أخبار وتقارير

الباحثة الأردنية نانسي هاكوز لـ«الفنار للإعلام»: المناصب الأكاديمية «منح» وليست مفتوحة للمنافسة

في إنجاز أكاديمي يعد «الأول لعالم من الدول النامية»، حصدت الباحثة الأردنية نانسي هاكوز، مؤخرًا، جائزة الجمعية الدولية لدراسة استقلاب المواد الغريبة عن الجسم،  (International Society for the Study of Xenobiotics (ISSX)، وتستعد لتسلم الجائزة في مؤتمر يقام بالولايات المتحدة الأمريكية الشهر المقبل.

هذه الجمعية، ومقرها الولايات المتحدة، معنية بحركية الدواء في تخصصات مختلفة، مثل: علم الأدوية، وعلم السموم، والبيولوجيا الجزيئية، وتضم أعضاء من 45 دولة حول العالم.

وجاء فوز أستاذة علم الوراثة الدوائية بكلية الصيدلة في الجامعة الأردنية «تقديرًا لجهودها في دراسة تأثير الجينات على الاستجابة الدوائية، وعملها على دراسة جينات الشعوب المعزولة جينيًا مثل الشركس والشيشان في الأردن».

وتقول «هاكوز»، في مقابلة عبر «زووم» مع «الفنار للإعلام» إن الجائزة تُقدَّم لعالمٍ عمل لفترة طويلة على أبحاث في هذا المجال، أو أنجز بحثًا مميزًا جدًا في الموضوع نفسه. وتوضح الأكاديمية الأردنية، التي ستتسلم الجائزة، في مؤتمر عالمي للجمعية، سيقام بمدينة سياتل بالولايات المتحدة، خلال أيلول/سبتمبر المقبل، أن الجائزة كانت مقتصرة على مناطق جغرافية محددة، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأوروبا، والشرق الأقصى، لكن الجمعية، هذا العام، خصصت جائزة عالمية لباحث من الدول النامية والمتوسطة. وتضيف: «لدينا أبحاث متميزة في هذا المجال، على الرغم من نقص الإمكانيات، ولابد أن يتم تمثيلنا في هذا التجمع العلمي».

مسيرة أكاديمية

«المناصب الإدارية في الحياة الأكاديمية تأتي وتذهب، لكن شغفي الأول هو التدريس ورؤية لمعان عيون طلابي عندما يلتقطون فكرة ما».

نانسي هاكوز   أستاذة علم الوراثة الدوائية بكلية الصيدلة في الجامعة الأردنية.

نانسي هاكوز   أستاذة علم الوراثة الدوائية بكلية الصيدلة في الجامعة الأردنية.

نالت نانسي هاكوز شهادة البكالوريوس في العلوم الصيدلانية من الجامعة الأردنية، في العام 1992، وعملت لسنة واحدة كمساعد للتدريس في كلية الصيدلة، ثم حصلت على منحة لدراسة الدكتوراه بجامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، ونالت الدرجة العلمية الرفيعة بعد أربع سنوات فقط، وتحديدًا في العام 1997، وكانت في تخصص «الأيض الدوائي وحركية الدواء».

تتذكر الباحثة الأردنية خطواتها الأكاديمية الأولى، فتقول إنها اختارت دراسة الصيدلة «عن حب وقناعة»، مشيرة إلى أن خياراتها، حينذاك، كانت عديدة نظرًا لتفوقها في الثانوية العامة، غير أنها اكتفت بخيارها الدراسي الذي أحبته.

البحث العلمي التطبيقي

خلال عملها البحثي، تتناول أستاذة علم الورائة الدوائية، الجانب التطبيقي في الموضوعات التي تتصدى لها، مثل: تأثير الجينات على حركة الدواء في الجسم، ومدى مناسبة الأدوية للمرضى في ضوء الاختلافات الجينية. وعن ذلك تقول: «ليس كل المرضى يناسبهم نفس الدواء، ونفس الجرعة، لأن هناك اختلافات جينية بين الأشخاص، وإذا استطعنا دراسة تأثير هذه الاختلافات على فاعلية الدواء في الجسم، فستكون الوصفة الطبية لكل دواء مختلفة من شخص إلى آخر، وهو ما يسمى بشخصنة الدواء، أي أن يتم تقديم الدواء بما يناسب حالة المريض».

تحديات في مواجهة البحوث

عندما عادت نانسي هاكوز إلى الجامعة الأردنية، في العام 1997، حاولت العمل على أبحاث مشابهة لما عملت عليه في جامعة مانشستر البريطانية، لكن الأمر لم يكن سهلًا، حيث كانت هذه الأبحاث بحاجة إلى تمويل ودعم كبير. وتضرب مثالًا بأنها كانت بحاجة إلى مختبرات للحيوانات، لكن تكلفتها كانت كبيرة جدًا، ولم يكن من السهل الحصول عليها، في ذلك الوقت، بالأردن، بحسب تعبيرها.

.

وتوجز الباحثة الأردنية التحديات التي تواجه البحث العلمي في بلادها، في: عدم استدامة التمويل المالي، وغياب تبادل النصائح بين الباحثين، وغياب ثقافة المجموعات البحثية. وفي مقابل تلك المعوقات، تشير إلى تطور البحوث في دول العالم الأول بسرعة نظرًا لتوفر الاستدامة في التمويل، والموارد اللازمة، على حد قولها

ومن واقع تجربتها الشخصية، تقول إنها عندما عادت من الخارج، وجدت الباحثين يعيشون في جزر منعزلة، لكنها توضح أن الأوضاع صارت أفضل خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث أصبحت هناك مجموعات بحثية متعاونة أفضل بكثير من ذي قبل. ولشباب الباحثين، تقول إنه ليس شرطًا أن نقوم جميعًا بنفس الأبحاث، ولكن نستطيع أن ندعم بعضنا الآخر عبر المشاركة البحثية، كل في مجال تخصصه.

الأردن والتجارب السريرية للأدوية

توجز الباحثة الأردنية التحديات التي تواجه البحث العلمي في بلادها، في: عدم استدامة التمويل المالي، وغياب تبادل النصائح بين الباحثين، وغياب ثقافة المجموعات البحثية.

رغم تلك التحديات، ترى الباحثة الأردنية أن هناك فرصة كبيرة أمام الأردن ليصبح مركزًا للدراسات السريرية للأدوية الجديدة في المنطقة العربية. وتوضح أنه على الرغم من الوضع غير المستدام لدعم البحوث، إلا أن الأردن لديه مراكز بحثية متميزة، ومعترف بها عالميًا. وتقول أستاذة علم الوراثة الدوائية إن الدراسات التي تجرى على الأدوية الجديدة في العالم، تتم من خلال تجارب سريرية، في أكثر من مكان، من جانب الشركات المنتجة في أوروبا أو أمريكا، ويتم تجميع البيانات حول كيفية تأثير الدواء على المرضى، لبيان أثر وأمان العقار الجديد على المستهدفين به.

وتضيف: «هذه هي الطريقة التي يتم تسويق الدواء بها للعالم، لكن السؤال الأهم هو: ما مدى التماثل الجيني للشعوب التي تخضع للتجارب على الدواء؟ هذا ما يجعلنا نقول إن الدواء سيكون مؤثرًا بنفس الطريقة عند تداوله على نطاق واسع. قد تكون الإجابة هي نعم أو لا، وحتى نتأكد لابد من المشاركة في تلك التجارب».

النساء في التعليم العالي

خلال مسيرتها الأكاديمية، شغلت نانسي هاكوز منصب العميد المؤسس لكلية الصيدلة بجامعة الزرقاء بالأردن، بين عامي 2010، و2016. وإلى جانب العمادة، شغلت كذلك، خلال الفترة نفسها، منصب نائب رئيس الجامعة لثلاث سنوات.

بعد تلك التجربة، عادت في العام 2016، إلى الجامعة الأردنية، لتتولى، في العام 2020، رئاسة قسم الصيدلة الحيوية والسريرية بكلية الصيدلة في الجامعة. وعن تجربتها، ورؤيتها لمشاركة النساء في قيادة مؤسسات التعليم العالي، تقول: «في بلادنا، المناصب الإدارية تُمنح، ولا تُكتَسب، وليست مفتوحة للمنافسة». وتوضح: «لدينا في الجامعة الأردنية، على سبيل المثال، نائب واحد للرئيس أنثى، وأربعة نواب ذكور، وثلاث عميدات، مقابل واحد وعشرين عميد كلية». وتضيف أن المناصب القيادية الأكاديمية في الجامعات الحكومية «يحكمها عامل دائم هو المعارف الشخصية، لأنها مناصب محكومة بالتعيين».

في ختام مقابلتنا، تقول الباحثة الأردنية نانسي هاكوز: «المناصب الإدارية في الحياة الأكاديمية تأتي وتذهب، لكن شغفي الأول هو التدريس ورؤية لمعان عيون طلابي عندما يلتقطون فكرة ما».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى