أخبار وتقارير

نقاش مغربي حول التأمين الصحي لطلبة الجامعات بعد مبادرة «عربة الفيشار»

لم يتوقع الشاب الثلاثيني، نوح بوفرو، حين أطلق مبادرة إنسانية لجمع التبرعات، بمدينة كلميم (جنوب المغرب), لعلاج زميل سابق بالجامعة، أن تكون تلك الخطوة مناسبة لإعادة النقاش، حول كفاءة التأمين الصحي للطلبة بالجامعات المغربية.

جاءت مبادرة هذا الشاب، الذي يعمل كصانع محتوى، وهو خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله، بمدينة فاس، في شكل عربة «فيشار»، يحصل المتبرع على كيس منها، مقابل أي مبلغ يرغب في تقديمه لعلاج الشاب المريض.

ويقول «بوفرو» لـ«الفنار» إنه «تمكن من جمع أكثر من 164 ألف درهم (حوالي 17 ألف دولار أمريكي)، في عشرة أيام فقط، وهو نصف المبلغ المطلوب، تقريبًا، لإنقاذ حياة صديقه». ويضيف: «بعض المتبرعين اشترى كيس فشار بأكثر من 10 الآف درهم (100 دولار)»، موضحًا أنه لم يكن يتوقع أن تلقى مبادرته «كل هذا النجاح والاقبال والتغطية الإعلامية الواسعة».

ويشير «بوفرو» إلى أن زميله السابق، وهو شاب يدعى (ع. ب)، لا يستطيع دفع تكاليف العملية الجراحية المقرر أن تجرى له بإحدى المصحات الخاصة في مدينة مراكش.

ومن رحم هذه المبادرة، تجدد النقاش حول مدى نجاعة البرامج الحكومية، ونظام التأمين الصحي لطلاب الجامعات في البلاد.

وكانت الحكومة المغربية، قد أطلقت نظامًا للتأمين الاجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة، منذ العام 2016، بعد صدور القانون 12 – 116، المنظم لهذا النظام الصحي في العام 2015.

«التأمين الصحي عن المرض الذي تتحدث عنه الحكومة، غير معمم ولا يستفيد منه جميع الطلبة».

عبد الكريم ضوبيل
طالب بجامعة ابن زهر، جنوب المغرب

ويستفيد الطلبة المغاربة والأجانب، المنخرطون في هذا النظام الصحي، من نفس قائمة العلاجات التي يضمنها نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، المعمول به في البلاد، ومنها: الاستشارات الطبية، والعلاجات الاستشفائية، والعمليات الجراحية، والتحاليل البيولوجية الطبية، والتشخيص بالأشعة، بالإضافة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية المقبول إرجاع مصاريفها، وعلاجات الفم والأسنان، وتقويم البصر، وأعمال التقويم الوظيفي، والترويض الطبي، والخدمات شبه الطبية.كما يستفيد الطلبة من نسب للتعويض عن مصاريف العلاجات، تتراوح ما بين 70% عن الأدوية، و100% عن الأمراض المزمنة والمكلفة. ويشترط البرنامج ألا يتجاوز سن الطالب 30 سنة، وأن يكون مسجلًا بإحدى الجامعات أو المؤسسات التابعة لوزارة التعليم العالي، وألا يكون منخرطًا في تغطية صحية أخرى، أو أي تأمين إجباري عن المرض بالقطاع العام.

وحين أطلق هذا النظام، كان من المتوقع أن يغطي 275 ألف طالب، وبتغطية مالية نحو 110 ملايين درهم، وفق الحكومة المغربية.

وبموجب القانون 12 – 116، فقد كلفت الحكومة المغربية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتوفير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض للطلبة، على أن تتحمل الحكومة المساهمة السنوية لطلبة التعليم العالي، ومؤسسات التكوين المهني بالقطاع العام، وأن يتحمل طلبة التعليم العالي بالقطاع الخاص مساهمة سنوية تقدر بـ400 درهم (40 دولارًا).

لكن رغم صدور القانون المنظم للتأمين الصحي عن المرض الخاص بالطلبة، إلا أنه «شهد عثرات كبيرة منذ انطلاقه في العام 2016، ما أعاق تطبيقه على أرض الواقع»، وفق بعض الطلاب.

وعن ذلك، يقول عبد الكريم ضوبيل، وهو طالب بجامعة ابن زهر، جنوب المغرب، ومسجل بالنظام الصحي للطلبة، إن التأمين الصحي عن المرض «الذي تتحدث عنه الحكومة، غير معمم ولا يستفيد منه جميع الطلبة».

«أكثر من 315 ألف طالب وطالبة مسجلين، هذه السنة، في نظام التأمين، لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و99% منهم يدرسون بالمؤسسات الجامعية العمومية».

عزيز الخورسي
مسؤول قسم التواصل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

ويضيف لـ«الفنار»: «غالبية الطلبة لا علم لهم أصلًا، بوجود هذا البرنامج، نظرًا لضعف الترويج له في وسائل الإعلام، والإعلام الجامعي، وغياب حملات تواصل لحث الطلبة على التسجيل في البرنامج». ويوضح أكثر، فيقول: «تحديات كثيرة تواجه الطلبة الذين يرغبون في الاستفادة من النظام الصحي، منها: عقبات في الإجراءات الإدارية لتقديم الملف، وأنا، شخصيًا، أعددت ملفًا خاصًا بالمرض، واستوفيت جميع الشروط، ولم أتلق أي تعويض. رغم مراسلتي الجهات المعنية، لكنني لم أتلق أي رد حتى الآن».

وتتيح الجامعات، بدورها، منصات إلكترونية للطلبة، من أجل التسجيل في هذا البرنامج.

في المقابل، تعتبر الحكومة المغربية برنامج التأمين الخاص بالطلبة «من أهم مشاريعها الصحية التي أنجزتها لصالح الطلبة». ويقول عزيز الخورسي، مسؤول قسم التواصل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لـ«الفنار»: «أكثر من 315 ألف طالب وطالبة مسجلين، هذه السنة، في نظام التأمين، لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و99% منهم يدرسون بالمؤسسات الجامعية العمومية».

ويضيف «خورسي»: «الصندوق صرف حتى (تشرين الأول) أكتوبر الماضي، أكثر من 10 مليون درهم، كتعويضات لفائدة الطبة المنخرطين، 30% منها تعويضًا عن الأدوية، كما سجلت معطيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ارتفاعًا مهمًا، مقارنة بالسنة الماضية التي صرف فيها الصندوق 4 ملايين و600 ألف درهم، كتعويضات لفائدة الطلبة، تم إنفاقها في مختلف الخدمات الاستشفائية التي تشمل قائمة العلاجات التي يغطيها النظام».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وعن آليات التواصل مع الطلبة، يقول «خورسي» إن الجامعات «تقوم بحملات تواصلية، بالتعاون مع المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة عمومية تخضع لإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومسؤولة عن تزويد الطلاب بالخدمات المقدمة، في إطار الحياة الجامعية، من حيث الإقامة، والتغطية الصحية، والمنح الدراسية، والأنشطة الثقافية والرياضية».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى