أخبار وتقارير

تتضمن زيادة محطات رصد الهواء.. خطة مصرية لمواجهة «السحابة السوداء» مع اقتراب COP27

بالتزامن مع انطلاق موسم حصاد الأرز في مصر، مؤخرًا، والذي يستمر حتى تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تواجه وزارة البيئة ظاهرة حرق قش الأرز ضمن خطة أشمل لمكافحة نوبات تلوث الهواء الحادة، أو ما يُعرف باسم «السحابة السوداء»، التي تتشكل بسبب الدخان الكثيف المتصاعد عن حرق القش.

كما ينشط مزارعون في إعادة استخدام القش بطرق صديقة للبيئة، عوضًا عن عملية الحرق. ومن هؤلاء، المزارع محمد عبد السلام بمحافظة الشرقية، حيث يحرص، منذ سنوات، على إعادة استخدام القش لتكوين السماد العضوي لمزرعته، بالإضافة إلى إدخاله في عملية إنتاج الأعلاف لحيوانات المزرعة.

ويوضح، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن إعادة التدوير تشمل نشر هذا القش تحت أقدام الماشية في الحظيرة لحمايتها من الأمراض، حيث يمنع القش انتشار البعوض والحشرات. ولم تعد إعادة استخدام قش الأرز قاصرة على الجهد العضلي للمزارعين، بل انتشرت الآن مكابس متخصصة، وتبنتها كيانات صناعية، جعلت أصحاب المزارع يدركون القيمة الاقتصادية لمخرجات النبات الحيوي في سلة غذاء المصريين، بحسب «عبد السلام».

جهود رسمية لمكافحة تلوث الهواء

ومع قرب انعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ في مصر، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تكثف السلطات من جهود مكافحة التلوث. ومن تلك الجهود، زيادة عدد محطات رصد الهواء اللحظية، ليصل عددها إلى 116 محطة رصد مرتبطة بالشبكة القومية لرصد ملوثات الهواء المحيط على مستوى  محافظات البلاد كافة.

حرق المخلفات الزراعية، وخاصة قش الأرز، كان مسؤولًا، منذ سنوات، عن 42% من تلوث الهواء في القاهرة والدلتا، ولكن الوزارة عملت على وضع نموذج اقتصادي مستدام.

الدكتور مصطفى مراد، رئيس قطاع نوعية الهواء بوزارة البيئة المصرية.

وتحتوي هذه المحطات على أجهزة لرصد غاز أول وثاني أكسيد النيتروجين، وغاز ثاني أكسيد الكبريت، وغاز أول أكسيد الكربون، وغاز الأوزون، والجسيمات الصلبة ذات القطر أقل من 10 و2.5 ميكرومتر، بالإضافة إلى وحدة لرصد العوامل الجوية.

في العام 2017، كلّف تلوث الهواء مصر ما لا يقل عن 47 مليار جنيه سنويًا، أو ما يعادل 1.35% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقرير صدر عن البنك الدولي في عام 2019.

وبحسب آخر إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية، في نيسان/أبريل الماضي، فإن تلوث الهواء يتسبب في حدوث 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويًا. وفي عام 2016، كان  91% من الوفيات المبكرة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وتركَّز أكبر عدد منها في إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ. وعلى الرغم من وجود أكثر من 6,000 مدينة في 117 بلدًا ترصد جودة الهواء، إلا أنّ الناس لا يزالون يتنفسون مستويات غير صحية من الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين، بحسب المنظمة نفسها.

منظومة لرصد الانبعاثات

ويقول الدكتور مصطفى مراد، رئيس قطاع نوعية الهواء بوزارة البيئة المصرية، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، إن حرق المخلفات الزراعية، وخاصة قش الأرز، كان مسؤولًا، منذ سنوات، عن 42% من تلوث الهواء في القاهرة والدلتا، ولكن الوزارة عملت على وضع نموذج اقتصادي مستدام، وإنشاء كيانات اقتصادية لإعادة استخدام هذا القش في مجالات أخرى وبالتالي يتحوّل إلى مكوّن اقتصادي مرغوب فيه من الفلاح نفسه، حيث يستخدمه كسماد، أو كعلف للماشية، أو يتم تحويله إلى وقود في بعض المناطق الصناعية، أو يدخل في صناعة الخشب.

ولدى مصر، وفق «مراد»، منظومة لرصد الانبعاثات الملوثة للهواء، من ثلاثة أجزاء؛ الأول: عبارة عن شبكة رصد لملوثات الهواء المحيط بأنحاء الدولة كافة، لكن غالبيتها في القاهرة الكبرى بعدد 44 محطة، وترصد على مستوى اللحظة درجة وتركيز الملوثات في الهواء، ثم يتم تغذية وزارة البيئة بالبيانات لإعداد التقارير التي تقيس ارتفاع أو انخفاض الملوثات.

الجزء الثاني في المنظومة عبارة عن شبكة لرصد الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية، من خلال وحدات رصد مركبة على حوالي 440 مدخنة في 88 منشأة صناعية لقياس الانبعاثات على مدار الساعة، ومتابعة تطبيق المنشآت للقانون وتسجيل المخالفات، ثم تنتقل البيانات عبر منظومة آلية إلى وزارة البيئة بدون تدخل للأفراد أو لجان التفتيش، وهذا يعني الرقابة المشدّدة. أما الجزء الثالث فهو منظومة الإنذار المبكر، والتي تتنبأ بحالة العوامل الجوية التي تؤثر على حالة تلوث الهواء، مثل الرياح التي يمكن أن تنقل الملوثات.

مصر تنتج، في المتوسط، نحو 38 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويًا، واتجاه الشركات إلى الاستفادة من قش الأرز في صناعة السماد العضوي، والوقود الحيوي، صنع فارقًا كبيرًا في حجم السحابة السوداء التي كانت فيما مضى تشبه ستارة كاملة تنسدل على القاهرة والدلتا.

الدكتور مجدي علّام، مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب.

بالإضافة إلى ذلك، يقول المسؤول المصري إن الوزارة تواصل التفتيش اليدوي على المنشآت الصناعية بشكل دوري، كما أصدرت قرارات بوقف عمل «مكامير الفحم» (حيث يتم حرق الأخشاب في حفر لإنتاج الفحم)، في بعض محافظات البلاد، حتى لا يتضاعف تلوث الهواء، مع وقف أنشطة صناعية بعد الخامسة مساءً، مشيرًا إلى تشتت الملوثات يكون أضعف في المساء ما يجعلها عالقة في الهواء لفترة أطول.

معايير قياس تلوث الهواء

ويشير رئيس قطاع نوعية الهواء بوزارة البيئة المصرية، إلى أن منظمة الصحة العالمية وضعت ستة معايير لقياس تلوث الهواء، وتشمل: الجسيمات الصلبة العالقة مثل الأتربة، وغاز ثانى أكسيد الكبريت، وغاز ثانى أكسيد النيتروجين، وغاز أول أكسيد الكربون، وغاز الأوزون، والرصاص، موضحًا أن مصر لا تتجاوز مؤشرات المنظمة في خمس ملوثات، لكنها تتجاوز المعيار السنوي المحدّد لجسيمات الأتربة في القاهرة والدلتا بنسبة 30% أكثر من المعدل الطبيعي سنويًا. ويقول إن بلاده تستهدف الوصول إلى خفض 50% من المتوسط السنوي للجسيمات بحلول 2030.

في العام 2020، وبدعم من البنك الدولي بتكلفة تبلغ 200 مليون دولار، بدأت مصر مشروعًا لتحسين جودة الهواء ومكافحة تغيُّر المناخ في القاهرة الكبرى، ومدتة ستة أعوام، بهدف تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري من المركبات، وتحسين إدارة المخلفات الصلبة، وتقوية منظومة اتخاذ القرارات الخاصة بجودة الهواء والمناخ.

وفي السياق نفسه، يقول الدكتور مجدي علّام، مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إن هناك عوامل مناخية من شأنها التحكم في درجة التلوث وحجم السحابة السوداء، إلى جانب المصدر الرئيسي للتلوث المتمثل في حرق قش الأرز، وبقايا قصب السكر.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويوضح، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن الدخان يبقى لفترات أطول داخل المدن عندما تكون الرياح خفيفة، كما لا تترسب الملوثات في باطن الأرض في حالة قلة الأمطار. ويضيف أن مصر تنتج، في المتوسط، نحو 38 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويًا، معتبرًا أن اتجاه الشركات إلى الاستفادة من قش الأرز في صناعة السماد العضوي، والوقود الحيوي، صنع فارقًا كبيرًا في حجم السحابة السوداء التي كانت فيما مضى تشبه ستارة كاملة تنسدل على القاهرة والدلتا، بحسب تعبيره.

ويرى «علّام»، أن التشجير في مصر يجب أن يحظى بالأولوية، لأنها بلد صحراوية تتركز فيها الأتربة، مضيفًا أن الاعتناء بالمساحات الخضراء من شأنه الحد من هذه المشكلة.

وبدوره، يقول الدكتور ياسر حسن، أستاذ كيمياء تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث، إن مصر وضعت خريطة عمل لتخفيض التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ضمن خطة المساهمة الوطنية لمكافحة تغيّر المناخ. ويضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن هذه الخطة تشمل تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، واستخدام التكنولوجيا الخضراء غير الملوثة للبيئة، ومشروعات الطاقة المتجددة.

اقرأ أيضًا:

معركة شاقة أمام مصر لإقناع الدول بالالتزام بجدول أعمال قمة المناخ

اتفاقيات جديدة تجمع مصر وبريطانيا قبل انعقاد قمة المناخ COP27

مشروع أممي لتعزيز رصد الظواهر المناخية بالدول الفقيرة

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى