أخبار وتقارير

مواجهة العنف ضد المرأة في مصر والمغرب.. إشكاليات وفرص ترصدها دراسة حديثة

من خلال استقراء بيانات رسمية لواقع العنف ضد المرأة في مصر والمغرب، توصي دراسة حديثة بحزمة إجراءات تراها كفيلة بتحسين فرص المواجهة لصالح النساء في معارك العنف القائم على النوع الاجتماعي.

الدراسة التي تحمل عنوان: «العنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر والمغرب: السياسة وصنع السياسات»، نشرتها «يورومسكو»، الشبكة الرئيسية لمراكز الأبحاث والفكر في المنطقة الأورومتوسطية، والتي تضم حاليًا 117 معهدًا، من 30 دولة أوروبية، وجنوب البحر المتوسط.

وفي حين اعتمدت الدراسة على إحصائيات رسمية للعنف ضد النساء في البلدين خلال العقد الأخير، فقد دعت إلى اتباع سياسات للحد من الظاهرة، مثل: زيادة عدد دور الإيواء للنساء المعنفات، وربط المساعدات الدولية بالتطوير المهني للأجهزة الشرطية، ومنظمات المجتمع المدني، في الاعتراف بأشكال العنف.

في مقابلة مع «الفنار للإعلام»، عبر البريد الإلكتروني، قالت دينا راشد، المؤلفة المشاركة في الدراسة إن هناك تشابهات مجتمعية بين دول العالم العربي، أو منطقة جنوب المتوسط، ومن ثم فإن الدراسة المتعمقة للتجارب في مصر والمغرب، تتيح للباحثين تقييم الحلول والسياسات التي تم تبنيها.

وأضافت، وهي عميد مساعد بجامعة شيكاغو الأمريكية، أنه من خلال هذا التقييم والدروس المستخلصة، تستطيع الحكومات توجيه المصادر المتاحة لتحسين أوضاع النساء، وتقليل حدة الاحتقان المجتمعي، معتبرة أن العلاقة بين البحث العلمي، والقضايا المجتمعية «علاقة عضوية»؛ لأن باحثي العلوم الاجتماعية يرصدون التحديات القائمة، في سبيل فهم إشكاليات المجتمع وأسبابها.

«خلال هذا التقييم والدروس المستخلصة، تستطيع الحكومات توجيه المصادر المتاحة لتحسين أوضاع النساء، وتقليل حدة الاحتقان المجتمعي، فالعلاقة بين البحث العلمي، والقضايا المجتمعية علاقة عضوية».

دينا راشد
عميد مساعد بجامعة شيكاغو الأمريكية

ولدت فكرة الدراسة، التي استغرق العمل عليها نحو عشرة أشهر، في مؤتمر بحثي بالمغرب، جمع دينا راشد مع المؤلفة المشاركة في الدراسة رابحة سيف علام، بالتزامن مع وقوع حادث تحرش جنسي في مصر.

من جانبها، قالت «علام»، وهي باحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ«الفنار للإعلام» إن الدراسة قامت على دراسة السياسات المغربية لحماية النساء، ومن ثم الوقوف على مواطن الاتفاق والاختلاف مع التجربة المصرية إزاء الأمر نفسه، ومحاولة تعزيز الانفتاح بين قصص النجاح في البلدين لتحقيق الاستفادة المتبادلة. وعلى سبيل المثال، توصي الدراسة باعتماد التعاون المغربي المحلي بين خلايا الدعم والمنظمات النسائية، مع بعض التعديلات، كنموذج في مصر، وزيادة عدد دور الإيواء المتاحة للنساء المعنفات، أسوة بالتجربة المغربية.

أجرت الباحثتان سلسلة من المقابلات الشخصية مع سبعة عشر شخصًا من العاملين، والمعنيين بمكافحة العنف ضد المرأة في البلدين. وتنوعت هذه الشخصيات بين ممثلي السلطات الرسمية، وأساتذة الجامعات المتخصصين في هذا الشأن، والحقوقيين والمدافعين عن حقوق النساء بالجمعيات الأهلية، وفي البرلمان، فضلًا عن «مؤثرين» في تحريك النقاش العام على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتخبرنا الدراسة أن بداية الاهتمام بقضية العنف ضد المرأة في البلدين، كان من خلال إجراء استطلاع وطني لسؤال النساء عما يتعرضن له من عنف، سواء في المجال العام من غرباء، أو في نطاق الأسرة، قبل أن تنطلق الجهات المسؤولة لتقييم حجم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك، وإقرار عدد من القوانين والبرامج التي تساعد في توفير حماية أكبر للنساء.

وترى «علام» أن البحث العلمي «قاطرة حقيقية» لتعزيز الاهتمام بقضية العنف ضد النساء. وتقول إن الوضع في البلدين «أفضل بالتأكيد ولكنه لا يزال بعيدًا عن توفير الحماية المثلى للنساء». وتصف الخطوات التي تتخذها الحكومة في كل من مصر والمغرب، لتوفير قدر أكبر من الحماية للنساء، سواء لمنع العنف قبل أن يقع، أو ضمان وصولهن لنظام العدالة، وتقديم شكوى بعد وقوع العنف، بأنها «جادة للغاية».

بدورها تعتقد حنان الداغور، أستاذة في كلية اللغات والآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة ابن زهر المغربية، أن العنف القائم على النوع الاجتماعي «ظاهرة عالمية»، وليست مرتبطة بدولة بحد ذاتها، لكن خصوصيتها في المجتمعات العربية مرتبطة نوعًا ما بأن التطور والتحديث «يسير بوتيرة بطيئة عن الدول الأخرى التي حوصرت فيها هذه الظاهرة عبر آليات قانونية وتوافق مجتمعي».

وأضافت في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أن العنف ضد النساء في المغرب «مشكلة مركبة، تتداخل فيها عوامل مشتركة بين الجانب الاقتصادي والثقافي، ونظرة المجتمع لدور المرأة، والمحظورات المفروضة عليها». وتشير إلى أن الدوافع وراء هذا العنف «منها ماهو فردي، وماهو مجتمعي». وترى «الداغور» أن الدولة المغربية «خطت خطوات متقدمة للسيطرة على هذه الظاهرة، من خلال مجموعة من القوانين الداعمة لحقوق المرأة التي تتعرض للعنف»، بالإضافة إلى زيادة فاعلية دور منظمات المجتمع المدني في التوعية بهذه الظاهرة.

«البحث العلمي قاطرة حقيقية لتعزيز الاهتمام بقضية العنف ضد النساء. الوضع في البلدين أفضل بالتأكيد، ولكنه لا يزال بعيدًا عن توفير الحماية المثلى للنساء».

رابحة سيف علام
باحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

وتقترح الأكاديمية المغربية، اضطلاع المراكز البحثية بدور رئيسي في أي سياسات إزاء مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر والمغرب، مشيرة إلى أهمية الجمع بين أكثر من تخصص بحثي، لرصد الظواهر من جوانبها كافة.

من جانبها، تقول رابحة سيف علام إن حل المشكلة، في أي بلد، ليس مرهونًا فقط بالسياسات الحكومية، بقدر ارتباط هذا الحل، بتزامن إصدار القوانين، أو إطلاق البرامج والسياسات، مع درجة من التنسيق بين الدولة من جهة، والمؤسسات الأهلية من جهة أخرى، سواء في مرحلة صياغة هذه القوانين والبرامج، أو في مرحلة تنفيذها.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتضيف أن وجود القوانين «ليس كافيًا في حد ذاته»؛ بل يجب الوصول به إلى النساء في أنحاء البلاد كافة. وتوضح أنه قد يكون القانون قائمًا، ولكن لا يتم تنفيذه لأن المرأة المعنية به لا تعلم من الأساس أن القانون يقدم لها الحماية. كما تطالب بضرورة وجود قدر أكبر من التنسيق والتكامل بين المؤسسات الرسمية، ومنظمات المجتمع الأهلي، بهدف نشر الوعي بالسياسات الحكومية الداعمة في أوساط أكبر قدر ممكن من النساء.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى