدراسات، لأجل تنمية البحث العلمي والأكاديمي في هذا المجال».

«إدماج الفنون السمعية البصرية والسينما بالمدارس العمومية المغربية، وبالتعليم العالي خاصة، سواء بالكليات المغربية أو المعاهد العليا، لا يزال في المهد»

عز العرب العلوي  
المخرج والسيناريست المغربي

وتهدف الشراكة أيضًا إلى «إيجاد مكتبات مختصة، شاملة للبحوث والدراسات حول السينما في المغرب، وتشجيع عملية الترجمة للعربية، والإسهام في تنشيط الحركة الثقافية والفكرية محليًا ووطنيًا، والرفع من مستوى المهرجانات الوطنية»، بحسب المخرج المغربي.

https://www.bue.edu.eg/

وحول تقييمه لمستوى تدريس الفنون السمعية البصرية، في المدرسة العمومية المغربية، وفي التعليم العالي بشكل خاص، يقول «العلوي»: «إدماج الفنون السمعية البصرية والسينما بالمدارس العمومية المغربية، وبالتعليم العالي خاصة، سواء بالكليات المغربية أو المعاهد العليا، لا يزال في المهد؛ فهو حديث نسبيًا، ولا زال يبحث عن مكانة له داخل الجامعة المغربية، كتخصص أكاديمي يزاوج بين البحث العلمي النظري والدراسات التقنية».

ويضيف لـ «الفنار»: «لذلك، علينا بذل المزيد من الجهد والدعم سواء من طرف وزارة التعليم العالي، أو من طرف الأساتذة وذوي الخبرة في المجال السمعي البصري، لخلق تكوين أكاديمي متكامل مستقل، أو حتى كلية متكاملة؛ تجمع بين عدة اهتمامات تخص حقول السينما، بما في ذلك الأدب والفلسفة وعلم الاجتماع، مما يسمح للطلبة بتكوين مدارك معرفية وعلمية وتقنية، تمنحهم القدرة، بعد التخرج، على خلق سينما قريبة من مجتمعهم، وفق رؤى ومقاربات تجمع بين الإبداع والعلم والموهبة».

جيل جديد

يلمس المخرج المغربي، نتيجة احتكاكه اليومي بجيل الطلبة في الكليات والعديد من المعاهد، شغفًا كبيراً لدى الجيل المغربي الجديد بثقافة السينما، وبالفنون السمعية البصرية عموما، ويقول: «ألاحظ إقبالًا كبيرًا منهم، على دراستها كإحدى الشعب الأكاديمية المهمة، مثلها مثل باقي الدراسات الجامعية، وخاصة مع التقدم التكنولوجي الذي يواكبها سواء في مجال الصوت أو الصورة أو المونتاج».

«يأتي مشروع الشراكة بيننا، في سياق الاهتمام الذي توليه الجامعة المغربية للتكوين في مجال السمعي البصري والسينما»

عز العرب العلوي  

لكنه يؤكد «أن هذا وحده لا يكفي لتعزيز تلك العلاقة، فلابد من تنويع المعارف والمدارك والاهتمامات، فالسينمائي، وخاصة المخرج وكاتب السيناريو، يجب أن يرتديا، في نفس الوقت، معطف الأديب والفيلسوف، وعالم الاجتماع وعالم النفس والأنثروبولوجي؛ لتقديم خطاب بصري غني، وثقافة سينمائية مميزة قريبة من المجتمع».

يؤمن «العلوي» بدور تدريس تخصصات السينما في الجامعة، في تنشيط الحركة الفنية والثقافية، والدفع بالصناعة السينمائية بشكل عام في المغرب، ويقول: «تخريج جيل جديد من الطلبة، بعد تكوينهم داخل الجامعة، وفق نظرية علمية مع اقترانها بموهبة حقيقية، سيدفع بدون شك بعجلة الصناعة السينمائية المغربية، ويحرك الساحة الفنية والفكرية والثقافية. وعملية تخريج تقنيين، يجمعون بين التكوين الأكاديمي الجيد في هندسة الصوت والصورة، مع اكتسابهم، بشكل تدريجي، للتجربة والخبرة التي تخولها لهم التدريبات المكثفة في استوديوهات التصوير وما بعد الإنتاج، سيغني صناعة السينما ويعززها بفنيين وتقنيين مغاربة».

يشدد المخرج المغربي على إيلاء تدريس «السيناريو»، مكانة مهمة: «سيعطينا كُتّابًا يجمعون بين الموهبة في مجال الكتابة الدرامية، والمعرفة، ويخلق تراكمًا كميًا. ومع الوقت، سينتج، كل ذلك، أعمالًا تتميز بالجودة مما ينشط الساحة الثقافية المغربية».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

صدر له كتاب بعنوان «المقاربة النقدية للخطاب البصري بالمغرب»(2007)، وكتاب «المرشد في صناعة الفيلم الوثائقي» (2020)، ويتحدث عن تأليف الكتابين، ويقول: »هناك نقص كبير في المكتبة الأكاديمية المغربية، في مجال التأليف لصناعة الفنون السمعية والبصرية والسينما، وكذلك في مجال الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. هناك شح كبير في الكتب باللغة العربية في الخزانة الجامعية المغربية خاصة، مما دفعني للتفكير في كتابة سلسلة من الكتب التعليمية المتخصصة في هذا المجال؛ لأتقاسم تجربتي مع الطلبة المغاربة، وجمهور القراء المهتمين من الدول العربية، سواء فيما يخص المدارك المعرفية، أو استنادًا إلى الخبرة المهنية التي راكمتها خلال السنوات التي عملت فيها في مجال السينما والإخراج الوثائقي».

https://www.bue.edu.eg/
Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى