أخبار وتقارير

استحداث كليات خاصة وخفض القبول بالجامعات الحكومية.. دراسة الطب في الأردن بين قرارين

بين قرارين، الأول باستحداث كليات طب جديدة بالجامعات الخاصة، قبل أشهر معدودة، والثاني بخفض أعداد القبول، مؤخرًا، في التخصصات الطبية بالجامعات الحكومية، تشهد الأوساط الأكاديمية الأردنية جدلًا حول واقع تلك العملية التعليمية، ودوافع تلك القرارات.

ومنح مجلس التعليم العالي الأردني، ترخيصا مبدئيا لـثلاث جامعات طبية خاصة، وخمس كليات لطب الأسنان، قبل أن يقرر لاحقًا خفض أعداد المقبولين بكليات الطب الحكومية، بداية من العام الدراسي المقبل.

وفيما يشكو أكاديميون ومهنيون من ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الكليات الطبية خلال السنوات الأخيرة، لم نتمكن من الحصول على تعليق من الوزارة المختصة بهذا الملف، حيث رفض مهند الخطيب، المتحدث باسم وزارة التعليم العالي الأردنية، التعليق. وقال في رسالة نصية لـ«الفنار للإعلام»: «لا نرغب بالتعليق على الموضوع».

من جانبه،  قال نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية، في اتصال هاتفي مع «الفنار للإعلام» إن تحديد أعداد الدارسين للطب في الجامعات الأردنية سواء كانت خاصة أم حكومية لا يجب أن يرتبط باحتياج المملكة فقط، في ظل وجود أعداد كبيرة منهم  في دول عربية، أو أوروبا وأمريكا للدراسة أو العمل.

قطاع كبير من الأردنيين يشجعون أبنائهم على دراسة الطب، ويضطرون لإلحاقهم بجامعات في الخارج مع عجز الجامعات الرسمية عن استيعابهم، لذلك فإن منح تراخيص للجامعات الخاصة أمر مقبول، وخصوصًا إذا كان البديل هو انتقال هؤلاء الطلاب للدراسة في دول عربية مجاورة.

نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية

ووفق «عبيدات»، فإن حوالي 35% من خريجي كلية الطب في الجامعة الأردنية يعملون في أوروبا وأمريكا، بينما بلغ عدد المقبولين للحصول على شهادة التخصص من الولايات المتحدة الأمريكية، العام الماضي، نحو 138 طالبًا. ويضيف الأكاديمي الذي عمل وزيرًا للصحة في وقت سابق، أن قطاعًا كبيرًا من الأردنيين يشجعون أبنائهم على دراسة الطب، ويضطرون لإلحاقهم بجامعات في الخارج مع عجز الجامعات الرسمية عن استيعابهم، لذلك فإن منح تراخيص للجامعات الخاصة أمر مقبول، وخصوصًا إذا كان البديل هو انتقال هؤلاء الطلاب للدراسة في دول عربية مجاورة.

وفي الأردن، ست جامعات حكومية تضم كليات للطب، وهي: الجامعة الأردنية، وجامعة العلوم والتكنولوجيا، والجامعة الهاشمية، وجامعة مؤتة، وجامعة اليرموك، وجامعة البلقاء التطبيقية.

وحول تأثير القرار على احتمال ارتفاع نسب البطالة في التخصصات الطبية «المشبعة»، قال رئيس الجامعة الأردنية: «لا يوجد طبيب في المملكة عاطل عن العمل، وهناك طلبات في ديوان الخدمة أكثر من احتياج القطاع العام، بما ينفي مسألة وجود بطالة».  وديوان الخدمة المدنية الأردني، مؤسسة حكومية مسؤولة عن تنظيم عملية التوظيف بالقطاع العام.

وفيما يقول إن الجامعات الخاصة لا تستطيع منافسة الكليات الحكومية في جودة التعليم الطبي، يدعو «عبيدات» إلى بإلزام الجامعات الخاصة بإتاحة تخصصات طبية «نادرة» في المملكة، وتوظيف قدراتها المالية في استحداث التخصصات المطلوبة في سوق العمل.

ويبلغ عدد خريجي الطب في الأردن، نحو 3 آلاف طالب سنويًا، من داخل الأردن وخارجه، بحسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي الأردني وجيه عويس. وقد أوضح الوزير، في تصريحه، أن البطالة بين الأطباء في سوق العمل المحلي، لخريجي الجامعات غير الأردنية.

بالمثل، يؤيد محمد طالب عبيدات، رئيس جامعة جدارا الأردنية الخاصة، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، خطوة منح المؤسسات الأكاديمية الخاصة تراخيص لتدريس الطب، لما لها من تأثير على تحسين جودة الخريجين، ودعم الاقتصاد عبر استيعاب مزيد من الطلاب الدارسين في الخارج.

من شأن استحداث تلك الكليات الخاصة، تعزيز السياحة التعليمية للطلاب الوافدين إلى الأردن، إلى جانب استيعاب الطلبة الأردنيين الذين ينفقون ملايين الدولارات لدراسة الطب في الخارج.

محمد طالب عبيدات، رئيس جامعة جدارا الخاصة بالأردن

ويضيف أن الجامعات الخاصة لديها إمكانيات مادية وبشرية تتيح لها استقطاب العناصر البشرية المؤهلة في الطاقم التدريسي، وفتح تخصصات نوعية، إلى جانب تأسيس بنية تحتية متطورة من مرافق ومستشفيات تلبي الاحتياجات الجديدة لخريج الطب الذي يواكب كل ماهو جديد، ويحصل على فترة تدربيبة خلال سنوات الدراسة. كما يرى أن هذه الخطوة ستخلق نوعًا من التوازن بين خريجي الكليات الطبية في الجامعات الحكومية ونظيرتها الخاصة، وستعزز مركز الأردن كمورد للأطباء إلى الخارج.

وبحسب المسؤول الأكاديمي، فإن من شأن استحداث تلك الكليات الخاصة، تعزيز السياحة التعليمية للطلاب الوافدين إلى الأردن، إلى جانب استيعاب الطلبة الأردنيين الذين ينفقون ملايين الدولارات لدراسة الطب في الخارج، على حد قوله.

في المقابل، يقول فاخر الدعاس، منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة «ذبحتونا»، لـ«الفنار للإعلام» إن القرار الجديد  يضر بمصلحة الطلاب من خريجي الكليات الطبية بالجامعات الحكومية، وهدفه الرئيسي «تجاري فقط» من الدرجة الأولى. ويضيف أن السماح بفتح المزيد من الكليات سيؤدي إلى انخفاض مستوى التعليم وجودة مخرجاته.

ويوضح أن الوزارة ستخصل على رسوم من الجامعات الخاصة تساعدها على سد العجز المالي الذي تواجهه غالبية الجامعات الحكومية.

وفي السياق نفسه، تتفق عميدة إحدى الكليات الطبية بجامعة أردنية حكومية، مع الرأي القائل بارتباط القرار بمسعى الوزارة لجلب أموال تساعدها على سد العجز المالي، دون اعتبارات آخرى. وتقول لـ«الفنار للإعلام»، طالبة عدم ذكر اسمها، إن دعم كليات الطب في الجامعات الحكومية يتم من خلال بناء مستشفيات لإتاحة فرص التدريب العملي لخريجيها، وتطوير اختصاصات نادرة غير متوفرة في سوق العمل، وزيادة أعداد الأساتذة، لكن كان الخيار الأسهل هو دعم الكليات الخاصة من أجل جلب مزيد من الأموال بحجة دعم كليات الطب. وتحذر الأكاديمية الأردنية من «تأثير مثل تلك القرارات على السمعة الدولية للطبيب الأردني في سوق العمل خارج البلاد».

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى