أخبار وتقارير

مصر تعيد الحياة إلى «طريق الكباش» في «عيد الأوبت»

بألوان زاهية، توج المصريون، ليل الخميس، جهود عقود من العمل الدؤوب، بالإعلان الاحتفالي الكبير عن إحياء «طريق الكباش» بمدينة الأقصر (جنوب الصعيد).

هذا الطريق الذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك، يمتد على طول نحو 2.7 كلم، وعرض 76 مترًا، تتراص على جانبيه نحو 1300 تمثال، ويعود تاريخه إلى أكثر من 3500 عام مضت.

عن الحدث الأثري الكبير، تقول زينب حشيش، مدرس الآثار المصرية بجامعة بني سويف، لـ«الفنار»: «احتفالية اليوم تتويج لحلم استمر 72 عامًا منذ الكشف، لأول مرة، عن امتداد لطريق الكباش، في العام 1949. منذ ذلك الحين، توالت أعمال الكشف عن الطريق حتى اللحظة الراهنة».

أما مصطفى وزيري، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، فيقول لـ«الفنار» إن احتفالية اليوم «طقس تاريخي يقام سنويًا في طيبة (الأقصر)، منذ عهد الدولة الحديثة وما بعدها». ويضيف: «كان الموكب الاحتفالي يمر بين مجموعة من العازفين والموسيقيين ونافخي الأبواق، ومجموعة من الجنود على العربات الحربية، متجهين إلى معبد الأقصر على وقع ترانيم تمجد آمون رع، ويتم ذبح القرابين وتوزيعها على المشاركين».

«احتفالية اليوم تتويج لحلم استمر 72 عامًا منذ الكشف، لأول مرة، عن امتداد لطريق الكباش، في العام 1949. منذ ذلك الحين، توالت أعمال الكشف عن الطريق حتى اللحظة الراهنة».

زينب حشيش
مدرس الآثار المصرية بجامعة بني سويف

ويرى «وزيري» أن احتفالية اليوم «رسالة دعم وثقة في عمل الأثريين المصريين، الذين حلموا باستكمال الكشف عن طريق المواكب والاحتفالات، المعروف بطريق الكباش، للوصل من جديد بين معبدي الأقصر والكرنك».

خطة التطوير

يهدف المشروع، الذي بدأ في العام 2007، إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، لكن أعمال التنفيذ توقفت في عام 2011 قبل أن يتم استئناف العمل في العام 2017.

وبحسب أثريين، واجه المشروع صعوبات عدة، مثل وجود الطريق وسط منطقة سكنية، وانتشار المباني والأراضي الزراعية حوله، لذلك جرى إعداد خطة لإزالة تلك المباني وتعويض أصحابها، تمهيدًا لخروج المشروع إلى النور.

انخرط رجال الترميم في إجراء مسح شامل للكباش عن طريق التصوير والتوثيق لكل قطعة أثرية، ثم إزالة الأتربة وإتمام التنظيف الميكانيكي والكيميائي. وعن ذلك، يقول سعد ذكي، مدير ترميم آثار منطقة الكرنك: «استقبلنا أعدادًا كبيرة من الكباش، بالإضافة إلى أجزاء منها، سواء رأس الكبش أو القواعد، بعد العثور عليها أثناء عمليات البحث في المنطقة. كانت حالة تلك القطع سيئة، لكننا قمنا بجهد مضن للتعامل مع الترميم القديم، وتركيبها من جديد، بمواد حديثة، وإظهار الألوان الأصلية لكل قطعة أثرية».

طريق الكباش

يعرف طريق الكباش بأنه طريق مواكب الآلهة، ويعود لعصر الأسرة الثامنة عشرة من الدولة المصرية القديمة في عهد الملكة حتشبسوت للاحتفال بموسم الفيضان، فيما عرف بـ«عيد الأوبت» قبل أن يندثر الطريق تحت الأرض بمرور القرون وتعاقب الأزمنة.

ويقول فتحي ياسين، مدير آثار مصر العليا بالأقصر، إن مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الفرعونية المقدسة «كانت تستمر فترة تتراوح بين 11 إلى 27 يومًا، وتتضمن مراسم شعبية ورسمية، تتمثل في موكب مهيب ينطلق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر، بمشاركة الإله آمون والإله خونسو والإله موت».

«كان الموكب الاحتفالي يمر بين مجموعة من العازفين والموسيقيين ونافخي الأبواق، ومجموعة من الجنود على العربات الحربية، متجهين إلى معبد الأقصر على وقع ترانيم تمجد آمون رع، ويتم ذبح القرابين وتوزيعها على المشاركين».

مصطفى وزيري
 أمين عام المجلس الأعلى للآثار

ويتراص على جانبي طريق الكباش، نحو 1300 تمثال، يتوسطها رصيف حجري على امتداد الطريق الواصل بين المعبدين. وتتخذ التماثيل أشكالًا متنوعة: كبش كامل، ورأس كبش على جسم أسد، ورأس إنسان على جسم أسد.

«عيد الأوبت»

و«عيد الأوبت» احتفال مصري قديم يقام سنويًا، يعني «العيد الجميل للإبت»، وكلمة «إبت» اسم مقصورة (مكان مقدس) داخلية بمعبد الأقصر. ولهذا الاحتفال مظاهر وطقوس عدة. وخلال العصر الفرعوني كان الاحتفال بهذا العيد يتم من خلال أخذ تماثيل الآلهة عبر طريق الكباش، لتتوقف في المعابد الصغيرة التي شيدت خصيصًا في طريقها، وهذه المعابد الصغيرة، أو الأضرحة، كان يمكن أن تكون مليئة بالقرابين، المهداة للآلهة أنفسهم وللكهنة الحاضرين للطقوس كذلك.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وفي الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر، كان يتم نقل التماثيل من وإلى الكرنك، عن طريق القوارب في النهر وليس عبر طريق الكباش في البر. وضمن طقوس العيد نفسه، كان يبحر قارب ملكي، مع قوارب الآلهة المقدسة، حيث كان يجري الاحتفال بتتويج الملك، وبالتالي تأكيد أحقيته بالمُلك وشرعيته. ويعتبر «عيد الأوبت» من الأعياد المعبدية، التي كانت تقام للملك والكهنة والبلاط الملكي، وكان الاحتفال بها يقتصر على البلاط الملكي، دون مشاركة عامة الشعب، الذين كان يقتصر دورهم على الوقوف على جانبي الطريق، أو ضفتي النيل، عند مرور الموكب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى