أخبار وتقارير

«صالون الشباب» في مصر.. موسم اكتشاف مواهب الفن التشكيلي

تحت شعار «الحلم أرض الإبداع»، تشهد مصر منذ السادس عشر من كانون الثاني/يناير الماضي، وحتى منتصف شباط/فبراير الجاري، فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من «صالون الشباب»، ذلك الحدث الفني الذي يقيمه قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، سنويًا، بمشاركة شبابية واسعة.

وبإمكان الزائر لقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية، بالقاهرة، حيث تقام الفعاليات، ملاحظة تنوع الأعمال التي يتجاوز عددها مائتي عمل فني لـ196 فنانًا وفنانة لا تتجاوز أعمار كل منهم، الثالثة والعشرين، وفق شروط المشاركة، وغالبيتهم من أحدث خريجي كليات الفنون في جامعات البلاد.

وتأتي مشاركة هؤلاء من خلال التقدم بأعمالهم في مسابقة يعلن عنها قطاع الفنون التشكيلية، وتكون نتيجتها عرض أعمالهم الفائزة، شريطة ألا يكون قد سبق عرضها في أية محافل فنية أخرى. ويقدم الصالون جوائز عدة تبلغ قيمتها 160 ألف جنيه مصري (نحو 10 آلاف دولار أمريكي)، في ثمانية فروع، بالإضافة إلى جوائز تشجيعية تمنحها لجنة الفرز والتحكيم المعنية بالحدث.

بحسب خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، فإن صالون الشباب هو «الحدث الأهم، والمحطة الرئيسية للاكتشاف، وللطموح، وأحلام النجومية، والرافد الحقيقي للحركة التشكيلية المصرية عبر اكتشاف المواهب الواعدة والجادة». وفي كلمة له بهذه المناسبة، قال إن الصالون «هو موعد الدهشة والتمرد والجرأة. أصبحنا نترقبه بشغف لتدور بعده حوارات حول الأفكار، والتقنيات، والأساليب التي تغطي كل مجالات الفنون التشكيلية في الأغلب، فهو البوصلة التي يجب أن يختلف ما قبلها عما بعدها».

«هو الحدث الأهم، والمحطة الرئيسية للاكتشاف، وللطموح، وأحلام النجومية، والرافد الحقيقي للحركة التشكيلية المصرية عبر اكتشاف المواهب الواعدة والجادة».

خالد سرور
رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية

تجارب ذاتية

وتظل التجارب الذاتية، والحكايات الشخصية، منبعًا رئيسيًا لمشاركات عدة. في عملها «التوحد مع الطبيعة»، تنظر الفنانة أمنية محمد سيد، إلى رحلتها الشخصية مع العلاج والفحوصات الطبية الطويلة بعين رومانسية. وتقول لـ«الفنار» إن مشروعها بدأ مع ملاحظتها لشجرة كانت تُطل على المستشفى التي كانت تتردد عليها لتلقي العلاج الذي بدأته قبل سنوات، بعد تعرضها لحادث أثّر على حركتها.

من الجدب إلى النماء، مضت الفنانة الشابة تلاحظ مراحل تطور الشجرة، وتراه انعكاسًا لحالتها النفسية، إلى أن اكتست أغصان الشجرة بالأوراق الخضراء. وتقول أمنية سيد، التي تعمل معيدة بكلية الفنون الجميلة، بجامعة حلوان، إنها تحرص، في أعمالها الفنية، على التعبير بتلقائية عن تلك الحالة الشعورية بين الإنسان والطبيعة.

حوار مع الطبيعة

بالطريقة نفسها، بدا التماهي مع الطبيعة عنصرًا من عناصر التعبير في واحد من مشروعات «التجهيز في الفراغ»، وهو فرع فني يعتمد على تجهيز مساحة مغلقة أقرب للغرفة الصغيرة، وتأثيثها بوسائط مختلفة، لتقديم فكرة فنية يتفاعل فيها المتفرج مع العمل المعروض.

جانب من أعمال المشاركين في صالون الشباب

في هذا المشروع، اعتمد صاحبه على تجهيز غرفة صغيرة، تتدلى من سقفها عشرات العصافير المصنوعة من الورق بطريقة «الأوريجامي» اليابانية، وتم توظيف عنصر الإضاءة بتدريجات زرقاء لصنع حالة أقرب لثنائية السماء والتغريد، وفي الخلفية يمكن الاستماع لصوت مفاتيح السلم الموسيقي «دو..ري..مي»، في حوار يسعى المشروع لبنائه بين عالم الموسيقى البشرية، وموسيقى الطبيعة، في تبادل للإلهام بين الجانبين.

كما وجد بعض المشاركين في الأعضاء البشرية، مصدر إلهام واسع، فهناك من استلهم تشريح القلب البشري، في مادة خزفية تُبرز ثناياه الرقيقة، كما استعان آخرون بالجسد، أو الهيكل العظمي ككل، كما يبدو في صور الفحوص الطبية، بعد إضافة رتوش فنية.

واقع افتراضي

«هل لم يكن هذا الحلم لي من البداية؟» يمكن قراءة هذا السؤال على جدار يُجاور مُجسمًا لهاتف بشكله الكلاسيكي القديم، وقد تدلت منه العديد من السماعات، وكأنها لا تزال تحتفظ بحكايات أصحابها الغائبين. وهو مشروع يحمل اسم «في يوم وليلة»، ويُعرض في الصالون ضمن فرع «الفنون التفاعلية».

«حاولت التعبير عبر العمل عن فكرة العزلة التي يعاني منها الإنسان هذه الأيام. استخدمت خامات مثل: الخزف، والحبال، والحديد، والرخام، في محاولة لتقديم نمط جديد لم أقدمه من قبل».

مي عبد الله
فنانة تشكيلية شابة

ومن اللافت في الأعمال المعروضة، تكرار ظهور الهواتف الكلاسيكية القديمة، في مفارقة تبرز تمسك الفنانين المشاركين من جيل الهواتف الذكية، بذلك الوصل الفني بين الحنين للماضي، والتعبير الفني المعاصر، بما فيها فنون الجرافيك والفوتوغرافيا التي يغلب عليها لقطات الأبيض والأسود لبيوت قديمة، وحركة عقارب الساعة، ومفاتيح البيانو، والنوتة الموسيقية.

عن عملها الذي يجسد تمثالًا لفتاة تجلس معصوبة العينين، تقول الفنانة مي عبد الله، لـ«الفنار» إنها حاولت التعبير عبر العمل عن فكرة العزلة «التي يعاني منها الإنسان هذه الأيام»، وفق تعبيرها. وتضيف أنها استخدمت في تمثالها خامات، مثل: الخزف، والحبال، والحديد، والرخام، في محاولة لتقديم نمط جديد لم تقدمه من قبل.

وتوضح: «اعتمدت بشكل خاص على الخزف لأنه خامة أرضية، أراها تحاكي الأرض، وتركت فيه تشققات تشبه تشققات الأرض العطشى، أما الحبال فعززت هيئة الفتاة معصوبة العينين، وكأنها موجودة في قلب الحدث، لكنها تشعر في حقيقة الأمر بانفصالها عن الواقع، وربما غرقها في واقع افتراضي مغاير».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

على جانب آخر، يبحث بعض الفنانين عن مساحة مختلفة للهروب من الواقع مؤقتًا، عبر استدعاء علاقتهم مع سنوات طفولتهم المبكرة، وتذكّر ألعابهم، حتى أن إحدى المشاركات قامت ببناء مُجسم يحاكي بيت الدُمية الشهيرة «باربي» بكل ما تحمله من حنين ورمزية حول معايير الجمال، ومفهوم المثالية.

مقالات ذات صلة:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى