أخبار وتقارير

عن الحرب واللجوء والبحث العلمي.. سطور من سيرة الأكاديمية اليمنية نادية السقاف

في مشهد يليق برواية درامية عن الحرب، تمكنت الأكاديمية اليمنية نادية السقاف، من الفرار من صنعاء «متخفية» بدعم من الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2015، بعد أشهر قليلة من شغل منصب وزيرة الإعلام في اليمن ،كأول امرأة تحوز الحقيبة الحكومية البارزة في تاريخ البلاد.

تقول «السقاف» في مقابلة عبر «زووم» مع «الفنار للإعلام» إنها اضطرت إلى مغادرة بلدها خلسة، في طائرة لموظفين بالأمم المتحدة، بعدما أصبحت مطاردة من الحوثيين باعتبارها «العدو»، و«الهدف للاغتيال»، حتى أنها، وبعد خروجها من البلاد، فوجئت بصدور حكم ضدها بالإعدام، في العام 2020، من محكمة خاضعة للحوثيين.

أسوأ أزمة إنسانية في العالم

وفيما تأتي هذه المقابلة ضمن سلسلة حلقاتنا، التي نقدمها في إطار إحياء ذكرى يوم اللاجئ العالمي، والتي تحين في العشرين من حزيران/يونيو، كل عام، تشير تقارير إلى أنه منذ العام 2015، لقي ما لا يقل عن 370 ألف شخص مصرعهم، ونزح ملايين اليمنيين، في الحرب التي تصنفها الأمم المتحدة على أنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

حطت طائرة الأمم المتحدة بنادية السقاف في إثيوبيا، ومنها انتقلت الوزيرة اليمنية السابقة إلى مصر، قاصدة الأردن لتستقر لأشهر رفقة أسرتها، قبل أن تغادر إلى بريطانيا، مستفيدة بالحصول على منحة لدراسة الدكتوراه حول «سياسات تمكين المرأة في اليمن» بجامعة ريدنج البريطانية، في تخصص العلوم السياسية، والتي نالتها، بالفعل، في أواخر العام 2019.

تقول «السقاف»، المولودة بمدينة تعز في آذار/مارس 1977، إنها تؤمن بأن الوسيلة الوحيدة لمقاومة تحديات الشتات، تتمثل في التسلح بالعلم، وتوظيف المنهجيات الجديدة في إجراء البحوث حول موطنها.

الأكاديميون القادمون من مناطق النزاع «مظلومين» بسبب صراعهم النفسي الداخلي حول ضرورة إثبات النفس، عبر تحقيق نجاحات تضمن لهم البقاء في بلد اللجوء، والانشغال، في الوقت نفسه، بالحنين إلى الوطن الممزق بالحرب.

نادية السقاف أكاديمية يمنية في بريطانيا

وترى الباحثة، الحاصة على الماجستير في إدارة نظم المعلومات من جامعة ستيرلنج البريطانية في العام 2011، أن الأكاديميين القادمين من مناطق النزاع «مظلومين» بسبب صراعهم النفسي الداخلي حول ضرورة إثبات النفس، عبر تحقيق نجاحات تضمن لهم البقاء في بلد اللجوء، والانشغال، في الوقت نفسه، بالحنين إلى الوطن الممزق بالحرب، والرغبة في تقديم ما يساعد في إعادة الاستقرار إلى ربوعه.

بالمثل، يتفق وليد السقاف، الأستاذ في تكنولوجيا الصحافة والإعلام بجامعة سودرتورن بالسويد، مع شقيقته حول تلك الصعوبات التي تواجه الأكاديميين القادمين من بلدان النزاع، إلى أوروبا وأمريكا. ويقول في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» إن هؤلاء الباحثين يكتشفون، عند الالتحاق بجامعات الغرب، حاجتهم إلى أدوات بحثية تؤهلهم للاندماج في المجتمع العلمي ببلد اللجوء، وهي الأدوات التي لم تكن متوفرة في بلدانهم الأصلية، بحسب تعبيره.

خلافًا لأسفارها في تجارب سابقة، بما في ذلك دراستها البكالورويوس في الهندسة في علوم الكمبيوتر بمعهد بيرلا للتكنولوجيا، بالهند، قبل أكثر من عقدين، تشير نادية السقاف إلى أنها تحمل، راهنًا، مسؤولية تمثيل بلدها، ونقل قضاياه إلى العالم، وليس مجرد التحصيل العلمي، أو اكتشاف العالم، كما كانت تفعل في صباها.

صعوبات في  المهجر

ورغم إدراكها صعوبة العودة إلى اليمن، إلا أنها تقول إنها لم تستقر تمامًا بعد في المجتمع البريطاني. وعن ذلك، توضح أنها واجهت «صعوبات تتعلق بالحصول على وظيفة، بسبب شروط العمل الصعبة، وتعقيدات الحصول على تأشيرة عمل، فضلًا عن محدودية فرص العمل الأكاديمي والبحثي، إلى جانب الشعور بعدم الاستقرار على الدوام».

عن تلك النقطة، يقول وليد السقاف، إن الصعوبة الأكبر التي قد تكون واجهت شقيقته، تتمثل في التحول من موقعها في اليمن كوزيرة للإعلام، إلى باحثة في الحقل الأكاديمي، مرجحًا أن يكون ذلك الأمر قد تسبب في صناعة حاجز يفصلها عن بعض الباحثين الذين ينظرون نحوها باعتبارها قادمة من تجربة مغايرة.

ويرى الأكاديمي اليمني أن المطلوب، في تلك الحالة، هو «توظيف التجربة السياسية في التشبيك مع المجتمع البحثي، واستخدامها كإحدى وسائل التأثير فيه». كما يشير، بفخر، إلى أن تجربة الاغتراب الأخيرة زادت شقيقته قوة ومثابرة، بعدما نجحت في الحصول على درجة الدكتوراه وانتزاع الثقة من المجتمع الأكاديمي رغم الصعوبات التي واجهتها.

سياسات تمكين المرأة

تعمل «السقاف»، راهنًا، مديرة للأبحاث بمركز «آرابيا براين تراست»، وهي مؤسسة اقتصادية يمنية، مقرها لندن. كما تسعى نادية السقاف لإحياء مؤسسة «يمن تايمز» كموقع إلكتروني باللغة الإنجليزية.

تستفيد الباحثة اليمنية في عملها الحالي، من خبرتها في إجراء البحوث خلال سنوات العمل الميداني باليمن، مع منظمة أوكسفام بين عامي 2003 و2005، في برنامج إعادة تعليم استراتيجية الفقر والبرنامج الإنسانية، والمساواة الاجتماعية، بعدد من المدن اليمنية.

في العام 2013، حصلت «السقاف» على جائزة أوسلو من أجل السلام، وهي جائزة يختارها الفائزون بجوائز نوبل في الاقتصاد والسلام، وتُمنح للقادة في القطاع الخاص الذين «أظهروا تغييرًا إيجابيًا من خلال الممارسات التجارية الأخلاقية»، كما أدرجتها هيئة الإذاعة البريطانية كواحدة من «100 امرأة غيرن العالم» في العام نفسه.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتركز الأكاديمية اليمنية في بحوثها المنشورة بعدد من مراكز الأبحاث الأوروبية، على تمكين المرأة اليمنية، وتمثيلها سياسيًا، بالإضافة إلى رصد التحولات السياسية، والعمليات الانتقالية، والعمليات التنموية المستدامة، والتغير المناخي، وقضايا النزاع المسلح، وسياسات بناء السلام.

عن بحوثها حول سياسات تمكين المرأة، تقول «السقاف» إن الاستراتيجيات التي تم إطلاقها بهذا الشأن، منذ أواخر التسعينيات، «فشلت بشكل كبير في تحسين أوضاع النساء»، وتوضح أن تحسين الوضع يتطلب أكثر من سياسات، من أعلى إلى أسفل، بحيث يتم تناول مؤشرات التنمية، مثل انتشار الرعاية الصحية الإنجابية، والالتحاق بالمدارس، والوصول إلى الموارد الاقتصادية.

اقرأ أيضًا: 

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى