أخبار وتقارير

بين احتجاجات ووعود.. أزمة إدماج طلاب المغرب العائدين من أوكرانيا تراوح مكانها

مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، وما جرّته من تداعيات على الطلاب العرب بالجامعات الأوكرانية، وعودة الآلاف منهم إلى بلدانهم، ما يزال المغاربة من هؤلاء يواجهون المجهول، بسبب تعثر إدماجهم في الجامعات الوطنية.

وفي محاولة للدفع نحو توفير حلول للأزمة التي ما تزال تراوح مكانها، نظم عدد من أولياء أمور الطلاب المغاربة، مؤخرًا، وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالرباط، رافعين شعارات تستنكر الموقف الرسمي لمسؤولي الوزارة، وطالبوا بإدماج أبنائهم في الجامعات والمعاهد المغربية الحكومية، «دون قيد أو شرط».

تقول ليلى أحمد، وهي إحدى الأمهات التي شاركت في الاحتجاج الأخير، إنهم يرفضون شروط الوزارة لإدماج الطلاب في الجامعات المغربية، وأبرزها ضرورة اجتياز امتحان لتقييم مستوى كل طالب قبل تقرير إدماجه من عدمه. وقد أقرت دول أخرى، نفس الشرط، في تجارب مماثلة كما جرى في مصر على سبيل المثال.

وتضيف لـ«الفنار للإعلام» أن شروط الامتحان «غير متوفرة، لأن المناهج الدراسية مختلفة، فضلًا عن اختلاف مستوى لغة التدريس، لأن الطلاب كان يدرسون باللغة الأوكرانية». وتقول هذه الأم المغربية إن العائلات «استنفدت كل الوسائل للمطالبة بإنصاف الأبناء، ومساعدتهم في هذه الأزمة»، كما تشير إلى أنهم كانوا يعولون على مساعدة رسمية في تخطي المحنة «بعدما تعرضوا لخسائر مادية ومعنوية جراء الحرب في أوكرانيا».

لقاءات تشاورية

وكان وزير التعليم العالي المغربي عبد اللطيف ميراوي، قد صرح، في وقت سابق، بأن الوزارة عقدت لقاءات تشاورية مكثفة، مع شبكة عمداء كليات الطب، والصيدلة، وكليات طب الأسنان، بكل من القطاع العمومي، والقطاع الخاص لتدارس إمكانية متابعة الطلبة العائدين من أوكرانيا دراستهم الجامعية بالمغرب. وقد أسفرت هذه اللقاءات عن بعض الاستنتاجات المبدئية، من أهمها إجراء اختبارات الولوج بالنسبة لجميع الطلبة المعنيين، بالنظر إلى طبيعة التكوينات في هذه المجالات التي تتطلب التقيد الصارم بشروط الجودة، بحسب الوزير.

وعن هذا، تقول السيدة ليلى إن الربط بين اجتياز امتحان كشرط للإدماج، والحفاظ على جودة التعليم المغربي «يضرب مصداقية دراسة الطلاب في أوكرانيا»، بحسب تعبيرها. ومن المطالب التي رفعها المحتجون، مساعدة الطلاب العائدين في الحصول على شهاداتهم، ووثائقهم الدراسية لدى الجامعات الأوكرانية.

الدراسة عن بعد

«نحن نتفهم رغبة الآباء في تسريع حل هذه المشكلة، ولكن يجب أن يعلموا أن الأمر يتطلب إجراءات ومراحل محددة، والوزارة تعمل منذ بداية الأزمة لإيجاد حلول مناسبة لمساعدة هؤلاء الطلبة على استكمال دراستهم، والإدماج سيكون في الموسم الدراسي المقبل، وليس خلال الموسم الراهن».

محمد الطاهري مدير التعليم العالي والتنمية التربوية بوزارة التعليم العالي المغربية

وفي السياق نفسه، يقول الطالب خليل المنصوري، عضو تنسيقية الطلبة العائدين من أوكرانيا إن الطلاب «فقدوا الأمل في وعود الوزارة». ويضيف في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «عدنا إلى بلادنا بسبب حرب فُرضت علينا، وبالتالي يجب مساعدتنا، وعدم وضع شروط وقيود لإدماجنا في الجامعات المغربية. نحن ضحايا حرب، لم نقرر مصيرنا بل فُرض علينا».

وعن واقع العملية الدراسية للعائدين في ظل تعثر عملية الإدماج بالجامعات الوطنية، يشير «المنصوري» إلى أن أغلب الطلبة يدرسون عن بعد مع جامعاتهم الأوكرانية، من أجل انقاذ ما تبقى من العام الدراسي. لكنه يقول إن هذا ليس حلًا، ويتساءل الطالب الذي يدرس الطب في جامعة كييف عن مصير العام الدراسي المقبل، حال استمرار الحرب كما هي عليه الآن.

في المقابل، ينفي محمد الطاهري مدير التعليم العالي والتنمية التربوية بوزارة التعليم العالي المغربية، أن تكون وزارته قد تخلت عن تنفيذ قرار إدماج الطلبة المغاربة القادمين من أوكرانيا في الجامعات والمعاهد المغربية.

ويقول لـ«الفنار للإعلام»: «نحن نتفهم رغبة الآباء في تسريع حل هذه المشكلة، ولكن يجب أن يعلموا أن الأمر يتطلب إجراءات ومراحل محددة، والوزارة تعمل منذ بداية الأزمة لإيجاد حلول مناسبة لمساعدة هؤلاء الطلبة على استكمال دراستهم، والإدماج سيكون في الموسم الدراسي المقبل، وليس خلال الموسم الراهن».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويشير المسؤول الوزاري إلى أن أكثر من  سبعة الآف طالب تمكنوا من التسجيل في المنصة الإلكترونية، التي خصصتها الوزارة، في آذار/مارس الماضي، للطلبة العائدين من أوكرانيا، موضحًا أن الوزارة، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من فرز قوائم المسجلين على المنصة، ورصد تخصصاتهم، ومستوياتهم الجامعية، «تستعد لإطلاق منصة إلكترونية ثانية لإتاحة تحميل وثائق الطلبة وشواهدهم الدراسية».

إشكاليات في دراسة طب الأسنان والصيدلة

وكان وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، قد تحدث، أمام لجنة التعليم والثقافة بمجلس النواب المغربي، عن وجود عدد من الإشكاليات تحيط بملف الطلبة المغاربة القادمين من أوكرانيا، ومن أهمها المشكلة المتعلق بشق طب الأسنان والصيدلة، حيث يتجاوز عدد الطلبة في هذين التخصصين، القدرة الاستيعابية للكليات الوطنية المعنية، بينما تطرح هذه الإشكالية بحدة أقل بالنسبة لكليات الطب، ومدارس المهندسين، وكليات ومدارس التدبير والاقتصاد.

وذكر الوزير أنه تم إجراء اتصالات مع الهيئات الدبلوماسية لبعض الدول الصديقة للمغرب، بأوروبا الشرقية، مثل المجر، وبلغاريا، والتي يتوافر فيها نظام تعليمي مماثل للنظام التعليمي بأوكرانيا، من أجل دراسة إمكانية استقبال الطلبة المغاربة بمؤسسات التعليم العالي بهذه البلدان. وفي هذا السياق، من الممكن إدماج طلاب السنة الأولى وحتى السنة الثالثة دون أي صعوبات، مع استعداد المجر لاستقبال نحو ألف طالب من الذين تعثرت دراستهم في أوكرانيا بسبب الحرب هناك، وفق «ميراوي».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى