أخبار وتقارير

التصنيف المحلي للجامعات.. تجربة عراقية في ميزان التقييم

بعد أشهر من إطلاق تصنيف محلي للمؤسسات الأكاديمية في العراق، بمبادرة من وزارة التعليم العالي، يثير أكاديميون تساؤلات حول مدى تحقيق تلك التجربة لأهدافها، منذ دخولها حيز التطبيق في آذار/مارس الماضي.

وفق أحمد الجعفري، مدير قسم ضمان الجودة بالوزارة، فإن دليل تصنيف الجامعات العراقية، الذي تم إقراره في العام 2016 دون تنفيذه حتى الربع الأول من العام الجاري، يقوم على مؤشرين رئيسيين يتعلقان بقياس أداء الأقسام العلمية في الكليات، وقياس درجة الأداء المؤسسي للجامعات، بالإضافة إلى معايير تقضي بضرورة تنفيذ برامج الاعتماد المؤسسي والبرامجي، وإجراء البحوث، ومواكبة متطلبات التصنيفات العالمية لمؤسسات التعليم العالي.

اقرأ أيضًا: (جامعات العراق تبحث عن خارطة طريق لإعادة الإعمار).

ويضيف المسؤول الأكاديمي، في مقابلة عبر «زووم» مع «الفنار للإعلام» أن التصنيف المحلي يعد بوابة لتنظيم شؤون الجامعات من أجل مساعدتها على تحسين ترتيبها في قوائم التصنيفات الأكاديمية العالمية، كما يستهدف معرفة نقاط الضعف في الأداء، وتحديد مكامن الخلل من أجل معالجتها.

معايير التقييم الأكاديمي

تم تصميم الدليل بحيث تتنافس الجامعات العراقية الحكومية والأهلية من خلال مؤشرين رئيسيين، وهما: الأداء العلمي، والأداء المؤسسي. ويندرج تحت هذين المؤشرين، محاور عدة بمثابة معايير للتقييم، ويتم تمثيل كل منها بنقاط متفاوتة، مجموعها مائة نقطة. وتشمل هذه المعايير: الجودة، والاعتماد البرامجي، والبحث العلمي، ونسبة الخريجين الحاصلين على وظائف، وترتيب المؤسسة الأكاديمية في التصنيفات العالمية، وخدمة المجتمع، وغيرها.

ويوضح مدير قسم ضمان الجودة بوزارة التعليم العالي العراقية أن منهجية العمل التي يقوم عليها التصنيف تقضي بتقييم بيانات الجامعات سنويًا، بالإضافة إلى بيانات خاصة عن آخر خمسة أعوام، مثل معدلات النشر العلمي، مضيفًا أنه لا يمكن الحكم على البحث العلمي من خلال قياس مؤشرات عام واحد.

الوزارة تعوّل على الجامعات في طريقة فهم التصنيف، وكذلك على وعي الطلاب بشأن مقاصد هذا التصنيف، وخاصة من أجل الاعتماد عليه عندما يحتاجون إلى المفاضلة بين مؤسسة تعليمية وأخرى عند الالتحاق بالمرحلة الجامعية.

أحمد الجعفري، مدير قسم ضمان الجودة بوزارة التعليم العالي العراقية.

ويتابع المسؤول الأكاديمي أن التصنيف المحلي للجامعات العراقية ما يزال في بدايته «وليس عند مستوى الطموح»، مشيرًا إلى أن الوزارة تعوّل على الجامعات في طريقة فهم التصنيف، وكذلك على وعي الطلاب بشأن مقاصد هذا التصنيف، وخاصة من أجل الاعتماد عليه عندما يحتاجون إلى المفاضلة بين مؤسسة تعليمية وأخرى عند الالتحاق بالمرحلة الجامعية.

خطوة على الطريق

من جانبه، يقول حمزة المعموري، أستاذ الهندسة المعمارية بكلية الهندسة في جامعة بابل، إن التصنيف المحلي ليس كل شيء ولكنه خطوة لتوطين، ومعرفة المحددات والمواصفات الخاصة بالجامعات المتقدمة، ولكن هذا لا يكفي. ويضيف، في تصريح هاتفي لـ«الفنار للإعلام»، أنه يجب أن يكون هناك عمل شامل وفق خطة متكاملة للنهوض بالجامعات العراقية.

اقرأ أيضًا: (تصنيف الجامعات العربية حاجة أم ترف؟).

ويرى الأكاديمي العراقي أن مشكلة التعليم العالي في بلاده ليست مرتبطة بالمؤشرات العامة للتصنيفات، ولكنها تكمن في غياب الاستراتيجيات الخاصة بالتعليم، وفق تعبيره.

ويوضح «المعموري» أن كل الجامعات المتقدمة في العالم توضع لها استراتيجيات، من قبل مؤسسات متخصصة، وتتولى إدارات الجامعات تنفيذ تلك الاستراتيجيات وفق مقياس زمني، مع الالتزام بخطة العمل مهما تغيرت الإدارة. ويتابع أن ما يحدث في العراق هو أنه كلما تغير الأشخاص، من وزراء أو رؤساء جامعات، تغيرت الاستراتيجية، حيث ينسف الجديد عمل سلفه في نفس المنصب، وهو خطأ جسيم يدفع ثمنه الأستاذ والطالب، وفق قوله.

ويوصي أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة بابل بضرورة الالتزام بخطط تطوير واضحة وملزمة، وأن يتم تصميم البرنامج الأكاديمي، لكل جامعة، حسب الرؤية المستقبلية، وأن تكون خطة القبول وفق حاجة سوق العمل، وبرامج التنمية بالتنسيق مع وزارة التخطيط. كما يدعو إلى أن تعمل جميع الجامعات وفق مواصفات خاصة بجودة التعليم، على أن تكون هذه المواصفات نابعة من خصائص كل جامعة على حدة، لا أن تكون هناك مواصفة واحدة لجميع الجامعات. ويقرر: «عندما يتم تطبيق هذه التوصيات ستكون بمثابة مفاتيح مهمة للتوصل أو الدخول إلى أي تصنيف محلي أو عالمي».

استراتيجية طويلة المدى

ويتفق إحسان حبيب داخل أستاذ الهندسة الكيماوية بكلية الهندسة في جامعة المثنى، مع القائلين بضرورة وضع رؤى استراتيجية طويلة المدى، وخطط لتحسين جودة البرامج التعليمية، بما يضمن دخول الجامعات العراقية لساحة التنافس مع الجامعات العالمية. كما يطالب بألا يكون الحصول على ترتيب متقدم في التصنيفات الأكاديمية أولوية إلا بقدر ما يعني ذلك الارتقاء بجودة العملية التعليمية، ونوعية البحث العلمي، والمشكلات التي يعالجها.

نطالب بخطط تطوير واضحة وملزمة، وأن يتم تصميم البرنامج الأكاديمي، لكل جامعة، حسب الرؤية المستقبلية، وأن تكون خطة القبول وفق حاجة سوق العمل، وبرامج التنمية بالتنسيق مع وزارة التخطيط.

حمزة المعموري، أستاذ الهندسة المعمارية بكلية الهندسة في جامعة بابل.

وفي دراسة، أصدرها في العام 2018، حول معايير التصنيف المحلي للجامعات العراقية، ومعايير التصنيفات العالمية، يركز الأكاديمي العراقي على بعض المعايير التي أغفلتها الجهود المحلية في هذا الصدد. ويقول إن النسخة المحدثة من التصنيف العراقي للجامعات عالج تلك النقاط، بإدراج معايير متعلقة بمؤشر الاستشهاد بالبحوث المنشورة، وإدخال بند يتعلق بالموقع الإلكتروني للمؤسسة التعليمية كمقياس للتقييم فيما يخص تحسين الجودة والاعتماد.

https://www.bue.edu.eg/

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

أما محمد سعيد، الأكاديمي العراقي المقيم في إنجلترا، فيرى أن التصنيف المحلي بداية جيدة لتقييم الجامعات العراقية، وفقًا للمؤشرات التي يتضمنها، لكنه يحتاج إلى إدارة مستقلة لمتابعة تلبية شروط التصنيف، ومدى التزام الجامعات بها؛ منعًا لوجود أي تضارب في المصالح.

وينتقد الأكاديمي العراقي، في تصريح هاتفي لـ«الفنار للإعلام»، ما يصفه بمحاولة السباق وراء التصنيفات المحلية أو العالمية. ويقول: «ما يجب أن يشغل تفكير المسؤولين عن الجامعات هو كيفية تحسين جودة التعليم، والمناهج وتوفير الميزانية الكافية للبحث العلمي، وإصلاح البنى التحتية».

ورغم أن ما يطالب به يقع ضمن متطلبات التصنيف المحلي، إلا أنه يقول إن ارتباط تلك الملفات بتصنيف معين سيجعل الجامعات «معنية بترتيب أوضاعها على الورق، أكثر من تنفيذها مؤشرات التصنيف بالفعل على أرض الواقع».

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى