أخبار وتقارير

دراسة تصميم الملابس بين التراث وتحديات سوق العمل.. تجربة طلابية في مصر

بين قائمة من البرامج الدراسية لكليات الفنون المصرية، يبدو تصميم الملابس أحد المناهج غير التقليدية التي تتصدى لصناعة الأزياء. ومن الدراسة الأكاديمية إلى مشروعات التخرج، يكافح الدارسون من أجل إحراز مستويات متقدمة في هذا التخصص الذي يواجه تحديات عدة في سوق العمل، بحسب طلاب..

من تلك المحاولات للموازنة بين الحاضر والتراث، لجوء طلاب بكلية الفنون التطبيقية في جامعة بنها، إلى استلهام أعمال أدبية، وسينمائية من ستينيات القرن الماضي، وتشكيلها فنيًا على تصميمات معاصرة، في خطوة يقول عنها بعض خريجي قسم «تكنولوجيا الملابس الجاهزة والموضة»، إنها رسالة حول تأثير التراث الأدبي والسينمائي على عالمهم الدراسي والعملي.

دراسة تصميم الأزياء

وخلال مشروعهم للتخرج، اختارت إسراء عيد، وزينب الجمال، وزياد نبيل، وندى عفيفي، فكرة المزاوجة بين أعمالهم المعاصرة، والتراث السينمائي والأدبي، بعد زيارتهم معرضًا تشكيليًا بعنوان: «المشهد» للفنانة والأكاديمية سالي الزيني، حيث تضمن المعرض لوحات حول عالم أدب الستينيات، وخاصة ما تحول منه إلى أعمال سينمائية ذاعت شهرتها، ومنها أعمال لأدباء كبار أمثال: نجيب محفوظ، وطه حسين، ويحيى حقي، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي. وأقيم هذا المعرض في وقت سابق من العام الجاري بالقاهرة، كخطوة مكملة لتوثيق فكرته نظريًا، وتقييمها أكاديميًا في العام 2018.

ثقافة تصميم الأزياء «ليست موجودة في ثقافتنا للأسف، فما زلنا أمام خيارات الملابس المستوردة والجاهزة. أتمنى أن أستطيع تغيير تلك الثقافة من خلال التصميمات التي أقدمها، حتى ندعم ثقافتنا الخاصة في اختيار ملابسنا المرتبطة بهويتنا بطريقة عصرية».

إسراء عيد   طالبة بقسم تكنولوجيا الملابس الجاهزة والموضة – كلية الفنون التطبيقية بجامعة بنها – مصر

مشروعات التخرج هي الخطوة الأخيرة للطلاب قبل حصولهم على درجة البكالوريوس، بعد فترة دراسة لمدة خمس سنوات، منها سنة تمهيدية، بكليات الفنون الجميلة، والفنون التطبيقية في مصر. ويعد قسم الأزياء واحدًا من أربعة عشر قسمًا بكلية الفنون التطبيقية بجامعة بنها، وتكون السنة الأخيرة مخصصة لدراسة تصميم وتنفيذ ملابس المناسبات الخاصة، ويعد مشروع التخرج جزءًا منها.

ويقول الطلاب إنهم يدرسون، خلال السنوات الأربع الأولى بالجامعة، التخصصات المختلفة للملابس، من ملابس الأطفال، والنساء، والرجال، بالإضافة إلى دراسة مواد متخصصة في تصميم الباترون، والتشكيل على المانيكان، علاوة على مواد أخرى مثل دراسة خصائص الأقمشة، والعناية بها، وآلات المصانع، والمواد الخاصة بالإنتاج، وبرامج التصميم على الحاسب الآلي، وأساليب العرض والتغليف، والتصميمات المحافظة على البيئة، إلى جانب فروع متفرقة كعلم الألوان وسيكولوجيتها، وتاريخ الأزياء والفنون، ومادة حول مكملات الملابس يدرس فيها الطلاب تصميمات الحقائب والأحذية، وصناعة الجلود، وإعادة التدوير.

عندما شرع الطلاب في تنفيذ مشروع تخرجهم، كان لزامًا عليهم مراعاة ما حددته الكلية، بشأن فكرة استلهام أعمال لفنانين معاصرين تشتبك مع التراث المصري، وهو ما وجدوه في ذلك المعرض الفني. وتقول الطالبة إسراء عيد لـ«الفنار للإعلام» إنهم كانوا يبحثون عن موضوع فني لتناول التراث في تصميمات لأزياء حديثة، وهو ما قدمته لهم لوحات المعرض التي أبرزت أزياء أفلام الستينيات. وتضيف: «بدأنا في تخيّل تحويل تلك اللوحات إلى مشاهد منسوجة على الفساتين، قضينا نحو أسبوعين في الرسم المبدئي في محاولة لاختبار تصوراتنا، وأحببنا أن يكون للفساتين تقنيات مختلفة توظف عناصر اللوحات ومشاهدها البصرية، عبر الطباعة، وتقنيات التلوين، وقصاصات الأقمشة وتركيبها».

«أنسق حاليًا لإعادة عرض لوحاتي، وبجوارها سنقوم بعرض اسكتشات مشروع تخرج الطلاب التي استلهمت اللوحات، وذلك تقديرًا للاحترافية التي قدموها رغم صغر تجربتهم الفنية، وليكون ذلك أيضًا أول تقديم لهم في قاعات العرض الفنية».

سالي الزيني أستاذة الجرافيك في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان – مصر.

وقد حرص الطلاب على استخدام خامات للأقمشة، تبرز تنويعات عناوين الأفلام التي انتشرت في تلك الفترة من تاريخ مصر، مثل: «بداية ونهاية»، و«زقاق المدق»، و«دعاء الكروان»، و«القاهرة 30»، و«أنا حرة»، وغيرها. وبعد الانتهاء من تنفيذ الأزياء، قام الطلاب بتصوير مقاطع فيديو، تم الاستعانة فيها، بعارضة أزياء ترتدي تصميماتهم.

تحديات سوق العمل

وتصف سالي الزيني، أستاذة الجرافيك في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، مشروع تخرج هؤلاء الطلاب، بأنه إحدى صور العلوم البينية التي يجب الاهتمام بها، حيث يتم بناء جسور التعاون والاستلهام بين فروع الفنون المختلفة، بحسب تعبيرها. كما تعتبر أن المكسب الحقيقي هو اقتراب طلبة في العشرينات من العمر، من كنوز سينما الستينيات وآدابها.

وتضيف في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «أنسق حاليًا لإعادة عرض لوحاتي، وبجوارها سنقوم بعرض اسكتشات مشروع تخرج الطلاب التي استلهمت اللوحات، وذلك تقديرًا للاحترافية التي قدموها رغم صغر تجربتهم الفنية، وليكون ذلك أيضًا أول تقديم لهم في قاعات العرض الفنية».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وفيما يعد مشروع التخرج أول نشاط عملي للطلاب يمكنهم إدراجه في سيرهم الذاتية عند الالتحاق بسوق العمل، إلا أن الطالبة إسراء عيد، عضوة الفريق، تشير، رغم شغفها بمجال التصميم، إلى تحديات عدة أمام خريجي هذا التخصص. وتقول إن ثقافة تصميم الأزياء «ليست موجودة في ثقافتنا للأسف، فما زلنا أمام خيارات الملابس المستوردة والجاهزة. أتمنى أن أستطيع تغيير تلك الثقافة من خلال التصميمات التي أقدمها، حتى ندعم ثقافتنا الخاصة في اختيار ملابسنا المرتبطة بهويتنا بطريقة عصرية».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى