أخبار وتقارير

المتحف الجيولوجي اليمني.. قبلة الباحثين بعد توقف التدريب بكليات العلوم

لم يمنع النزاع المستمر في اليمن منذ بضع سنوات، الجيولوجي فهد البراق (45 عامًا)، من مواصلة العمل، مع ثلاثة من زملائه، «بدون أجر»، لإبقاء أبواب المتحف الجيولوجي اليمني مفتوحة أمام الباحثين.

وتفيد شهادات من أساتذة وطلاب بالجامعات اليمنية، بتوقف التدريب العملي لطلاب الجيولوجيا بجامعات تعز، وذمار، وصنعاء، وعدن، وخاصة بعد انخفاض نسب الالتحاق بكليات العلوم والموارد الطبيعية، بسبب محدودية فرص العمل، جراء إيقاف شركات النفط عملياتها في البلاد، لأسباب أمنية.

وجاءت فكرة تأسيس المتحف، الذي جرى افتتاحه في شباط/فبراير 2012، عند الجيولوجي اليمني فهد البراق، مع بعض زملائه بهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، بعد أعوام من حضوره دورة تدريبية، في العام 2005، بالمؤتمر السنوي لرابطة متاحف ومراكز العلوم والتكنولوجيا الأمريكية بولاية فيرجينيا.

ويقول «البراق»، وهو مدير المتحف الجيولوجي التابع لهيئة المساحة، لـ«الفنار» إن المتحف يمثل جزءًا مهمًا من حياته. ويضيف: «يستحق المتحف، التضحية لإبقائه مفتوحًا أمام الدراسين، ولن أكون مرتاحًا لوظيفة أخرى خارج مجال علوم الأرض».

حصل الجيولوجي اليمني، الذي تخرج في كلية العلوم بجامعة صنعاء مطلع الألفية الجديدة، على دورة تدربيبة بمتحف التعدين الألماني في مدينة بوخوم الألمانية، قبل نيله عضوية Thematic Group لمعلمي المتاحف، وزمالة المجلس الوطني لمتاحف العلوم بالهند.

«تعليق الرواتب الذي بدأ في العام 2016، ضمن تداعيات الحرب، يمثل أكبر مشكلة تواجهنا، حيث أدى ذلك إلى انخفاض أعداد العاملين بالمتحف، من 12 شخصًا إلى 4 فقط. الحرب تهدد سلامتنا، ووضعنا المالي».

فهد البراق
مدير المتحف الجيولوجي اليمني

ويجمع المتحف بين عرض أنواع نادرة من الحفريات، والصخور، ونباتات الأشجار من فترات جيولوجية مختلفة، وتدريس العلوم، من خلال تقديم عروض علمية لطلاب المدارس والجامعات، من أجل نشر ثقافة العلوم في أوساط المجتمع اليمني.

وعن التحديات التي تواجههم، يقول فهد البراق إن تعليق الرواتب الذي بدأ في العام 2016، ضمن تداعيات الحرب، يمثل «أكبر مشكلة» تواجههم، حيث أدى ذلك إلى انخفاض أعداد العاملين بالمتحف، من 12 شخصًا إلى 4 فقط. ويتابع: «الحرب تهدد سلامتنا، ووضعنا المالي».

صعوبات كبيرة

وإلى جانب الصعوبات الاقتصادية، يواجه طلاب وأساتذة الجيولجيا بالجامعات اليمنية، مشكلات أخرى مثل الافتقار إلى التطبيق العملي، ومحدودية فرص العمل بسبب مغادرة الشركات العاملة في قطاع النفط والتعدين، البلاد، بسبب تدهور الوضع الأمني.

وتقول هاجر الأصبحي (27 عامًا)، طالبة دراسات عليا بتخصص العلوم البيئية والجيوفيزيائية بجامعة صنعاء، لـ«الفنار» إن فرص عمل خريجي هذا المجال أصبحت «نادرة خصوصًا في ظل الحرب، وتوقف الشركات النفطية عن العمل».

وكانت الصخور النادرة المحيطة بمنزلها، هي بداية علاقة «الأصبحي» بدراسة الجيولوجيا على أمل فهم مكونات تلك البيئة. ونظرًا لأهمية القطاع النفطي والتعديني للاقتصاد اليمني، يتم تدريس الجيولوجيا للطلاب بداية من الصف الثالث الثانوي، قبل أن ينخرط الطلاب في دراسة أكثر تخصصًا بالجامعات، بحسب أساتذة متخصصين.

وتأثرت دراسة هاجر الأصبحي، التي حصلت على البكالوريوس من كلية البترول والموارد الطبيعية بجامعة صنعاء، في العام 2018، بانقطاع للدورات التدريبية والرحلات العلمية التي تُشكل «جانبًا أساسيًا» في دراسة الجيولوجيا، فضلًا عن ضعف التجهيزات المعملية، ونقص الأكاديميين بسبب هجرة الكوادر التدريسية إلى الخارج، بعد أزمة انقطاع الرواتب.

وللأسباب نفسها، اضطر «البراق» إلى العمل بأحد متاجر الهواتف المحمولة، لدى أحد أقربائه، بعد انتهاء ساعات عمله بالمتحف الجيولوجي، من أجل تغطية نفقات أسرته، وحتى يتمكن من مواصلة عمله بالمتحف، والذي أصبح «تطوعيًا»، منذ العام 2016.

مبادرات لدعم دراسة الجيولوجيا

وأمام هذه الصعوبات، لجأ عدد من خريجي كلية البترول والموارد الطبيعية بجامعة صنعاء، إلى تشكيل مجموعات تطوعية، لإحياء تدريس هذه العلوم، وتقديم خدمات تعليمية وبحثية للطلاب الحاليين. وعبدالغني جغمان، الخبير الجيولوجي المقيم في رومانيا، واحد من هؤلاء، حيث يعمل مع آخرين على الإشراف على رسائل الباحثين اليمنيين، إلى جانب تنظيم دورات لطلاب الكلية، شهريًا، بهدف ربط دراستهم النظرية بالجانب العملي.

«علم الجيولوجيا من العلوم التطبيقية، ولا يمكن أن يتفوق الدارس بدون ربط الجانب الأكاديمي بالجانب العملي والميداني، لذا نحاول أن نقدم الدعم المعرفي والتخصصي لطلبة الجامعات في أنحاء اليمن كافة»

عبد الغني جغمان
خبير جيولوجي يمني مقيم في رومانيا

ويقول «جغمان»، الذي تخرج في جامعة صنعاء في العام 1998، في اتصال هاتفي مع «الفنار» إن علم الجيولوجيا من العلوم التطبيقية، ولا يمكن أن يتفوق الدارس بدون ربط الجانب الأكاديمي بالجانب العملي والميداني، لذا نحاول أن نقدم الدعم المعرفي والتخصصي لطلبة الجامعات في أنحاء اليمن كافة، من خلال التواصل المباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعقد ندوات ودورات تثقيفية عامة.

وبدأ الخبير الجيولوجي اليمني، الذي تمتد خبرته لأكثر من 20 عامًا في إدارة مشاريع النفط باليمن ودول الخليج وأوروبا، العام الجاري، إعداد وتمويل برنامج عملي، في عدد من المواقع «المهمة» بمحافظات يمنية، لمساعدة الطلاب والباحثين، على الاطلاع على نماذج عملية، وواقعية لما يدرسونه.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويضيف «جغمان»، الذي حصل على الدكتوراه من «أكاديمية بوخارست للدراسات الاقتصادية»، أن توقف شركات النفط والتعدين، «شجع البعض، من غير الدارسين، على استغلال المناطق التي تضم حقول نفط، أو ثروات معدنية، واستخراجها بطرق عشوائية، مما تسبب في مشكلات بيئية، بالإضافة إلى تدمير خام الذهب بسبب استخراجه بطريقة عشوائية كما حدث في محافظة حجة‎».

ومن جانبه، يطمح «البراق‎» إلى إنشاء متاحف تعليمية في كل المحافظات اليمنية، وشركات وطنية تستخرج وتستغل «الثروات المعدنية الكبيرة الاستغلال الأمثل»، ويقول: «علوم الجيولوجيا في اليمن، جزء من الهوية اليمنية، وستكون إحدى الوسائل التي سترتكز عليها إعادة الإعمار».

اقرأ أيضًا:

Countries

تعليق واحد

  1. هل لديك فواتير غير مدفوعة؟ هل لديك ديون ترغب في تسويتها؟ هل أنت
    تعطلت ماليا وتحتاج إلى إنشاء مشروع تجاري؟ لديه البنك
    رفضت نتيجة سوء الائتمان الخاص بك؟ لا تقلق أكثر من
    خدمات التقدم المالي على استعداد لمنحك قرضًا بسعر منخفض
    سعر الفائدة. إذا كنت مهتمًا بعرض القرض الخاص بنا وترغب في ذلك
    تقدم بطلب للحصول على قرض ، اتصل بنا اليوم بالرد على هذه الرسالة أو
    ما عليك سوى إرسال بريد إلكتروني إلينا عبر: [email protected] وأنت
    يمكنك أيضًا الاتصال على رقم WhatsApp الخاص بنا 917795329014+

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى