أخبار وتقارير

الدراسات النسوية بجامعات الخليج.. تجربة أكاديمية بدأت من الكويت

على أمل ملء الفراغ الناتج عن ندرة أبحاث دراسات المرأة، والنوع الاجتماعي بالمنطقة العربية، بادرت ريم الرديني، عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت، مدعومة بعدد من زملائها، إلى تأسيس وحدة الدراسات النسوية والجندرة، بالجامعة، في العام 2019، كأول وحدة من هذا النوع بجامعات الخليج.

تهتم الوحدة، التي نالت موافقة مجلس الجامعة منذ ذلك التاريخ، بدراسات المرأة في مختلف المجالات البحثية، من خلال تقديم الحلول لبعض المشكلات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وتأهيــل الطلبــة فــي حقــل دراســات المــرأة والنــوع الاجتماعي، كحقــل معرفــي فــي العلــوم الاجتماعيــة، وكأداة تحليــل، وتخطيــط تنمــوي ومجتمعــي، بحسب «الرديني».

دراسات الجندرة

«تأييد ومصادقة جامعة حكومية على هذه الخطوة يمنح مشروعية كبيرة لدراسات الجندر، كمجال متداخل الحقول المعرفية تم تهميشه لمدة طويلة في الجامعات العربية، قبل أن يحوز الاعتراف كمحتوى معرفي ودراسي خلال العقدين الأخيرين».

مشيرة الجزيري المديرة المشاركة للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية في بيروت

عن قصة وأسباب تأسيس الوحدة التي تترأسها، تقول «الرديني»، عبر «زووم» لـ«الفنار للإعلام» إن أغلب من يتولون قضايا المرأة يتحدثون بسطحية وهامشية، فضلًا عن التشويه الذي يلحق دومًا بدراسات الجندرة والمرأة، موضحة أن دورها كأكاديمية هو تثقيف المجتمع داخل وخارج الحرم الجامعي.

وتضيف أستاذة التاريخ الإسلامي بكلية الآداب في جامعة الكويت: «دورنا كنسويات عربية أن نوظف هذه البحوث الجديدة في نشر هذه الأفكار والتحدث عنها بصوتٍ عالٍ، في ظل الهيمنة الذكورية». وتشير إلى أن الكثير من الأمور المتعلقة بهذه القضايا تتطلب نهجًا علميًا لتفكيكها، من أجل مواجهة المشكلات التي تواجه المرأة.

نقطة البداية

تعرفت «الرديني»، الحاصلة على البكالوريوس من كلية الآداب بجامعة الكويت عام 2006، على هذه الدراسات الجديدة، بشكل أكاديمي ومنهجي، للمرة الأولى، خلال سنوات دراساتها العليا ببريطانيا، حيث نالت درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة إكستر (Exter) البريطانية، بين عامي 2010 و2015، قبل أعوام من تأسيسها الوحدة بجامعة الكويت.

وخلال سنواتها في بريطانيا، درست إمكانية الربط بين قضايا بحثها الرئيسية (الدراسات الإسلامية الشرق أوسطية)، بالنظريات المرتبطة بالمرأة والنوع الاجتماعي، مما دفعها، لاحقًا، إلى تأسيس وحدة لدراسات النوع، وتوظيف بحوثها في دعم وتمكين المرأة، من خلال المساهمة في إنتاج معرفة قائمة على مناهج البحث النسوية.

وعن تلك التجربة، تقول: «كنا كطالبات ندرس أشياء عمومية جدًا حول دراسات المرأة، ثم حين ذهبت إلى جامعة إكستر، وجدت فيه دراسات الجندر، وأساتذة متخصصين فقط في هذا المجال، وهو ما شجعني على دراسة التخصص، وربطه بقضايا مجتمعاتنا العربية».

من جانبها، تعتبر مشيرة الجزيري، المديرة المشاركة للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية في بيروت، تأسيس وحدة لدراسات المرأة بالكويت «خطوة مهمة». وتوضح عبر البريد الإلكتروني لـ«الفنار للإعلام» أن تأييد ومصادقة جامعة حكومية على هذه الخطوة يمنح مشروعية كبيرة لدراسات الجندر، كمجال متداخل الحقول المعرفية تم تهميشه لمدة طويلة في الجامعات العربية، قبل أن يحوز الاعتراف كمحتوى معرفي ودراسي خلال العقدين الأخيرين.

«نستعرض، كنسويات أكاديميات كويتيات واعيات، مشكلات هذا المجتمع الذي ولدنا وعشنا فيه. ونتناول قضايا المرأة بشكل نقدي ومعمق أكثر من سطحية الطريقة السياسية التي يتم بها تناول موضوعات المرأة».

دلال الفارس أستاذة الأدب النسوي بجامعة الكويت

وتضيف أن «ديناميات الجندر مسؤولة عن أوجه اللامساواة التي تواجهها النساء في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وتقول «الجزيري» إن هذه الديناميات مسؤولة بشكل كبير عن غياب النساء عن ساحة العمل  والتوظيف، وعن بعض التخصصات العلمية، وعن مواقع الريادة والقيادة في المجال العام. وتشير إلى أن الأهداف الكونية كافة، ومنها ما يتعلق بالتنمية المستدامة، تتضمن المساواة الجندرية في تقييمها لإنجازات الدول نحو تحقيق الأهداف التنموية. وتطالب مشيرة الجزيري بالاستمرار في تطوير فهم كيفية عمل ديناميات الجندر في السياقات الوطنية والإقليمية المختلفة.

هجوم وتشكيك

حينما أسست ريم الرديني هذه الوحدة، كانت دلال الفارس، أستاذة الأدب النسوي بكلية الآداب في جامعة الكويت، هي الأكاديمية الوحيدة التي شاركت في تصميم برامج الوحدة البحثية.

وتقول «الفارس» لـ«الفنار للإعلام» إن الحديث عن دراسات المرأة والنوع الاجتماعي، أمر نادر الحدوث في الخليج، وله تبعات كبيرة من هجوم وتشكيك. وتضيف: «نحن نكمل مسيرة أكاديميات عربيات رائدات في هذا المجال أمثال ليلي أحمد، ونوال السعداوي، وخاصة مع التغيرات الكبيرة التي تعيشها المجتمعات العربية، وأحوال المرأة فيها». ووفق «الفارس»، فقد واجهت الوحدة، منذ تأسيسها، حملات هجوم من شخصيات عامة ونواب، بهدف التشكيك في أغراض تأسيس الوحدة، «مما تسبب في عزوف الطالبات والأساتذة عن الالتحاق بها».

وتوضح أستاذة الأدب النسوي بجامعة الكويت، طبيعة عمل الوحدة، بالقول: «نستعرض، كنسويات أكاديميات كويتيات واعيات، مشكلات هذا المجتمع الذي ولدنا وعشنا فيه. ونتناول قضايا المرأة بشكل نقدي ومعمق أكثر من سطحية الطريقة السياسية التي يتم بها تناول موضوعات المرأة».

وتعود خبرة «الفارس»، بدراسات النوع الاجتماعي، إلى سنوات دراساتها العليا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث نالت درجة الماجستير في دراسات المرأة من جامعة سان دييجو ستيت، والدكتوراه في تخصص «النظريات الجندر والبحوث النسوية»، من جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس (University of California – Los Angeles).

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

https://www.bue.edu.eg/

وفي مواجهة حملات الهجوم التي طالت الوحدة، تقول الأكاديمية الكويتية ريم الرديني إنها تشعر أن هذه الانتقادات جعلتها تدرك أنها تسير على الطريق الصحيح. وتضيف: «على المستوى البحثي، أنا ممتنة وفخورة، ومستمرة إلى آخر رمق». وبالمثل، تقول دلال الفارس: «لم أندم مطلقًا، هذا حلم حياتي. الهجوم تسبب في أذى لي شخصيًا، لكنه زاد من ثقتي بنفسي وبقدراتي البحثية، وجعلني مدركة أن ما نقوم به، يعد انتصارًا كبيرًا، حتى لو كان تأثيره محدودًا».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى