أخبار وتقارير

الغاية «إنقاذ الأرواح»..حازم فلوح جراح سوري يفوز بجائزة أوروبية عن ابتكاره الطبي

قبل عشر سنوات، واجه الطبيب السوري حازم فلوح، (48 عامًا)، خلال فترة تدريب مهني بمستشفى بريطاني، صعوبة في التشخيص المبكر لأعراض أصابت مريضة أجرت جراحة قلب مفتوح. تسبب هذا في تدهور حالتها، قبل أن يصل الدعم الطبي، في وقت لاحق، بواسطة أجهزة تصوير معقدة «لم تكن موجودة».

كان الموقف بمثابة «نقطة تحول» في مسيرة الطبيب، الذي يعمل جراحًا في كبرى المستشفيات الجامعية في بريطانيا، راهنًا، بعدما نجح في تصميم جهاز «يساعد على الاكتشاف المبكر للنزيف الداخلي، الذي يتعرض له المريض، بعد إجراء العملية الجراحية، وتحديد مدى حاجته للدخول، مرة ثانية، إلى غرفة العمليات أم الاكتفاء بالأدوية».

وحصل «فلوح» على جائزة كلية «تكنو للابتكار» التابعة للجمعية الأوروبية لجراحة القلب والصدر، للعام 2021، شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بعد منافسة مع 12 متقدمًا من أوروبا والعالم، بينهم شركات تكنولوجية رائدة في المجال الطبي. وهنأت «الرابطة الأوروبية لجراحة القلب والصدر»، الطبيب «فلوح»، لفوزه بالجائزة، معتبرة أن ما قدمه يعد «إنجازًا كبيرًا في عالم الطب».

وعن طبيعة ذلك الإنجاز، يقول «فلوح»، الذي درس الطب في جامعة حلب بسوريا، لـ«الفنار» إن الجهاز «يوضح كمية الحجم المتاح للقلب ضمن التامور (الغشاء المحيط به) حتى يسترخي، بالإضافة إلى قياس حجم الدم الذي يضخه القلب بالدقيقة، وهذا مقياس مهم، نعتمد عليه دائمًا، لمعالجة المريض بعد العمل الجراحي، إلى جانب ضغط الدم، وعدد آخر من المعايير والقيم».

«الجهاز يوضح كمية الحجم المتاح للقلب ضمن التامور (الغشاء المحيط به) حتى يسترخي، بالإضافة إلى قياس حجم الدم الذي يضخه القلب بالدقيقة، وهذا مقياس مهم، نعتمد عليه دائمًا، لمعالجة المريض بعد العمل الجراحي، إلى جانب ضغط الدم، وعدد آخر من المعايير والقيم».

حازم فلوح

ويعتمد هذا الابتكار، على التشخيص المبكر لاختلاط الدم المتخثر الناتج عن جراحة القلب المفتوح، بالغشاء المحيط بالقلب، وهو ما يعرف بـ«السطام التاموري»، وهو أحد الأعراض التي تصاحب المريض عقب إجراء تلك الجراحة. وتشير دراسات بحثية إلى أن نسبة توقف القلب بعد العمل الجراحي، «تتراوح بين 5 إلى 8% من الحالات»، تكون النسبة الأكبر منها ناتجة عن ذلك العرض المسمى بـ«سطام القلب».

ويساعد الجهاز، وهو عبارة عن بالون يتم تركيبه داخل جسم المريض، عند انتهاء العمل الجراحي، وقبل إغلاق الصدر، في مساعدة الأطباء على الاكتشاف المبكر للنزيف الداخلي الذي قد يتعرض له المريض، بعد إجراء الجراحة، ما يعزز القدرة على اتخاذ قرار سريع بما إذا كان المريض بحاجة إلى دخول غرفة العمليات مرة ثانية، أو الاكتفاء بالتدخل العلاجي، وفق «فلوح».

حصل «فلوح» على جائزة كلية «تكنو للابتكار» التابعة للجمعية الأوروبية لجراحة القلب والصدر، للعام 2021، شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بعد منافسة مع 12 متقدمًا من أوروبا والعالم (الصورة بإذن من حازم فلوح).
حصل «فلوح» على جائزة كلية «تكنو للابتكار» التابعة للجمعية الأوروبية لجراحة القلب والصدر، للعام 2021، شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بعد منافسة مع 12 متقدمًا من أوروبا والعالم (الصورة بإذن من حازم فلوح).

بعد تخرجه بعامين، وتحديدًا في العام 2000، انتقل «فلوح» من حلب إلى بريطانيا التي اجتاز فيها امتحان المعادلة البريطانية، قبل أن يبدأ تدريب الزمالة في عام 2005، كما بدأ، في ذلك الوقت، إجراء بحثه  لنيل درجة الدكتوراه التي حازها، في العام 2008، من جامعة كينجز كولدج. وقد توصل الطبيب السوري في بحث الدكتوراه إلى «تصنيع محلول دوائي لإيقاف القلب خلال العمل الجراحي، من دون أن يكون لذلك أي أثر جانبي على المريض».

ويوضح الأمر قائلًا: «السكتة القلبية المؤقتة الاختيارية (شلل القلب)، غالبًا ما تكون مطلوبة أثناء جراحة القلب. ومنذ فترة السبعينيات تم استخدام فرط بوتاسيوم الدم، من أجل توفير حماية فعالة للسكتة القلبية الناتجة عن المواد الكيميائية، وحماية عضلة القلب أثناء نقص تروية القلب الشامل، لكن هذه المادة يمكن أن تؤدي إلى آثار ضارة بسبب تحميل الصوديوم والكالسيوم على خلية القلب، الناجم عن إزالة الاستقطاب من غشاء الخلية».

«جهاز مذهل لإنقاذ الأرواح»

ويتفق جويل دانينغ، وهو جراح بريطاني يعمل استشاريًا بمستشفى جامعة جيمس كوك البريطانية، حول «أهمية الابتكار، في خفض نسب وفيات مرضى عمليات القلب المفتوح بعد إجرائهم العمليات، في ظل غياب جهاز يساعد على كشف كمية الخثرات المحتبسة داخل الغشاء المحيط بالقلب».

«هذا الابتكار سيكون جهازًا جديدًا مذهلًا يمكنه إنقاذ الأرواح، وإننا نتطلع لتقديمه إلى كل طبيب، وتدريبه على استخدامه في رعاية المرضى بعد جراحة القلب، بمجرد اعتماده للاستخدام»

جويل دانينغ
جراح بريطاني يعمل استشاريًا بمستشفى جامعة جيمس كوك البريطانية

ويضيف دانينغ، الذي طور بروتوكولًا عالميًا لإنعاش المريض بعد جراحة القلب، وهو أيضًا رئيس لجنة تطوير الإنعاش بعد جراحة القلب للجمعية الأميركية لجراحي الصدر ، لـ«الفنار»: «هذا الابتكار سيكون جهازًا جديدًا مذهلًا يمكنه إنقاذ الأرواح، وإننا نتطلع لتقديمه إلى كل طبيب، وتدريبه على استخدامه في رعاية المرضى بعد جراحة القلب، بمجرد اعتماده للاستخدام».

كما يصف الابتكار الجديد بـ«الفكرة الرائعة، والتي قد تساعد في إحداث تغيير كبير، في ظل عدم وجود أي وسيلة على الإطلاق لمراقبة الضغط داخل التامور (الغشاء المحيط بالقلب)، بما يساعد باستمرار على رصد السطام (الانسداد الناتج عن الدم المتخثر) القلبي، وهي حالة طبية طارئة تحدث عندما يمتلئ جوف التامور بالسوائل، مما يعيق حركة القلب الارتخائية محدثة حالة من الشلل في قدرة بُطين القلب».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويعتمد أطباء الرعاية، حاليًا، في رصد هذه الحالة الطبية الطارئة بعد عملية جراحة القلب، «من خلال تركيب  قسطرة في الأذين الأيمن»، وهي الطريقة التي يعتقد الطبيب البريطاني أنها غير «كافية على الإطلاق».

دعم جراحات القلب في العالم العربي

ومع ما حققه من منجز علمي، يطمح حازم فلوح، الذي يستعد لإجراء أبحاث جديدة حول سرطان الرئة والحجاب الحاجز، إلى «دعم البحث الطبي في جراحات القلب والصدر في العالم العربي، من خلال العمل على تأسيس بنية تحتية للمراكز البحثية، لتشمل دعم الباحثين بقدرات مادية تغطي تفرغهم للعمل البحثي فقط». وعن ذلك، يقول «فلوح»: «يوجد الكثير من الكفاءات العربية في مجال جراحة القلب والصدر، لكن ينبغي أن يتم دعم هؤلاء بمنح تفرغ لإجراء البحوث الطبية في مجال تخصصهم، والتي ستنعكس على التدريس».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى