أخبار وتقارير

تنديد فلسطيني بتقييد إسرائيل مشاركة الأجانب بجامعات الضفة الغربية

تشهد الأوساط الأكاديمية الفلسطينية، راهنًا، موجة واسعة من الرفض، لقرار إسرائيلي بفرض قيود على التحاق الأكاديميين، والطلاب الأجانب، بالجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

ووفق ما كشفت عنه صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في الثامن من آذار/مارس، فقد صدرت تعليمات من سلطات الاحتلال، تقضي بتحديد عدد المحاضرين والطلبة الأجانب المسموح لهم بالتدريس والدراسة بالجامعات الفلسطينية.

ويحدد القرار، الذي سيدخل حيز التنفيذ بحلول أيار/مايو المقبل، عدد التصاريح التي سيتم منحها للأساتذة الأجانب، بمائة تصريح، و150 تصريحًا للطلبة الأجانب، سنويًا، في ثماني عشرة جامعة فلسطينية بالضفة الغربية. كما تقضي تلك التعليمات بإجراء الطالب الأجانب، مقابلة بالسفارة الإسرائيلية لدى بلده حيث يقيم، قبل توجهه إلى الأراضي الفلسطينية، مع تحديد مدة التأشيرات الأساسية للطلبة والمحاضرين، بسنة واحدة فقط.

«تضييقات إضافية»

من جانبها، اعتبرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الفلسطينية أن القرار يفرض «شروطًا جديدة، وتضييقات إضافية على دخول الأكاديميين والطلاب الأجانب للانضمام للجامعات الفلسطينية»، كما عبرت بعض الجامعات عن رفضها القاطع للقرار.

«تمرير مثل هذا القرار يعني شهادة بعزل المؤسسات التعليمية الفلسطينية عن عالمها الخارجي، وتحجيم تأثيرها التعليمي».

عماد البرغوثي
أستاذ فيزياء الفضاء – جامعة القدس

ويقول غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام»، إن القرار سيحد من قدرة الجامعات على الاستفادة من الكفاءات الأكاديمية الفلسطينية التي ليس لها حق المواطنة، أو الكفاءات الأكاديمية الدولية، أو العربية، بما يترتب عليه عزل مؤسسات التعليم العالي داخل فلسطين، عن الحياة الأكاديمية في العالم.

ويضيف أن الجامعات وحدها هي المنوط بها تحديد احتياجاتها من التخصصات، أو أعداد الأساتذة الأجانب، موضحًا أن جامعات الضفة الغربية، تعتمد، بشكل رئيسي، في برامجها الدراسية على الكفاءات الأكاديمية بالخارج، في ظل الهجرة المستمرة للأكاديميين الفلسطينيين.

وتعتقد منى مطر، نائب الرئيس المساعد للشؤون الأكاديمية بجامعة بيت لحم، في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أن المقصود بالقرار هم الفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج، ولا يملكون بطاقات تسمح لهم بدخول بلادهم، مشيرة إلى أن القرار الإسرائيلي الجديد، تجديد لقرار سابق بمنع الأساتذة، والطلبة الأجانب من دخول المناطق الفلسطينية، بهدف الدراسة أو التدريس. وتضيف: «نحن محرومون من توظيف أساتذة من الخارج بجامعاتنا، خلافًا للحقوق المستقرة لكل جامعات العالم».

تأثيرات كبيرة

وتخشى جامعات الضفة الغربية من أثر هذه القيود، على برامج الشراكة الأكاديمية مع جامعات إقليمية وعالمية، وكذلك برامج التبادل الطلابي، أو البرامج المخصص للطلبة الأجانب، والتي تشكل مصدرًا ماديًا، ومعرفيًا لها.

ويقول عماد البرغوثي، أستاذ فيزياء الفضاء بجامعة القدس، لـ«الفنار للإعلام» إن القرار سيؤدي إلى تراجع المؤسسات الدولية عن تمويل المشروعات البحثية بالجامعات الفلسطينية، في ظل اشتراط مؤسسات، مثل الاتحاد الأوروبي، وجود شركاء أوروبيين في برامج جامعات الضفة الغربية، لتخصيص تمويل لها، أو تقديم منح لطلابها.

ويدرك «البرغوثي»، هذا الأثر من واقع خبراته التدريسية لدى العديد من المؤسسات الدولية، مثل: وكالة الفضاء الأمريكية، والمعهد السويدي لفيزياء الفضاء، ومرصد باريس، وجامعة ولاية يوتا الأمريكية، وجامعة ماغدبورغ الألمانية.

وأضاف «البرغوثي»، الذي عمل في وقت سابق أستاذًا زائرًا بالجامعة العربية الأمريكية في جنين، أن المشكلة الأكبر تتمثل في المستقبل المجهول لبرامج الدراسات الثنائية بجامعة القدس، والتي تمثل نظامًا دراسيًا هو الأول من نوعه في فلسطين، وتقوم بشكل رئيسي على منح شهادة دراسية من جامعتين، كما تتطلب وجود أكاديميين أجانب بشكل مستمر.

ويشير الأكاديمي الفلسطيني، إلى أن القيود الإسرائيلية السابقة على سفر الأكاديميين الأجانب إلى فلسطين، ومنحهم تأشيرة سياحية لمدة ثلاثة شهور فقط، تسببت في وقف برنامج تعاون أكاديمي، كان قد أعده بنفسه، لصالح قسم الفيزياء بجامعة القدس، مع وكالة الفضاء الأمريكية. ويوضح أن إضفاء الطابع الرسمي على القيود الإسرائيلية القائمة بالفعل «يزيد من صعوبة تغيير القرارات، ويجعل من غير الممكن، التحايل عليها، ويرسخ فكرة لدى العالم الخارجي، بأن التعاون مع جامعات الضفة أمرًا غير ممكن».

يحدد القرار، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ بحلول أيار/مايو المقبل، عدد التصاريح التي سيتم منحها للأساتذة الأجانب، بمائة تصريح، و150 تصريحًا للطلبة الأجانب، سنويًا، في ثماني عشرة جامعة فلسطينية بالضفة الغربية.

في هذا السياق، يشير غسان الخطيب إلى أن القرار قد يتسبب في إغلاق نحو 9 برامج دراسية للغات الأجنبية، يتولى تدريسها أكاديميون أجانب بجامعة بيرزيت، مع وقف البرامج الأكاديمية المخصصة للطلاب الأجانب الزائرين، ومنها: برنامج الدراسات العربية الفلسطينية، وهو برنامج مخصص للطلبة الأجانب الراغبين في دراسة الوضع الفلسطيني والعربي.

ووفق «الخطيب»، يعمل بجامعة بيرزيت، عادة، نحو أربعين أكاديميًا أجنبيًا، ويدرس في صفوفها نحو ستين طالبًا من الخارج، مشيرًا إلى أن القيود القائمة، راهنًا، تسببت في رحيل عدد من الأكاديميين الأجانب.

أحمد عزام، واحد من هؤلاء الذين اضطروا للحصول على إجازة من جامعة بيرزيت في آب/أغسطس من العام الماضي، والاستقالة من منصبه كمستشار لرئيس الوزراء الفلسطيني، وذلك بعد اضطراره للعيش بعيدًا عن أسرته سبع سنوات، بسبب رفض سلطات الاحتلال منح زوجته تأشيرة لدخول الأراضي الفلسطينية. ويقول «عزام»، الذي يعمل حاليًا أستاذًا للعلاقات الدولية بجامعة قطر، لـ«الفنار للإعلام» إن القيود الإسرائيلية المفروضة سابقًا على انتقال الأكاديميين الأجانب، حالت دون قيامه بمهمته الأكاديمية في جامعة بيرزيت.

ويوضح أن هذه القيود، منعت ما لا يقل عن 10% من الطلاب الأجانب، من الالتحاق ببرنامج الدراسات العربية والفلسطينية، بالجامعة، والذي كان يترأسه «عزام»، بين عامي 2012، و2014، بالإضافة إلى إلغاء جامعات بريطانية، ويابانية، وأوروبية، عقودها مع البرنامج نفسه «لأن تأشيرات الدخول غير مضمونة». ويقول إن تحول القيود إلى قرار رسمي سيعجل بتحول التعليم العالي في فلسطين، إلى «تعليم محلي محدود، ومعزول حتى عن المجتمع الفلسطيني نفسه».

جهود لمنع سريان القرار

وأمام هذه المخاوف، تسعى مؤسسات فلسطينية، إلى إطلاق حملات لشرح تداعيات القرار، ومنع تفعيله رسميًا، من خلال دعوة الحكومات الغربية، والمؤسسات الأكاديمية الدولية، والسفراء الأجانب بالأراضي الفلسطينية، إلى التنديد بالقرار، والمطالبة بوقف العمل به، باعتباره مناقضًا للحق في التعليم المنصوص عليه بالمواثيق الدولية.

وعن تلك المساعي، يقول غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت، إنهم يستهدفون من خلال التواصل مع ممثلي السفارات الأجنبية، والجامعات التي يتعاملون معها، تكوين جبهة لممارسة مزيد من الضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن القرار.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

بالمثل، يشير عماد البرغوثي، إلى تواصل بين أساتذة جامعات الضفة الغربية، يستهدف إطلاق حملة لجمع توقيعات رافضة للقرار الإسرائيلي، من أكاديميين غربيين من ذوي التأثير في الأوساط الأكاديمية بجامعات أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، لدعم موقف الجامعات الفلسطينية. ويقول الأكاديمي الفلسطيني إن تمرير مثل هذا القرار يعني «شهادة بعزل المؤسسات التعليمية الفلسطينية عن عالمها الخارجي، وتحجيم تأثيرها التعليمي».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى