أخبار وتقارير

رئيسة جامعة إيفورا البرتغالية لـ«الفنار للإعلام»: النساء في التعليم العالي يواجهن تحديات حسب كل بلد

من واقع عملها الأكاديمي في رئاسة جامعة إيفورا، جنوب البرتغال، منذ العام 2014، وما شهدته الأعوام الأخيرة من تطورات درامية متسارعة في بيئة التعليم العالي والبحث العلمي، تقول آنا كوستا فريتاس، إن ثمة «تحديات لا تزال تواجه النساء في التعليم العالي، بحسب مستوى الثقافة والتعليم في كل بلد».

تحمل آنا كوستا فريتاس، درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية والدكتوراه في التكنولوجيا الإحيائية. وعلى مدار 18 عامًا، درّست الكيمياء في جامعة نوفا لشبونة، ومن ثم في جامعتها الأم، جامعة إيفورا. في عام 2006، أصبحت نائب رئيس الجامعة قبل أن تنضم إلى فريق التوعية التابع لمكتب مستشاري السياسة الأوروبية (BEPA) في بروكسل، في العام 2010.

وعن العلاقة بين مهام منصبها الأكاديمي، وعملها البحثي، تقول إن تولي منصب رئاسة الجامعة يتطلب منها القيام بالكثير من العمل، ويؤثر على قدرتها في إجراء البحوث. وتشرح قائلة: «في جامعة إقليمية صغيرة، يجب أن يشارك رئيس الجامعة في جميع شؤونها، وهذا يؤثر على عقلية الفرد، ويعوق تركيزك على البحث».

النساء في قيادة الجامعات

وعن تجربتها الشخصية، تشير الأكاديمية البرتغالية في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، إلى إن أحد هذه التحديات هو أن الرجل في المنصب الأكاديمي، لا يواجه بسؤال مثل: كيف تشعرين بصفتك امرأة ترأس جامعة؟ مثلما واجهت مرارًا. وتضيف: «أقول لهم إنني لا أعرف، لأنني لم أكن يومًا رجلًا يرأس جامعة».

وأوضحت إن بإمكان المرأة  تحقيق ما تريد، لكن عليها أن تكون أكثر حسمًا من الرجل. وتابعت: «عندما يكون الرجل حاسمًا يعتبرونه قوي الشخصية، أما المرأة، حين تلجأ إلى الحسم، فيسمونها: امرأة عنيدة. هذه هي الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى المسألة. ومع ذلك، فإن الأشياء تتغير؛ في جامعتنا العديد من أعضاء مجلس رئاسة الجامعة ورؤساء الأقسام والوحدات من النساء».

«عندما يكون الرجل حاسمًا يعتبرونه قوي الشخصية، أما المرأة، حين تلجأ إلى الحسم، فيسمونها: امرأة عنيدة. هذه هي الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى المسألة».

آنا كوستا فريتاس
رئيسة جامعة إيفورا – جنوب البرتغال

جامعة متصلة دوليًا

ومن التجربة النسوية في العمل الأكاديمي، إلى أهمية البحث العلمي، وتأثير كوفيد-19 على التعليم العالي، واللاجئين، دارت هذه المقابلة مع رئيسة الجامعة المعنية بأربع مجالات رئيسية، وهي: الاستدامة الزراعية والتنوع البيولوجي، والتراث والفنون، والطيران والتحول الرقمي، والصحة ورفاه الإنسان. وتقول الأكاديمية البرتغالية إنها جامعة شاملة، ومتصلة دوليًا، تقدم العشرات من برامج البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، وتضم نحو تسعة آلاف طالب. وإلى جانب امتلاك الجامعة فرعًا في جزيرة ساو تومي وبرينسيبي، وسط إفريقيا، حيث ناقش أول طالب دكتوراه هناك أطروحته، مؤخرًا، في مجال تعليم العلوم، فإن الجامعة لديها 18 وحدة بحثية معتمدة.

علاوة على ذلك، تقيم الجامعة شراكة مع اتحاد الجامعات المتوسطية في روما (UNIMED) ومؤسسة بريما في برشلونة التي تمول مشاريع حول الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والنمو الاقتصادي والاستقرار. وذكرت «كوستا فريتاس» أن فرع «شبكة يونيميد للطعام والماء» يمتلك مكتبًا في الحرم الجامعي، مشيرة إلى مشاركة الجامعة في برنامج «بريما». وتضيف: «إذا ما أردنا تحقيق السلام في العالم، علينا تحقيق التنمية التي تساعد الناس على العيش بهدوء في بلدانهم».

وإلى جانب الزراعة والبيئة، ترى رئيسة جامعة إيفورا أن التعاون مع «يونيميد» في بناء القدرات «ذو تأثير». وأشارت إلى أهمية مبدأ تبادل الأساتذة والطلاب، لتوعية الناس على مستوى العالم، لافتة إلى وجود تعاون لجامعتها، مع بلدان عربية مثل العراق، ومصر، والمغرب، والجزائر، وتونس. وتقول الأكاديمية البرتغالية، إن التعلم مدى الحياة يمنح الأمل في عالم يهدده الصراع. وتضيف أن التركيز على الربح ليس مستدامًا، بل إنه يتسبب في الواقع في نشوب كل الحروب حول العالم، ولذلك تؤكد «أهمية تشارك المعرفة».

اللاجئون

من خلال المنصة العالمية التي أسسها الرئيس البرتغالي الراحل، خورخي سامبايو، للطلاب السوريين، استقبلت الجامعة عددًا من الفارين من الحرب الأهلية في سوريا، وقد تم توسيع هذه المنصة، حاليًا، لاستضافة طلاب أوكرانيا الذين تركوا جامعاتهم بسبب الحرب في بلدهم. وتقول «كوستا فريتاس» إن نجلها، وهو والد لثلاثة أطفال، يستضيف اثنين من أطباء الأسنان القادمين من أوكرانيا، في منزله.

التأثير التربوي والنفسي لكوفيد-19

عن تجربة جامعتها في مواجهة تداعيات كوفيد-19، تقول «كوستا فريتاس» إن فترة تفشي الوباء كانت أصعب وقتٍ مرّ على الجامعات، لكنها أبرزت أهمية البحوث التي لولاها ما حصل العالم على اللقاح حتى الآن، بحسب تعبيرها.

ووصفت التحول المفاجئ من التعليم الحضوري إلى التعليم عبر الإنترنت بـ«الوحشي». وأوضحت أنهم، في جامعة إيفورا، حولوا  الدورات النظرية إلى الإنترنت، وقرروا تقديم الدورات العملية بالكامل في غضون أسبوعين خلال أيار/ مايو. وتوضح أنهم لجأوا إلى تكييف أنفسهم مع دورات الفيديو الجديدة، وإعداد المعلمين للتدريس والامتحانات عبر الإنترنت، وفي بعض الأحيان تزويد الطلاب بأجهزة الكمبيوتر والإنترنت.

«الجامعات لا تعد الخريجين لسوق العمل سريع التغير. لا نعرف ما ستكون الوظائف عليه في غضون ثلاث أو أربع سنوات. هذا يجعل الطلاب يعودون لأخذ دورات إضافية. يجب أن يدركوا أن التعلم مهمة تستمر مدى الحياة».

آنا كوستا فريتاس

كما تشير إلى أن الأثر السلبي لعمليات الإغلاق كان «مروعًا». وتقول الأكاديمية البرتغالية إن الجامعة كان لديها طبيب نفسي واحد قبل حلول الوباء، أما اليوم، فلديهم ثلاثة أطباء نفسيين، مع قائمة انتظار تصل مدتها إلى شهر. وتعلق: «هذه مسؤوليتنا». كما تقول إن الجيل الحالي من الطلاب، «عانى من صدمة شديدة، بسبب العزلة والانفصال عن المجتمع. إنهم بحاجة إلى العودة إلى الجامعة، ونحن بحاجة إلى العودة تدريجيًا إلى التعليم وجهًا لوجه».

وتدعو «كوستا فريتاس» لإعادة التفكير في التعليم عبر الإنترنت، موضحة أن التعليم المختلط قد يكون الخيار الأفضل، على أن يتم إعداد المعلمين بشكل جيد، لأن التعليم عبر الإنترنت لا يشبه مجرد التحدث عبر الكاميرا، فقد قد يكون وجود شخص يتحدث معك من خلال صندوق صغير أمرًا مملًا. وأضافت: «إنه عالم جديد تمامًا».

مكافحة تغير المناخ

في بحوثها، طبقت «كوستا فريتاس» طرقًا كروماتوجرافية لفهم تكوين النبيذ وزيت الزيتون والأطعمة الأخرى. ومع ذلك، تعتقد أن نقص المياه يمثل التحدي الأكبر. وتشير إلى أن 90% من أراضي البرتغال شهدت، خلال العام الجاري، جفافًا حادًا. وتوضح: «لم تمطر لدينا لمدة ثلاثة أشهر. لقد عايشت دول جنوب البحر المتوسط هذا منذ فترة طويلة قبلنا. نحن بحاجة إلى أن نفهم ونتأقلم. يتحدث الجميع عن الجفاف، ولكن بمجرد أن تمطر ينسون ذلك. يجب معالجة هذا كل عام، حتى عندما تمطر».

وتعدّ إيفورا، المدينة الرئيسية في منطقة «ألينتيخو»، جنوب البرتغال، والتي تضم أيضًا أحد أكبر السدود الكهرومائية في غرب أوروبا على «بحيرة ألكيفا». وفي إشارة إلى تأثير السدود الكبيرة على التنوع البيولوجي وثقافة الناس، قالت «كوستا فريتاس» إن السياسيين والعلماء بحاجة إلى فهم بعضهم البعض، لأنهم يركزون على مجالين مختلفين: البيئة والاقتصاد. وتابعت: «نحن بحاجة إلى نوع من الدبلوماسية العلمية لسد الفجوة».

تعليم مدى الحياة

وترى الأكاديمية البرتغالية أنه على الجامعات إشراك الطلاب في البحث، في وقت مبكر، وأن يكون التعليم أكثر تركيزًا على الطلاب. وفي عالمٍ يعجّ بكمية هائلة من المعلومات والأخبار المزيفة، تطالب بأن تعد الجامعات، طلابها، ليس لجوهر دراستهم فحسب، بل للعالم الذي يعيشون فيه.

الجامعات وسوق العمل

كما تقول «كوستا فريتاس» إن الجامعات لا تعد الخريجين لسوق العمل سريع التغير. وتضيف: «لا نعرف ما ستكون الوظائف عليه في غضون ثلاث أو أربع سنوات. هذا يجعل الطلاب يعودون لأخذ دورات إضافية. يجب أن يدركوا أن التعلم مهمة تستمر مدى الحياة». ولهذا الأمر علاقة بتعيين معلمين جدد، وما تثيره الخطوة من مشكلات مالية. وأوضحت: «طاقم التدريس لدينا من كبار السن في الغالب. هذه مشكلة لأنهم لا يستطيعون تغيير أساليب تدريسهم».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

في ختام مقابلتنا، تؤكد رئيسة جامعة إيفورا البرتغالية إنه بإمكان المعرفة أن تغير العالم بطريقة مثمرة ومستدامة. وتقول: «بدون المعرفة، لن يكون لك موقف أو كلمة تقولها. يعتمد قيام الديكتاتورية، على سبيل المثال، على الأشخاص الذين لا يمتلكون معلومات كافية، لأن المعرفة تتيح لك فرصة أن يكون لك موقفك، وآراءك، وأساليب حياتك».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى