أخبار وتقارير

سعد سلوم الفائز بجائزة ابن رشد لحرية الفكر: الأكاديميون العرب بحاجة إلى إعادة التفكير في خطاب التنوع

بعد صراعاتٍ أهلية دامية، وأزمة سياسية مستمرة، جاء فوز الأكاديمي العراقي سعد سلوم بجائزة ابن رشد لحرية الفكر، ليسلط الضوء على ملف الحريات الدينية، وحقوق الأقليات في العراق.

ومنحت مؤسسة ابن رشد، ومقرها برلين، جائزة هذا العام، قبل أيام، لكل من البروفيسورة اللبنانية نايلا طبارة، ومنظمتها «مؤسسة أديان»، والدكتور سعد سلوم، ومنظمته «مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية»، المتخصصة في قضايا التنوع، وحوار الأديان، لجهودهما في الدفاع عن الحريات الدينية في العالم العربي. ومن المقرر أن يقام حفل توزيع الجوائز في 8 أيلول/ سبتمبر في برلين.

في مقابلة خاصة، تحدث «سلوم»، وهو أستاذ مساعد للعلوم السياسية بالجامعة المستنصرية في بغداد، لـ«الفنار للإعلام» عن الحاجة إلى إعادة التفكير في طريقة تناول قضايا التنوع في المنطقة، وتوفير المزيد من الحريات الدينية للأقليات.

خطاب التنوع

يقول «سلوم» إن التنوع مصدر ثروة لا ينضب، خاصة في البلدان التي تعتمد على مصدر دخل واحد مثل النفط، منتقدًا الأدبيات السياسية والأكاديمية التي تعتبر التنوع تهديدًا. ويروي تجربته بالقول: «قرأتُ أطروحات ودراسات جامعية تعتبر دراسة الأقليات والتنوع تهديدًا للوحدة الوطنية. في الواقع، التنوع أساس الوحدة. أحثُ الأكاديميين على التوقف عن الكتابة عنه من خلال نهج أمني تلهمه نظريات المؤامرة».

كما يوجز الأكاديمي العراق رؤيته في الدعوة إلى تحفيز التفكير السياسي حول أهمية «الوحدة في التنوع». ويوضح: «إنه شعار سياسي كبير يجب أن نناضل من أجله، بهدف دعم التماسك الاجتماعي في العالم العربي. يجب أن تصبح إدارة التنوع مطلبًا لحركة احتجاجات الأجيال الجديدة، من أجل بناء مواطنة عقلانية تعمل على تحسين إدارة مواردها البشرية وتستثمر في رأس مالها الثقافي وتراثها القديم».

نشر الوعي

ويشير «سلوم» إلى أنه حين أراد نشر الوعي بشأن مفهوم التنوع، قرر إطلاق مجلة «مسارات» في عام 2005، في بيئة غير مواتية شديدة الاستقطاب، ووسط تسييس كبير للشؤون الدينية، ومجال عام غير تعددي، بحسب تعبيره.

وفي هذا السياق، نشر الأكاديمي العراقي 18 مؤلفًا باللغة العربية حول قضايا التنوع، من أبرزها: الأقليات في العراق (2012)، والتنوع الخلاّق (2013)، والإيزيديون في العراق (2016)، ونهاية التنوع في العراق (2019)، والعودة إلى سنجار (2020)، والإبادة الجماعية مستمرة (2022). وله مؤلفات أخرى باللغة الإنجليزية، وأعمال مترجمة إلى الفرنسية، والإيطالية، والهولندية. وقد حصل «سلوم» على جائزة «ستيفانوس الدولية» Stefanus Alliance International لعام 2018 في أوسلو؛ وجائزة البطريركية الكلدانية لعام 2019 عن كتابه المعنون: المسيحيون في العراق، وجائزة «كامل شياع لثقافة التنوير» عن مجمل عمله الفكري.

«قرأتُ أطروحات ودراسات جامعية تعتبر دراسة الأقليات والتنوع تهديدًا للوحدة الوطنية. في الواقع، التنوع أساس الوحدة».

سعد سلوم باحث عراقي في شؤون الأقليات.

وينتقد الأكاديمي العراقي ما يعتبره «صعوبة تواجهها الأقليات الدينية في الحصول على اعتراف رسمي» في العالم العربي. ويقول إنه بعد ثماني سنوات من الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق الإيزيديين في سنجار، لا يزال الناجون منهم يعيشون في المخيمات. ويضيف: «تنذر مأساتهم بتكرار نموذج اللاجئين الفلسطينيين، إنهم شعب فلسطيني جديد، كما أخبرني رجل إيزيدي نازح في دهوك».

وساهم «سلوم» في تأسيس مبادرة الحوار المسيحي-الإسلامي (2010)، والمجلس العراقي لحوار الأديان (2013)، ومعهد دراسات التنوع الديني في بغداد (2019)، ومعهد صحافة التنوع في العراق (2020). وبهدف مواجهة خطابات الكراهية، أنشأ الأكاديمي العراقي «المركز الوطني لمكافحة خطابات الكراهية» في عام 2018 لرصد الصور النمطية، ومكافحتها من خلال تدريب الصحفيين والإعلاميين والمدونين في معهد صحافة التنوع.

مؤشرات إيجابية

ويعرب الأكاديمي المولود في بغداد عام 1975، عن إيمانه بقوة الشباب في الدفع نحو التغيير. ويشيد  بالشباب الإيزيديين الغاضبين في سنجار، الذين خرجوا مطالبين بإنهاء وجود الميليشيات المسلحة، و القوى والحيلولة دون تدخل القوى الإقليمية في موطنهم، مثلما فعلت في سوريا ولبنان، مطالبين بجعل سنجار منطقة منزوعة السلاح.

ويتحدث «سلوم» عن بعض ما يراه مؤشرات إيجابية لا ينبغي إغفالها. ويوضح: «هناك إعلان مراكش لحماية الأقليات الدينية في العالم الإسلامي (2016)، وإعلان بغداد لمواجهة خطاب الكراهية في العراق والشرق الأوسط (2016)، وإعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك (2017)، وجميعها مبادرات مترابطة تكمل وتعزز بعضها البعض». كما استشهد بزيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليكون أول بابا يزور شبه الجزيرة العربية، مما أعطى دفعة لمثل هذه المبادرات.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويشير كذلك إلى نتائج تلك الزيارة، والتي تمثلت في توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، والمعروفة أيضًا باسم إعلان أبو ظبي، من قبل البابا فرنسيس عن الكنيسة الكاثوليكية والشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر، في شباط/ فبراير 2019، لتليها زيارة البابا للعراق في آذار/ مارس 2021، وهي الدولة الغنية بتنوعها الديني والعرقي واللغوي، والتي تضم 21 طائفة دينية، منها 14 طائفة مسيحية، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى