أخبار وتقارير

كيف يضاعف التغير المناخي معاناة النساء والفتيات؟

من بين ملفات عدة تشغل الخبراء وصناع القرار الذين سيشاركون، الشهر المقبل، في قمة المناخ COP27، بمدينة شرم الشيخ المصرية، يبدو أن العنف الواقع على النساء جراء التغير المناخي يحتل مرتبة متقدمة في أولويات النقاش العالمي.

وفي عبارات تحذيرية، قدّمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، ريم السالم، تقريرًا إلى الجمعية العامة، في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قالت فيه إن تغير المناخ يضاعف التهديدات التي يتعرض لها النساء، ويزيد من خطر انتشار العنف ضدهن.

وفيما يشير التقرير إلى وجود آثار بعيدة المدى للظاهرة على عدم المساواة بين الجنسين، فإنه يوصي بضرورة الاهتمام بفهم العلاقة بين تغير المناخ وزيادة العنف ضد النساء والفتيات، لأن تغير المناخ ليس مجرد «أزمة بيئية»، ولكنه في الأساس يتعلق بالعدالة والازدهار والمساواة بين الجنسين، ويؤدي إلى تفاقم الأزمات في وقت تتعرض فيه النساء للعنف بسبب ظواهر اجتماعية وسياسية واقتصادية، مثل: النزاع المسلح، والنزوح، وندرة الموارد.

وفي مقابلة عبر البريد الإلكتروني، مع «الفنار للإعلام»، تقول المسؤولة الأممية ريم السالم، إنها توصلت إلى نتائج الدراسة، التي تضمنها التقرير، عن طريق جمع المعلومات من تقارير عدة تلقتها من الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى اجتماعات عقدتها مع خبراء في هذا الملف، واطلاعها على  تقارير ودراسات أخرى تقيس تأثير تغير المناخ على العنف ضد النساء.

اقرأ أيضًا: (تتضمن زيادة محطات رصد الهواء.. خطة مصرية لمواجهة «السحابة السوداء» مع اقتراب COP27).

الآثار السلبية لتغير المناخ تشمل تفاقم العنف الجسدي، والنفسي، والاقتصادي ضد النساء بالتوازي مع نقص الإمكانيات اللازمة لحمايتهن من العنف، كما أنّ الكوارث المناخية تجعل المجتمعات تحاول التكيف، عبر ممارسات عنيفة ضد المرأة.

ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات.

وتوضح «السالم» أن الآثار السلبية لتغير المناخ تشمل تفاقم العنف الجسدي، والنفسي، والاقتصادي ضد النساء بالتوازي مع نقص الإمكانيات اللازمة لحمايتهن من العنف، كما أنّ الكوارث المناخية تجعل المجتمعات تحاول التكيف، عبر ممارسات عنيفة ضد المرأة، مثل: الاستغلال الجنسي، والزواج المبكر، وزواج الأطفال، والتسرب من المدارس.

وترى المسؤولة الأممية ضرورة أن تناقش قمة شرم الشيخ المقبلة، تأثير التغير المناخي على العنف ضد النساء، وأن يبحث المشاركون عن حلول ملموسة لتحسين وسائل جمع البيانات عن هذه القضية، والاهتمام بتحسين خطط الاستجابة للعنف ضد النساء، ضمن بنود الخطط الوطنية للتعامل مع الظاهرة المناخية، وبحث توفير المخصصات المالية اللازمة لتحقيق ذلك.

كما تطالب «السالم» المجتمع الدولي بمضاعفة التزامه بالمساواة بين الجنسين، وأن يزيد من سرعة الاستجابة لآثار تغير المناخ ومخاطر الكوارث عن طريق معالجة نقاط الضعف التي تواجهها النساء والفتيات، والاعتراف بدورهن في فضاء السياسة، وبأن حقوقهن يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من السياسات. وتضيف: «لو تم تنفيذ الاستجابة العالمية لتغير المناخ والتدهور البيئي من منظور جنساني قوي، فإن ذلك سوف يُحدثُ تغيرًا كبيرًا».

وتمثل النساء نحو 80% من المشرّدين بسبب تغير المناخ، وفق إحصائيات تقرير للأمم المتحدة، مما يجعلهن أكثر عرضة للعنف، وخاصة الجنسي. ولذلك، يطالب التقرير بتمكين النساء من أجل التأهب للكوارث، وتوفير وسائل بديلة لكسب العيش لمواجهة الأزمات المناخية، وسنّ عقوبات رادعة لفرض احترام النساء والفتيات وحمايتهن.

وبحسب تقرير أصدره «صندوق ملالا لتعليم الفتيات»، فإن هناك 4 ملايين فتاة لم تتمكن من استكمال تعليمها، بسبب التغيرات المناخية في عام 2021. ويرى التقرير أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة، فإن تغير المناخ سيؤدي إلى حرمان ما لا يقل عن 12.5 مليون فتاة، سنويًا، من إكمال تعليمهن.

بالمثل، يقول رضا الدنبوقي، المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية في مصر، إن تغير المناخ يتسبب في أخطار عديدة للفتيات، منها، على سبيل المثال: تزويج القاصرات، والذي يعد وسيلة من وجهة نظر الأبوين، لتأمين الأموال، وتعويض الخسائر التي تكبدتها بعض الأسر المهمشة بسبب الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي، مثل الجفاف، والفيضانات المتكررة، والعواصف الشديدة.

تغير المناخ كان السبب أيضًا في تخلف الكثير من الفتيات عن الدراسة أو عدم الانتظام فيها، مما يضاعف الفجوة بين الجنسين في المساواة، وفي التعليم، وتمكين النساء من الوظائف والعمل المناسب لاحقًا، مما يعرضهن للتهميش والفقر.

رضا الدنبوقي، المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية في مصر.

ويضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»، أن تغير المناخ كان السبب أيضًا في تخلف الكثير من الفتيات عن الدراسة أو عدم الانتظام فيها، مما يضاعف الفجوة بين الجنسين في المساواة، وفي التعليم، وتمكين النساء من الوظائف والعمل المناسب لاحقًا، مما يعرضهن للتهميش والفقر.

ولا تتوقف الآثار السلبية للتغير المناخي على النساء عند هذا الحد، حيث تطال كذلك الخدمات الأولية المقدمة لهن، مثل:الرعاية الصحية والإنجابية، والتعليم، والحماية الاجتماعية، والاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي. وبحسب «الدنبوقي»، فإن هذه الخدمات يتم تعطيلها بسبب الكوارث المناخية غير المتوقعة. ويوضح أنه في أوقات الجفاف، وقلة المياه تكون النساء أكثر عرضة لجرائم العنف الجنسي، وإجبارهن علي السير لمسافات طويلة لإحضار المياه، كما تتسبب ندرة المياه في بعض المناطق في إصابة النساء بمشكلات صحية وجنسية، وخاصة في أوقات الدورة الشهرية.

وفي منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، رصد تقرير نشره موقع الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة، خطط بعض الدول لتنفيذ إجراءات مناخية «مراعية للمنظور الجنساني»، حيث يشير إلى أن الاهتمام بالجندر ظهر بنسبة حوالي 19.6% في استراتيجيات الدول الطويلة لتخفيف الانبعاثات على المدى الطويل، وبنسبة 81.6% في خطط التكيف الوطنية، ومع أن هناك تحسنًا لمراعاة الجندر في العمل المناخي، إلا أن قضية المساواة بين الجنسين في سياق التعامل مع تغير المناخ لا تزال قضية ملحة في كل البلدان، على حد قول التقرير.

وخلال الشهر الماضي، أطلقت عدة منظمات للمجتمع المدني، في مصر، مبادرة «عالم بالألوان» لرفع الوعي المجتمعي بعلاقة قضايا المناخ بالنساء، ودعوة المجتمع المدني والسياسيين إلى تبني سياسات لتمكين النساء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لمواجهة آثار التغير المناخي.

ويقول مجدي عبد الفتاح، المتحدث باسم المبادرة، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «التغيرات المناخية تؤثر على الجميع، لكنها تؤثر بشكل أكبر على الفئات المهمشة، ومنها النساء اللاتي يعانين بالأساس من عدم المساواة. لذا يجب أن تتضمن التشريعات والسياسات بنودًا أساسية تهتم بحمايتهن». ويوضح أن النساء يمثلن النسبة الأكبر من العمالة الزراعية، ومع التأثير الكبير للتغير المناخي على الزراعة، فإن كثيرات منهن يفقدن وظائفهن، ويصبحن أكثر عرضة للعنف المنزلي.

كما يشير «عبد الفتاح» إلى أنه في حالات الهجرة المناخية، حيث ينتقل الناس من منطقة متضررة بالتغيرات المناخية إلى أخرى، تتحمّل النساء متاعب كبيرة مرتبطة بالأدوار الاجتماعية المفروضة عليهن في رعاية أسرهن، مضيفًا أنه بالإمكان التخفيف من تلك الأضرار على النساء من خلال تمكين الفئات المهمشة اقتصاديًا واجتماعيًا، وإيجاد بيئة تشريعية منصفة للنساء، وإعادة هيكلة النظم الصحية حتى تصبح أكثر قدرة على الصمود أمام الكوارث المتزايدة لتغير المناخ.

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى