أخبار وتقارير

جدل تونسي بعد استحداث وكالة وطنية لتقييم واعتماد مؤسسات التعليم العالي

وسط رؤى متباينة، تشهد الأوساط الأكاديمية في تونس جدلًا هذه الأيام، في أعقاب الإعلان الرسمي عن إنشاء الوكالة التونسية للتقييم والاعتماد في التعليم العالي والبحث العلمي.

وفيما يرى البعض أن المؤسسة الوليدة ضرورة «لتعزيز القدرات البحثية للجامعات، والمساهمة في نيل الاعتماد الدولي»، يرى أخرون عدم جدوى الخطوة، بسبب «عدم توفير الاعتمادات المالية، ونقص الكوادر».

أنشئت الوكالة بمرسوم رئاسي، أواخر حزيران/يونيو الماضي، وتتمثل مهامها في تقييم مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، والمدارس العليا، وتطوير برامج البحث العلمي والابتكار، بالإضافة إلى تطوير إجراءات ومعايير ضمان الجودة وفق المعايير العالمية، مع مراعاة الخصوصية التونسية.

ويقول عبد القادر حمدوني، أستاذ الرياضيات التطبيقية بجامعة قرطاج، إن الوكالة ستعمل على تحسين فرص مؤسسات التعليم العالي التونسية في الحصول على الاعتماد الدولي، مع المساهمة في اعتماد شهادات جامعات تونس على المستوى الدولي.

وتضم تونس 13 جامعة حكومية، بالإضافة إلى المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية، ونحو ثمانين جامعة ومؤسسة تعليمية خاصة. وبلغت ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي لعام 2021 نحو 5.4% من ميزانية الدولة، بواقع حوالي مليار و874 مليون دينار تونسي (600 مليون دولا أمريكي). ولم تسجل سوى ثلاث جامعات تونسية فقط في تصنيف كيو إس لعام 2022، وجاءت في مراتب متأخرة نسبيًا وهي جامعة سوسة (751-800)، وجامعة تونس، وجامعة تونس المنار (1201- 1400). (اقرأ أيضًا: 80 جامعة عربية ضمن الأفضل عالميًا في أحدث تصنيف من «كيو إس»).

كما احتلت تونس المرتبة 69 من أصل 141 دولة في مجال البحث والتطوير. والمركز 108 لمهارات الخريجين، والمركز 92 للقدرة على الابتكار، وذلك بحسب تقرير التنافسية العالمية لعام 2019، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي .

الوكالة ستعمل على تحسين فرص مؤسسات التعليم العالي التونسية في الحصول على الاعتماد الدولي، مع المساهمة في اعتماد شهادات جامعات تونس على المستوى الدولي.

عبد القادر حمدوني أستاذ الرياضيات التطبيقية – جامعة قرطاج.

ويعتقد أكاديميون تونسيون أن الوكالة ستكون بديلًا عن الوكالات الأجنبية في مساعدة الجامعات التونسية في الحصول على الاعتماد الدولي. ويقول «حمدوني» في تصريح لـ«الفنار للإعلام» إن الوكالة الجديدة ستحل محل هيئتين، وهما: هيئة التقويم وضمان الجودة، وهيئة تقييم أنشطة البحث العلمي. ويطالب الأكاديمي التونسي بضرورة أن يتبع ذلك العمل على الحصول على الاعتراف الدولي بالوكالة، وربما في مرحلة أولى، الحصول على تفويض مرحلي لمنح الاعتماد لمؤسسات التعليم العالي، حتى تضمن هذه المؤسسات حصولها على الاعتماد الدولي فيما بعد.

ويوضح عبد القادر حمدوني أن المؤسسات الأكاديمية التونسية ما تزال تتجه إلى الوكالات الأجنبية، والأوروبية بشكل خاص، للحصول على الاعتماد والاعتراف الدولي،  بما يكلفها مبالغ مالية طائلة، وفق قوله.

في المقابل، يقول زياد بن عمر، المتحدث الرسمي باسم اتحاد الأساتذة الجامعين الباحثين التونسيين، إن إنشاء الوكالة محاولة لتجميل وجه وزارة التعليم العالي، بهدف خلق عرض مثير، وضجة عامة دون أي استعداد حقيقي لتغيير الوضع الصعب الفعلي للتعليم الجامعي في البلاد، بحسب تعبيره. ويضيف في تصريح لـ«الفنار للإعلام» أن هناك أولويات يجب أن تلتفت إليها وزارة التعليم العالي، مثل: رفع ميزانية البحث العلمي، وتحديث البنية التحتية للجامعات.

كما يطالب «بن عمر»، وهو رئيس قسم اللغة الإنجليزية السابق بكلية الآداب في جامعة سوسة، الوزارة بتقديم معلومات وافية حول كيفية تمويل الوكالة الجديدة، وآليات محاسبتها.

ومن جانبها، ترى منال السالمي، منسقة حركة اتحاد الدكاترة المعطلين عن العمل في تونس، أن المهام التي كلفت بها الوكالة عامة، وغير مفهومة. وتشير إلى وجود العديد من الهياكل في وزارة التعليم العالي بإمكانها تولي نفس المهام.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وفيما توصي دراسة صادرة في عام 2020 حول ضمان الجودة في التعليم العالي التونسي، بإنشاء هيئة مستقلة لضمان الجودة في التعليم العالي، يقول أشرف ناظم، الباحث في السياسات التعلييمة إن الوكالة خطوة تأخرت كثيرًا، مشيرًا إلى أن وجودها أمر ضروري، بحسب قوله. ويعتقد «ناظم» أن مفهوم ضمان الجودة غير واضح في المؤسسات التعليمية التونسية. ويقول: «كثير من الأساتذة يرون في الرصد والتقييم، كجزء من عملية ضمان الجودة، تقييدًا للحريات الأكاديمية، وهو ما يستدعي قيام هيئة مستقلة لضمان الجودة، تكون غير تابعة لوزارة التعليم العالي، فتتولى الإشراف على تقييم الجامعات الحكومية والخاصة».

اقرأ أيضًا

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى