أخبار وتقارير

الاستشعار عن بعد في رصد المناخ والبيئة.. تجربة بحثية لأكاديمية ليبية

على خلاف الأدوات التقليدية، توظف الباحثة والأكاديمية الليبية، مباركة سعد الغرياني، تقنيات الاستشعار عن بعد، في رصد واكتشاف حلول لمشكلات تغير المناخ، وإدارة المخاطر البيئية في عدد من المناطق المحلية في بلادها.

وتقول «الغرياني»، عضو الهيئة الليبية للبحث العلمي، إن استخدام تطبيقات الاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، ساعدها على تحليل الظواهر البيئية، بشكل أكثر دقة، وتفسير أسبابها بشكل منهجي وعلمي، مشيرة إلى أن استخدام الأدوات القياسية التقليدية لمعالجة هذه المشكلات يُهدر الوقت، وينتهي، عادة، بنتائج «غير دقيقة».

حصلت الباحثة الليبية على بكالوريوس إدارة الموارد المائية، من كلية الزراعة بجامعة طرابلس الليبية، في العام 2009، ونالت الماجستير في تخصص «إدارة الموارد المائية للسدود»، في العام 2014، فيما تعمل راهنًا للحصول على درجة الدكتوراه في التخصص نفسه من الجامعة نفسها.

وساعد عملها، لسنوات، كباحثة لدى عدد من الجهات الحكومية، مثل مختبر بحث تحليل التربة والمياه بوزارة الزراعة، ورئاستها مختبر أبحاث المياه في بلدية طرابلس، في العام 2020، على اكتشاف المشكلات البيئية والتغيرات المناخية في بلادها.

وتروي «الغرياني»، في مقابلة عبر «زووم»، مع «الفنار للإعلام»، كيف توصلت، عبر توظيف هذه التقنيات الجديدة، إلى تحديد المناطق «الأكثر عرضة» للتلوث المائي، ومدى حساسية خزانات المياه الجوفية للتلوث، إلى جانب التنقيب والكشف عن المعادن، ورصد شواهد الذهب، ودراسة اماكن تواجد صخور الجرانيت، والمعادن الفلزية، بالإضافة إلى التأثير السلبي للتوسع العمراني في مدينة طرابلس، على تراجع الرقعة الزراعية، وتدهور الغطاء النباتي.

تصدرت قضية المياه، اهتمامات «الغرياني» البحثية خلال السنوات الأخيرة، حيث أصدرت أكثر من بحث علمي يتناول حجم المفقود من مياه البحيرات الناتجة عن الجريان السطحي لمياه الأمطار، والآليات الممكنة للتقليل من كمية المفقود، من أجل المحافظة على التوازن الطبيعي للمياه الجوفية بالمنطقة.

وترى الأكاديمية، التي عملت في التدريس بعدد من جامعات ليبيا، ضرورة وضع المشكلات المناخية والبيئية التي تواجه بلادها، على أولويات الجهات الحكومية والدولية خلال الفترة المقبلة، محذرة من احتمال تطور تلك المشكلات إلى كوارث بيئية تزيد من معاناة الشعب الليبي، بحسب قولها.

مشكلة المياه في ليبيا

وتصدرت قضية المياه، اهتمامات «الغرياني» البحثية خلال السنوات الأخيرة، حيث أصدرت أكثر من بحث علمي يتناول حجم المفقود من مياه البحيرات الناتجة عن الجريان السطحي لمياه الأمطار، والآليات الممكنة للتقليل من كمية المفقود، من أجل المحافظة على التوازن الطبيعي للمياه الجوفية بالمنطقة.

وتقول إن المشكلة الطارئة، التي تواجه ليبيا، تتمثل في إدارة موارد المياه وليس ندرتها، موضحة أن بلادها لديها مخزون كبير من المياه الجوفية، لكن سكانها يعانون من أزمة إدارة هذه المياه، ومشكلة ترشيد الاستهلاك الزراعي.

وعبر بحثها المعنون: «التقليل من مفقودات البخر من بحيرة سد وادي كعام بواسطة التغذية الاصطناعية»، والذي طُرح  خلال المؤتمر العربي الثالث للمياه بالكويت، في العام 2018، توصلت الباحثة الليبية إلى أن مقدار مفقودات البخر السنوي من بحيرة سد وادي كعام الترابي، الواقع بمنطقة طرابلس، يبلغ حوالي 40% من حجم التخزين السنوي الناتج عن الجريان السطحي لمياه الأمطار. وتوضح أن السبب الرئيسي لمشكلة المياه التي تكاد تقع فيها ليبيا، هو غياب الجهات الرقابية، وتهالك البنية التحتية لشبكات المياه القديمة.

وتقدم مباركة الغرياني، في بحثها لنيل الدكتوراه، مصادر بديلة لإعادة تهيئة شحن الخزانات الجوفية الساحلية في عملية التغذية الجوفية الاصناعية، لمواجهة مشكلة الاستغلال الجائر للخزانات الجوفية، والإهدار الكبير للمياه فيها، وخاصة في ظل الشح التدريجي للأمطار بسبب التغيرات المناخية. وتقول إنه عند زيادة معدل السحب على معدل التغذية الطبيعية، يحدث نضوب للخزان الجوفي، أو اتجاه عكسي لمياه البحر كما يحدث حاليًا، ويتسبب في  تلوث الخزانات الجوفية، مشددة على أن الحل يكون بشحن الخزانات الجوفية بمياه من مصادر متنوعة.

التنقيب على المعادن

إلى جانب الاهتمام بقضية المياه، عملت الباحثة الليبية على استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، في التنقيب والكشف عن المعادن، وشواهد الذهب، ودراسة أماكن تواجد صخور الجرانيت، والمعادن الفلزية، بجبل أركنو جنوب شرق ليبيا.

تطمح «الغرياني» إلى إنجاز المزيد من البحوث حول القضايا البيئية التي باتت تشكل مصدر تهديد رئيسي للكثير من الموارد الطبيعية الضرورية لسكان المدن الليبية، إلى جانب تشجيع مزيد من الفتيات للانخراط في العمل البحثي في هذه القضايا ذات التخصص الدقيق.

وفي هذا السياق، تشير إلى ما كشف عنه، بحثها المعنون: «استخدام الاستشعار عن بعد للكشف عن الرواسب المعدنية وشواهد الذهب في جبل أركنو جنوب شرق ليبيا»، من الصخور الغنية بمعادن الحديد والفلزات، ووجود شواهد خامات فلزية بالمنطقة. وقالت إن المسح الجيوفيزيائي والتحليل الكيميائي خير مبرهن لوجود هذا المعدن الثمين، مشيرة إلى أن الدراسات الجيولوجية باستخدام الاستشعار عن بعد، توضح أهمية تقنية النسب الطيفية في المرحلة المبكرة من التنقيب عن المعادن، كما أن التوسع في استخدام هذه التطبيقات سيساعد البلاد على تعزيز مواردها المالية، وفق قولها.

طموح مهني

وتوصي الباحثة الليبية مباركة الغرياني بضرورة التوسع في استخدام التقنيات الحديثة، وخاصة تقنيات الاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، في رصد تغير استخدامات الأراضي المختلفة، ومراقبة التغيرات البيئية التي تحدث، حيث تعد هذه التقنيات، الوسيلة الأقل تكلفة والأسرع والأكثر تغطية لمساحات كبيرة. كما تشير إلى ضرورة العمل على بناء نظام معلومات جغرافي متكامل للتنمية الشاملة بالمنطقة محل الرصد والبحث.

وتطمح «الغرياني» إلى إنجاز المزيد من البحوث حول القضايا البيئية التي باتت تشكل مصدر تهديد رئيسي للكثير من الموارد الطبيعية الضرورية لسكان المدن الليبية، إلى جانب تشجيع مزيد من الفتيات للانخراط في العمل البحثي في هذه القضايا ذات التخصص الدقيق.

وفي ختام هذه المقابلة، تؤكد الأكاديمية الليبية وجود الكثير من الليبيات المؤهلات للعمل في البحث العلمي، وتحديدًا قضايا المناخ والبيئة، لكنهن يفتقدن التوجيه والإرشاد والتشجيع، إلى جانب تيسير سبل الانخراط في المؤسسات البحثية. وتقول إن المؤسسات الدولية، والجهات الحكومية، مطالبة بتذليل العقبات التي تواجه النساء في البحث العلمي، ودعمهن بتقديم دورات تدريبية تخصصية في مجالات البحث العلمي النادرة.

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى