أخبار وتقارير

برنامج أوروبي لمساعدة اللاجئين السوريين والمأزومين في لبنان على مواصلة الدراسة

أمام انقطاع مسارهم الدراسي بشكل مفاجئ، لأسباب متعلقة بالحرب في سوريا، أو بالأزمة الاقتصادية اللبنانية، يساعد برنامج يموله الاتحاد الأوروبي، اللاجئين السوريين، والمأزومين في لبنان، على مواصلة تعليمهم.

وفي إطار البرنامج المعروف اختصارًا باسم «آمال» (HOPES)، تمكّن طلاب من الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، حيث خصّص الاتحاد الأوروبي 12 مليون يورو، للبرنامج، من خلال صندوقه الائتماني الإقليمي المعروف باسم «مدد».

بدأت خطة «مدد» في عام 2014، استجابة لتداعيات الأزمة السورية. وكانت تستهدف توفير فرص تقديم تعليم عالٍ جيد للاجئين السوريين، والطلاب المعوزين بالمجتمعات المضيفة في لبنان، ومصر، والأردن، وإقليم كردستان العراق، وتركيا.

تجارب طلابية

بفضل منحة دراسية في إطار برنامج «آمال»، في العام 2019، حصل مالك عواد، على درجة الماجستير في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية. ويقول الشاب البالغ من العمر 32 عامًا، والقادم من درعا جنوبي سوريا، إن التسجيل في البرنامج كان سهلًا بالنسبة له، نظرًا لدراسته بالجامعة اللبنانية، غير أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للعديد من السوريين الذين كانوا قد بدأوا دراستهم الجامعية في وطنهم بالفعل، قبل أن يضطروا إلى الفرار منه بسبب الحرب الدائرة هناك.

إلى جانب تقديم المشورة النفسية والاجتماعية والأكاديمية لأكثر من 26,000 طالب، قدّم البرنامج

1,026 منحة دراسية كاملة على المستوى الإقليمي، ودورات في اللغة الإنجليزية، ومهارات الدراسة

وكانت الطالبة شهد خلف، قد قضت عامين من دراستها الجامعية في سوريا، عندما اضطرت إلى الفرار إلى لبنان، حيث كافحت من أجل قبولها بالجامعة اللبنانية. وعن تجربتها، تقول إنه توجب عليها، في البداية، معادلة شهاداتها الدراسية السابقة. وتشير إلى مواجهتها صعوبات كبيرة في متابعة النظام التعليمي الجديد بالنسبة لها، حتى أنها رسبت بالفعل في جميع المواد بالفصل الدراسي الأول. وتضيف أنها تمكنت من اللحاق بالركب في نهاية المطاف، ولكن توجّب عليها إعادة مواد العامين الأول والثاني، رغم نجاحها في الانتقال إلى الصف الثالث وقتذاك.

بعد نيلها درجة البكالوريوس في الأدب العربي، على نفقة أسرتها، تشعر «خلف» أنها كانت محظوظة بعدما فازت بمنحة «آمال» التي ساعدتها في نيل درجة الماجستير. تقول: «لولا هذه المنحة لما تمكنت من مواصلة تعليمي العالي. أنا ممتنة جدًا لأنهم وقفوا إلى جانبنا حين كنا في أمس الحاجة إلى الدعم والمساعدة».

منح دراسية كاملة

فضلًا عن تقديم 1,026 منحة دراسية كاملة على المستوى الإقليمي، قدّم البرنامج، المشورة النفسية والاجتماعية والأكاديمية لأكثر من 26,000 طالب، وتلقّى 8,514 من الطلاب دورات في اللغة الإنجليزية، ومهارات الدراسة في الجامعات، لمساعدتهم على التكيف مع الأنظمة الأكاديمية في البلدان المضيفة، بالإضافة إلى تدريب 283 من مدرسي اللغة الإنجليزية.

الطلاب الذين أتموا دورة اللغة الإنجليزية التي يقدمها المجلس الثقافي البريطاني لإعدادهم للالتحاق بالجامعات اللبنانية. (الصورة : HOPES).
الطلاب الذين أتموا دورة اللغة الإنجليزية التي يقدمها المجلس الثقافي البريطاني لإعدادهم للالتحاق بالجامعات اللبنانية. (الصورة : HOPES).

من جانبه، تحدّث ديفيد نوكس، مدير المجلس الثقافي البريطاني في لبنان لـ«الفنار للإعلام»، حول تفاصيل تصميم البرنامج، لمساعدة اللاجئين السوريين على الاندماج في نظم التعليم بالبلدان المضيفة.

ويشير إلى وجود اعترافٍ في بداية الأمر، من القائمين على البرنامج، بأن الشباب السوريين الذين انتقلوا إلى البلدان المجاورة، لم يتمكنوا من الوصول إلى التعليم العالي. ويقول إنه في إطار الاستجابة الأوروبية، تمثّل دور المجلس الثقافي البريطاني في دعم تدريس اللغة الإنجليزية لهؤلاء الشباب؛ لأن عدم إجادة لغة أجنبية كان أحد العوائق التي واجهها السوريون في الوصول إلى فرص التعليم العالي.

تطوير مهارات المعلمين

كما عمل المجلس الثقافي البريطاني على تطوير مهارات معلمي اللغة الإنجليزية المحليين، من خلال تقديم برنامج تدريبي مكثف لتعليم اللغة الإنجليزية للأغراض الأكاديمية، بحسب «نوكس». وفي السياق نفسه، ساعدت الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي (DAAD)، و«كامبوس فرانس» و«النوفيك» الهولندية (Nuffic)، برنامج «آمال» بالشراكة مع 19 جامعة في جميع أنحاء المنطقة.

وقدم «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» التابع للجامعة الأمريكية في بيروت خدمة الاستشارة والمعادلة، لمساعدة اللاجئين على فهم كيفية معادلة مؤهلاتهم السورية، وكيفية التقديم للجامعات اللبنانية. ويقول «نوكس» إنه قبل الأزمة السورية، لم يكن هناك الكثير من الانتقال لأغراض الدراسة بين سوريا ولبنان، وبالتالي فإن مكاتب القبول بالجامعات اللبنانية، لم تعتد تقييم المؤهلات السورية. ولذلك، أنشأ معهد عصام فارس أداة لمساعدتهم على معادلة هذه المؤهلات.

«عرفت كل الصعوبات التي قد يواجهها أي شاب سوري، ولاسيما المشكلات المالية. لن أجد أبدًا الكلمات المناسبة لوصف دعم البرنامج لي، ومساعدتي على مواصلة رحلتي الدراسية».

عامر عبسي
طالب سوري في لبنان

في عام 2020، انتهى برنامج «آمال» الأولي، لكنه مستمر حاليًا، وحتى عام 2023 في لبنان، والأردن، من خلال الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي (DAAD) و«كامبوس فرانس» ومنظمة «النوفيك».

وبدوره، يؤكد كارستن فالبينر، مدير برنامج آمال-لبنان (HOPES-LEB)، وممثل الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي، على النهج المحلي الجديد للبرنامج.

ويقول: «من الدروس المستفادة، تركيزنا القوي الآن على المجتمع المضيف. من حيث الأنشطة، يشبه الأمر إلى حدٍ كبير ما فعلناه من قبل؛ إذ تتلقى 18 مؤسسة لبنانية تمويلًا من جانبنا، لمشروعات تتعلق بتلبية احتياجات الطلاب في جميع أنحاء لبنان. ونقدم أيضًا دورات قصيرة، بدون درجات، للتحضير للجامعة، وسوق العمل، بالإضافة إلى التدريب المهني».

ويقدم البرنامج، في الوقت الراهن، خدماته للاجئين السوريين، واللبنانيين، بشكل متساوٍ تقريبًا، حيث «لم يعد بإمكان الكثير من المواطنين أيضًا متابعة تعليمهم الجامعي بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان».

وكانت الجامعة اللبنانية، مؤسسة التعليم العالي الحكومية الوحيدة في البلاد، قد استقبلت معظم طلاب منحة «آمال»، فيما أدرجت الجامعة اللبنانية الدولية الخاصة (LIU) ضمن برنامج «آمال-لبنان» لتلبية احتياجات السوريين فقط.

ويشير «فالبينر» إلى وجود فروع للجامعة اللبنانية الدولية، في جميع أنحاء لبنان. ويقول إنها جامعة خاصة ميسورة التكلفة ومرنة، وأن «بإمكان السوريين غير المؤهلين للالتحاق ببرامج معينة في الجامعة اللبنانية، ولا يمكنهم التسجيل بدون تصريح إقامة مناسب، القيام بذلك في هذه الجامعة الخاصة». ومع ذلك، يتوجب على الطلاب من اللاجئين السوريين، الحصول على أوراق الإقامة قبل التخرج. ويضيف أن الجامعة اللبنانية الدولية «تمتاز بتقديم تعليم جيد نسبة للأجور المنخفضة».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وفيما يواجه اللاجئون السوريون، تحديات الدراسة بالخارج، مثل الحواجز اللغوية والثقافية، إلا أنهم مهجّرون و«يعانون من صدمات، ويتعين عليهم العمل، لكسب الدخل، وغالبًا ما يواجهون العداء والتمييز»، بحسب تقارير عدة. ويقول عامر عبسي، الشاب السوري البالغ من العمر 26 عامًا، والحاصل على منحة دراسية لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها: «عرفت كل الصعوبات التي قد يواجهها أي شاب سوري، ولاسيما المشكلات المالية. لن أجد أبدًا الكلمات المناسبة لوصف دعم البرنامج لي، ومساعدتي على مواصلة رحلتي الدراسية».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى