أخبار وتقارير

باستخدام التكنولوجيا.. معرض للفن المعاصر في لندن يعيد تقديم تراث بلاد النهرين بالعراق

كجزء من مشروع بحث بصري يأمل في تغيير طرق توثيق بلاد ما بين النهرين، ينظم فنانون عراقيون معرضًا للفن العراقي المعاصر، في بريطانيا.

والمشروع الذي تقيمه الفنانة والأكاديمية العراقية، المقيمة في بريطانيا، هناء مال الله، يحمل عنوان: «أطلال متزامنة: استكشاف الجانب الرافديني من العراق من خلال الفن المعاصر»، أو «Co-existent Ruins»، بالتعاون مع خمسة فنانين عراقيين في أربعة مواقع أثرية في بلاد ما بين النهرين.

يسعى المشروع لإبراز، وعرض المواقع الأثرية: أور، وبابل، ونفّر، والنمرود، في حلةٍ جديدة. وتقول منظمة رشيد إنترناشونال، وهي شبكة من خبراء التراث الأثري والثقافي، تسعى لحماية المواقع التاريخية بالعراق، إن الحكومة اعتادت توظيف حراس لحماية المواقع التراثية، لكنها توقفت عن ذلك في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. وأعيد توفير الحماية، جزئيًا فقط، في السنوات اللاحقة، لكن بعدما أصبحت معظم المواقع «منسيّة ومهملة».

ويضم المعرض أعمال فنانين عراقيين ولدوا، أو يعيشون حاليًا بالقرب من المواقع الأثرية، بهدف معرفة مدى إمكانية الربط بين الفنانين، واللقى الأثرية المصورة، لخلق فهم بصري جديد للتراث الرافديني القديم.
توظيف التكنولوجيا

«وجدنا أن استخدام التكنولوجيا، مثل الطائرات بدون طيار، كمواد فنية يُمكّننا من إيجاد منظور آخر لتاريخنا. فبدلاً من التنقيب المادي في الموقع، يستخدم الفنانون أدوات إبداعية للتنقيب عنها افتراضيًا».

هناء مال الله
فنانة وأكاديمية عراقية

شغلت فكرة المعرض، بال «مال الله» منذ فترة طويلة، لكن الفكرة تبلورت أكثر عند الفنانة العراقية، بعد عملها على مشروع بعنوان «طائرة بدون طيار تضرب زقّورة أور» في عامي 2016 و2017.
بعد ذلك بعامين، استخدمت الفنانة العراقية، ريّا عبد الرضا، أيضًا، طائرة بدون طيار، لتصوير نفسها، وهي تصلي على قمة زقورة أور. وتقول «مال الله»: «وجدنا أن استخدام التكنولوجيا، مثل الطائرات بدون طيار، كمواد فنية يُمكّننا من إيجاد منظور آخر لتاريخنا. فبدلاً من التنقيب المادي في الموقع، يستخدم الفنانون أدوات إبداعية للتنقيب عنها افتراضيًا».

وتعاونت «بتول مهدى»، وهي مصورة بريطانية-عراقية، مع «مال الله» في هذا المعرض من خلال التقاط صور للتسلسل الرقمي المتحفي للقطع الأثرية المعروضة في المتحف العراقي للآثار في بغداد، بدلًا من القطع نفسها. ونقلت «مهدي» الفكرة، فيما بعد، إلى شوارع بغداد، حيث قامت بتصوير السكان المحليين بأرقام على جباههم، على أمل أن يخلق ذلك رابطًا بين كل شخص، وقطعة أثرية قديمة تحمل ذات الرقم المتحفي.

وسلطت الفكرة، الضوء على شعور فقدان الهوية، الذي ينتاب كثير من العراقيين بسبب ضياع الكثير من الآثار القديمة جراء الحروب والنزاعات في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد نهب العديد من القطع الأثرية من المتحف الوطني في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003.

وقتها، نشرت وسائل إعلام دولية قصصًا عن نهب واسع النطاق طال المتاحف والمواقع الأثرية في البلاد، مما أشاع الخوف بين الناس حيال فقدان تراثهم.

من أعمال المعرض

وفي ظل أزمات شتى تضرب العراق، على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي، تعتقد «مال الله» أن العراقيين، داخل العراق أو خارجه، «يؤمنون بمفهوم أن الكينونة لا تعني الحاضر فحسب، بل تفيد بأن تراثهم النهريني يمكن أن يمنحهم أملًا في مستقبل جيد».

مشروع يخدم الباحثين

تقام فعاليات «أطلال متزامنة» بمعرض بروناي، في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية، ويستمر عرضه حتى 19 آذار/ مارس المقبل. ويقول جون هولينجورث، رئيس معارض بروناي بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن (SOAS) إن استجابة الجالية العراقية في المملكة المتحدة للمعرض كانت إيجابية للغاية.

وقد كان من المقرر افتتاح المعرض في عام 2020 لكن تم تأجيله بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.

ويوضح «هولينجورث» أنه كان حريصًا على مساعدة ودعم المشروع «كجزء من مهمتنا لتقديم معارض تعكس العديد من الموضوعات والمناطق المتنوعة التي تُدرس هنا». ويضيف أن الأكاديميين والطلاب في مختلف أقسام وتخصصات مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) سيستفيدون من هذا المشروع.

ويقول «هولينجورث»: «من المأمول أن توفر مدرسة SOAS الفرصة لمواصلة وتطوير عمل المشروع، بما يتجاوز نطاقه الحالي مما يؤدي إلى إقامة معارض مستقبلية في أماكن أخرى».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ومن جانبها، تقول «مال الله» إن مواقع بلاد ما بين النهرين غنية بالتاريخ والثقافة، وهي مصدر تراث العراق وشعبه. ووفق القائمين عليه، فإن معرض «أطلال متزامنة» يُظهر أن بإمكان الفن المعاصر، توظيف تقنيات العصر، لتقديم طريقة جديدة للحفاظ على التراث للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى