أخبار وتقارير

من «المسابقة الرمضانية».. ابن خلدون رائد علم الاجتماع بين القصور والسجون

يواصل «الفنار للإعلام»، عبر صفحتنا على «فيسبوك»، طرح أسئلة المسابقة الرمضانية، والتي انطلقت منذ بداية شهر رمضان المعظم.

ويقول سؤال اليوم (الجمعة): نحّات عراقي شهير لُقّب بـ«ـشيخ النحاتين»، ومن أشهر أعماله تمثال المتنبي: محمد غني حكمت – جواد سليم – خالد الرحال. وعلى المشاركين الإجابة من بين الاختيارات الثلاث. أما سؤال الأمس فكان يدور حول مؤرخ مسلم، أسس علم الاجتماع، واعتبرت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي. وكانت الإجابة الصحيحة هي: ابن خلدون.

عبد الرحمن بن خلدون

في كتابه المعنون: «دراسات عن مقدمة ابن خلدون» (طبعة رقمية، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2021)، يسهب المؤلف ساطع الحصري في التعريف بسيرة رائد علم الاجتماع.

يخبرنا الكتاب أن ابن خلدون، المولود في تونس في العام 1332م، تُوفي في القاهرة في العام 1406م. وبين هذين التاريخين عاش الرجل نحو ثلاثة أرباع القرن، في حياة «كانت زاخرةً بنشاط خارق للعادة، وحيوية محيِّرة للعقول».

ويقول ساطع الحصري إن نشاط ابن خلدون كان عديد الجوانب، شمل ميادين الإدارة والسياسة، والخطابة والقضاء، والدرس والبحث، والتدريس والتأليف. كما كانت حيويته «عنيفة صاخبة لا تعرف معنًى للهدوء، ولا تبالي بالأخطار والأهوال؛ ولذلك صارت حياته سلسلة طويلة من حوادث النجاح والفشل».

ويشير إلى أنه وصل إلى أعلى مناصب الحكم في عهود ملوك عديدين في دول عديدة، ولكنه في الوقت نفسه تعرَّض إلى محن ونكبات متنوعة مرات عديدة. ويقول إنه تنعَّم بنعم القصور، ولكنه ذاق مرارة الاعتقال والسجن أيضًا. حضر حربًا انتهت بانهزام الجماعة التي ينتسب إليها؛ فاضطرته إلى الهيام في الصحاري مدةً من الزمن، كما أنه تعرَّض إلى غزوة جرَّدته من كل ما كان له من أمتعة، حتى الثياب.

ويحكي ساطع الحصري عن ابن خلدون أكثر، فيقول إن مؤسس علم الاجتماع الراحل دخل غمار الحياة العامة قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وقام بمهمة سياسية خطيرة بعدما وصل إلى عتبة السبعين أيضًا، وبين وظيفته الأولى ومهمته الأخيرة تولَّى كتابة السر وخطة المظالم، وصار وزيرًا، وحاجبًا، وسفيرًا، ومدرسًا، وقاضيًا، وخطيبًا، وكل ذلك بين سلسلة من الحوادث والمشاكل، وبين ضروب من المنافسات والمخاصمات.

ولم يتمتع ابن خلدون خلال عمره الطويل – يقول الحصري – ﺑ«حياة الهدوء» بمعناها التام إلا نحو أربعة أعوام؛ وذلك بين أوائل سنة 1375م، وأواخر سنة 1378م، عندما اعتزل الحياة العامة وانزوى في قلعة ابن سلامة بعيدًا عن شواغل المدن وبهارجها. ويعلق المؤلف قائلًا: مما يلفت النظر أن هذه السنين القليلة التي اعتزل خلالها ابن خلدون الحياة العامة، وتمتع بنعم الهدوء، كانت أثمن وأخصب سني حياته، من حيث النشاط الفكري والإنتاج العلمي؛ لأن المقدمة التي ضمنت له الخلود بين أعاظم رجال الفكر في العالم كانت من نتاج هذه الحياة المنزوية في تلك القلعة النائية.

ووفق الكتاب نفسه، فإن مسرح حياة ابن خلدون ونشاطه، لم ينحصر بمسقط رأسه تونس، ومثوى رفاته القاهرة، بل شمل معظم أقطار العالم العربي المترامي الأطراف. ويوضح محطات تلك السيرة بالإشارة إلى مغادرة ابن خلدون مسقط رأسه تونس وهو في سن العشرين، ثم عودته إليها بعد ستة وعشرين عامًا، تنقَّل خلالها بين مختلِف مدن المغرب الأدنى والأقصى والأندلس.

ولم يمكث ابن خلدون في تونس بعد هذه العودة إلا أربعة أعوام، انتقل بعدها إلى مصر، وبقي فيها حتى آخر حياته، إلا أنه لم ينقطع عن التنقل بتاتًا خلال وجوده في مصر أيضًا؛ ذهب مرةً إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ومرةً إلى القدس لزيارة المقامات المباركة، ومرةً إلى دمشق للاشتراك في الدفاع عن المدينة عندما أخذ تيمور يغزو بلاد الشام.

إجمالًا، قضى ابن خلدون 24 سنة من حياته في تونس، و26 سنة منها في المغرب الأوسط والأقصى والأندلس، و24 سنة منها في مصر والشام والحجاز. ولم يُبقِ خارج مسارح حياته ومجالات نشاطه قُطرًا عربيًّا غير قلب الجزيرة العربية والعراق.

ثلاثة فائزين يوميًا

في المسابقة الرمضانية من «الفنار للإعلام»، يتم اختيار ثلاثة فائزين يوميًا، بعد إجراء قرعة بأسماء المشاركين عبر صفحتنا على موقع «فيسبوك». والجوائز اليومية عبارة عن رموز ترويجية «Promo Codes»، لاشتراكات مجانية لمدة شهر في منصات «المنتور» (almentor)، و«ستوريتل» (Storytel)، و«أبجد» (Abjjad)، المعنية بتقديم خدمات تعليمية وثقافية لمستخدميها عبر الإنترنت. وفي نهاية الشهر الفضيل، سيتم اختيار فائز واحد، باشتراك مجاني لمدة عام واحد بمنصة «المنتور».

اقرأ أيضًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى