أخبار وتقارير

رغم حل مجالس الجامعات.. مشروع قانون جديد بجامعة الخرطوم «لتعزيز الاستقلالية»

رغم قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، بحل مجالس الجامعات الحكومية في البلاد، إلا أن جامعة الخرطوم، تعول على مشروع قانون جديد، لتعزيز استقلاليتها عن السلطة التنفيذية.

المشروع الذي أجازته الجامعة، قبل أيام، يحدد آليات جديدة لانتخاب مدير الجامعة، والعمداء، ويستهدف غل يد الجهات الحكومية عن التدخل في التعيينات القيادية بالسلك الجامعي، تعزيزًا للاستقلال، والحرية الأكاديمية.

ويأمل أكاديميون، من خلال هذه الخطوة إلى إرساء أساس تشريعي جديد، بديلًا لقانون جامعة الخرطوم لسنة 1995، الذي أوكل مهمة تعيين مدير الجامعة، وعمداء الكليات، إلى السلطة التنفيذية.

وعكفت لجنة قانونية بالجامعة، طيلة العام الماضي، على إعداد مسودة مشروع القانون الجديد، استجابة لتكليف من الحكومة التي كان يترأسها عبد الله حمدوك، قبل أن يبادر الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى الإطاحة بالحكومة، وإعادة تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، في خطوة بددت الشراكة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين بالسودان.

مراجعة قانونية

وقال أحمد عبدالقادر، عضو لجنة إعداد مشروع القانون، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» إن الخطوة التالية، بعد موافقة الجامعة على مشروع القانون، تتمثل في مرور الوثيقة بمراحل متعددة من المراجعة القانونية بواسطة وزارة التعليم العالي، ووزارة العدل، على أن تصدر في نهاية المطاف بواسطة السلطة التشريعية المختصة، بعد إقرارها، من حيث المبدأ، من السلطة التنفيذية.

«التشريع الجديد، حال إصداره، يعد السبيل الوحيد لإخراج الجامعة من القبضة السياسية التي عانت منها لعقود، طيلة حكم الرئيس السابق عمر البشير

وأضاف «عبد القادر»، وهو رئيس قسم القانون العام بكلية القانون في جامعة الخرطوم، إن التشريع الجديد، حال إصداره، يعد السبيل الوحيد لإخراج الجامعة من القبضة السياسية التي عانت منها لعقود، طيلة حكم الرئيس السابق عمر البشير.

في السياق نفسه، يطالب نقابيون بأن تضمن مسودة القانون الجديد، تمثيلًا أوسع للكيانات النقابية المستقلة في مجلس الجامعة. وتقول منال عامر، أول نقيبة مستقلة للأساتذة بجامعة الخرطوم، لـ«الفنار للإعلام» إن القانون الساري حاليًا يتضمن «بعض النقاط المعيبة، والتي ركزت سلطات واسعة ومطلقة في يد مدير الجامعة». وطالبت بمراجعة التشريع الجديد، بواسطة كل الأطراف ذات الصلة، والاستماع إلى كل الآراء، حتى يتم الاستقرار على صيغة تكفل حقوق الجميع داخل الجامعة.

مشروع قانون جامعة الخرطوم الجديد

ويستحدث مشروع قانون جامعة الخرطوم الجديد، الذي حصل «الفنار للإعلام» على نسخة منه، مجلسًا للجامعة، يتكون من أعضاء من داخل وخارج الجامعة، وتوكل إليه صلاحيات عدة في الشؤون الأكاديمية، والإدارية، والمالية. وبحسب المشروع نفسه، يعد المجلس، الذي يتولى رئاسته شخص من خارج الجامعة، المسؤول عن أداء الجامعة بشكل عام، وله اتخاذ ما يراه مناسبًا من قرارات وتدابير لتحقيق أهداف الجامعة.

وتمتد صلاحيات مجلس الجامعة، إلى إقرار السياسات والخطط المستقبلية الرامية لتطوير الجامعة، والارتقاء بها، بما يشمل تحديد المؤهلات المطلوبة لتعيين أعضاء هيئة التدريس، ومساعديهم، وشروط خدمتهم، وأسس ترقياتهم، بحسب الحال، ومحاسبتهم، مع مناقشة وإجازة الموازنة السنوية العامة للجامعة.

ويمنح مشروع القانون الجديد مجلس الجامعة، الحق في سحب الثقة من رئيس الجامعة، أو نائبه بأغلبية ثلاثة أرباع أعضاء المجلس على الأقل، على أن يتم إجراء انتخابات جديدة لاختيار رئيس جديد للجامعة.

انتخاب رئيس الجامعة

يُنتخب رئيس الجامعة انتخابًا مباشرًا، بواسطة جميع أعضاء هيئة التدريس، على أن يكون المرشح أحد أعضاء الهيئة، ومن ذوي الأهلية العلمية العالية، والخبرة، والكفاءة الإدارية والمهنية، وأن يشغل منصبه لمدة أربع سنوات.

يحظر مشروع القانون، حرمان أي شخص من الدراسة بالجامعة، أو من شغل وظيفة بها، بسبب العقيدة، أو العرق، أو الجنس، أو الفكر، أو الإعاقة، إلا بما تفرضه طبيعة الدراسة، أو العمل، ووفقًا لأحكام الدستور والقانون.

وتمنح مسودة القانون الجديد، المجالس التخصصية بكلية الدراسات العليا بالجامعة، حق إجازة مقترحات البرامج الدراسية، والمقررات، والخطط الأكاديمية، وتعديلها، وبرامج الإصلاح الأكاديمي المقدمة من مجالس أبحاث الكليات، والمدارس، والمعاهد، والمراكز والعمادات، والوحدات الأكاديمية الأخرى. ووفق المشروع نفسه، يكون للجامعة دار نشر مستقلة عن مطبعة الجامعة، على أن تحدد النظم الأساسية واللوائح، أغراضها وطريقة عملها.

حرية الفكر والعقيدة وعدم التمييز

وتكفل الجامعة، بحسب مشروع قانونها الجديد، تمتع أعضاء هيئة التدريس، ومساعديهم، والعاملين، والطلاب، بحرية الفكر، والعقيدة، وحرية البحث العلمي، وعدم التمييز داخل الحرم الجامعي، وفي الأنشطة الجامعية كافة، داخل الجامعة وخارجها. وفي باب بعنوان: «حرية الفكر والعقيدة والبحث العلمي وعدم التمييز»، يحظر مشروع القانون، حرمان أي شخص من الدراسة بالجامعة، أو من شغل وظيفة بها، بسبب العقيدة، أو العرق، أو الجنس، أو الفكر، أو الإعاقة، إلا بما تفرضه طبيعة الدراسة، أو العمل، ووفقًا لأحكام الدستور والقانون.

انتقادات

في المقابل، ترى منال الفاتح صيام، أستاذ مساعد بكلية العلوم بجامعة الخرطوم، أن مشروع القانون «يخلو من معايير واضحة للترشح، والانتخاب لمنصب مدير الجامعة، مع غياب للشروط التفصيلية الواجب توافرها في المرشح لهذا المنصب، والمهام الإدارية والأكاديمية التي يتولاها»,

وأضافت «صيام»، في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أنه يجب تحديد دور مدير الجامعة، عبر تقديم إجابات تفصيلية عما إذا كان المرشح لهذا المنصب، شخصية إدارية أم أكاديمية، معربة عن رفضها منح مدير الجامعة صلاحيات مطلقة في إبرام العقود والاتفاقيات، «حتى لا يتم توظيف هذه السلطة، لاحقًا، في إعادة نفس السياسات القديمة» عند دخول مشروع القانون الجديد حيز التطبيق العملي على أرض الواقع.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

بدوره، يدافع «عبد القادر» عن مشروع القانون، في مواجهة تلك الانتقادات، ويقول إنه تم استطلاع وجهات نظر أساتذة جامعة الخرطوم كافة. وأضاف أن القانون يكفل حماية استقلالية الجامعة أمام التدخلات الحكومية، ويشكل ضمانة قوية لتحقيق ذلك.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت هناك معوقات قد تعترض إجازة مشروع القانون بشكل نهائي، أجاب بالنفي، وأضاف: «لا أعتقد أن ثمة عوائق يمكن أن تعترض استكمال خطوات إجازة الوثيقة، فالجامعة ظلت، ولسنوات طويلة، في انتظار ما نصت عليه الوثيقة، باعتباره السبيل الوحيد للتحرر من القبضة السياسية».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى