أخبار وتقارير

فصول من قصص منسية في الكتاب الثاني لـ«صنايعية مصر»

بحكايات عن بناة، وصناع، ارتبطت أعمالهم بالحياة اليومية في مصر، وذاكرة شعبها طيلة عقود، يواصل الكاتب عمر طاهر، في مؤلفه الصادر حديثًا «صنايعية مصر.. الكتاب الثاني»، عن دار «الكرمة»، مسيرته مع توثيق تلك التجارب، مثلما بدأها عبر عنوان مماثل أصدره في العام 2016.

والمؤلف، كاتب مصري من مواليد 1975، له أعمال عدة، من أبرزها: «من علّم عبد الناصر شرب السجائر؟»، و«إذاعة الأغاني»، ورواية «كحل وحبهان»، و«ألبومات عمر طاهر الساخرة»، و«كتاب المواصلات»، و«كابتن مصر».

في إصداره الجديد، يتساءل الكاتب: «من الذي أطعم المصريين البطاطس (الشيبيسي)؟ ووضع في جيوبهم علب المناديل الورقية؟ وكسا أقدامهم بأحذية (الكوتشي)، وألهمهم بالتقرب إلى الله بمبردات ماء (كولدير)؟ وزرع في وجدانهم محبة (الأفلام الهندية)؟ وعالجهم بحبات (الريفو)؟»، قبل أن يقدم للقراء حكاية كل صناعة من تلك التي شملتها التساؤلات.

والكتاب الأخير، هو الثاني من كتاب مماثل جمع فيه صاحبه حكايات عن صناع العديد من العلامات التجارية، في محاولة لإلقاء الضوء على «أشخاص ساهموا في رسم ملامح هذا البلد، وتاريخ حياة سكانه، دون أن يحصلوا على نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل»، وفق قول المؤلف في الكتاب.

ويبدو الكتاب، الذي يقع في 404 صفحة، أقرب إلى ألبوم تاريخي، حيث يُرفق المؤلف بسير أبطاله، ألبومات فوتوغرافية لهم، ومواد أرشيفية وإعلانات تجارية قديمة، من مصادر بحث متفرقة، منها ما أمدته به أسر وعائلات هؤلاء الصناع المجهولين.

الكتاب الأخير، هو الثاني من كتاب مماثل جمع فيه صاحبه حكايات عن صناع العديد من العلامات التجارية، في محاولة لإلقاء الضوء على «أشخاص ساهموا في رسم ملامح هذا البلد، وتاريخ حياة سكانه، دون أن يحصلوا على نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل»،

ويتقصى الكتاب حكايات مؤسسي صناعات بارزة، مثل حكاية أول من أدخل «التكييف» في مصر. ويتساءل المؤلف: «كيف أُغفلت سيرة المهندس الطاهري مؤسس صناعة التكييف في مصر، ابن المنصورة (شرق دلتا النيل) الذي باع كل ما يملك وبنى أول مصنع تبريد في مصر، الذي اشتهر بعد ذلك باسم (كولدير-شركة النصر للهندسة والتبريد)؟».

«مصنع كولدير»

ويقدم عمر طاهر في كتابه، قصة الرجل الذي حمل مع بداية الأربعينيات شهادة الميكانيكا من جامعة نيوكاسل بإنجلترا، والتحق فور عودته بالعمل في شركة توكيلات تجارية، كانت قد بدأت لتوها مجال أعمال تسويق أجهزة تكييف شهيرة في مصر، ثم ما لبث أن سافر، مدفوعًا بشغفه، إلى الولايات المتحدة، وهناك قرر أن يشتري مستلزمات مصنع أجهزة التبريد والتكييف ليبدأ بها مشروعه وحلمه الخاص في مصر.

بدأ «الطاهري» المشروع الذي أطلق عليه «مصنع كولدير» ليبدأ بتصنيع ثلاجات التبريد لمحلات البقالة، والمراوح وصولًا إلى التكييف الذي كان يصنعه بخامات محلية بالكامل، وهي الفكرة التي كانت تشغله بحيث يستطيع تنفيذ أبراج تبريد تقاوم كمية الغبار والأتربة التي تسيطر على البيئة المصرية، وأن يفتح له أسواقًا في العالم العربي.

يستعرض المؤلف محطات النجاح التي بلغها «كولدير»، ومنها تكييف قاعة سينما «مترو» التاريخية، التي أصبحت «بفضل الطاهري السينما الأولى في مصر التي يوضع على أبوابها وإعلاناتها لافتة (مكيفة الهواء)».

ومن هذه الحكاية عشرات غيرها، جمعها عمر طاهر في 13 فصلًا، تنوعت بين الصناعات الثقيلة، وصناعة النسيج، والأحذية، والمأكولات، والمناديل الورقة، وحتى صناع الأفلام، والمسلسلات الدينية والتاريخية وغيرها.

صناعة التسلية

حتى منتصف السبعينيات – يقول الكتاب – كانت رقائق البطاطس، عملًا منزليًا. تقوم السيدات في البيوت بتحميرها وتعبئتها في أكياس بسعر زهيد، ليبيعها الباعة المتجولون للتسلية، لاسيما أمام دور العرض السينمائي، فصارت كلمة «شيبسي»، معبرة عن هذا النوع من البطاطس، أكثر منها كعلامة تجارية.

كما يتناول الكتاب، حكاية المهندس جورج حاوي، والضابط عصام أبو العلا اللذين قررا تحقيق حلم صناعة سيارة مصرية حملت اسم «رمسيس»، عبر التقدم، عام 1958، إلى وزارة الصناعة المصرية، بفكرة تصنيع سيارة صغيرة الحجم.

ومن ربات البيوت إلى صناعة غذائية شهيرة، تحولت قصة هذا المنتج على يد عبد العزيز علي، مؤسس مصنع «شيبسي»، الذي يقول المؤلف إن «منظومة زراعة البطاطس في مصر كلها تغيرت على يد عبد العزيز علي وشركاه»، حيث أصبحت منظومة زراعة، وأبحاث، وصناعة تغليف، وخدمات نقل، حتى تطور الحملات الإعلانية اللافت والبراق لتلك السلعة.

السيارة رمسيس.. وسيرة إذاعة القرآن الكريم

كما يتناول الكتاب، حكاية المهندس جورج حاوي، والضابط عصام أبو العلا اللذين قررا تحقيق حلم صناعة سيارة مصرية حملت اسم «رمسيس»، عبر التقدم، عام 1958، إلى وزارة الصناعة المصرية، بفكرة تصنيع سيارة صغيرة الحجم.

وكان هذا المشروع، في حد ذاته – وفق الكتاب نفسه – محل دعم من الدولة المصرية وقتها؛ فمع نهاية الخمسينيات ظهرت إحصائية تقول: في أمريكا هناك سيارة لكل 3 أشخاص، وفي بريطانيا سيارة لكل 20 شخصًا، وفي فرنسا سيارة لكل 40 شخصًا، وفي مصر سيارة لكل 275 شخصًا، و«هو ما اعتبره النظام وقتها إهانة، فلم يتردد في التعامل بجدية مع أول محاولة عرضت عليهم لتصنيع سيارة شعبية مصرية».

ونالت السيارة محبة وتعاطفًا من المصريين، بوصفها أول منتج وطني من نوعه، الأمر الذي ظلت تبرزه مانشيتات الصحف بنبرة من الفخر من نوعية: «أول سيارة تصنعها بلدك».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ومن أروقة المصانع إلى غرف صناعة الإذاعة، وكواليس كتابة وإنتاج المسلسلات، يصحبنا الكتاب في جولة مع سيرة كامل البوهي، مؤسس إذاعة القرآن الكريم التي تعد واحدة من أعلى وأكثر محطات الإذاعة شعبية،  وأمينة الصاوي التي «يؤرخ الكبار للدراما التلفزيونية الدينية بظهورها، كاتبة الأعمال التي فتحت بابًا لنوع من المسلسلات كانت مطارات الوطن العربي تنتظرها يوميًا في رمضان»، في إشارة إلى الأشرطة التي كانت تحمل المحتوى التلفزيوني، من بلد إلى آخر، قبل حلول عصر الإنترنت.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى