أخبار وتقارير

رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران لـ«الفنار»: ندعم الصحة النفسية ببرامج متخصصة

أمام أزمة متشعبة تشهدها الجامعة اللبنانية، إلى درجة العجز عن توفير المستلزمات اللوجستية لتشغيل مبانيها، يحاول رئيس الجامعة، بسام بدران، التصدي لواقع صعب تعطلت فيه العملية التعليمية بالجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة.

ويعي الأكاديمي اللبناني، مدى تأثير الأوضاع في الجامعة التي تقدم خدماتها التعليمية مجانًا، على الآلاف من الطلاب وأسرهم، وذلك من واقع تجربته الشخصية، كواحد من طلابها السابقين.

تولى «بدران» رئاسة الجامعة، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد مسيرة مهنية بدأت في العام 2005، باختياره مديرًا لمركز أبحاث البيئة والصحة بالجامعة، قبل أن يشغل منصب عميد كلية العلوم، في العام 2010، حتى اختياره رئيسًا للجامعة قبل بضعة أشهر.

في مقابلة خاصة مع «الفنار» عبر الإنترنت، يقول «بدران» إن الجامعة اللبنانية هي التي ساعدته، من خلال التعليم المجاني، على الزواج وتكوين أسرة، والترقي مهنيًا وأكاديميًا. ويضيف: «أدرك أهمية دوري في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها الجامعة، وانعكاسه على الآلاف من أمثالي. أريد أن أرد الجميل للجامعة في هذه الأزمة».

ويشير المسؤول الأكاديمي الرفيع إلى أن الجامعة اللبنانية هي جامعة الدولة التي تؤمّن التعليم للمجتمع، بمختلف مستوياته المادية. ويصف تأثير غيابها عن هذا الدور بـ«الكارثة» التي تضرب استقرار المجتمع، و«نهاية كل شيء في لبنان»، على حد تعبيره.

يبلغ عدد طلاب الجامعة اللبنانية، التي تأسست في العام 1951، نحو 86 ألف طالب، يدرسون في 19 كلية، وثلاثة معاهد متخصصة، عبر 76 فرعًا تنتشر بأنحاء لبنان كافة. ويصل عدد أعضاء هيئة التدريس إلى نحو 1650 أستاذًا متعاقدًا، وقرابة 3320 أستاذًا، و2500 موظف إداري.

مواجهة الأزمة المالية

للتعامل مع الأزمة المالية، بعد تخفيض الموازنة المخصصة للجامعة، للعام الدراسي الحالي، لنحو 12 مليون دولار، من أصل 265 مليون دولار كانت إدارة الجامعة قد طالبت بها الحكومة، اعتمد «بدران»، منذ توليه منصبه، خطة عاجلة لتحويلها من مؤسسة تعليمية بالمجان، إلى مؤسسة ربحية تدر المال.

«كان للجامعة اللبنانية حضور بحثي مؤثر في المنطقة العربية، لكن الأزمة المالية أثرت بشكل كبير على الأبحاث ذات الكلفة المادية، والتي ستظهر آثارها على المدى البعيد في نوعية الأبحاث التي تقدمها الجامعة».

بسام بدران
رئيس الجامعة اللبنانية

وتعتمد الخطة على تشجيع عدد من كليات الجامعة على إطلاق مشاريع استثمارية، منفردة، أو بمشاركة القطاعين الحكومي والخاص، من خلال توظيف علوم وخبرات الأساتذة والطلاب فيها، وذلك لضمان استمرارية تقديم التعليم في الجامعة بالمجان، وتطوير هذه الكليات.

ويقول رئيس الجامعة إن هذا التحرك يمثل «الحل الطارئ» لمواجهة العجز الحاد في الموازنة، وضمان استقلالية الجامعة. ويوضح أن هذه المشاريع تساهم في إتاحة دعم مقبول، لحل جزء من المشكلة المادية وليس كلها، إذ يظل الدعم الحكومي، والدولي هو الكفيل بانتشال الجامعة اللبنانية من أزمتها، بحسب تعبيره.

وتأتي الخطة في سياق محاولات سابقة لتوفير موارد إضافية، مثل إطلاق الجامعة وحدة تابعة لكلية الصحة العامة، لإجراء فحوصات كورونا، لجميع الوافدين إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي، وذلك منذ ظهور الوباء. كما افتتحت عيادات للصحة النفسية وأمراض الصدر، للعامة، داخل كلية الطب، وتشترك كلية الهندسة في عدد من المشاريع الإنشائية مع القطاعين الحكومي والخاص.

وعن مساعي البحث عن دعم دولي، يقول بسام بدران إنهم تواصلوا مع المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي، واليونسيف، طلبًا للدعم من أجل استمرارية العملية التعليمية. ويضيف أنهم حصلوا على تعهدات من هذه المؤسسات بدعم الجامعة خلال الفترة المقبلة، من خلال توفير المواد التعليمية اللازمة لإجراء البحوث، إلى جانب أشكال أخرى من دعم الأساتذة والطلاب.

برامج لدعم الصحة النفسية

ولم تتوقف الآثار السلبية للضائقة التي تعانيها الجامعة اللبنانية عند حدود العوز الاقتصادي، أو العجز عن توفير ما يلزم لتشغيل مبانٍ أو مختبرات، حيث أدت الأزمات المتراكمة إلى معاناة بعض الطلاب من اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب، أو الشك في المستقبل، وهو ما حاولت إدارة الجامعة معالجته عبر تقديم برامج للصحة النفسية، في استجابة رسمية للحاجة لمثل هذه النوعية من البرامج.

وعن هذه البرامج، يقول رئيس الجامعة إن الظروف التي يعيشها الأساتذة، أو الطلاب، من تأثر كبير بالأوضاع الحالية، تجعل إطلاق برامج الصحة النفسية أولوية في المرحلة الحالية. ويشير إلى إطلاق قسم علم النفس، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة، مبادرة، تحت شعار: «نحنا حدّك Be positive»، لتقديم الدعم النفسي، وخدمات الصحة النفسية، لمن يحتاج إليها داخل الجامعة، أو خارجها، بشكل مجاني.

«الدولة ممثلة في الحكومة هي التي تقرر رفع الأجور، وليس الجامعة أو رئيسها. نحن موظفون في الدولة، وطالبنا أكثر من مرة بالفعل، لكن الوضع صعب، ولا يسمح برفع الأجور، لا راهنًا، ولا على المدى البعيد».

بسام بدران  

كما شملت أنشطة الجامعة في قطاع الصحة النفسية، خلال فترة جائحة كورونا، إطلاق مشروع «خطوة نحو النجاح»، لتقديم الخدمات الأكاديمية لطلاب علم النفس، وتعميق معارفهم في هذا التخصص، مع إطلاق تطبيق إلكتروني لتلقي ومتابعة الحالات التي تحتاج إلى الدعم النفسي، وكذلك دعم حملات التوعية والإرشاد النفسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تراجع البحث العلمي

ولم يكن البحث العلمي بعيدًا عن تداعيات الأزمة التي تضرب الجامعة، وخاصة بعدما انخفض الدعم الحكومي لتمويل البحوث العلمية من مليوني دولار إلى مبلغ «أقل بكثير»، ما حدا بإدارة الجامعة إلى البحث عن شراكات بحثية لتمويل وسد العجز «الكبير» في هذا الجانب، وفق «بدران». وبنبرة أسى، يضيف: «كان للجامعة اللبنانية حضور بحثي مؤثر في المنطقة العربية، لكن الأزمة المالية أثرت بشكل كبير على الأبحاث ذات الكلفة المادية، والتي ستظهر آثارها على المدى البعيد في نوعية الأبحاث التي تقدمها الجامعة».

أزمة الأجور

 ونتيجة لتآكل قيمة الأجور بسبب تهاوي الليرة اللبنانية أمام الدولار، يقول بسام بدران إن أكثر من مائة أستاذ جامعي، غادروا الجامعة خلال العامين الماضيين جراء انخفاض المرتبات. وعقدت إدارة الجامعة جلسات تفاوضية مع الأساتذة المتعاقدين الشهر الماضي، لفض اعتصامهم الذي استمر لثلاثة أشهر، على خلفية قضية الأجور نفسها. وكان هدف التفاوض هو تمكين الطلاب من مواصلة الدراسة، وأداء الامتحانات.

ورغم إقرار رئيس الجامعة بمعاناة الأساتذة المتعاقدين، والذين لم يتم سداد أجورهم منذ أكثر من سنة، دون أي التزام طبي، أو اجتماعي، أو تأميني، من الجامعة تجاههم، إلا أنه يقول بوضوح إنه لا يملك حلًا لأزمتهم في الوقت الراهن. ويضيف: «عندي جزء من الحل، كوسيط في نقل مطلبهم بتعيينهم كأساتذة دائمين. أعددت ملفًا لنحو ألف أستاذ منهم، لضمهم إلى الأساتذة الدائمين، وأرسلته إلى وزارة التربية والتعليم، التي ستحيله، بدورها، بعد مناقشة جوانبه كافة، إلى مجلس الوزراء اللبناني».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويشرح «بدران»، واقع الجانب المالي في تسيير الجامعة اللبنانية، قائلًا: «الدولة ممثلة في الحكومة هي التي تقرر رفع الأجور، وليس الجامعة أو رئيسها. نحن موظفون في الدولة، وطالبنا أكثر من مرة بالفعل، لكن الوضع صعب، ولا يسمح برفع الأجور، لا راهنًا، ولا على المدى البعيد».

مقالات ذات صلة:

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى