أخبار وتقارير

«أحضر دلوًا».. قصة مبادرة خضراء بجامعة «الروح القدس – الكسليك» اللبنانية

عبر مشروعها: «أحضر دلوًا إلى الحرم الجامعي»، تتبنى جامعة الروح القدس – الكسليك، في لبنان، مبادرة خضراء، تهدف إلى جعل الجامعة أكثر الجامعات صداقة للبيئة في لبنان. وهو ما يتجاوب معه كثير من الطلاب، حيث يراهم المارة يحملون في طريقهم إلى الدراسة، الكتب، وبقايا الطعام.

تقع الجامعة، المعروفة باختصارها الفرنسي (USEK)، في الكسليك، إحدى ضواحي بيروت. وفي كل مرة يحضر فيها الطلاب الطعام، يكسبون نقاطًا تؤهلهم للحصول على بيض الدجاج المُربّى بالحرم الجامعي على النفايات العضوية.

وتقول داليدا صنيفر، منسقة اللجنة الخضراء في جامعة الروح القدس في الكسليك (Green USEK)، إن مثل هذه المشاريع تحفز الطلاب على التعود على فرز النفايات. وتضيف بأنها واحدة من المبادرات الهادفة إلى رفع مستوى الوعي البيئي وترسيخ السلوك المستدام.

في أرجاء الحرم الجامعي، الذي يشبه جزيرة خضراء تطل على البحر الأبيض المتوسط، تنتشر حاويات فرز النفايات، ونوافير المياه العذبة، التي تم تركيبها لتشجيع الطلاب على استخدام العلب القابلة لإعادة التعبئة، بدلاً من الزجاجات البلاستيكية.

«سوف تستمر اللجنة الخضراء في جامعة الروح القدس في الكسليك، في نشر الرسالة. يجب أن نهتم بالبشرية وازدهارها على هذه الأرض. كل شخص مسؤول عن إجراء التغيير».

داليدا صنيفر
منسقة اللجنة الخضراء في جامعة الروح القدس في الكسليك.

رسائل بيئية

وتحمل أغصان الأشجار بالفناء الجامعي، رسائل بيئية فوق لافتات معلقة. وتقول إحدى اللافتات المعلقة على شجرة زيتون: «بمفردي، أمتص 22 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون في العام. كل ما أطلبه في المقابل أن تدعني أعيش». وتقرأ أخرى: «يعتمد بقائك على قيد الحياة على وجودنا، استيقظ!».

يعود تاريخ إنشاء اللجنة الخضراء في الجامعة (Green USEK)، إلى العام 2016، بهدف تعزيز وتحسين الإدارة البيئية للجامعة، وإشراك المجتمع في التنمية المستدامة.

وتقول «صنيفر» لـ«الفنار» إن الجامعة تتعامل مع الاستدامة البيئية وفق أسس ثلاثة: احترام الإنسان، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والجدوى الاقتصادية، حيث تتمثل أولوية الجامعة في تعزيز ثقافة الاستدامة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين، وتمكينهم من أن يكونوا «فاعلين أصدقاء للبيئة».

وتضم المبادرة مركزًا لإعادة التدوير في الحرم الجامعي، حيث يقوم الطلاب المتطوعون بفرز البلاستيك، والزجاج، والكرتون، والمعادن، والورق قبل إرسال المواد إلى مصانع إعادة التدوير.

وتشرح «صنيفر» الأمر فتقول: «لا نُضيع أية نفايات. نحن لا نتخلص من أي شيء يمكننا إعادة استخدامه. نأخذ جميع أنواع العناصر القابلة لإعادة التدوير، ونعلم طلابنا كيفية إعادة تدويرها، وتحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام ذات جودة أفضل».وتضيف أنهم صنعوا زينة عيد الميلاد، هذا العام، في الحرم الجامعي، بدون تكلفة من المواد التي جمعها الطلاب، واحتفظوا بها وأعادوا تدويرها.

وقد خصصت لجنة الجامعة الخضراء، مساحة مجانية لانتظار السيارات بالحرم الجامعي، بغية استخدام السيارات المشتركة، حيث تقوم منصة عبر الإنترنت، بتنسيق المسارات للطلاب الراغبين في تشارك رحلاتهم إلى الجامعة.

وفي سبيل تعريفها للطلاب بالقضايا الطلابية، تحرص الجامعة على أن يكون ذلك من خلال دورة المشاركة المدنية الإلزامية، التي يتعين عليهم إكمالها كشرط للتخرج.

وتوضح «صنيفر» أنه خلال هذه الدورة، يتم التعريف باللجنة الخضراء في الجامعة، وشرح أسباب وجوب الاهتمام بالبيئة. وبالنسبة لامتحانات منتصف الفصل الدراسي، يكون الطلاب أمام أكثر من خيار: التطوع مع اللجنة، أو تقديم مشاريع حول الاستدامة، أو إجراء الاختبار. ويختار كثيرون التطوع وإبداء اهتمام حقيقي بالقضايا البيئية، كما تقول منسقة اللجنة.

تجارب طلابية

عقب مشاركتها بدورة المشاركة المدنية، ارتبطت الطالبة بالسنة الثانية، في كلية اللغات الحديثة والترجمة، رفقة مخيبر، بقضايا البيئة. وعن تجربتها، تقول: كان مشروعي حول رياضة «البلوجنج»، وهو مفهوم رياضي جديد، يتضمن «المشي لمسافات طويلة والتقاط النفايات والقمامة في الطريق».

منذ ذلك الحين، بدأت الطالبة فريق «البلوجنج» الخاص بها، وصفحة على «إنستغرام»، باسمPlog and Vlog، التي تعني بالعربية: امش، والتقط، وصوّر. وتضيف «مخيبر»: في كل مرة نمشي فيها، نصوّر مقاطع فيديو وننشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع الناس على الانضمام إلينا. في بعض الأحيان انضم إلينا أكثر من 50 شخصًا من جميع الأعمار في رحلاتنا الطويلة للمشي.

هذه التجربة، غيّرت خيارات الطالبة الشابة إزاء المستقبل، حيث تقول إنها تريد التخصص في الدراسات البيئية، بعد التخرج، معتبرة أن نشر الوعي بالبيئة أصبح مهمتها.

«كانت لجنة الجامعة الخضراء المنصة المثالية لرد الجميل لمجتمعي. أرغب في زيادة وعي طلاب جامعة الروح القدس في الكسليك، لأننا الشباب الذين سيعززون التغيير. يبدأ الأمر بنا، ومع كل شخص يغير روتينه للأفضل».

ميليسا مشعلاني
طالبة الهندسة الزراعية – جامعة الروح القدس في الكسليك.

كما قدم التطوع مع لجنة الجامعة الخضراء، فرصة عمل لمارغوت وهبة، الطالبة في السنة الثالثة. وتقول «وهبة»: «خطرت لي فكرة إعادة تدوير أغلفة الشوكولاتة، والبطاطا (البطاطس) المقرمشة، التي لا يمكن إعادة تدويرها، وينتهي بها الحال في صناديق القمامة. أقوم بتحويلهم إلى مآزر وأكياس ثم أبيعها». وتضيف: «لم أكن متأكدة مما سأدرسه عندما التحقت باللجنة لأول مرة. بعد ذلك اكتشفتُ شغفي بالحفاظ على البيئة. وأخطط للتخصص في الدراسات البيئية».

بالمثل، تريد ميليسا مشعلاني، طالبة الهندسة الزراعية، تكريس حياتها المهنية لجعل الزراعة أكثر استدامة. وتقول «مشعلاني»: «كانت لجنة الجامعة الخضراء المنصة المثالية لرد الجميل لمجتمعي. أرغب في زيادة وعي طلاب جامعة الروح القدس في الكسليك، لأننا الشباب الذين سيعززون التغيير. يبدأ الأمر بنا، ومع كل شخص يغير روتينه للأفضل».

الاعتراف الدولي

صُنفت جامعة الروح القدس في الكسليك مؤخرًا ضمن التصنيف العالمي للجامعات الخضراء UI Green Metric، للعام الخامس على التوالي، باعتبارها أكثر جامعات لبنان استدامة وصداقة للبيئة. يقيس التصنيف، وهو مبادرة من جامعة إندونيسيا، التزام الجامعات في جميع أنحاء العالم، بتوفير حرم جامعي مستدام وصديق للبيئة.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وعن ذلك، تقول «صنيفر»: «سوف تستمر اللجنة الخضراء في جامعة الروح القدس في الكسليك، في نشر الرسالة. يجب أن نهتم بالبشرية وازدهارها على هذه الأرض. كل شخص مسؤول عن إجراء التغيير. بالتحفيز عبر خطوات صغيرة، يمكننا تحقيق بيئة أفضل للمجتمع».

مقالات ذات صلة:

لبنان: اقتراحات أكاديمية لأزمة النفايات

الطلاب اللبنانيون يقبلون على الدراسات البيئية

باحثون يواجهون مشكلة هدر الغذاء في سلطنة عُمان

https://www.bue.edu.eg/

الجامعات العربية في ذيل تصنيف الجامعات الخضراء صديقة البيئة

باحثون يحاولون معالجة مشكلة تلوث الهواء في المنطقة العربية

جامعة مغربية تستعين بالطاقة المتجددة للتحول نحو حرم جامعي ذكي

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى