أخبار وتقارير

التعليم العالي للسوريين في الوطن والمنافي.. نقاش أكاديمي عابر للحدود

بدعم من الأكاديمية البريطانية والجمعية الملكية، نظم مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر (كارا)، ندوة عبر الإنترنت لبرنامج سوريا، بعنوان: «أصوات من المجتمع الأكاديمي السوري: رؤى محلية ومساهمات فريدة في البحث والسياسة والممارسة».

الندوة، التي جرت فعالياتها، بين السادس والعاشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، تناولت دراسات حول: رأس المال الاجتماعي، وقضايا النوع، والبنية التحتية، والزراعة، والأمن الغذائي، وغيرها، «لتحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة». كما تضمن البرنامج الثقافي، فعاليات حول الكاتبات السوريات، والحفاظ على التراث الثقافي، وعرضًا ثقافيًا.

يعود تاريخ إطلاق برنامج «كارا سوريا»، إلى العام 2016، بهدف تقديم الدعم لأساتذة الجامعات السوريين، على نفس النهج الذي أقيم على أساسه «مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر»، في بريطانيا، في العام 1933، لمساعدة العلماء «الذين تضرروا من قرار الزعيم النازي أدولف هتلر، بطرد المئات من الجامعات الألمانية، لأسباب عرقية»، كما يخبرنا بذلك موقع المجلس على شبكة الإنترنت.

والبرنامج يستهدف مساعدة الأكاديميين السوريين، في المنفى «من خلال تلبية حاجتهم الماسة إلى فرص العمل ومواصلة التقدم مهنيًا، حتى يتمكنوا من المساعدة في إعادة بناء نظام تعليم عالٍ أفضل عند عودتهم». (اقرأ المقال ذي الصلة: «جامعات بريطانية توفر ملاذًا آمنا للباحثين الهاربين من حروب الشرق الأوسط»).

«تم تصميم الندوة للجمع بين المجتمعات البحثية، والإغاثية الإنسانية، للسماح للأكاديميين السوريين بمشاركة نتائجهم عبر التخصصات، وإقامة الروابط، وتحفيز نقاش القضايا المثارة، واكتشاف ما يجب القيام به في الخطوة القادمة».

سيمون غولدهيل
نائب رئيس الأكاديمية البريطانية، وأستاذ الأدب والثقافة اليونانية في جامعة كامبريدج

دعم الأكاديميين في المنفى

في خطابه الرئيسي، قال سيمون غولدهيل، نائب رئيس الأكاديمية البريطانية، وأستاذ الأدب والثقافة اليونانية في جامعة كامبريدج: «تم تصميم الندوة للجمع بين المجتمعات البحثية، والإغاثية الإنسانية، للسماح للأكاديميين السوريين بمشاركة نتائجهم عبر التخصصات، وإقامة الروابط، وتحفيز نقاش القضايا المثارة، واكتشاف ما يجب القيام به في الخطوة القادمة».

وتحدث «غولدهيل» عن تجربته في دعم السوريين بالمملكة المتحدة، قائلًا: «على مدى السنوات الخمس الماضية، قمتُ باستضافة لاجئين سوريين في منزلي؛ وصل البعض منهم على متن شاحنة. ساعدتُ على استضافة الأكاديميين من الشرق الأوسط في جامعة كامبريدج. وهذا ما نحتاج إلى القيام به كمجتمع أكاديمي؛ أن نساعد بعضنا البعض في تهيئة ظروف الحرية الأكاديمية».

وبالمثل، تحدث السير مالكولم غرانت، رئيس جامعة يورك، ورئيس مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر، عن جهود منظمة «كارا» لدعم الأكاديميين اللاجئين منذ «المرسوم النازي بفصل الأكاديميين لأسباب عرقية وسياسية».

ولتجنب إهدار القدرات الاستثنائية، دعمت المنظمة، بحسب «غرانت»، الأكاديميين الفارين من الانتفاضة المجرية، وكذلك المتضررين من الحرب الباردة، والفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والإبادة الجماعية في رواندا، ومؤخرًا الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق (2006-2012) وسوريا. (اقرأ المقال ذي الصلة: «العلماء المهجرون: الرقم المجهول»).

 تحدث سمير العبد الله، مدير المنتدى الثقافي العربي في اسطنبول، ومدير مركز «الحرمون» للدراسات المعاصرة، عن الموقف الحيادي الذي اتخذه المسيحيون السوريون من انتفاضة 2011، وترددهم في الانخراط في النزاعات المسلحة.
تحدث سمير العبد الله، مدير المنتدى الثقافي العربي في اسطنبول، ومدير مركز «الحرمون» للدراسات المعاصرة، عن الموقف الحيادي الذي اتخذه المسيحيون السوريون من انتفاضة 2011، وترددهم في الانخراط في النزاعات المسلحة.

وأضاف: «يهدف برنامج سوريا، الذي أطلق منذ خمس سنوات، إلى تمكين الأكاديميين السوريين من النمو والازدهار كمجموعة حيوية مهمة لمستقبل وطنهم»، معربًا عن اعتقاده بأن «الاستثمار في التعليم العالي يمكن أن يمنع التطرف بتمويل أقل». وأوضح: «لقد رأينا أن بإمكان مِنَحٍ بمتوسط 7,500، وحد أقصى 10,000 جنيه استرليني تحقيق قدر استثنائي من البحث في هذه البيئة».

التعليم العالي ركيزة للسلام

من جانبه، رأى عبد الناصر الجاسم، الأستاذ المشارك في كلية الاقتصاد بجامعة ماردين آرتوكلو التركية، في ورقة بحثية بعنوان: «التعليم العالي السوري ورأس المال الاجتماعي في أوقات النزاع»، أن التعليم العالي له دور باعتباره «ركيزة للسلام». وأضاف: «لكن هذا الدور معلّق الآن، في سوريا، بسبب غياب الحرية الأكاديمية، وغياب مؤسسات التعليم العالي المستقلة. التعليم العالي، في سوريا، كان مُسيّسًا على الدوام، قبل وبعد عام 2011».

 ودعا «الجاسم» إلى «دعم مشروط لمؤسسات التعليم العالي التي تحترم الحرية الأكاديمية، وتشجع إصلاح المناهج، وتمويل البحوث المحلية حول المجتمع السوري».

رأب الانقسامات في المجتمع

بدوره، تحدث سمير العبد الله، مدير المنتدى الثقافي العربي في اسطنبول، ومدير مركز «الحرمون» للدراسات المعاصرة، عن الموقف الحيادي الذي اتخذه المسيحيون السوريون من انتفاضة 2011، وترددهم في الانخراط في النزاعات المسلحة، و«تعرضهم للاختطاف مقابل فدية، والضرائب المفروضة عليهم، من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة، وفرض اللغة الكردية عليهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية العلمانية».

«يهدف برنامج سوريا، الذي أطلق منذ خمس سنوات، إلى تمكين الأكاديميين السوريين من النمو والازدهار كمجموعة حيوية مهمة لمستقبل وطنهم»، معربًا عن اعتقاده بأن «الاستثمار في التعليم العالي يمكن أن يمنع التطرف بتمويل أقل».

مالكولم غرانت
رئيس جامعة يورك، ورئيس مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر

وسط الانقسام المجتمعي، الذي خلفته الحرب الأهلية المستمرة في سوريا، درس «العبد الله» مع زملائه، «وضع المسيحيين السوريين بعد 2011»، مع التركيز على دور التعليم في بناء الجسور بين المجتمعات.

وقال «العبد الله» إن التعليم العالي «يمكن أن يلعب دورًا في معالجة أسباب هذه الانقسامات، من خلال المناهج الدراسية، وعبر تعريف الشرائح الاجتماعية المختلفة، ببعضها البعض، وتمكينها من فهم الحقائق التي تتجاوز الصور النمطية».

التراث الثقافي على المحك

عادة ما يُعزى الدمار الهائل ونهب التراث السوري إلى الصراع، لكن عدنان المحمد، الزميل البحثي الفخري في قسم التاريخ والكلاسيكيات والآثار في بيركبيك، جامعة لندن، استكشف أبعادًا أخرى من المشكلة، في ورقته البحثية: «استكشاف أسباب تباين استجابات المجتمع المحلي لحماية المواقع الأثرية أثناء الصراع في شمال غرب سوريا».

ورصد «المحمد»، المحاضر السابق في الخزف القديم بجامعة حلب، الاستجابة المحلية لمبادرات التوعية ضد التنقيبات غير القانونية، وضرورة حماية المواقع الأثرية، قائلًا: «دفع غياب القوانين بعد النزاع، أصحاب الأراضي المصادرة، التي تضم مواقع أثرية، إلى اغتنام الفرصة للبناء عليها أو نهبها».

كما أشار إلى تغير الموقف الديني والأخلاقي، كعامل مسبب، موضحًا ذلك بالقول: «كمجتمع محافظ، اعتاد السوريون على الاعتقاد بأن النهب حرام. ومع ذلك، قال بعض القادة الدينيين إن القطع الأثرية ممتلكات عامة، ويمكن بيعها، لتلبية احتياجات الحياة الأساسية. وأدى ذلك إلى ازدهار عمليات تهريب الآثار المنهوبة».

تعليم السوريات

وشملت فعاليات الندوة مناقشة الأدوار المتغيرة للجنسين في سوريا المعاصرة، والحركة النسوية، وعولمة جمعية دينية نسوية سورية في دول الجوار، وتعليم اللاجئات السوريات. وركزت حياة سنكار، وهي محامية سورية مقيمة في تركيا، في دراستها بعنوان: «التجارب التعليمية للنساء السوريات في بلدان اللجوء الآمنة» على 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، يعيش معظمهم في 12 ولاية جنوب البلاد.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وبعد مقابلات مع 24 امرأة سورية، وجدت «سنكار» أن «حاجز اللغة يأتي أولاً كعقبة أمام النساء لإكمال تعليمهن، إذ تجد النساء صعوبة في التواصل مع المواطنين الأتراك، والتكيف مع نظام تعليمي جديد. كما لم يتمكنّ من تعلم لغة ثانية بسبب حاجتهن إلى العمل». لهذا السبب، وجدت أن 90% من النساء اللاتي قابلتهن ركزن على الشهادات التي تُدرس باللغة العربية في الجامعات التركية في ماردين، وغازي عنتاب.

ونقلت المحامية السورية، شكاوى بعضهن من «اقتصار دور المنظمات غير الحكومية على تقديم الطعام، ودورات أساسية بسيطة في اللغة والتدريب المهني»، بينما النساء بحاجة إلى «تدريب حول كيفية التقدم إلى المنح الدراسية، على سبيل المثال».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى