أخبار وتقارير

لتشجيع الابتكار ومواجهة «هجرة الأدمغة».. برامج جامعية لبنانية لدعم مشروعات الطلاب

على أمل توفير فرص أمام المبتكرين من الطلاب والخريجين، تشجع جامعات لبنانية، الراغبين في اقتحام سوق العمل، على إطلاق مشروعاتهم الناشئة، وفق برامج متنوعة، على الرغم من أزمة اقتصادية تضرب البلاد.

قبل ثلاث سنوات، تأسس «مركز فؤاد مخزومي للابتكار» بالجامعة اللبنانية الأمريكية (LAU) لمساعدة المبتكرين على تطوير أفكارهم إلى منتجات قابلة للتطبيق من خلال برنامجين، وهما: LAU Spark، الذي يعد بمثابة حاضنة أعمال، وLAU Innovative، وهو مبادرة لتقديم البحوث لصالح الشركات، وفق إيلي بدر، نائب رئيس الجامعة للأعمال والشؤون العالمية.

إنشاء نموذج أعمال

ويوضح «بدر» لـ«الفنار للإعلام»، أن برنامج «سبارك»، يتيح للطلاب، من أصحاب الأفكار القابلة للتطوير، إمكانية حضور معسكر تدريبي، مدته ستة أشهر، حيث يتم توجيههم لتطوير فكرتهم، كما يتم تقديم المساعدة التقنية لهم، وتعليمهم كيفية إنشاء نموذج أعمال، وتسويق منتجهم.

ويتلقى الأشخاص الذين ينجحون في عرض فكرتهم على لجنة استثمار تتبع البرنامج، أموالًا أولية من الجامعة تصل قيمتها إلى 10 آلاف دولار، لمساعدتهم على تطوير، وتسويق منتجهم، على أن تحصل الجامعة اللبنانية الأمريكية على أسهم مخفضة بالشركة الناشئة حال تأسيسها في نهاية المطاف. ويقول «بدر» إن الجامعة وضعت أيضًا «سياسة لحقوق الملكية الفكرية تضمن حقوق التأليف، والنشر، للجامعة والمبتكرين، والمستثمرين».

وفي العام الماضي، فاز طالبان من الجامعة، بتحدي الابتكار الدولي لجامعة بويسي الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتمت إدارة المسابقة من قبل كلية الأعمال والاقتصاد بجامعة إيداهو، وساهم التطبيق الفائز الذي قدمه الطلاب اللبنانيون، المزارعين على تتبع حالة التربة، والطقس، وقياس مدى توافق التربة مع المحاصيل.

«يمكن لأي شخص في الجامعة، يملك فكرة مبتكرة، ولديه التزام بتحويلها إلى شركة ناشئة، أن يتقدم إلى البرنامج، سواء كان طالبًا، أو خريجًا، أو عضو هيئة تدريس، أو موظفًا».

يوسف عصفور
رئيس قسم الابتكار والتحول – الجامعة الأمريكية في بيروت

من جانبها، أنشأت الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، «واحة طلال ومديحة زين للابتكار»، قبل عامين، لتطوير أفكار رواد الأعمال والشركات الناشئة. ويقول يوسف عصفور، رئيس قسم الابتكار والتحول في الواحة، إنه يمكن لأي شخص في الجامعة، يملك فكرة مبتكرة، ولديه التزام بتحويلها إلى شركة ناشئة، أن يتقدم إلى البرنامج، سواء كان طالبًا، أو خريجًا، أو عضو هيئة تدريس، أو موظفًا. ويتعين على المرشحين لدخول البرنامج، الذي يستمر لمدة 14 أسبوعًا، ابتكار نموذج مالي، وخطط مبيعات وتسويق، وحد أدنى من المنتجات القابلة للتطبيق.

ويضيف «عصفور» أن الجامعة تقوم بتعيين مرشد للمشاركين، ورائد أعمال مقيم للعمل معهم بشكل يومي، حيث يتم مساعدة المبتكرين، بشكل أساسي، على الاستعداد للهدف النهائي المتمثل في إظهار منتجهم وعرضه على المستثمرين.

ومن خلال برنامج «Iprak»، تستهدف الجامعة الأمريكية في بيروت، نوعين من الشركات الناشئة، حيث يساعد البرنامج أولئك الذين هم في مرحلة التطوير من خلال «الحد الأدنى من المنتجات القابلة للتطبيق»، وكذلك الذين هم في مرحلة النمو، ولديهم بالفعل منتج، ولكنهم بحاجة إلى توسيع سوقهم. ويشير «عصفور» إلى إنشاء أكثر من 30 شركة ناشئة في العامين الماضيين، تقوم بتوظيف طلاب، وتجمع ثلاثة ملايين دولار في صناديق الاستثمار.

مسابقة سنوية للابتكار

وتنظم رئاسة الجامعة الأمريكية في بيروت، مسابقة سنوية للابتكار، وتكون مفتوحة لجميع من لهم صلة بالجامعة. ويجب أن تمتلك الفرق المشاركة عضوًا واحدًا من الجامعة ليكون مؤهلًا للمنافسة على الجوائز التي تمنح للمتسابقين النهائيين في المركزين الأول والثاني، بقيمة 35 ألف دولار، و10 آلاف دولار، على التوالي.

وكانت «سيلي تيك» واحدة من الشركات الناشئة الناجحة ضمن برنامج «Ipark» في الجامعة الأمريكية في بيروت. وقد طور فريق الشركة، الذي انتقل منذ ذلك الحين إلى لوس أنجلوس، بطاقات SIM افتراضية يمكن للمسافرين تنزيلها على هواتفهم لاستخدام الخدمات المحلية بدلًا من دفع رسوم التجوال باهظة الثمن. كما طورت شركة ناشئة أخرى، اكتسبت اهتمامًا عالميًا، برمجيات طبية، يمكنها تحليل درجة شفافية القرنية، للمساعدة في التشخيص والعلاج.

«الجامعة اللبنانية الأمريكية أنشأت مركزًا صناعيًا، في جبيل شمال بيروت، في محاولة منها للحد من ظاهرة هجرة الأدمغة. وهذا المركز الصناعي سيضم مركزًا للابتكار، ومساحة مكتبية للصناعات».

إيلي بدر
نائب رئيس الجامعة اللبنانية الأمريكية للأعمال والشؤون العالمية

ولدى الطلاب بجامعة القديس يوسف أيضًا مركز لريادة الأعمال يمكن أن يقودهم إلى «بيريتك»، وهو مركز للشركات اللبنانية الناشئة. وتقول أورسولا الحاج، مديرة المركز إنهم يقدمون، في مرحلة ما قبل حضانة الأعمال، ورش عمل حول جميع جوانب ريادة الأعمال، بداية من الفكرة المبتكرة، إلى أبحاث السوق والتسويق، والتمويل والحصول على دعم والتواصل والترويج.

مواجهة ظاهرة هجرة الأدمغة

وتتفق هذه البرامج المتنوعة، على غاية يتحدث عنها مسؤولو الجامعات، وهي محاولة مواجهة ظاهرة «هجرة الأدمغة» التي تهدد بحرمان لبنان من طاقات الابتكار الشابة. وعن ذلك، يقول يوسف عصفور: «يكمن جزء مما نعمل على تحقيقه، في إبطاء هجرة الأدمغة، من خلال خلق الفرص، وتشجيع الأشخاص ذوي الأفكار المبتكرة، لتطوير ريادة الأعمال والشركات الناشئة محليًا».

ويضيف أن جزءًا من مهتمهم يتمثل أيضًا في المساعدة على تطوير النظام البيئي لريادة الأعمال. كما يعرب عن أمله في يساعد خلق المزيد من الفرص في دفع المبتكرين لتفضيل البقاء بدلًا من المغادرة، أو حتى الاحتفاظ بمكاتب ثانوية في لبنان، أثناء قيامهم بالتسويق خارج البلاد.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

لكن أمام حقيقة كون لبنان «بلد ذو سوق صغير، يبحث كثير من المبتكرين عن فرص في الخارج». وهو ما تتحدث عنه أورسولا الحاج بالقول إن من يتبقى في الوطن من شباب المبتكرين «ينظرون إلى العالم كسوق لهم». وتضيف: «أفضل سيناريو لهؤلاء، هو البقاء في لبنان وتقديم الخدمات على المستوى الدولي».

وبدوره، يقول إيلي بدر، إن الجامعة اللبنانية الأمريكية أنشأت مركزًا صناعيًا، في جبيل شمال بيروت، في محاولة منها للحد من ظاهرة «هجرة الأدمغة»، مشيرًا إلى أن هذا المركز الصناعي سيضم مركزًا للابتكار، ومساحة مكتبية للصناعات. ويوضح أن الصناعات ستتمتع بإمكانية الوصول إلى بنية تحتية مستقرة، ومختبرات حديثة من شأنها أن تستفيد من خبرات ومواهب أعضاء هيئة التدريس والطلاب. ويشدد على أن الهدف النهائي هو «إشراك الصناعة لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الجامعة».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى