أخبار وتقارير

من زمن مضى.. سرديات جديدة حول حياة فنانين وأدباء مصريين

بين جدل حول الاعتماد على مناهج بحثية معتبرة، أو الاكتفاء بسرديات شفاهية لا ترقى إلى مستوى التوثيق المطلوب، تبرز، هذه الأيام، كتابات جديدة صدرت مؤخرًا، حول قصص عدد من الراحلين من نجوم الفن والأدب في مصر.

ويجمع هذا اللون من كتابة سِيَر الفنانين، بين كل من التوثيق والبحث، والسرد الأدبي، في تناغم يستهدف خلق روابط بين مفارقات النجومية، والتحديات الشخصية خلال سنوات النشأة والصعود، وحكايات الإحباط التي لم تغب عن حياة هؤلاء رغم صخب الأضواء والنجومية.

مديحة كامل.. سنوات الظهور والاختفاء

عن كتابه المعنون: «مديحة كامل.. سنوات الظهور والاختفاء» (دار الرواق، 2022)، يقول الكاتب المصري محمد سرساوي لـ«الفنار للإعلام» إن الرغبة في الكتابة عن الفنانة الراحلة (1948 – 1997)، كانت تراوده على الدوام. ويضيف: «كنت أود اكتشاف عالمها الفني، والخاص، كمن يبحث عن باب سحري فى البورتريه الخاص بها».

مرّت رحلة الكاتب في البحث، بزيارة للأرشيف في مؤسسات الصحف القومية، والمركز الكاثوليكي للسينما، ودار الكتب والوثائق القومية بمصر، متصفحًا الأخبار والمقالات والموضوعات التي سعى من خلالها لرصد وتأمل حياة مديحة كامل في كتاب ليكون بمثابة «وردة على قبرها».

ووفق «سرساوي»، فقد سعى لتضفير الحياة الخاصة لمديحة كامل بمحطات حياتها الفنية، كما اقترب من عالمها منذ كانت طفلة صغيرة موهوبة بمدينة الإسكندرية.

«بعض الكتاب يلجأون إلى أساليب غير احترافية في كتاباتهم، مثل: الاعتماد على جلسات النميمة كأنها مصدر توثيقي، والاستعانة بالموضوعات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والمنتديات، دون مراجعة لصحة المعلومات الواردة فيها».

محمد سرساوي
كاتب مصري

ويحكي الكاتب قائلًا: «منذ طفولتها، كانت نجمة في مجال الرياضة، والعزف وكتابة الخواطر، ثم في التمثيل، وهي في المرحلة الإعدادية».

ويشير الكتاب إلى نيلها جائزة التمثيل الأولى على مستوى الجمهورية في مسابقة المسرح المدرسي، ثم يتقصى محطاتها العمرية والفنية، وصولًا إلى قصة زواجها وعلاقتها بابنتها وأصدقائها وزملائها، وكذلك الأدوار التي أدتها في كل مرحلة عمرية وفنية، و«من هنا كان الترتيب الزمني عاملا حاسمًا في صنع الكتاب».

يضم الكتاب، ثمانية فصول، حاول الكاتب فيها الإحاطة بعالم النجمة الراحلة. ويقول «سرساوي»  إن الحوارات الصحفية مع مديحة كامل كانت كاشفة لأبعاد جديدة في شخصيتها ورؤيتها الفنية. ويصف تلك الحوارات بأنها كانت صادقة مرحة أحيانًا عند الحديث عن الفن والأدوار التي أدتها، أو عن الحب، أو عن ابنتها الوحيدة ميرهان.

ويشير كذلك إلى وجود حوارات «يشع منها الحزن خاصة عند حديثها عن موت أخيها، أو مرض أمها، أو ظروف أخرى خاصة بها». ويعلق بالقول إن رحلة مديحة كامل لم تكن سهلة، بل شاقة، عانت فيها الكثير، حتى تحقق لنفسها ما تعي أنها كانت تستحقه من مكانة فنية.

https://www.bue.edu.eg/

أنا يوسف إدريس

بالمثل، يتتبع الكاتب المصري بشري عبد المؤمن، سيرة الأديب الراحل يوسف إدريس، في كتابه المعنون: «أنا يوسف إدريس» (ريشة للنشر والتوزيع، 2021).

وعن تجربته تلك، يقول «عبد المؤمن» لـ«الفنار للإعلام»: «جئت من الريف الذي أتى منه إدريس، وأحببت ريفيته حتى أثناء الكتابة، فقد كان في ظني نقيضًا لتجربة نجيب محفوظ، أو بالأحرى وجه آخر للعملة، فإدريس كان فلاحًا بامتياز، يرمي البذرة فتنبت ما يشاء لها الله سواء رواية، أو قصة، أو مقال، أما محفوظ فقد كان بنّاءً عظيمًا؛ بنى أعظم هرم في تاريخ الرواية العربية، وسبب أخير لا يتعلق بإدريس شخصيًا، وإنما بالنبع الصافي الذي علمه الحكاية متمثلًا في جدته الكبرى، ملكة (ملكة)».

«انتشار كتابة السير الذاتية الخاصة أمر مرتبط بفترات التغيّر التي تمر بكل أمة، حيث تعود إلى تراثها، وتاريخ أبرز مبدعيها. نريد دليلًا يصحبنا في أوقات التغيير».

بشري عبد المؤمن
كاتب مصري

وعن تحديات رحلته مع الكتاب، يشير بشري عبد المؤمن إلى ما يصفه بالروايات المتناقضة لبعض الأحداث، والتفاصيل المتعلقة بمحطات حياته، كما حدث مثلًا عند تحديد الفترة التي سُجن فيها، أو المبلغ الذي تقاضاه عند فوزه بجائزة القصة في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكيفية إنفاقه المبلغ.

ويضيف أن أبرز التحديات التي واجهته خلال الكتابة عن يوسف إدريس، تمثلت في رغبته بألا يتأثر بلغة الكاتب الراحل الجزلة حين يكتب عنه، حتى لا يبدو ظلًا أو شبيهًا.

وعن الكتابات التي تعيد النظر في سير الفنانين والأدباء، يقول «عبد المؤمن» إن الأمر مرتبط بفترات التغيّر التي تمر بكل أمة، حيث تعود إلى تراثها، وتاريخ أبرز مبدعيها. ويرى أن هذا هو السبب وراء «انتشار السير الذاتية الخاصة». ويضيف: «نريد دليلًا يصحبنا في أوقات التغيير».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وبدوره، ينظر محمد سرساوي، إلى اهتمام بعض دور النشر بهذا اللون من الكتابة، بالقول إن هناك «نخبة متميزة» في مجال كتابة السير الذاتية الفنية التي تستخدم «التقنيات الصحيحة». ويوضح أكثر فيقول إن هذه التقنيات تشمل: الإطلاع على الأرشيف، وإجراء مقابلات مع شخصيات لها علاقة بالشخصية موضوع الكتابة.

ومع ذلك، يشكو «سرساوي»، من لجوء بعض الكتاب إلى «أساليب غير احترافية في كتاباتهم، مثل: الاعتماد على جلسات النميمة كأنها مصدر توثيقي، والاستعانة بالموضوعات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والمنتديات، دون مراجعة لصحة المعلومات الواردة فيها».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى