أخبار وتقارير

معماريون يطلقون حملة لوقف إزالة مقابر القاهرة التاريخية

تنشط مجموعة من أساتذة أقسام العمارة بكليات الهندسة والفنون الجميلة ببعض الجامعات المصرية، وبعض الشخصيات العامة، في حملة تستهدف وقف عمليات إزالة مقابر تاريخية بالقاهرة. وتعمل المجموعة حاليًا على توثيق المقابر المهددة بالإزالة قبل هدمها ضمن خطة حكومية لفتح محاور مرورية جديدة.

وترى الدكتورة جليلة القاضي، عضو الحملة، وأستاذة التخطيط العمراني المتفرغة بجامعات فرنسا، أن هدف الحملة «خلق وسيلة لمقاومة النسيان»، والحفاظ «الايكونوغرافي» على التراث، أي التعليم من خلال الصور عوضًا عن الحفاظ الحقيقي.

ويزود الناشطون في الحملة جمعيات حفظ التراث بالصور والرسوم التوضيحية لهذه الأماكن لـ«إبراز قيمتها التاريخية والفنية الفريدة».

وعن الحملة، تقول «القاضي» لـ«الفنار»: «فوجئ الناس بعملية هدم في مقابر الغفير بين عامي 2014 و2016، حتي أن مالكيها لم يتم إبلاغهم قبلها، وقد حاول خبراء ومعماريون التفاوض لوقف عملية إزالة مقابر جبانة محور الفردوس إلا أن جهودهم لم تكلل بالنجاح».

«فوجئ الناس بعملية هدم في مقابر الغفير بين عامي 2014 و2016، حتي أن مالكيها لم يتم إبلاغهم قبلها، وقد حاول خبراء ومعماريون التفاوض لوقف عملية إزالة مقابر جبانة محور الفردوس إلا أن جهودهم لم تكلل بالنجاح

جليلة القاضي
عضو الحملة، وأستاذة التخطيط العمراني المتفرغة بجامعات فرنسا

وتوضح أستاذة التخطيط العمراني أن القاهرة التاريخية «فقدت بسبب هذه الإجراءات مقابر لرموز ثقافية وفنية مهمة مثل مقبرة الصحفي البارز محمد التابعي، رائد الصحافة الحديثة، وفنان الكوميديا فؤاد المهندس، والكاتب إحسان عبد القدوس، والسياسي نور الدين طراف». وتقول: «للأسف، كل هذه المقابر تم هدمها على الرغم من أنها كانت مسجلة على قوائم التراث الحضاري بواسطة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة».

وعقب هدم «مقابر الفردوس»، احتج مثقفون على إجراءات الهدم – تضيف «القاضي» – و«أصدروا عريضة احتجاج، كما خرجت تقارير عن لجنة العمارة  بالمجلس الأعلى للثقافة ترفض المخطط، إلا أن الحكومة تجاهلتها، ومضت في تنفيذ الهدم وإزالة بعض المقابر».

تهدف الحملة الجديدة إلى «وقف عمليات هدم مقابر في مناطق السيدة نفيسة، والإمام الشافعي، ومنطقة المجاورين، وضريح الشاعر الصوفي عمر ابن الفارض». وتشير «القاضي» إلى أن «معظمها ذات قيمة فنية وتاريخية نادرة، وتضم رفات العديد من الرموز الثقافية، وعلى رأسها: أحمد شوقي، أمير شعراء العرب المعاصرين، والملكة فريدة، وصبري أبو علم، وعلي باشا مبارك، والشاعر حافظ إبراهيم، والفنان يوسف وهبي، ورفات عائلات الأسرة المالكة».

Cairo's historic cemeteries
تهدف الحملة الجديدة إلى وقف عمليات هدم مقابر القاهرة التاريخية. أعلاه مدخل حوش الدرمللي أحد المقابر المهددة بالإزالة. (الصورة: صفحة جليلة القاضي على فيسبوك).

ورصدت الحملة مؤخرًا «هدم وشطب نحو 18 أثرًا من قائمة الآثار، ومنها: أثرين مهمين، الأول: آل طباطبا، وهو الأثر الوحيد المتبقي من الحقبة الإخشيدية، والثاني: أطلال قناة ابن طولون، وهي أسبق تاريخيًا من سور مجرى العيون الذي كان يمد قلعة صلاح الدين الأيوبي بالمياه».

وفق «القاضي»، من المتوقع أن تشمل مخططات الهدم أيضًا «بعض المناطق السكنية المتاخمة للمقابر، كالسيدة عائشة، ومنطقة عرب اليسار، بالإضافة لمنطقة الحطابة المحيطة بقلعة صلاح الدين جنوب القاهرة».

وترى الخبيرة المعمارية أن «المخطط  الحكومي يمثل اعتداءًا على الخريطة  الصادرة عن اليونسكو عام 1979 والتي تحدد حدود القاهرة التاريخية». وتقول إن «هناك إصرارًا على التلاعب بالخرائط المعتمدة من منظمات دولية، ولم يتم إلى الآن اعتماد نطاق الحفاظ النهائي للقاهرة التاريخية»

وفي يونيو الماضي، وجهت «اليونسكو» «تحية للحكومة المصرية لتنظيمها لقاءات مع خبراء ومعماريين لاستطلاع آرائهم»، وأكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلالها حرصه على «احترام آراء الخبراء، كما تعهد باحترام كل المواقع التراثية المسجلة سواء من قبل المنظمة العالمية، أو جهاز التنسيق الحضاري ووزارة الآثار»، مضيفًا أن «عمليات الهدم التي طالت، من قبل، مناطق عرب اليسار والحطابة، سيتم وقفها تمامًا ولن يزال أي مبنى تاريخي».

وفي يونيو الماضي، وجهت «اليونسكو» «تحية للحكومة المصرية لتنظيمها لقاءات مع خبراء ومعماريين لاستطلاع آرائهم»، وأكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلالها حرصه على «احترام آراء الخبراء، كما تعهد باحترام كل المواقع التراثية المسجلة سواء من قبل المنظمة العالمية، أو جهاز التنسيق الحضاري ووزارة الآثار»، مضيفًا أن «عمليات الهدم التي طالت، من قبل، مناطق عرب اليسار والحطابة، سيتم وقفها تمامًا ولن يزال أي مبنى تاريخي».

«لاحظت ضعف مشاركة أساتذة كليات العمارة والمعماريين بشكل عام نظرًا لارتباط أعمالهم بالدولة، وحرصهم على الاستمرار في الحصول على مشاريع تنفيذية».

جليلة القاضي  

لكن «القاضي» تقول إن «الحكومة ضربت عرض الحائط بمثل هذه التعهدات، وعادت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأخطرت ملاك المقابر (في الجبانات التاريخية للقاهرة) بعمليات الإزالة ودعتهم للبحث عن مواقع بديلة لنقل رفات موتاهم».

ومن المقرر أن ينظم أعضاء الحملة «معرضًا توثيقيًا لصور الجبانات المهددة»، خلال الأسبوع الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل، وندوة علمية حول: «جبانات القاهرة». ويعمل أعضاء الحملة على «التفاوض مع متخذي القرار، في محاولة لوقف إجراءات الهدم والإزالة قبل الشروع في اللجوء إلى القضاء».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وأوضحت «القاضي» أن الحملة تضم عدة شخصيات عامة، لكنها «لاحظت ضعف مشاركة أساتذة كليات العمارة والمعماريين بشكل عام نظرًا لارتباط أعمالهم بالدولة، وحرصهم على الاستمرار في الحصول على مشاريع تنفيذية». وترى الخبيرة المعمارية أن تراث القاهرة المعماري «أصبح مهددًا نظرًا للصراع على المساحة بسبب ارتفاع القيمة المالية لأراضي جبانات القاهرة التاريخية، حيث يسيطر مبدأ الاستثمار العقاري على اتجاهات الاستثمار في مصر».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى