أخبار وتقارير

«جامعة للكل».. مبادرة لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة القديس يوسف في لبنان

مساعدة برنامج تعليمي شامل يحمل اسم «جامعة للكل» بجامعة القديس يوسف في بيروت، أطلقت نور أبو عيّاش، مؤخرًا، علامتها التجارية من حقائب ومحافظ «ماريبوسا» التي تصور رسوماتها. وحققت بذلك حلمها الذي طال انتظاره.

كانت الشابة التي تعاني من الصرع، والبالغ عمرها 21 عامًا، من بين 12 طالبًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، تخرجوا في حزيران/ يونيو الماضي في الدفعة الأولى من البرنامج الذي يمتد لعامين.

وتقول «هيلدا»، والدة الشابة إن ابنتها موهوبة، وتحب الرسم منذ أن كانت طفلة. وتشير، بنبرة فخر، إلى استخدام رسوماتها على القماش في صناعة الحقائب والمحافظ. وتوضح أن التدريب الذي حصلت عليه في إطار البرنامج ساعدها على تحقيق حلمها. وتضيف: «هي الآن أكثر سعادة وتشعر بأنها مفيدة ومنتجة».

منهج للجميع

وابتكر مدرسون فرنسيون ولبنانيون متخصصون في شؤون الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الدورة التدريبية بالتعاون مع منظمة «إنكلود» Include، وهي منظمة محلية غير حكومية، تعمل على تعزيز الاندماج الاجتماعي، والمهني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

«قلنا بما أنها جامعة لكل الناس، فلماذا لا نفتحها للجميع، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة. لم يكن مشروعًا سهلًا. تطلب منا الكثير من الجهد، لكننا حصدنا الثمار بتخريج المجموعة الأولى العام الماضي».

جيرار بجاني
مدير برنامج «جامعة للكل»

ويتحدث جيرار بجاني، مدير برنامج «جامعة للكل»، والمعروف بالاختصار الفرنسي UPT، عن التجربة، قائلًا: «قلنا بما أنها جامعة لكل الناس، فلماذا لا نفتحها للجميع، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة. لم يكن مشروعًا سهلًا. تطلب منا الكثير من الجهد، لكننا حصدنا الثمار بتخريج المجموعة الأولى العام الماضي».

ويوضح «بجاني» أن البرنامج يدرب الناس على وظائف يمكنهم القيام بها. ويشير إلى أنه من بين الطلاب الخريجين البالغ عددهم 12 طالبًا وطالبة، حصل ثمانية منهم بالفعل على وظيفة.

بدورها، تقول «كلودين مبارك»، منسقة برنامج التعليم الشامل، إن المنهج الدراسي يتناسب مع أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، مهما كانت الصعوبات التي يمرّون بها. وتضيف: «سواء أكانوا يقرأون أم لا، يكتبون أم لا، يتحدثون العربية، أو الفرنسية، أو الإنجليزية، فإن البرنامج متاح للجميع».

ووفق «مبارك»، فإن البرنامج يرحب بتسجيل كل شخص يزيد عمره عن 16 عامًا، وليست لديه إمكانية الوصول إلى مؤسسة متخصصة، والمعيار الوحيد للقبول هو غياب المشكلات السلوكية، وخاصة السلوك العنيف الذي قد يُعرض المجموعة والمعلمين للخطر.

تدريب نظري وعملي

ويضم البرنامج أربع وحدات أساسية من شأنها إعداد الطلاب لمزاولة مهن في البستنة، أو المطاعم، أو الضيافة، أو الفنون. كما يضم أيضًا أربع وحدات ثانوية مصممة لتعزيز التنمية الشخصية، والاستقلالية، والاعتماد على الذات. وتوضح «مبارك»: في جميع الوحدات، جزء نظري وتدريب عملي مُعمّق، لأن الممارسة مهمة للغاية. ومن خلال التدريبات المختلفة، يختبر الطلاب ما تعلموه من الناحية النظرية، مما يسمح بتنمية المهارات التي تعدهم للحياة المهنية.

وتشدد منسقة برنامج التعليم الشامل، على فوائده بالجامعات، قائلة إن الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، يشعرون، في البرنامج، بأنهم طبيعيون ويشبهون إلى حد كبير البالغين، عبر وجودهم في البيئة الجامعية. وتضيف أن ذهابهم إلى جامعة عادية يجعلهم يشعرون بالمسؤولية والفخر، حيث يختلطون ببعضهم البعض، ويزورون المقهى، ويتناولون وجبات الطعام معًا، كأي طالب جامعي آخر.

وظائف وثقة بالنفس

ومن بين الخريجين الذين حصلوا على وظائف هناك، ألكيتيس دَرَزي، التي تعاني من عسر الكلام، وماري العشّي، وشربل خيرالله، وكلاهما يعاني من متلازمة داون. وتعمل «دَرَزي» (22 عامًا)، في مطبخ بأحد الفنادق، فيما يعمل «خيرالله»، (24 عامًا)، مدبر نزل في الفندق نفسه، و«العشّي»، (25 عامًا)، متدربة في محل لبيع الزهور.

وتقول ليديا دَرَزي، والدة «ألكيتيس»: «عندما أعيد التفكير فيما مضى، أستطيع أن أقول إن ابنتي قد تغيرت بنسبة 100% . إنها أكثر مسؤولية وانضباطًا واجتماعية وتتولى واجباتها بالكامل. إنها الآن شخص جديد».

وبالمثل، يشعر بول خيرالله، والد «شربل»، بالسعادة نفسها بالتقدم الذي أحرزه ابنه بعد انضمامه إلى البرنامج. ويقول: «تغيرت شخصيته بشكل جذري. لقد شعر أنه لم يعد طفلًا، وأنه الآن مثل أي شاب آخر يذهب إلى الجامعة». ويضيف أن نجله اكتسب المزيد من الاستقلالية والثقة بالنفس بعد دخوله سوق العمل وكسب الدخل. ويشير إلى أنه ملتزم جدًا بعمله، كما أن أصحاب العمل سعداء به للغاية. ويقول: أتاح له برنامج التعليم الشامل فرصة للحياة وللمستقبل.

«البرنامج يرحب بتسجيل كل شخص يزيد عمره عن 16 عامًا، وليست لديه إمكانية الوصول إلى مؤسسة متخصصة، والمعيار الوحيد للقبول هو غياب المشكلات السلوكية، وخاصة السلوك العنيف».

كلودين مبارك
 منسقة برنامج التعليم الشامل

ومن خلال عملها في محل لبيع الزهور، كان على «العشّي» تتبُع نظام عمل صارم، وهو ما تقوم به على أكمل وجه. وتقول والدتها، ندى العشّي: «تشعر الآن بأنها تساويني ووالدها. عليها أن تذهب إلى العمل كل يوم، وأن تعمل في مهنة وتكسب دخلًا». وأوضحت أن الذهاب إلى الجامعة «أحدث فرقًا كبيرًا» في حياة ابنتها. وتابعت: «أصبحت ماري أكثر اجتماعية، ولديها الآن مجموعة من الأصدقاء من فصلها الدراسي. عندما تخرجت، كانت شخصًا مختلفًا تمامًا».

أمل لأولياء الأمور والطلاب

من جانبها، تقول «مبارك»، منسقة البرنامج، إن أولياء الأمور يلعبون دورًا حاسمًا في تنمية مهارات أطفالهم، معتبرة إياهم، الجهات الفاعلة الرئيسية في نجاح التعليم الشامل، «لأنهم يعرفون أبناءهم بشكل أفضل، ويمكنهم دعم عمل المعلمين». وتتابع: «كمنسقة، يمكنني القول إنها كانت تجربة جميلة، لأننا منحنا الأمل لكل من أولياء الأمور والطلاب على حدٍ سواء. في غضون بضعة أشهر، لاحظنا مدى تطورهم ونضجهم».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويوضح «بجاني»، مدير برنامج «جامعة للكل»، إن التعليم الشامل «غيّر وجه جامعة القديس يوسف». ويضيف: «لم أكن وحدي في هذه الرحلة، لقد آمن الكثير منا، وتحلينا بالأمل، وعملنا، وناضلنا يدًا بيد. واليوم، نجحنا معًا».

مقالات ذات صلة:

الأردن: أساتذة ذوي إعاقة بدون عمل.

نازحون سوريون يروون لـ«الفنار» حكاياتهم مع التعليم المهني في إدلب.

كوفيد-19 يفاقم صعوبات تعلم الطلاب المعوقين.

مراكز جديدة لدعم الطلاب ذوي الإعاقة في خمس جامعات حكومية مصرية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى